عربي21:
2025-03-06@10:19:32 GMT

أغنية على الممر.. المواجهة بالفن بين المسرح والسينما

تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT

ما بين الهزيمة والنصر، جاءت مسرحية أغنية على الممر، وتألقت كنقطة ضوء باهر أشاعها المؤلف الراحل الذكي علي سالم؛ عبر كتابته عن استشهاد أحد أشقائه في حزيران/ يونيو ١٩٦٧، فعندما أدرك أن المسرح المصري وجمهوره، يتشوق إلى عمل يختلف إن لم يتناقض مع البكائيات السائدة عقب حرب ١٩٦٧، اختار بفطنته الدرامية تذكير اليائسين بأن ثمة بطولات منسية، تتمثل في صمود الإنسان المصري وصلابته برغم ما حدث.



اختار علي سالم أحد المواقع العسكرية، يدافع عنه خمسة جنود في قلب سيناء، لم تصلهم أوامر الانسحاب، فكان عليهم الصمود برغم تناقص الماء والطعام والذخيرة، وتحت قصف دبابات وطائرات العدو يتمسك الجنود بمكانهم، يواجهون مصيرهم بشجاعة.

لا يحتاج عرض المسرحية لمعدات أو امكانيات، فقط ستارة خلفية سوداء، ولأنها تخلو من العنصر النسائي الذي لا يتوفر في النجوع والقرى، لذا شقت المسرحية طريقها إلى عمق البلاد، ليقدمها الهواة في أي ساحة أو فضاء، فوق مناضد أو كنبات، تحت ضوء الكلوبات.

أحد المواقع العسكرية، يدافع عنه خمسة جنود في قلب سيناء، لم تصلهم أوامر الانسحاب، فكان عليهم الصمود برغم تناقص الماء والطعام والذخيرة، وتحت قصف دبابات وطائرات العدو يتمسك الجنود بمكانهم، يواجهون مصيرهم بشجاعة
أما عن السينما، فلم يكن المخرج السينمائي الكبير علي عبد الخالق، واحدا ممن استسلموا لتلك الحالة اليائسة، بل عرف منذ اللحظة الأولى وبعد أن استوعب الصدمة، أن المواجهة بالفن هي السلاح الوحيد، فحمل كاميرته على كتفه، هو وأبناء جيله من جماعة "السينما الجديدة" الذين صرخوا جميعا "سنواجه ولن نتوقف".

وأعتقد أن مخرجنا المبدع الكبير صاحب الإنجازات المتنوعة ظل مواجها للحظات الأخيرة، فجاء فيلمه "أغنية على الممر" الذي أنتج عام ١٩٧٢، مقدما للحالة الإنسانية والسينمائية الخالصة، والقدرة الباهرة لرواية الحرب والبشر، عبر هذا الممر الضيق الذي انعزل فيه خمسة جنود مصريين عن باقي الجيش المصري بعد الانسحاب من سيناء في حرب ١٩٦٧، وكيف عزفوا تلك الأنشودة الحزينة، وكيف كان ذلك الممر الضيق يشبه خشبة مسرح مليئة بالحركة والصخب والهدوء، وبنفس السلاسة نراه شريطا سينمائيا شديد الثراء والغنى.

وعندما نقول إن الفيلم "متفرد"، فإن ذلك ليس فقط لتميزه على المستوى الدرامي والبصري، ولكن أيضا لظروف إنتاجه وتفاصيل عرضه، فنحن أمام نص مسرحي لعلي سالم من فصل واحد، ملامح أبطاله أقرب إلى أبطال الملاحم، والظروف التي يجدون أنفسهم فيها هي أجواء ملحمية دون مبالغة.. خمسة جنود من أبطال الجيش المصري: محمود مرسي، محمود ياسين، أحمد مرعي، صلاح قابيل، وصلاح السعدني، يجدون أنفسهم في مواجهة العدو بعد أن تقطعت بهم سبل الاتصال، ولم تصلهم أوامر الانسحاب فكان عليهم الصمود، رغم تناقص الماء والطعام والسلاح، وتحت قصف دبابات وطائرات العدو، يتمسك الجنود بمكانهم، يواجهون مصيرهم، وكل ما يملكونه في سبيل تلك المواجهة أرواحهم ودماؤهم يقدمونها طواعية وحبا لأرض الوطن.

تشريح كامل للمجتمع، وتساؤلات حول أسباب الهزيمة، أفكار فلسفية حول: الحياة والموت والتضحية والفداء، دون لحظة ملل واحدة، إيقاع لاهث ولحظات من الصمت تضع أبطال العمل في مواجهة مع أنفسهم وبعضهم البعض، تلك الوجوه الخمسة التي باتت تشبه صخور سيناء المقدسة، وكأنهم تماهوا معها وأصبحوا جزءا منها، ففضلوا أن تروي دماؤهم تلك الصخور
هو تشريح كامل للمجتمع، وتساؤلات حول أسباب الهزيمة، أفكار فلسفية حول: الحياة والموت والتضحية والفداء، دون لحظة ملل واحدة، إيقاع لاهث ولحظات من الصمت تضع أبطال العمل في مواجهة مع أنفسهم وبعضهم البعض، تلك الوجوه الخمسة التي باتت تشبه صخور سيناء المقدسة، وكأنهم تماهوا معها وأصبحوا جزءا منها، ففضلوا أن تروي دماؤهم تلك الصخور.

سيناريو الفيلم الذي صاغه المخضرم الراحل مصطفى محرم بشكل جديد ومختلف عما كان يقدم في السينما المصرية والعربية في ذلك الوقت، قام بالربط بين "الفلاش باك" وما يحدث داخل كهف الممر وخارجه، والتناقض ما بين حياة هؤلاء الأبطال الذين بدوا وكأن الزمن قد توقف بهم عند تلك اللحظة، والمجتمع الذي يسير بشكل عادي وطبيعي.. لم يختل إيقاع الفيلم لحظة واحدة، خلال الساعة والنصف من الزمن؛ الأحداث تسير بالتوازي، كاشفة الكثير عن حاضر هذه الشخصيات وماضيها.. هذا إلى جانب المونتاج المتقن والتمثيل الباهر، والصورة السينمائية المختلفة والكادرات النابضة بالحركة، رغم سكون المكان، وزوايا الكاميرا وضيق الكادر في تأكيد معنى حصار أبطاله، سواء الحصار المكاني أو النفسي، ومعها شريط صوت شديد الغنى والإبداع، قياسا بظروف السينما المصرية التقنية في ذلك الوقت.

وتعيشي يا بلدي.. يا بلدي تعيشي
وتعيشي يا ضحكة مصر.. تعبشي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المسرح المصري مصر الفن المسرح يونيو 1967 مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة خمسة جنود

إقرأ أيضاً:

ماجد المصري: اتمرنت في النادي الأهلي.. وكان لدي رغبة أن أكون واحدا من أبطال الرياضة المصرية

أكد الفنان ماجد المصري، أنه كنت في فترة الشباب أقوم بالتمرين في النادي الأهلي، وكان لدي رغبة في أن أكون واحدا امن أبطال مصر في الرياضة، ولكن لم أستطيع تحقيق ذلك واتجههت للتمثيل.

ماجد المصري: "سيف الحديدى" فى مسلسل "آدم" كان من أصعب الأدوار التي قدمتهاماجد المصري يحصل على جائزة أفضل ممثل عربي

وقال ماجد المصري، خلال برنامج "بودكاست بداية"، أنه كنت اقوم بالغناء في فترة الشباب، وان لدي أصدقاء وكونا فرقة غنائية، ولكن الغناء الغربي، ولكننا توقفنا خاصة بعد التحاقي بالتمثيل.

 استعطاف المشاهدين

وتابع الفنان ماجد المصري، أنه لدي حب لأدوار الشر، مؤكدا أن التفاصيل في أدوار الشر تكون اكثر، خاصة “شخصية زيدان في مسلسل ضرب نار”، وموت الشخصية المفاجئ والذي استقطب استعطاف المشاهدين.

مقالات مشابهة

  • بنفيكا مع برشلونة.. ماذا يقول التاريخ عن «المواجهة الكلاسيكية» في «أبطال أوروبا»؟
  • تشكيل ريال مدريد أمام أتلتيكو مدريد في دوري أبطال أوروبا
  • تشكيل هجومي لـ إنبي أمام الزمالك في الدوري المصري الممتاز
  • باختاكور يصعق الهلال ويحقق فوزًا ثمينًا في دوري أبطال آسيا
  • إعلامي: ريال مدريد سيخوض اليوم المواجهة الـ 500 في دوري أبطال أوروبا
  • ليفركوزن والبايرن.. المواجهة الأولى أوروبياً
  • تحريض إسرائيلي على التواجد العسكري المصري في سيناء.. ودعوات لعدم التصعيد
  • الدور المصري الذي لا غنى عنه
  • ماجد المصري: اتمرنت في النادي الأهلي.. وكان لدي رغبة أن أكون واحدا من أبطال الرياضة المصرية
  • صور| كيف حوّل شاب ممراً في تاروت إلى وجهة سياحية رمضانية؟