يعيش قطاع غزة أوضاعا إنسانية كارثية، بعد أكثر من 100 يوم على حرب إسرائيل ضد حركة حماس، مما وضع القطاع الفلسطيني المحاصر في خطر المجاعة.

وبحسب تقرير لموقع "أكسيوس" الأميركي، فإن "الخطر المتعلق بالمجاعة ونقص المياه النظيفة والأدوية والظروف غير الصحية في غزة، يزيد من المخاوف من أن يؤدي الجوع والمرض وجفاف الجسم، لموت فلسطينيين بنفس القدر إن لم يكن أكثر، من الحملة العسكرية الإسرائيلية".

ويحذر فلسطينيون وجماعات إغاثة من أن الآلاف من سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، "قد يموتون إذا لم تتحسن الظروف الإنسانية بشكل كبير".

وتسمح إسرائيل بدخول كمية محدودة فقط من المساعدات الإنسانية إلى غزة، مما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع في القطاع الساحلي المحاصر. 

والجمعة، دخلت 178 شاحنة مساعدات إلى غزة فقط، مقارنة مع 500 شاحنة كانت تدخل قبل اندلاع الحرب.

واندلعت الحرب في 7 أكتوبر، بعد هجمات نفذتها حركة حماس الفلسطينية، المصنفة إرهابية في أميركا ودول أخرى، على الأراضي الإسرائيلية، مما أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص، معظمهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال.

وردت إسرائيل على تلك الهجمات، بإعلان الحرب الرامية إلى "القضاء على حماس"، واستهدفت قطاع غزة بغارات جوية عنيفة ترافقت مع تدخل بري واسع النطاق بدأ يوم 27 أكتوبر الماضي، مما أسفر عن وقوع أكثر من 23 ألف قتيل، معظمهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال، وفق سلطات القطاع الصحية.

وأدى القتال والقصف الإسرائيلي والدمار الشامل الناتج عن ذلك إلى نزوح أكثر من 1.9 مليون فلسطيني - حوالي 85 بالمئة من السكان - مما وضع ضغوطا هائلة على المنظمات الإنسانية والمستشفيات المنهكة بالفعل في القطاع.

"رائحة لحم محروق"

والشهر الماضي، دعا مدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، المجتمع الدولي إلى اتخاذ "خطوات عاجلة للتخفيف من الخطر الجسيم الذي يواجه سكان غزة، ويقوض قدرة العاملين في المجال الإنساني على مساعدة الأشخاص الذين يعانون من إصابات فظيعة ومن الجوع الحاد، والمعرضين لخطر شديد للإصابة بالأمراض".

ودعا قرار تبناه مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، الشهر الماضي، إلى "إيصال المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومن دون عوائق على نطاق واسع"، لكنه لم يدعُ إلى وقف إطلاق النار.

وقالت منظمة الصحة العالمية، أواخر ديسمبر، إنه "تم الإبلاغ عن أكثر من 100 ألف حالة إسهال و150 ألف حالة إصابة بالجهاز التنفسي العلوي، والعديد من حالات التهاب السحايا والطفح الجلدي والجرب والقمل وجدري الماء منذ منتصف أكتوبر".

ويجعل الجوع والجفاف من الصعب على الجسم مقاومة مثل هذه الأمراض، مما يزيد المخاوف من وفاة الكثيرين بسبب نقص العلاج.

كما تقتل الأمراض غير المعدية - مثل أمراض الكلى والسكري وارتفاع ضغط الدم - الأشخاص الذين "كان بإمكانهم البقاء على قيد الحياة لو أتيحت لهم إمكانية الوصول إلى أدويتهم"، حسبما قالت الطبيبة الأميركية، سيما جيلاني، لموقع "أكسيوس" بعد عودتها مؤخرا من غزة، حيث تطوعت للعمل هناك بمستشفى الأقصى.

ووصفت جيلاني "مشاهد مروعة رأتها في غزة: أطفال مصابون بحروق شديدة، والمرضى الذين يتحملون العلاج دون مسكنات الألم، وغرف الطوارئ التي تعمل دون شاش".

وكانت إحدى الفتيات اللاتي عالجتهن جيلاني، مصابة بحروق من الدرجة الرابعة. وقالت الطبيبة الأميركية التي سافرت إلى غزة مع لجنة الإنقاذ الدولية: "كان وجهها بالكامل وأعلى رقبتها متفحما باللون الأسود". 

وأضافت: "كانت رائحة الغرفة مليئة باللحم المحروق. إنها رائحة لن تختفي من ذهني إلى الأبد".

وقالت جيلاني، التي سبق لها العمل في العديد من مناطق الصراعات، إن "الوضع في غزة فريد من نوعه، حيث إن التفكيك المنهجي للبنية التحتية للرعاية الصحية، أصبح شبه طبيعي".

وتابعت: "في مناطق الحرب، يفكر الناس عادة في سقوط المدن.. لكن الطريقة التي نتحدث بها عن هذه الحرب الآن، هي سقوط المستشفيات".

وتتهم إسرائيل حركة حماس باتخاذ من المستشفيات مقرات عملياتية لها، وببناء أنفاق تحتها، وهو ما تنفيه الحركة الفلسطينية.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: أکثر من

إقرأ أيضاً:

كيف تشكل الطائرات بدون طيار التي تعمل بالذكاء الاصطناعي مستقبل الحرب؟

يشهد مشهد الحرب الحديثة تحولا زلزاليا، مدفوعا بالتقدم في مجال الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الطائرات بدون طيار. إن دمج هذه التقنيات لا يؤدي إلى تعزيز القدرات العسكرية التقليدية فحسب؛ بل إنه يحول بشكل جذري طبيعة الصراع نفسه. مع تسابق الدول لتطوير ونشر أنظمة طائرات بدون طيار أكثر تطورا، فإن الآثار المترتبة على الاستراتيجية العسكرية والأخلاق والأمن العالمي عميقة.

تطور حرب الطائرات بدون طيار

تم استخدام الطائرات بدون طيار في العمليات العسكرية لعقود من الزمن، في المقام الأول للمراقبة والاستطلاع. ومع ذلك، فقد أظهرت الصراعات الأخيرة، وخاصة في أوكرانيا والشرق الأوسط، قدراتها الهجومية. ولقد سلطت الأسابيع الأولى من الغزو الروسي لأوكرانيا الضوء على فعالية طائرات بيرقدار TB2 التركية الصنع، والتي لعبت دورا حاسما في مواجهة الهجمات المدرعة. وعلى نحو مماثل، استخدمت حماس طائرات بدون طيار لاستهداف الدفاعات الإسرائيلية، مما أظهر تنوعها كأسلحة هجومية.

الذكاء الاصطناعي في طليعة هذا التحول، ومن خلال تعزيز قدرات معالجة البيانات، يسمح الذكاء الاصطناعي للطائرات بدون طيار بتحليل كميات هائلة من المعلومات بسرعة واتخاذ قرارات سريعة في ساحة المعركة. هذه القدرة حاسمة بشكل خاص في البيئات عالية المخاطر، حيث قد تتعرض هياكل القيادة والتحكم التقليدية للخطر
مع تطور تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، تطورت أيضا تطبيقاتها في الحرب. تم تجهيز الطائرات بدون طيار اليوم بأجهزة استشعار متقدمة وخوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تسمح بمعالجة البيانات في الوقت الفعلي واتخاذ القرارات المستقلة. وتمكن هذه القدرة الطائرات بدون طيار من تنفيذ مهام معقدة بأقل قدر من التدخل البشري، مما يمثل خروجا كبيرا عن دورها الأصلي كمجرد أدوات استطلاع.

دور الذكاء الاصطناعي في حرب الطائرات بدون طيار

الذكاء الاصطناعي في طليعة هذا التحول، ومن خلال تعزيز قدرات معالجة البيانات، يسمح الذكاء الاصطناعي للطائرات بدون طيار بتحليل كميات هائلة من المعلومات بسرعة واتخاذ قرارات سريعة في ساحة المعركة. هذه القدرة حاسمة بشكل خاص في البيئات عالية المخاطر، حيث قد تتعرض هياكل القيادة والتحكم التقليدية للخطر.

وأدى دمج الذكاء الاصطناعي في أنظمة الطائرات بدون طيار إلى ابتكارين رئيسيين: ذكاء السرب والاستهداف المستقل. وتمكن استخبارات السرب طائرات بدون طيار متعددة من العمل بشكل تعاوني، مما يؤدي إلى التغلب على دفاعات العدو من خلال الهجمات المنسقة. وقد لوحظ هذا التكتيك في صراعات مختلفة، حيث نجحت أسراب من الطائرات بدون طيار في اختراق أنظمة الدفاع الجوي المتطورة.

علاوة على ذلك، يتم تطوير أنظمة الاستهداف المستقلة التي تسمح للطائرات بدون طيار بتحديد الأهداف والاشتباك معها دون إشراف بشري. ويثير هذا مخاوف أخلاقية بشأن المساءلة واحتمال حدوث عواقب غير مقصودة في سيناريوهات القتال. ومع استمرار الدول في تحسين هذه التقنيات، فإن احتمالات الأسلحة ذاتية التشغيل بالكامل -والتي يشار إليها غالبا باسم "الروبوتات القاتلة"- تصبح واقعية بشكل متزايد.

التطبيقات والتطورات الحالية

توضح التطورات الأخيرة في تكنولوجيا الطائرات بدون طيار الوتيرة السريعة للابتكار. على سبيل المثال، أدخلت شركات مثل هيلسينج طائرات بدون طيار هجومية تعمل بنظام الذكاء الاصطناعي قادرة على العمل بفعالية في بيئات بها تشويش إلكتروني، وهو تحد شائع في الحرب الحديثة. وتتمتع هذه الطائرات بدون طيار بالقدرة على الحفاظ على اشتباكها مع الهدف حتى بدون اتصال مستمر بالبيانات، مما يوفر ميزة تكتيكية كبيرة.

في أوكرانيا، قام الجيش بتكييف هيكله لدمج وحدات حرب الطائرات بدون طيار في جميع الفروع. وبفضل استخدام طائرات بدون طيار قادرة على الرؤية من منظور الشخص الأول (FPV)، تمكنت القوات الأوكرانية من تنفيذ ضربات دقيقة ضد الدبابات والتشكيلات العسكرية الروسية. ويوضح هذا التغيير كيف يمكن للطائرات بدون طيار أن تساعد في المعارك التي يمتلك فيها أحد الجانبين أسلحة أقل قوة من الجانب الآخر.

ويعزز استخدام الخوارزميات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي أيضا قدرات الطائرات بدون طيار على جمع المعلومات الاستخباراتية والاستطلاع. ويمكن للطائرات بدون طيار الآن التنقل بشكل مستقل في البيئات المعقدة، وتحديد أنماط الحياة بين قوات العدو، والتنبؤ بالتهديدات المحتملة بناء على تحليل البيانات التاريخية. ويعد هذا المستوى من الوعي الظرفي ذا قيمة لا تقدر بثمن بالنسبة للجيوش الحديثة التي تسعى إلى الحفاظ على التفوق على الخصوم.

التأثيرات الاستراتيجية

مع تزايد تطور الطائرات بدون طيار، أصبح تأثيرها على الاستراتيجية العسكرية عميقا. وإن القدرة على نشر أسراب من الطائرات بدون طيار ضد أهداف العدو تعمل على تغيير المفاهيم التقليدية للقوة الجوية والحرب البرية. ويجب على المخططين العسكريين الآن التفكير في كيفية الدفاع ليس فقط ضد ضربات الطائرات بدون طيار الفردية، ولكن الهجمات المنسقة التي تشمل مئات أو آلاف الطائرات بدون طيار.

علاوة على ذلك، فإن فعالية تكلفة الحرب باستخدام الطائرات بدون طيار تقدم حجة مقنعة لزيادة استخدامها. وتعتبر الطائرات بدون طيار أرخص في الإنتاج بشكل عام من الطائرات المأهولة، ويمكن نشرها بأعداد أكبر دون المخاطرة بحياة البشر. وقد تشجع هذه الميزة الاقتصادية الدول على الاستثمار بكثافة في تكنولوجيا الطائرات بدون طيار باعتبارها مكونا أساسيا في ترساناتها العسكرية.

ويثير انتشار تكنولوجيا الطائرات بدون طيار أيضا أسئلة أخلاقية مهمة فيما يتعلق بالسلوك الحربي.

إن إمكانية تشغيل أنظمة الأسلحة المستقلة دون إشراف بشري تشكل تحديا للقوانين الدولية الحالية التي تحكم النزاعات المسلحة. وطالبت جماعات حقوقية بفرض حظر استباقي على الأسلحة ذاتية التشغيل بالكامل بسبب المخاوف بشأن المساءلة والخسائر المدنية.

التدابير المضادة والتطورات المستقبلية
مع استمرار تطور هذه التقنيات، فإنها ستعيد تعريف كيفية خوض الحروب والانتصار فيها. وفي حين أنها تقدم مزايا غير مسبوقة في ساحة المعركة، فإنها تطرح أيضا معضلات أخلاقية تتطلب دراسة متأنية من قبل صانعي السياسات والقادة العسكريين على حد سواء
مع تقدم تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، تتقدم أيضا الإجراءات المضادة المصممة لتحييد تهديدات الطائرات بدون طيار. وتستثمر الدول في قدرات الحرب الإلكترونية القادرة على تشويش أو تعطيل اتصالات الطائرات بدون طيار، مما يجعلها غير فعالة أثناء العمليات. بالإضافة إلى ذلك، يتم استكشاف التطورات في أسلحة الليزر كحلول محتملة لاعتراض الطائرات بدون طيار المحتشدة قبل أن تصل إلى أهدافها.

بالنظر إلى المستقبل، فمن المرجح أن يشهد مستقبل حرب الطائرات بدون طيار مزيدا من التكامل مع تقنيات أخرى مثل الروبوتات والتعلم الآلي، وإن تطوير أنظمة هجينة تجمع بين الروبوتات الأرضية والطائرات بدون طيار من الممكن أن يخلق قدرات تشغيلية متعددة المجالات تعمل على تعزيز فعالية ساحة المعركة.

وعلاوة على ذلك، ومع قيام دول مثل الصين وروسيا بتكثيف استثماراتها في تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، فإن سباق التسلح العالمي المحيط بالطائرات بدون طيار سوف يشتد. ولن تشكل هذه المنافسة الاستراتيجيات العسكرية فحسب، بل ستؤثر أيضا على الديناميكيات الجيوسياسية حيث تسعى الدول إلى تأكيد هيمنتها من خلال التفوق التكنولوجي.

يمثل التقاطع بين الذكاء الاصطناعي وحرب الطائرات بدون طيار أحد أهم التحولات في التاريخ العسكري. ومع استمرار تطور هذه التقنيات، فإنها ستعيد تعريف كيفية خوض الحروب والانتصار فيها. وفي حين أنها تقدم مزايا غير مسبوقة في ساحة المعركة، فإنها تطرح أيضا معضلات أخلاقية تتطلب دراسة متأنية من قبل صانعي السياسات والقادة العسكريين على حد سواء.

مقالات مشابهة

  • 3500 طفل في غزة مهددون بالموت لسوء التغذية.. و2500 بحاجة لتدخل طبي عاجل
  • كيف تشكل الطائرات بدون طيار التي تعمل بالذكاء الاصطناعي مستقبل الحرب؟
  • ‏مصادر طبية في غزة: مقتل 51 فلسطينيا وإصابة 78 آخرين جراء الغارات الإسرائيلية خلال الـ 24 ساعة الماضية
  • إبادة دون حرب.. مسؤول إسرائيلي سابق يقترح خطة لقتل سكان غزة جوعا
  • مهندس خطة الجنرالات: إستراتيجية إسرائيل في غزة فشلت
  • هجوم واسع لقوات الدعم السريع ومقتل أكثر من 25 سودانيا وإصابة العشرات
  • إسرائيل تحذر سكان 73 بلدة من العودة إلى جنوب لبنان
  • بعد التوغل في أرضهم..إسرائيل تطالب سكان الجولان بتسليم أسلحة الجيش السابق
  • الأمم المتحدة: السودان في قبضة المجاعة وأزمة ذات أبعاد مذهلة .. نصف سكان السودان يواجهون مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي
  • عاجل | القناة 14 الإسرائيلية: السلطة الفلسطينية سلمت إسرائيل منفذة عملية الطعن التي وقعت أمس في بلدة دير قديس