اعتقدوا أن اللغة انقرضت.. ثم ظهر آخر متحدثيها
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
بعد اعتقاد واسع النطاق بأن "تشانا"، وهي لغة فئة كبيرة من السكان الأصليين في الأرجنتين، انقرضت إلى الأبد، ظهر رجل يدعى بلاس خايمي، ليعلن أنه أمضى نحو عقدين من الزمن وهو يتعلمها ويعمل على إحيائها، حسب تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
وتشانا هم شعب أصلي في الأرجنتين وأوروغواي، وكانت حياتهم متشابكة مع نهر بارانا العظيم، ثاني أطول نهر في أميركا الجنوبية، وكانوا يقدسون الصمت، ويعتبرون الطيور حراسًا لهم.
ذلك الشعب تعرض لحملات تهجير على مدار السنوات، وتقلصت أراضيه وتضاءلت أعداد أفراده، مع اندماجهم مع السكان الآخرين في البلد الذي أصبح يعرف لاحقا بالأرجنتين.
وكان قد جرى أيضا شن حملات عسكرية للقضاء على مجتمعات السكان الأصليين، بغية تخصيص الأراضي للاستيطان للقادمين من وراء المحيطات، وفق الصحيفة.
وتعاون عالم اللغويات، بيدرو فيغاس باروس، مع خايمي البالغ من العمر الآن 89 عاماً، على مدى أعوام لنشر قاموس يتضمن التعريف بأساطير وطقوس تشانا، وحوالي 1000 كلمة من لغتهم.
ووفقا لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، فإن ما لا يقل عن 40 في المئة من لغات العالم (أكثر من 2600 لغة) كانت مهددة بالانقراض في عام 2016، لأنه كانت يتحدث بها عدد صغير نسبيا من الناس، وهي السنة الأخيرة التي توفرت بها بيانات موثوقة بهذا الشأن.
وفي إشارة إلى جهود خايمي في إحياء لغة قومه، قالت سيرينا هيكلر، أخصائية البرامج في مكتب اليونسكو الإقليمي في مونتيفيديو، عاصمة الأوروغواي: "نحن ندرك تمامًا أهمية ما يفعله"، مشددة على أن "عودة لغة للحياة من جديد، بعدما كانت قد اختفت، هو أمر نادر جدا".
يشار إلى أنه خلال الحقب الاستعمارية في الأرجنتين، كما هو الحال في دول أخرى، عانى السكان الأصليون من القمع المنهجي الذي ساهم في تآكل لغاتهم أو اختفائها.
وقالت هيكلر إنه في بعض الحالات، "تعرض الأطفال للضرب في المدرسة بسبب تحدثهم بلغة غير الإسبانية"، مشددة على أن "إنقاذ أية لغة نادرة مثل تشانا، أصبح أمرا صعبا للغاية".
وفي الوقت الحالي، فإن إيفانجيلينا، ابنة خايمي البالغة من العمر 46 عاما، تقوم بتدريس لغة تشانا للعديد من الطلاب في مختلف أنحاء العالم، مشيرة إلى أن أكاديميين من بينهم.
وقالت: "عشنا أجيالا تلو أجيال من الصمت، لكننا لن نسكت بعد الآن".
وكان خايمي قد عمل في عدة وظائف ومهن، لكن بعد تقاعده في سن الـ71 عامًا، تمت دعوته إلى احتفالية للسكان الأصليين، ليروي قصته ويتحدث عن لغته. ومنذ ذلك الوقت لم يتوقف نشاطه في مجال إحياء لغة قومه.
وقبل أن يكشف خايمي عن معرفته بلغة تشانا، كان آخر سجل معروف للغة يعود إلى عام 1815، عندما التقى القس، داماسو لارانياغا، بثلاثة رجال أكبر سنًا من قبيلة تشانا في الأوروغواي، وقام بتوثيق ما تعلمه عن اللغة في دفترين، بيد أن ذلك لم ينتج سوى 70 كلمة.
وعن دور ابنته في إكمال مسيرته، والتي تنوي نقل علمها إلى حفيده، قال ضاحكا: "هي تعرف أكثر مني، وبالتالي لن تضيع لغة تشانا مرة أخرى".
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
المترجم يحيى محمد مختار: الترجمة ليست نقلًا حرفيًا بل شغف وفن يربط بين الشعوب
أكد المترجم والأكاديمي يحيى محمد مختار، أن الترجمة لا تقوم فقط على إتقان اللغة، بل تعتمد على الشغف والممارسة اليومية والتعمق في الثقافة التي تنتمي إليها اللغة المنقولة، قائلا إن المترجم لا يكتفي بفهم القواعد والنحو، بل يجب أن يحيط بالبيئة الثقافية والاجتماعية للشعب الذي يترجم عنه، ليتمكن من نقل المعنى بروح النص وأحاسيسه.
وأضاف «مختار»، خلال حواره عبر فضائية القاهرة الإخبارية، أن الترجمة الأدبية تمثل القمة في عالم الترجمة، لأنها تتطلب حسًا فنيًا وقدرة على نقل المشاعر والظلال الثقافية التي لا يمكن لأي ترجمة آلية أو ذكاء اصطناعي أن يجسدها، مشددًا على أن الذكاء الاصطناعي لا يستطيع فهم السياق ولا التعبير الإنساني العميق الكامن في النصوص الأدبية.
أوضح مختار أن العلاقات الثقافية بين مصر والصين تشهد ازدهارًا كبيرًا، مشيرًا إلى أن الصين بعد تحقيقها طفرة اقتصادية هائلة، اتجهت إلى نشر ثقافتها حول العالم عبر مبادرات تعليمية وثقافية، مشيرا إلى أن مصر تضم حاليًا 22 جامعة حكومية تدرّس اللغة الصينية، إلى جانب الجامعات الخاصة والأهلية، مما جعل عدد الدارسين المصريين للغة الصينية يفوق عدد الدارسين في باقي الدول العربية مجتمعة، موضحا أن معاهد كونفوشيوس والمركز الثقافي الصيني يلعبان دورًا محوريًا في دعم التبادل الثقافي وتعزيز الفهم المتبادل بين الشعبين.
أبرز مؤلفاته المترجمة رواية نهر الزمنبيّن مختار أن الترجمة بالنسبة له ليست مهنة فحسب، بل رسالة فنية وإنسانية تتطلب الأمانة في نقل المعنى والموهبة في إعادة صياغته بأسلوب عربي يحمل روح الأصل، موضحا أن من أبرز مؤلفاته المترجمة رواية «نهر الزمن»، التي لاقت انتشارًا واسعًا بسبب طابعها الإنساني العميق، مؤكدًا أن الأدب الصيني يشترك مع الأدب العربي في اهتمامه بالأسرة والعلاقات الإنسانية والبحث عن الذات.