أفادت مجلة نيوزويك -استنادا إلى مقابلات أجرتها مع ناشطين وأفراد- أن الغارات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة في اليمن بأوامر من الرئيس جو بايدن يبدو أنها ستكون مسمارا آخر في نعش تأييد الناخبين العرب والمسلمين له.

وكان بايدن قد أمر بشن ضربات جوية متعددة ضد جماعة الحوثي في اليمن لمنعها من تنفيذها هجمات على سفن الشحن التجارية التي تمر عبر البحر الأحمر.

وجاءت أولى الغارات التي نفذها الجيش الأميركي يوم الخميس بالتعاون مع بريطانيا، وحظيت بدعم من أستراليا والبحرين وكندا وهولندا.

وقال إدوارد أحمد ميتشل نائب المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) "نحن منزعجون من تصعيد إدارة بايدن هذه الأزمة بقصفها اليمن دون موافقة الكونغرس، بدلا من معالجة جذورها فقط، وهي الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة".

وأضاف "إذا انتهت الإبادة الجماعية، فإن درجة حرارة الأوضاع في المنطقة ستنخفض" واصفا الغارات الأميركية بدون موافقة الكونغرس بغير القانونية والخطيرة التي "لن تحقق السلام نهاية المطاف، بل ستفاقم خطر تصعيد وتيرة الحرب".

وردا على بيان بايدن الذي صرح فيه بأن بلاده وشركاءها لن يتساهلوا مع هجوم الحوثيين على "أفرادنا" قال ميتشل إن "حكومتنا تهرع إلى حماية السفن التجارية، لكنها لا تسارع إلى حماية آلاف الأطفال الذين يُقتلون في غزة".

ووفقا لتقرير نيوزويك، فقد أطلق تحالف من الأميركيين المسلمين بالولايات المتأرجحة حملة "تخلوا عن بايدن" وحث الناخبين على عدم إعادة انتخابه لولاية رئاسية ثانية بالانتخابات المزمع إجراؤها في نوفمبر/تشرين الثاني من هذا العام، بسبب رد فعله على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

لن يصوتوا له

ومن جانبه، قال جيلي حسين مدير فرع "كير" بولاية مينيسوتا إن الأغلبية الساحقة من المسلمين أكدوا أنهم لن يصوتوا للرئيس الحالي بالانتخابات المقبلة.

كما أخبر الدكتور حسن عبد السلام من حملة "تخلوا عن بايدن" نيوزويك -عبر البريد الإلكتروني أمس السبت- أن الوضع في اليمن أثبت أن حملتهم كانت "دقيقة في تنبؤها بالكارثة المتمثلة في سياسة الرئيس بشأن غزة".

وأضاف أنه "لا يمكن للولايات المتحدة ببساطة أن تستخدم القوة بدون ضوابط رادعة.. ولعل فلسطين تعد -بالنسبة للأميركيين المسلمين، والمسلمين في جميع أرجاء العالم- أهم قضية في السياسة الخارجية".

وتعود المجلة لتنقل عن ميتشل -الذي كان يتحدث إليها نيابة عن "كير"- توقعه بأن يكون للإبادة الجماعية في غزة "تأثير كبير" على ميول المسلمين الأميركيين السياسية وقراراتهم بالانتخابات المقبلة وما بعدها، لكنه استدرك بأنه لا يعرف كيف ستتغير الأمور.

دعم نتنياهو

وبدوره، أعرب وائل الزيات الرئيس التنفيذي لمنظمة "إيمغيغ" -وهي مؤسسة غير ربحية تهدف لتوعية وتعبئة الناخبين المسلمين- عن اعتقاده بأن مكانة بايدن بين الناخبين العرب والمسلمين قد تأثرت إلى حد كبير بالفعل بسبب سياسته تجاه إسرائيل وفلسطين، ودعمه "المطلق" لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وبحسب تقرير نيوزويك، فقد نشرت "إيمغيغ" نتائج استطلاع للرأي مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أظهر أن 5.2% فقط من الأميركيين المسلمين أكدوا أنهم سيصوتون لبايدن بانتخابات 2024.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

ديمقراطية أميركا..من أيزنهاور إلى بايدن

هل باتت الديمقراطية الأمريكية في خطر من جراء مجمعين يكادان يطبقان عليها، لتخسر الولايات المتحدة، درَّة التاج، في تكوينها وجوهرها، منذ إعلان الاستقلال وحتى اليوم؟

لطالما فاخر وجاهر الأمريكيون بالنسق القيمي الليبرالي، الذي عُدَّت الديمقراطية فيه حجر الزاوية، وعليه قام هذا البناء الجمهوري الشاهق، غير أنه وخلال العقود الستة المنصرمة، بدت روح أمريكا في أزمة حقيقية، من جراء نشوء وارتقاء مجمعات أقل ما توصف به أنها ضد الديمقراطية.
جاء خطاب وداع الرئيس جو بايدن ليعيد تذكير الأمة الأمريكية بالخطر الذي نبّه منه الرئيس دوايت أيزنهاور عام 1961، والمؤكد أن بايدن لم يذكّر الأمريكيين بالمجمع الصناعي العسكري، ذاك الذي لفت إليه أيزنهاور فحسب، بل وضعهم أمام استحقاقات مجمع جديد قادم بقوة كالتسونامي الهادر في الطريق، لا شيء يوقفه، وما من أحد قادر على التنبؤ بأبعاد سيطرته على مستقبل الديمقراطية في الداخل الأميركي.
في السابع عشر من يناير (كانون الثاني) من عام 1961 ألقى أيزنهاور خطاباً وداعيّاً متلفزاً من مكتبه الرسمي، وبطريقة لا تُنسى، حذَّر فيه من أن تتحول "الصناعة العسكرية المعقدة" في بلده إلى قوة عنيفة.
يومها قال جنرال السياسة الذي نجح في قيادة قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية إن "المؤسسة العسكرية الضخمة" مع "صناعة أسلحة هائلة" تعملان معاً سعياً وراء "نفوذ لا مبرر له" في "كل مدينة وكل مبنى تشريعي وكل مكتب عائد إلى الحكومة، مما قد يؤدي إلى كارثة تنبع من بروز قوة في غير محلها".
عبر ستة عقود ونيف بدا أن توقعات "الجنرال آيك" قد تحوّلت إلى واقعِ حال عبر تحالف ثلاثي الأطراف، اختصم في واقع الأمر الكثير من لمحات ومسحات الديمقراطية الأمريكية.
تمثلت أضلاع المثلث في أصحاب المصانع العسكرية الأمربكية، تلك التي تدرّ "لبناً وعسلاً وذهباً" على حَمَلة أسهمها، في السر والعلن، فيما الضلع الثاني مثَّله جنرالات وزارة الدفاع الأمريكية، الذين يقودون وعلى الدوام المعارك الأمريكية على الأرض، وغالباً ما يعودون لاحقاً بعد نهاية خدمتهم للعمل مستشارين برواتب هائلة في المؤسسات الصناعية العسكرية، بينما الجهة الثالثة يمثلها أعضاء الكونغرس، من الشيوخ والنواب، أولئك الذين يشرّعون قرارات الحروب، وعادةً ما يتلقون ملايين الدولارات تبرعات من الشركات العسكرية الكبرى، والعمل لها لاحقاً، بعد نهاية تمثيلهم التشريعي، أعضاء في مجالس إداراتها.
خلق هذا المجمع بلا شك روحاً جديدة في الداخل الأمريكي، باتت تمثل قوة ضاغطة على عملية صناعة القرار الأمريكي، وخصمت ولا شك من مساحات الديمقراطية الغنَّاء، وقدرة البروليتاريا الأمريكية العاملة المكافحة، وأقنان الأرض البؤساء، على تمثيل ذواتهم تمثيلاً عادلاً، فيما المحكمة العليا في البلاد أخفقت في حسم قضية التبرعات للمرشحين للمناصب الحكومية، من عند أصغر عمدة لمدينة أمريكية نائية على الحدود الجنوبية في تكساس، وصولاً إلى مقام الرئاسة.
جاء بايدن في خطاب تنصيبه ليشير إلى ما سمَّاه "المجمع الصناعي التقني"، الذي يبدو أنه لا يقل ضراوة عن العسكري، لا سيما أن بصماته تمتد عبر المحيطات إلى بقية أنحاء وأرجاء الكون الفسيح.
"بعد ستة عقود من الزمان ما زلت أشعر بنفس القدر من القلق إزاء الصعود المحتمل للمجمع الصناعي التكنولوجي الذي قد يشكل مخاطر حقيقية على بلدنا أيضاً"... هكذا تكلم بايدن.
بايدن لم يترك مجالاً للشك في أن الأمريكيين يُدفنون، وعلى حد تعبيره، تحت سيل من المعلومات المُضلّة والمضلِّلة، التي تُمكن من إساءة استخدام السلطة، فيما الصحافة الحرة تنهار، والمحررون يختفون، بينما وسائل التواصل الاجتماعي تتخلى عن التحقق من صحة الحقائق أو زيفها.
أظهر بايدن أن هناك مخاوف حقيقية تخيِّم فوق ديمقراطية أمريكا، من جراء تزاوج الثروة والسلطة، عبر أطراف المجمع الصناعي التقني، الذي بات يمثله رجالات من نوعية إيلون ماسك ومارك زوكربيرغ وجيف بيزوس، ومجالس إدارات شركات مثل أبل وغوغل، وأساطين رجال أعمال يتعاطون مع قرابة التريليون دولار، مما يجعل فكرة الديمقراطية المختطَفة من القلة أمراً قائماً وليس جديداً.
هل الديمقراطية الأمريكية في خطر حقيقي وليس وهمياً؟
تركيز السلطة والثروة يؤدي مباشرةً إلى تآكل الشعور بالوحدة والغرض المشترك، ويقود إلى انعدام الثقة، وحينها تصبح فكرة الديمقراطية مرهِقة ومخيِّبة للآمال، ولا يشعر الناس فيها بأنهم يتمتعون بفرصة عادلة.
يقول الراوي إن روما القديمة قد أفل نجمها حين غابت روح الديمقراطية عن حناياها ومن ثناياها... ماذا عن روما العصر؟

مقالات مشابهة

  • تقرير «نيوزويك» يرسم ملامح الولاية الثانية لـ«ترامب».. رجل البيت الأبيض يفتح جبهات عديدة في الداخل والخارج
  • ديمقراطية أميركا..من أيزنهاور إلى بايدن
  • بدء فرز اصوات الناخبين بانتخابات نادى القضاة بالإسكندرية
  • أمين عام علماء المسلمين: اختيار الشرع رئيسا لسوريا خطوة في الطريق الصحيح
  • بايدن والماسونيون السود | حقيقة انضمام الرئيس الأمريكي السابق للجماعة الأخوية بريطانية الأصل
  • الصحفيين والإعلاميين: خلال لقاء محافظ الدقهلية كلنا خلف الرئيس في جميع القرارات السياسية التي تحافظ على الأمن القومي
  • ترامب يحمّل بايدن واوباما مسؤولية تصادم الطائرتين
  • نهاية مأساوية لـ سلوان موميكا العراقي الذي أشعل غضب المسلمين بحرق المصحف.. فيديو
  • مجلة نيوزويك: مرتزقة من دولة في الناتو متورطون بحرب الكونغو الديمقراطية
  • الرئيس العليمي يتحدث عن الخيار الأكثر ضمانًا لتحقيق السلام في اليمن وأهمية القرار الأمريكي الأخير ضد الحوثيين