زوجي يمتعض من هذا القرار ويراه مجحفا في حق أمه وكل أهله
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
أهل زوجي يريدون التدخل في شأن مولودي الذي لم يرى النور بعد. سيدتي، السلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
حياك الله وبياك يا صدرا حنونا يلجأ إليه كل حائر من خلال منبر أراه فعالا في تيسير الأمور وبثّ السكينة في القلوب التائهة وأحيانا المتألمة.
وليس لي من مناص إلا الدعاء لله بديمومة هذا الموقع-موقع النهار أونلاين- عموما و هذا الركن –قلوب حائرة-على وجه الخصوص.
قصتي تعدّ واحدة من بين القصص التي تعكس الصراعات بين الحماة والكنة.
إلا أنّ لمشكلتي طعم آخر حيث أنها تلخّص مدى تدخّل أهل الزوج في الخصوصيات والأمور المصيرية مع حرمان أصحاب القرار بما من شأنه أن يدفع بحياتهم إلى برّ الأمان.
لن أسهب في الحديث سيدتي، وسأدخل في الموضوع مباشرة حتى يتسنىّ لك معرفة ما يثير غضبي. ويرهق فؤادي وأنا على عتبة إستقبال مولودي الأول.
سيدتي، في غمرة الفرحة التي لا توصف والتي تتوق أي أنثى لأن تحيا تفاصيلها ثانية ثانية.
بلغ مسامعي أنّ حماتي وأخت زوجي عقدتا العزم على المجيء لبيتي حتى تتمكنا حسبهما من مساعدتي في العناية ورعاية مولودي الذي أظنه سيرى النور في أجواء مشحونة ومغلّفة بالتوتر.
زوجي من جهته يعلم بمسألة رفضي بتاتا لهذا الأمر وهو يمتعض من قراري الذي يراه مجحفا في حق والدته وكل أهله.
لكنني في المقابل ولإرساء دعائم العدل منعت أهلي أيضا من التدخّل أو إبداء المشورة لي، كوني إنسانة مستقلة ولا أريد أن يتدخل أي شخص من أهلي أو أهل زوجي في وفي إبني لا لشيء إلا لأنّ علاقتي بأهل زوجي لم تكن يوما جيدة.
كما أنّني أريد أن أمنح إبني فيض ما في قلبي من حب وتربية تختلف بالإيجاب طبعا عما نلته أنا أو زوجي من خرافات بالية ومعتقدات خاطئة منذ نعومة أظافرنا.
فهل أنا على حقّ سيدتي فيما أريد أن أستبقه كأحداث حسب زوجي، وهل من المعقول أن يتحول موقفي إلى إحتدام بين العائلتين؟.
وكيف لي أن أخرج من هذه التجربة من دون أن أخسر فرحتي بمولودي الأول الذي أريده أن يحيا السعادة والإستقرار.
أختكم ر.سماح من منطقة القبائل
الرد:بوركت أختاه على كلمات الحب والثّناء التّي لم تزدني إلاّ فخرا وسرورا، فمعنى أن يبلغ الواحد منا درجة رفيعة من التقدير من طرف قراء موقع النهار أونلاين لهو الأمر الذي يزيد من همتنا كطاقم يسهر على راحة بال كل من دق أبوابنا في رحاب الخير.
ثمّ لا يفوتني أن أهنّئك مسبقا على المولود الذّي سيكون حتما محظوظا لأنك وعلى ما يبدو فأنت أم صالحة تودّ أن تحتوي إبنها والأكثر أسرتها بكثير من الإهتمام والمودّة.
أدرك جيدا حجم الحيرة التي تعيشينها في هذه المرحلة الأخيرة من حملك بنيتي. ولعلّ أكثر ما يثير الإنتباه حالة النفور التّي أراها في غير محلها والتي بدأت في ممارستها على المقربين منك. وهذا ما أعتبره خطأ.
فأهلك وأهل زوجك ينتظرون قدوم أول حفيد لهم على أحرّ من الجمر، وما رغبتهم في مساعدتك على العناية به إلا دليل على فرحتهم وغبطتهم. وتناسيهم جلّ الخلافات والمشاحنات التي كانت بينك وبينهم فقط كرمى لحفيدهم وإبنهم(الذي هو زوجك).
كما أنه عليك أن تعتبري قدوم المولود الجديد فرصة لتسوية الخلاف الذي بينك وبين حماتك وتلطيف الجوّ بين الأسرتين. وأعلمي أن المسامح كريم، و أنّ العفو عند المقدرة هو من شيم بنات الأصول.
وحتى لا تقعي في موقف محرج يجرّ عليك أمورا معقدة أدركي وأحسني الظن بأهل زوجك وهدّئي من روعك في هذه الفترة بالذات.
ولا تنسي أنك أمّ للمرة الأولى، ولن يمكنك بأي حال من الأحوال أن تتمكني من السيطرة على الأوضاع الخاصة بطفلك من إرضاع وتغيير لملابسه والعناية بمتطلباته التي لا تدركينها حتىّ بكونك أم لأول مرة خلال فترة النفاس المعروف عنها أنها فترة متعبة للأم.
كذلك عليك أن تتذكري أنّ أول الأيام بعد الولادة هي الأصعب على الإطلاق. فإلى جانب إعياء فترة النفاس والألم الجسدي وقلة النوم والتوتر، يكون مزاجك العام معرّضًا بشكل كبير للتغيرات الحادة بسبب الهرمونات والخوف من تجربة الأموم.
فلا بأس من أن توكلي تلك المهمة لحماتك أو أخت زوجك اللتان سبقتاك في التجربة والتي لست أظنهما سيحسبان حسابا لما كان بينكما من وضع متأزم.
هذا من جهة، من جهة أخرى فزوجك بين كل هذا وذاك سيكون موقفه موقف الحائر الوجل. وبين مطرقة القانون الذي فرضته عليه وعلى أهله. وبين سندان عديد التأويلات التي ستنغص فرحته بفلذة كبده.وكنصيحة أخيرة.
حاولي أن تكوني أنت السباقة لإذابة الجليد بينك وبين من سيهفو قلبها لإحتضان قطعة من روحها-حفيدها الأول-. لدرجة أن حماتك ستندم على سوء معاملتها لك أو إساءتها لشخصك في يوم من الأيام. فتعود المياه إلى مجاريها وتلتف العائلة الكبيرة حول مولود كان مقدمه سعادة ما بعدها سعادة.
ردت:”ب-س”
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
المصدر: النهار أونلاين
إقرأ أيضاً:
مضى هذا الوفيّ الشجاع ، الذي جسد كل قيم النُبل
من حيث رأيته….
عاش ملء السمع والبصر ، ملأ الدنيا و شغل الناس ، لكنه كان يملك من الثقة في نفسه ما كان يجعله لا يهتم بحاسديه ولا يهمل ناقديه ولا يرحم خصومه ولا يفقد اصدقائه ..
خاض الكثير من المعارك ، لأجل ما يؤمن انه حق ، كان وفياً لاصدقائه حد إلا حد ، يدافع عنهم ويصلهم ويتفقدهم .
اختلف حوله الناس ،، وغضب منه الإسلاميون وهو القريب منهم ، وحاربه اليساريون فلم ينكسر لهم ، بذّ مجايليه وقرنائه ، ولم يقعده كلام الناس عن ما كان يؤمن به ، كان يحب الشُطار يبحث عنهم ويرعاهم ..لم يهزمه المرض فقد صارعه بجسده الواهن ، وبنفسه الشجاعة والمؤمنة فلم يستسلم له ، ولم يخف من الموت فيجلس حزيناً خائفاً ينتظره .
انه فقدي الكبير اليوم ، فقدي وفقد زوجي عمنا الفاتح عروة ، كان حبيباً لنا قريباً منا ناصحاً لنا ..اكتب من زاوية رأيتها وتعاملت معها لسنوات تجاوزت ربع قرن، وقد عرفنا به الشهيد إبراهيم شمس الدين – زاوية ربما لا يراها الكثيرون ، ولا يتفقون معي ، لكني رأيت عمو الفاتح الإنسان الشجاع ، والشيخ الهميم ، والصديق الوفي ، والعقل الكبير ، والقلب الحاضر ، والذاكرة المتقدة .
زاوية عرفت منها معنى ان تكون انساناً متوازناً ، وكيف تكون قدرات الإنسان الذكي ، ور أيت فيها هذا الوطني المتبتل في محراب عشقه لبلاده .، كان الحوار معه مفيداً والنقاش معه يفتح الأفق ويوسّع المدارك .. كان مدرسةً من نوع خاص .
كان نسج وحده بين السودانيين ، جيله واجيال بعده وقبله ، كان محل الكثير من الإشاعات والقصص من الفلاشا إلى العمالة إلى غيرها ، فلم يقعده ذلك ، ولم يغتر بان الكثيرين يرونه كبطل وفارس ، ويتذكرونه بانبهار وطائرته تنزل بمِلِس زيناوي في أديس أبابا ،صانعاً اللحظة الفارقة في تاريخ إثيوبيا بالقضاء على نظام منقستو هايلي مريام ، معلنةً بداية صفحة جديدة ، ومازال الإثيوبيون يحفظون له هذا الصنيع ، ومازال شخصية يحكي أبناء زيناوي بحب وتقدير رفيع ، كما تفعل صديقتي سماهل زيناوي كبرى بنات الرئيس الراحل .كان ضابطاً متميزاً وطموحاً ، ورجل استخبارات واسع العلاقات يملك شبكة واسعةً من المعارف ، كان يهوى الطيران وطياراٌ ماهر ، حاول إقناعي عدة مرات بالحصول على رخصة طيران ، وأنه سيساهم معي في تكلفتها ، كان زوجي يضحك ويقول له طيران شنو دي بترمي الطيارة !! وكنت أقول يا عمو الفاتح انت شايف ما عندي وقت ! وكان يصر عليّ إلا اسمح للمشغوليات ان تحرمني مني أنا ، لا تسمحي للعمل العام ان يأخذ عمرك ولا تجعليه مهنة .
تحاورنا عن المغزى من تسجيلاته في الأشهر الماضية ، ياعمو الفاتح انت بتحب المعارك ، وكفاية كثيرون حكموا عليك في دينك ووطنيتك ، فلا تجعلهم يزيدون أحكامهم عليك حكماً ، أنا بيني وبينهم الله ، وكان يملك الشجاعة ليقول أنا عارف إني في كل يوم اقترب من الموت خطوات ، دعيهم فأنا عاوز أقول شهادتي للتاريخ ! للأجيال الشابة… للمستقبل ، ليتعلموا من اخطائنا ويبنوا على بنياننا .
يا عمو الفاتح انت بتقول رأيك من زاوية انت واقف فيها ، لكن هناك زوايا أخرى لم ترها ، خلي الشاهد على زاوية أخرى يطلع بشجاعة ويقول الحقيقة من زاويته ، ما أقوله انا ويقوله فلان وإلا علان ، يخدم الأجيال والتاريخ بانه يصنع صورة كاملة ، ثم يضحك ويقول هم لا يملكون الشجاعة ، ليس لأنهم مخطئون بل لان هولاء الشهود يخشون قول الحقيقة في زمن مفصلي ، بدعوى أنهم لم يعتادوا في التنظيم على ذلك !
رأيته قبل اشهر في منزل صديق لنا دعاه عنده فطلب منه مناداتنا زوجي وانا ، كان ينادي زوجي “بالِدش” ولديه اعتقاد جازم بصدق رؤاه ويصر على رأيه بانه اختبر ذلك في الجنوب ، في ذلك اليوم وجدته مرهقاً ، ولكنه ما زال ذاك المحارب ، يرفض ان يساعده احد في حركته ، كنت معه حتى ركب السيارة ، كنت انظر اليه وأصغي السمع له ، وكنت اعلم في دواخلي أني لن أراه !!
كان يفترض ان يسجل تسجيلاً اخيراً ، يضع فيه بعض النقاط على الحروف ، ويملأ بعض الفراغات ، ويسمي بعض الأسماء !إلا ان الموت وصل اليه وانتهى هذا السباق المرهق ، وفاز المنون .
مضى هذا الوفيّ الشجاع ، الذي جسد كل قيم النُبل ، إلى ربه ، ” أنا ما خايف من الموت ، ولكني احمد الله على كل يومٍ افتح فيه عيناي” !
اللهم ارحم عبدك الفاتح عروة فقد أتاك كيوم أوجدته ، فقيراً إليك محسناً الظن بك .. اللهم اكرمه كرماً تطمئن به نفسه ويعلو به مقامه …
سناء حمد العوض سناء حمد