الإبادة الجماعية.. هكذا تختبر غزة حقيقة مسرح حقوق الإنسان الغربي
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
ليست إسرائيل وحدها هي التي تخضع للمحاكمة أمام محكمة العدول الدولية؛ بتهمة ارتكاب جرائم "إبادة جماعية" في غزة، إذ تختبر الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا "ادعاء الغرب بالتفوق الأخلاقي"، بحسب الكاتبة نسرين مالك في مقال بصحيفة "ذا جارديان" البريطانية (The Guardian).
وقالت مالك، في المقال الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إن "قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل (.
وأوضحت أنه "منذ أسابيع، امتد الغضب من الأحداث في غزة إلى الشوارع في جميع أنحاء أوروبا، لكن تم تجاهله أو رفضه أو حظره أو التشهير به من جانب القادة السياسيين".
و"عالميا، لم تترجم إدانة العنف من جانب منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة وحتى البابا (فرنسيس) إلى إجراءات ذات معنى من جانب القادة السياسيين، وعرقلت الولايات المتحدة قرارا للأمم المتحدة يدعو إلى وقف إطلاق النار"، كما زادت مالك.
وأضافت أن هذا الموقف "يرتكز على حقيقة أنه حتى لو كان الدعم لفلسطين شعبيا، فإنه لم يكن قويا، ونادرا ما انتقل من الشوارع إلى قاعات السلطة (...) وبإعرابها عن إدانتها لإسرائيل، تعد أيرلندا، المستعمرة السابقة، واحدة من الدول القليلة التي انفصلت عن المحيط الإنجليزي".
اقرأ أيضاً
بعد دعمها لإسرائيل في محكمة العدل الدولية.. دعوات لمقاطعة بضائع ألمانيا
العالم خذل غزة
مالك قالت إن "ما تحدث به جنوب أفريقيا أمام المحكمة تحدى هذه الصورة، سواء في المظهر أو في الجوهر".
وتابعت أنه "من المهم أن الأشياء، التي حققت فيها وسائل الإعلام وأبلغت عنها منظمات حقوق الإنسان ورواها الفلسطينيون على الأرض، تم جمعها وإدراجها في عنوان واحد: 6 آلاف قنبلة أسقطتها إسرائيل على غزة أسبوعيا في الأسابيع الثلاثة الأولى من الصراع، و85% من سكان غزة نزحوا، و93% من السكان يواجهون أزمة مستويات الجوع".
وشددت على أنه "من المهم أن هذه الادعاءات مرتبطة باتفاقيات جنيف وقانون حقوق الإنسان، ويتم التحدث بها في إطار رسمي، ضمن إطار قانوني، وينطق بها المحامون ويستمع إليها القضاة".
و"بهذا المعنى، لا يهم ما هو الحكم النهائي، بقدر ما يهم أن القضية قد أُقيمت.. من المهم تقديم مذكرة تعترف بخطورة الأحداث، التي قد ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، وتم تقديم ما يكفي لتوضيح أن الاستجابة الدولية كانت قاصرة بشكل مثير للصدمة"، بحسب مالك.
و"قد خذل العالم غزة في الإبادة الجماعية التي تم بثها على الهواء مباشرة"، كما قال وفد جنوب أفريقيا في أمام المحكمة التي بدأت في 11 يناير/ كانون الثاني الجاري جسلت استماع للنظر في القضية.
اقرأ أيضاً
سجال في محكمة العدل بشأن حرب غزة.. هذا ما تخشاه إسرائيل
مسرح حقوق الإنسان
وتُظهِر قضية محكمة العدل الدولية، وفقا لمالك، "كيف المنطق الغربي بدأ يضعف، وقدرته على الإقناع تتضاءل في عالم متعدد الأقطاب".
وشددت على أن "أهمية حقيقة أن الدولة التي ترفع هذه القضية هي جنوب أفريقيا، وهي رمز ويلات الاستعمار والاستيطان والفصل العنصري، لا يمكن أن تغيب عن بال أحد".
وأردفت: "كما رفضت ناميبيا دعم ألمانيا لإسرائيل في المحكمة، في إشارة إلى ارتكاب ألمانيا في نامبيا "أول إبادة جماعية في القرن العشرين".
مالك اعتبرت أن "القضية ترمز إلى مواجهة أوسع نطاقا، وهو ما إذا كانت البنية التحتية لحقوق الإنسان حقيقية أم أنها مجرد مسرح يُقام لخدمة نظام طبقي دولي ما".
وقالت إن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وألمانيا وغيرها من الدول تعترض على القضية المرفوعة ضد إسرائيل، "ولكن توجد تكلفة مترتبة على رفض المفاهيم والعمليات التي تدعم شرعية مطالبة هذه البلدان بالسلطة الأخلاقية".
وزادت بأن "هذه السلطة الأخلاقية هي السبب وراء تعيين (هذه الدول) أنفسها أوصياء على السياسة الخارجية العالمية، حيث يتم حماية الضعفاء واعتقال العدوانيين. لقد وضع الصراع هؤلاء الحلفاء في موقف يسمح لهم بتقويض أنظمتهم أو تجاهلها؛ مما يؤدي إلى فقدان مصداقيتهم".
و"عندما تكون على الجانب الخطأ من الأمين العام للأمم المتحدة والعديد من منظمات حقوق الإنسان، وتعترض على تقديم طلب إلى محكمة عالمية، فأنت تقوم بتفكيك منزلك بنفس الأدوات التي بنيته بها"، كما ختمت مالك.
اقرأ أيضاً
هل تهزم جنوب أفريقيا إسرائيل في محكمة العدل الدولية؟.. كاتب أمريكي يسرد حقائق مهمة
المصدر | نسرين مالك/ ذا جارديان- ترجمة وتحرير الخليجالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: غزة إبادة جماعية إسرائيل محكمة العدل الدولية الغرب أمريكا الإبادة الجماعیة جنوب أفریقیا حقوق الإنسان محکمة العدل
إقرأ أيضاً:
برعاية السيد ذي يزن «البخّارة» تحصد جائزة مهرجان المسرح العربي.. وإشادة بالعروض التي «وظفت التكنولوجيات والرقمنة»
حصلت مسرحية " البخّارة" لـ"أوبرا تونس، قطب المسرح" على جائزة صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، وذلك في حفل ختام مهرجان المسرح العربي الخامس عشر، تحت رعاية صاحب السمو السيد ذي يزن بن طارق آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب، بتنظيم من الهيئة العربية للمسرح، ووزارة الثقافة والرياضة والشباب والجمعية العمانية للمسرح.
وكان العرض الفائز من تأليف: صادق الطرابلسي وإلياس الرابحي، وإخراج صادق الطرابلسي. وتقدم المسرحية حكاية اجتماعية عميقة تعكس واقع الانسان المعاصر، في مواجهة آثار التلوث البيئي والاجتماعي، مستحضرة تفاصيل الحياة اليومية في بيئة خانقة تتلاشى فيها الأحلام، وتتصاعد فيها الصراعات.
وأعلنت الهيئة العربية للمسرح أن "القاهرة" ستكون هي الوجهة القادمة للمهرجان الذي يجوب أقطار المنطقة العربية، وكانت مسقط هذا العام هي حاضنة المسرح العربي، بعروض بلغت 15 عرضا في المسار الأول، و 4 عروض في المسار الثاني، إضافة إلى ندوات وورش عمل متنوعة.
مسرح متجدد
وألقى الفنان اللبناني رفيق علي أحمد رئيس لجنة التحكيم بيانا أشاد فيه بالمناخ الحر والإيجابي الذي وفرته الهيئة لعمل اللجنة التي تحمل على عاتقها تحقيق أهداف المهرجان في مسرح جديد ومتجدد، مسرح محترف، مسرح يحقق حلمنا جميعاً في مسرح عضوي ومشتبك مع قضايا أمتنا والإنسانية جمعاء".
وحول العروض قال رئيس لجنة التحكيم: "قدمت العروض جميعاً رؤى جديدة وجماليات تنحو نحو توظيف التكنولوجيات الجديدة والرقمنة، كما شهد المهرجان وجود ستة عروض من أصل خمسة عشر عرضاً في المهرجان بتوقيع ست مبدعات عربيات ومن أجيال مختلفة، وطرحت أعمالهن قضايا معاصرة تعيشها مجتمعاتنا وتلمست مكامن الأمل والألم، وتحيي اللجنة هذه الجهود الإبداعية الفارقة".
المسرحيات الختامية
وقدمت فرقة شادن للرقص المعاصر العرض قبل الأخير من عروض المهرجان ضمن العروض المتنافسة على جائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في مهرجان المسرح العربي الخامس عشر، وهو من إخراج شادن أبو العسل.
يطرح العرض قوة الجسد كأداة تعبير ومقاومة، مستعرضاً صراعاً إنسانياً أزلياً بين القمع والطموح نحو الحرية. وتميز العرض بشخصياته الرمزية الأربعة التي حملت أدوارها معاني عميقة ضمن سياق رمزي مليء بالتأويل.
الناقد جمال قرمي في قراءته للعرض المسرحية الفلسطيني "ريش"، تناول العديد من النقاط التي تبرز عمق العرض وحساسيته الفنية، مشيراً إلى أن رؤيته كممارس للعرض المسرحي جعلته يحب هذا العمل. واصفاً العرض بأنه يمثل"سلطة الصمت" في مواجهة الكلمة، حيث يرى في ذلك إيديولوجية الصمت الذي يعكس ما نعيشه في حياتنا اليومية. فالجسد في هذا العرض يتخذ مكانة رمزية، فيما الكلمات تأخذ دوراً ثانوياً في المجتمعات التي تعاني من القمع، ليصبح الجسد مساحة للمقاومة وأداة يستخدمها الفنان للتعبير عن قضايا وجودية وإنسانية.
"ريش" في نظر قرمي هو صرخة الروح المستلبة، حيث أن الجسد يتحول إلى سلاح للحرية في مواجهة التسلط وقيوده. ويعكس العرض مستويات عالية من الالتزام، ويعبر عن الواقع من خلال مزج الحركة المسرحية مع الرقص. كما أن العرض يعري مفهوم التحرر ويضيء قدرة الإنسان على المقاومة والتمرد.
وعن شخصية المرأة التي أدتها ماشا سمعان رأى قرمي أنهل تظهر في العرض كتجسيد للتمرد والتحرر، فتفتح آفاقاً جديدة وتتنقل عبر الألوان الأزرق والوردي، ليعتلي هيكلها الأنثوي في دور ذكوري، واختزال السلطة المطلقة التي تسيطر على المستلبين. بينما تظهر المرأة الدمية التي أدتها هيا خورية في حالة من الامتثال، حتى تصل إلى حالة التماهي الكامل مع القوى المسيطرة.
أما شخصية الرجل المستلب التي أداها عنان أبو جابر، فيعكس تفاعله مع الدمية تلك الحالة المشتركة بين المستلبين والمستبدين حسب قرمي. وهي تأتي كجزء من الصورة الرمزية التي يعكسها العرض، حيث تسلط الضوء على العلاقة بين الحرية والقبول بالواقع المفروض.
وعلى صعيد السينوغرافيا، يرى قرمي أن هذه العنصر يمثل نقطة محورية لدعم الحكاية وتعميق التأثير العاطفي، حيث يكون الفضاء المسرحي بين القيود والانفتاح، متقشفاً ومفتوحاً، وتسيطر عليه البساطة التي تمنح المشاهد الفرصة للتأمل. التصميم شبه الخالي من العناصر الداخلية يعكس السجن الداخلي الذي تعيشه الشخصيات.
أما فيما يخص الإضاءة، فهي تمثل لغة بصرية ذات طبقات متعددة، إذ يسيطر اللون الأزرق على مشاهد السلطة، بينما يشير اللون الأحمر إلى التحول والصراع والغضب. كما أن الإضاءة الخافتة والهادفة تُستخدم لعزل الشخصيات وتركيز الانتباه على التفاصيل الحركية.
أما الديكور، فيتمحور حول الكرسي الذي يصبح رمزاً للقيد والاستلاب كما يشير قرمي، فيما يضفي المرسى المرتفع هيمنة على العرض. بينما يمثل عنصر الريش رمزية للهشاشة، مما يضيف عمقاً آخر لفهم الشخصية والصراع الداخلي.
ولعبت الأزياء دوراً هاماً في تحديد هويات الشخصيات وديناميكيات علاقاتهم، لتكتمل بذلك رمزية العرض الذي يبحث عن كينونة الإنسان الحر. ويختتم قرمي بالإشارة إلى أن العرض يمثل نوعاً من الرقص المعاصر الذي يفتح الأفق لأسئلة التحرر والوجود.
إجمالاً، يعتبر جمال قرمي أن "ريش" هو عرض مسرحي يبحث في جوهر الإنسان وحريته، ويعكس بعمق الصراع الداخلي الذي يعيشه الأفراد في مجتمعاتهم القمعية، وتظهر فيه رمزية قوية ومؤثرة في جميع جوانب العرض.
وكان موعد ختام العروض المسرحية للمهرجان بعرض دولة الكويت الذي حمل عنوان "غصة عبور"، تأليف تغريد الداود، وإخراج محمد الأنصاري، وتدور أحداثها حول مجموعة من الأشخاص المغتربين العالقين على جسر مشاة هش رابط بين منفذين، لكل شخصية منهم تاريخ عميق يربطه بهذا الجسر، فتوقفوا عليه كالغصة التي تقف في سقف الحلق.
رسائل كثيرة بعثها العرض المسرحي، حوارات مشبعة بالوجع، وأخرى مليئة بالكوميديا السوداء، وشخوص تقمصوا الأدوار بتمكن ومثالية، وأفكار متداخلة تغذي العرض وتبهر الجمهور، وجال السؤال الذي تردد كثيرا على خشبة المسرح، وربما في أذهان الجمهور، ما هو الوطن؟ وكيف يعيش الإنسان في دوامة البحث عن الوطن، أن يجرد شاعر من كلماته ويسلب حبر قلمه النابض بحب الوطن، فيتبدل من شخص إلى آخر، طاويا غياهب ذاته في دوامة الغربة، تلك التي فرقت بين رجل وأسرته، فكان لزاما عليه أن يبقى مغتربا لما يصل إلى 30 عاما ليؤمن حياة كريمة لأبنائه القاطنين في الوطن، وهو المحروم من العيش فيه، تماما كحرمان أم أنجبت طفلها في الغربة بعد أن هجرها الرجل الذي حاربت أهلها لتكون برفقته، وبقيت عالقة تتجرع مرارة الألم والحرمان، فلا هي لوطنها تعود، ولا هي تملك لطفلها وطن.
الغربة بمفهومها الواضح والصريح، والمبطن الخفي هي أبرز ما كانت المسرحية تتناوله بعمق فكري، وكتابة مسرحية متمكنة، ولم يكن الوطن إلا شعورا عميقا بالمكان أو الأشخاص أو العاطفة، فهو بكل أشكاله ومعانيه المختلفة بين شخص وآخر ما هو إلا شعور صادق بالأمان والاطمئنان والاستقرار، الشعور أنك في حماه تجد كل التفاصيل التي تؤهل لعيش الحياة المطمئنة السعيدة.
وتميز عرض "غصة عبور" باختيار للأزياء، وألوانها ذو الدلالات المرتبطة بكل شخصية، كما كان عمل الديكور بكل تفاصيله ومعانيه، وإمكانية تحريك "الجسر" بين الحين والآخر بما يتواءم وحوارات الأداء، وبطبيعة الحال كانت الإضاءة متماشية مع كل مشهد.
أدّى بطولة المسرحية كلا من: الفنانة سماح، والفنان عبدالله التركماني، والفنان عبدالعزيز بهبهاني، والفنان عامر خليل أبو كبير، والفنان أحمد صايد الرشيدي، وآخرين.