أكد الدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أن العلوم الإسلامية شيدت واستمدت تأسيسها من خلال التواصل بين الشريعة الإسلامية وفهم الواقع، ممثلة في "علوم أصول الدين والتصوف والمنطق"، حيث إن هذه العلوم قد اشتملت على مجموعة من النظريات التي صيغت أساسا استنادا إلى فهم طبيعة الواقع، ومراعاة المقام فيه، وضرورة مراعاة المقام بين العقل والنقل، ومراعاة المقام بين الحكمة والشريعة، ومراعاة المقام بين الحقيقة والشريعة، والحكم على الشيء فرع عن تصوره، وغير ذلك، مشيرًا إلى أن علماء "الفقه والأصول" قد وضعوا قواعد فقهية محكمة مبناها في الأساس على الفهم الدقيق للواقع، من ذلك قولهم: "المشقة تجلب التيسير"، وقولهم: "الأمور بمقاصدها"، وقولهم: "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"، وكلها قواعد فقهية كلية عامة، تم استنباطها من نصوص الشريعة؛ لمراعاة فقه الواقع والمقام بما يصلح حال البلاد والعباد.


وأوضح نظيرعياد في حواره لـ«البوابة نيوز»، أنه كما أن الحاجة تبرز إلى التأكيد على أهمية مراعاة فقه الواقع في صياغة الأحكام الشرعية وضبط التكييف الفقهي السليم لها، وهذا – من وجهة نظرنا – لا يكون إلا بتصور القضايا والحوادث والنوازل على وجهها الصحيح كما هي على أرض الواقع، ثم بعد ذلك نقوم بتحرير الملابسات الخاصة بواقعها، وتحليلها ومناقشتها مناقشة جادة، ثم بعد ذلك نصوغ الحكم الشرعي المناسب لها استنباطًا وتنزيلًا، مبينًا المنهجية الصحيحة من خلال أمور عدة: اعتبار "فقه الواقع" في الفتوى والإفتاء، وضرورة الالتزام به، وأهمية الإحاطة به، واجب شرعي محتم لا يمكن تجاهله أو الغفلة عنه بأي حال من الأحوال، مراعاة فقه الواقع من أهم ما اشترطه الفقهاء والأصوليون لتنزيل الأحكام الشرعية تنزيلا صحيحا خاليا من اللغط واللبس، أن الجهل بفقه الواقع، والغفلة عنه، والجمود على الفتاوى القديمة، والأقوال التراثية التي قيلت في سياقات وأزمنة وأمكنة مغايرة للعصر الذي نعيش فيه، أدى إلى انتشار الفتاوى الشاذة والمنحرفة، التي تهلك الحرث والنسل، وترتب عليها زعزعة استقرار المجتمعات، اعتبار فقه الواقع يعد أحد أهم الأدوات لتحقيق التجديد في الفكر والفقه الإسلامي، أن إغفال فقه الواقع أصبح طريقا من طرق تشويه الإسلام، وفتح الأبواب للتشكيك فيه، واتهامه بالجمود والتحجر، وعدم قدرته على مواكبة الأحداث والتطورات، أن مراعاة فقه الواقع يساعد الفقيه والمفتي على تحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها.
وتابع الأمين العام: من هنا لابد من ضرورة مراعاة فقه الواقع في التكييف الفقهي للحوادث والمستجدات، وصياغة الأحكام الشرعية بما يحقق مقاصد الشريعة الإسلامية في واقع الناس المعيش، ولا يتأتى ذلك على النحو المنشود إلا من خلال التكامل والتناغم مع جميع التخصصات الدينية والإنسانية والتجريبية، وضرورة إعادة النظر في القرارات والفتاوى القديمة، والتي صدرت لتناسب واقعا معينا لم يعد موجودا الآن، وضرورة التشديد الرقابي والقانوني على أصحاب الفتاوى الشاذة والمتطرفة، التي لا تتوافق ومقتضيات الواقع المعاصر، وضرورة تنسيق الجهود بين المؤسسات الدينية والإفتائية على مستوى العالم في دراسة القضايا المتعلقة بالواقع وتحدياتها.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الدكتور نظير عياد العلوم الإسلامية الشريعة الإسلامية من خلال

إقرأ أيضاً:

شوقي علام: الشريعة تجمع بين الثابت والمتغير وفق قواعد منضبطة

أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية السابق، أن الشريعة الإسلامية تقوم على محورين أساسيين: الثابت والمتغير، موضحًا أن الأحكام القطعية يجب الحفاظ عليها ولا يجوز تركها إلا بمبررات شرعية، كعدم انطباق الحكم على الواقعة المحددة أو وجود موانع تمنع تطبيقه.

الثابت في الشريعة لا يتغير

وأوضح مفتي الديار المصرية السابق، خلال حلقة برنامج "بيان للناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم السبت، أن هناك فرقًا بين الحكم التكليفي، الذي يتضمن الأوامر والنواهي الموجهة لجميع المكلفين، وبين الحكم الوضعي، الذي يتعلق بتطبيق هذه الأحكام على الأفراد وفق شروط وأسباب معينة وانتفاء الموانع، مشيرًا إلى أن الثابت في الشريعة لا يتغير، ولكن يمكن تطوير أساليب عرضه بما يتناسب مع متطلبات العصر، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ: "أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم"، وأن الدراسات الحديثة في طرق توصيل المعلومة تلعب دورًا في إيصال الحقائق الثابتة بأساليب عصرية مبتكرة.

النصوص الشرعية نسبة كبيرة من الاجتهاد

أما بالنسبة للمتغير، فأكد مفتي الديار المصرية السابق أن مساحته واسعة، حيث تحتمل النصوص الشرعية نسبة كبيرة من الاجتهاد وفق قواعد منضبطة تراعي تطور الحياة، مشيرًا إلى أن نسبة الثابت من النصوص لا تتجاوز 10%، بينما المتغير يمثل الجزء الأكبر الذي يتيح تعدد وجهات النظر والاجتهادات الفقهية، مشددًا على أن الاجتهادات الفقهية المختلفة تصب في دائرة واحدة، حيث يسعى الجميع للوصول إلى الحقيقة وفق منهجية علمية رصينة، مع ضرورة تقبل التصويب من الآخرين والالتزام بالضوابط الشرعية في الاجتهاد.

مقالات مشابهة

  • وزير العمل: هناك تعديلات كثيرة في القانون الجديد بعد إجراء حوار مجتمعي
  • مكتبة الإسكندرية تُطلق تطبيق بردية كتاب الإمي- دِوُات
  • شوقي علام: الشريعة تجمع بين الثابت والمتغير وفق قواعد منضبطة
  • الفنان دريد لحام لـ"الرؤية": السينما لا تزال في مرحلة "تلميع الصورة" ولم تلامس الواقع
  • مصطفى بكري: مصر لن تقبل بالتهجير نظير المعونة الأمريكية.. وترامب تراجع عن مخططه (فيديو)
  • حماس تسلم هشام السيد دون مراسم مراعاة لفلسطينيي الداخل
  • الريادة: القمة العربية والعمل المشترك حتمية وضرورة ملحة
  • اللافي يبحث مع نورلاند جهود المصالحة وضرورة توحيد الميزانية
  • خطبة الجمعة اليوم.. نوح العيسوي: الشريعة الإسلامية تميزت بالسهولة والتيسير.. والعمل التطوعي يقوي التماسك والترابط بين أفراد المجتمع.. فيديو
  • خطيب الأوقاف: الشريعة الإسلامية تميزت بالسهولة والتيسير.. فيديو