رأي اليوم:
2025-03-10@13:40:04 GMT

عبد الكريم البليخ: السفر.. وقطعة من نار

تاريخ النشر: 17th, July 2023 GMT

عبد الكريم البليخ: السفر.. وقطعة من نار

عبد الكريم البليخ صدقت مقولة الشاعر عندما قال: مشينا خطىً كتبت علينا … ومن كتبت عليه خطىً مشاها ما أصدقه من بيت شعر عرف قائله كيف يُثير فينا نوازع الغربة وما يصاحبها من ألم وحسرة وضيق حال، وهو يصف حالة الخطى التي أوصلت الكثير منا إلى بلاد قصية طالما كانت تسجل حلماً بالنسبة للكثيرين من جيلنا ومن سبقهم، ومن الشباب الطموح الذي ظل يحلم، مجرد حلم، بزيارة بلاد العم سام والدول الأوربية وغيرها.

وفي هذا المقام، أتذكر مقولة صديق طفولة، قضى أياماً طويلة في دراسة الطبّ في احدى الدول الأوربية، وحاول، وبكل جهد مضني بعد تخرجه من الجامعة أن استقر به الحال في مدينة حلب الشهباء، إلّا أنَّ ظروفه القاهرة وضيق ذات اليد عادت به إلى لوعة الفراق، بغيابه مرة أخرى عن الأهل والأحبّة والأصدقاء، ما اضطرته ظروفه إلى السفر إلى دول الخليج العربي ليتمكن من شراء شقّة سكنية في حيّ متواضع في مسقط رأسه، و سبق له أن سافر إلى دول أمريكا الجنوبية لفترة وجيزة، واستطاع من تقوية لغته الإنكليزية وتحسين مستواه، ولم تدم فترة إقامته هناك أكثر من ستة أشهر، وعاد مرة أخرى إلى مدينته يَجرُّ ذيول الغربة القاتلة، وها هو اليوم يمضي سنوات بعيداً عن الأهل والأحبّة مقيماً في إحدى دول الخليج العربي، ورئيساً لمركز طبّي هناك يُلملم جراحه!. هذا الصديق الطبيب، لطالما يردّد مقولة: “اللي يُحبّه ربّه يُشوْفُه مُلكُه”، وقد اتضح لي مع مرور الوقت أنَّ ما قاله صديقي المغترب في محله، وتجلى ذلك من خلال السفر، الذي هو في الواقع يُعدّ مدرسة في هذه الحياة التي نعيش أوارها المستعرة!. السفر، كما يقال: “قطعة من النار”، وإن تعددت أوجهه، سواء أكان ذلك بداعي العمل أو السياحة، فهو يثير في النفس مرارة الشوق واللوعة والفراق!. وإن كان هذا الأنموذج لا زال له بريقه بالنسبة لنا، نحن الذين جبلنا على التغنّي بالأسفار والركض وراءها والتمجيد بها، وإن كانت فرصة لمن يريد الاستفادة منها في كثير من الأوجه، إلّا أنَّ ما يمكن أن نجنيه منها يحتاج إلى تركيز وصبر وأناة وحلم كبيرين، وفي النهاية سيكون الحصاد مثمراً، ولكن بقضاء أياماً لا يمكن تصويرها ولا يمكن لها أن تعود. والعودة إليها فيه الكثير من الصعوبة، لأننا فقدناها..! وفي لحظة ما قد يفقد المرء إنسان عزيز، وهو في بلاد الغربة، وهذا الفقدان، وإن كان مؤقتاً بعد أن جمعتهما الأيام، في عمل ما، وترك أحدهما الآخر، فقد يكون ذلك له أثره المباشر في تكوينه، وإن كانت الأيام شهدت على علاقتهما لفترة محدودة، ولكن الألفة والود والاحترام دفعت به إلى التعلّق بذلك الصديق تعلقاً كبيراً، إذا قسنا تلك العلاقة بعلاقته مع صديق طفولته قد لا توازيه محبّة ولا شوق، وهنا يكون الأنموذج، وإن كان وقتي إلا أنّه أثمر صداقة مخلصة، وفية ومبهجة. فالسفر مفتاح الحياة النبيلة، ويفتح أمام المرء آفاقاً غريبة، ويدفع به إلى تعلّم أشياء جديدة، وعبر ونماذج أخرى كانت مغلقة أبوابها أمامه، ومن خلال التجربة والانخراط فيها، وهذا يكرّس إلى تفعيل دورنا في الحياة بدلاً من عدم الانفعال والتفاعل فيها. وهناك العديد من الصور التي تناولت السفر، أبعاده ومحطاته والصعاب التي تواجه المرء للوصول إلى هدفه، ومنها ما أورده الأديب الطبيب عبد السلام العجيلي، طيّب الله ثراه، عندما وصف لنا السفر في كتبه المنشورة، ومنها ما جاء في مجموعته القصصية: “دعوة إلى السفر”، و”حكايات من الرحلات”، وغير ذلك من الكتّاب والمشاهير العظام. وخير من عبر عن ذلك الإمام الشافعي:  تغرّب عن الأوطان في طلب العلا، وسافر ففي الأسفار خمس فوائد: “تفريج همٍّ، واكتساب معيشةٍ، وعلمٍ، وآدابٍ، وصحبة ماجد”. وكل ما يهمنا أنَّ الخطى التي بدأناها لا تزال تتقدم، ونأمل أن تظل كذلك حتى يكتب الله أمراً له نتائجه ومنحاه الذي رسمنا له طريقاً مفروشاً بالورود، وسيكون لتلك الخطوات نتائجها الإيجابية على المدى البعيد وإن طالت. صحافي سوري مقيم في النمسا

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

مشهد صادم.. هذا ما يمكن أن يشتريه راتب متقاعد يمني اليوم!

شمسان بوست / خاص:

تفاقمت معاناة المتقاعدين في اليمن نتيجة التدهور الاقتصادي الحاد، حيث لم تعد رواتبهم تكفي لتغطية أبسط الاحتياجات اليومية. صورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي كشفت حجم الأزمة، حيث أظهرت ما يمكن أن يشتريه راتب متقاعد يمني يبلغ 31 ألف ريال، وهو مجرد علبة عصير وعدة علب حليب شاي، في مشهد يجسد الوضع المعيشي الصعب الذي يعيشه محدودو الدخل.

هذه الصورة المؤلمة تعكس التدهور الحاد في القدرة الشرائية للريال اليمني، في ظل ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، حيث باتت رواتب فئة كبيرة من المواطنين عاجزة عن تلبية الاحتياجات الأساسية.

ومع غياب أي حلول اقتصادية ملموسة، تتفاقم معاناة الأسر اليمنية، مما يدفع الكثيرين للبحث عن طرق بديلة للصمود وسط أزمة خانقة لا تلوح لها نهاية في الأفق.

مقالات مشابهة

  • الاستقلال أو الفناء.. هل يمكن لأوروبا مواجهة ترامب؟
  • صيب السماء يعرقل الحياة في بغداد (صور)
  • أفكار شريرة يمكن استخدامها فيما بعد.. انتقادات لتعنيف النساء في الدراما العربية
  • البيت الأبيض: يمكن التعامل مع إيران عسكريا أو بالتفاوض
  • مخاوف حول تنظيم كأس العالم 2026.. ما الصعوبات التي ستواجهها أمريكا؟
  • هل يمكن للثوم أن يخفض ضغط الدم؟.. أفضل طريقة لتناوله
  • كيف يمكن احتواء المخاطر التي تتعرض لها سوريا؟.. محللون يجيبون
  • مشهد صادم.. هذا ما يمكن أن يشتريه راتب متقاعد يمني اليوم!
  • وزير الخارجية الإيراني: البرنامج النووي الإيراني لا يمكن تدميره عسكريا
  • “شِعب الجرار” إحدى المكونات الطبيعية التي تعزّز الحياة الفطرية والبيئية في جبل أحد بالمدينة المنورة