اقتصاد ضعيف، وبنية تحتية تكاد تكون منعدمة في الكثير من بلدانها، تغيرات مناخية، وحروب أهلية، ونزاعات جعل الكثير من مواطني قارة أفريقيا أكبر قارات العالم من حيث عدد النازحين، ورغم ذلك هي أيضا القارة الأكثر استقبالا للاجئين فتستقبل 26% من اللاجئين حول العالم حسب إحصائية في 2021 قالتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، واستحوذت منطقة جنوب الصحراء الأفريقية النسبة الأكبر من القارة، مما يُعني أن هذه الدول ستعاني مع مرور الوقت من مشكلات اقتصادية، وأزمات غذائية كلما مر الوقت، وزاد عدد اللاجئين.

وفي العام الماضي حذر المجلس النروجي للاجئين من مجاعات وحروب قد تكون طويلة الأمد، لعدم اهتمام العالم بالنزوح الجماعي في أنحاء القارة الأفريقية.

تشهد 15 دول أفريقية عمليات للنزوح لأسباب سياسية

وبالرغم من أن في عام 2019 عقدت الأمم المتحدة سلسلة الحوار الأفريقي وعملت هذه السلسلة على العمل لحلول دائمة للمشردين بشكل قسري في القارة، إلا أن العدد ارتفع وتجاوز 24 مليون شخص في إحصائية أخيرة، حيث في عام 2017 ارتفاع عدد النازحين في القارة بمقدار 4.6 مليون نازح عن عام 2016، ما يُعني أن اقتصاد القارة يتحمل أعباء اقتصادية تزيد من معدلات الفقرة لدى الدول المستضيفة.

وعلى الرغم من كل ذلك تتعامل القارة بشكل إنساني مع المشردين داخليا حسبما قال أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة الذي وصف القارة بأنها تمتلك سخاء كبيرا تجاه المشردين، الذين هربوا من ويلات الحرب والاضطهاد ويبحثون عن الأمان.

 ويري أنطونيو أن الحل الأفضل لمواجهة ارتفاع توافد النازحين واللاجئين وحمايتهم هي منع الأسباب التي تدفعهم للهجرة، والعمل المتواصل على معالجة الأسباب الجذرية للجوء والتي تتمثل في الفقر والصراع والتميز ومواجهة الاستعباد بكل أشكاله.

النزوح القسري يمثل مأساة إنسانية تهدد تحقيق السلام
 

وحسب توصيات بينس جواناس، وكيلة الأمين العام والمستشارة الخاصة للشئون الأفريقية في سلسلة الحوار الأفريقي فترى أن النزوح القسري يمثل مأساة إنسانية تهدد تحقيق السلام، وللتغلب على ذلك تحويل مسار الموارد الحيوية التي تم تخصيصها للنزوح القسري وتوجيهها لتحقيق التنمية المستدامة في القارة، والاستفادة من الإمكانيات البشرية المهدرة، فالنازحين قسرا من ذوي المعارات العالية، ولكن لأسباب النزوح يقضون سنوات عديدة غير قادرين على استخدام مهارتهم بشكل صحيح، فيمكن الاستفادة من هذه العقول لحل المشكلات التي تواجه القارة والتغلب عليها، وخاصة أن خطة التنمية المستدام لعام 2030 وخطه الاتحاد الأفريقي للتنمية لعام 2063 تعملان على القضاء على الفقر، ومواجهة التغيرات المناخية التي تمثل خطرا على القارة، وخاصة ظاهرة الاحتباس الحراري، رغم أن دول القارة الأفريقية لا تساهم بشكل كبير في هذه القارة، إلى أنها تعاني معانة شديدة من هذه الظاهرة متمثلة في انتشار الأمراض المدارية، كما فقدت القارة الكثير من تنوعها البيولوجي مما قد يتسبب في المستقبل القريب في تدمير كثير من أنواع الحياة داخل القارة الأفريقية. 

الهجرات المتعاقبة تتعامل مع تونس كأنها دولة أفريقية فقط ليس لها انتماء عربي 
 

المغرب وتونس يواجهان الهجرة من جنوب الصحراء

في تقرير آخر للمركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية بلغ عدد الأشخاص النازحين بشكل قسري داخل وخارج بلدانهم 40 مليون شخص، ويُعني ذلك أن عدد النازحين في أقل من تسع سنوات زاد للضعف، وحسب إحصائية للمركز ذاته فهناك أكثر من 3 ملايين نازح أفريقي لعام 2022، مما يؤكد كل التوقعات لاستمرار موجات النزوح من المواطنين الأفريقيين، داخل القارة وخارجها وخاصة كلما زادت الصراعات الداخلية.

وحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، تشهد 15 دول أفريقية عمليات للنزوح لأسباب سياسية أهمها الحكومات ذات الميول الاستبدادية، ويعتبر السودان أكثر دولة أفريقية شهد نزوحا لمواطنيها، بسبب الصراع الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أدت هذه الحرب لفرار أكثر من 4.5 ملايين شخص من الأماكن التي يقيمون بها، بينما بلغ عدد النازحين خارج وداخل البلاد 7 ملايين و300 ألف شخص، بينما زادت معدلات النزوح في إثيوبيا وتشاد والكونغو الديمقراطية والصول والنيجر ومالي وبوركينا فاسو بسبب تدهور الأوضاع الأمنية، بينما تسببت التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية في نزوح 7 ملايين شخص في العام الماضي، وتعتبر دولتا المغرب وتونس من أكثر البلدان معاناة من زيادة عدد النازحين، فتحول المغرب من كونه ضفة لعبور المهاجريين إلى دول أوروبا إلى سكن وملاذ للنازحين، الأمر الذي جعل المملكة المغربية العربية تتوجه بتقرير للاتحاد الأفريقي بأن من بين كل خمسة مهاجرين أفارقة هناك أربعة يتوجهون للدول الأفريقية مما يُنذر بمشكلات كبرى لهذه البلدان على المدى القريب،  الأمر الذي جعل الرئيس التونسي قيس سعيد في مطلع هذا العام بمطالبته بوضع حد سريع لتدفق المهاجرين غير الشرعيين من منطقة أفريقيا جنوب الصحراء إلى تونس، والتي أشرنا إليها سابقاً، ويرى الرئيس التونسي أن ذلك مؤامرة لإحداث تغيير في التركيبة الديمغرافية، وعليه يجب اتخاذ إجراءات عاجلة وحازمة لوقف تدفق المهاجريين غير النظاميين إلى تونس، لأن هذه الهجرة تسبب انتشارا للعنف والجرائم داخل الدولة التونسية، ويرى أيضا "قيس" أن هذه الهجرات المتعاقبة تتعامل مع تونس كأنها دولة أفريقية فقط ليس لها انتماء عربي أو إسلامي، ومن يشجع هذه الظاهرة هو يشجع ظاهرة الاتجار بالبشر. 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: جنوب الصحراء الأفريقية المشردين جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة التنمية المستدامة في القارة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين عدد النازحین

إقرأ أيضاً:

أيرلندا تقدم إعلان تدخل بقضية جنوب أفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي

قالت محكمة العدل الدولية، إن أيرلندا قد تقدمت بـ"إعلان تدخل" بقضية جنوب أفريقيا، ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، وذلك استنادا على المادة 63 من النظام الأساسي.

وكان نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية والدفاع الإيرلندي، مايكل مارتن، قد أعرب عن قلقه العميق إزاء الهجمات التي شنها الاحتلال على آخر مستشفى رئيسي في شمال غزة، واعتقالها لموظفيه، في إشارة إلى مستشفى كمال عدوان. 

وقال مارتن، عبر بيان: "أشعر بقلق عميق إزاء التقارير الواردة من منظمة الصحة العالمية، التي تفيد بأن آخر مستشفى رئيسي في شمال غزة أصبح غير صالح للاستخدام جراء هجوم للجيش الإسرائيلي، وأن العاملين فيه، بمن فيهم مدير المستشفى (حسام أبو صفية)، تعرضوا للاعتقال".

وفيما تطرّق مارتن، إلى تحذير لبرنامج الأغذية العالمي بشأن عدم إمكانية ضمان الأمن الغذائي في غزة؛ في ظل هجمات الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة. أكد على ضرورة احترام القانون الدولي الإنساني من قبل جميع الأطراف وفي جميع الأوقات، وحماية المستشفيات والمنظمات الصحية وعمال الإغاثة الإنسانية.


دول تتّهم الاحتلال.. تعرّف عليها

كانت حكومة جنوب أفريقيا قد رفعت في 29 كانون الأول/ ديسمبر 2023 قضية ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي تتّهمها فيها بـ"ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية على كامل قطاع غزة المحاصر".

تجدر الإشارة، إلى أنه لحدود اللحظة، طلبت تركيا ونيكاراغوا وكولومبيا وليبيا والمكسيك وفلسطين وإسبانيا الانضمام إلى طلب جنوب أفريقيا لدى المحكمة الدولية، غير أن المحكمة لم تبت بعد في هذه الطلبات.

وبتاريخ 29 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، كانت جنوب أفريقيا، قد تقدمت بدعوى من 84 صفحة تعرض خلالها دلائل على انتهاك الاحتلال الإسرائيلي التزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وكذا تورطها في "ارتكاب أعمال إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة".

إلى ذلك، كانت المحكمة قد أصدرت في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي مذكرات توقيف بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق يوآف غالانت، وهو ما أثار غضب دولة الاحتلال الإسرائيلي وحلفائها، بما في ذلك الولايات المتحدة، على الرغم من كونها ليست عضوا في المحكمة.


تشريعا لمعاقبة المحكمة
في سياق متصل، قدم رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي، مايكل ماكول، "تشريعا" من أجل معاقبة المحكمة الجنائية الدولية لاستهدافها دولة الاحتلال الإسرائيلي.

وبعد تقديم مشروع القانون، قال رئيس مجلس النواب الأميركي الجمهوري، مايك جونسون: "سوف نصوت الأسبوع الجاري على تشريع لفرض عقوبات ضد مسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية".

وأشار جونسون إلى أنّ: "المحكمة لا تتمتع بأي سلطة قضائية على إسرائيل أو الولايات المتحدة"، فيما واعتبر أنه: "من غير المقبول أن تصدر الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنياهو وغالانت".

وفي استهانة بالمجتمع الدولي، وضرب عرض الحائط كافة القوانين الدولية والمواثيق المرتبطة بحقوق الإنسان، يواصل الاحتلال الإسرائيلي، لأكثر من عام كامل، حرب الابادة الجماعية التي يشنّها ضد كامل قطاع غزة المحاصر.

أيضا، يتجاهل الاحتلال الإسرائيلي، في حربه الهوجاء، قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

مقالات مشابهة

  • كتاب من الخولي الى ميقاتي.. مقترحات لمعالجة أزمة النزوح السوري
  • ارتفاع عدد النازحين في السودان إلى 15 مليون شخص بسبب الحرب
  • وزير الخارجية ونظيره في غينيا بيساو يؤكدان أهمية دعم جهود التنمية بالقارة الأفريقية
  • تطهير القارة الأفريقية من بقايا الاستعمار الفرنسي
  • الفريق أول عبد المجيد صقر يلتقي وزير الدفاع الصومالي
  • الفريق أول عبد المجيد صقر يلتقي وزير الدفاع الصومالي (فيديو)
  • على هامش القمة الاستثنائية للاتحاد الأفريقي.. وزير الزراعة يبحث سبل التعاون المشترك مع دول القارة السمراء
  • أيرلندا تقدم إعلان تدخل بقضية جنوب أفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي
  • الصين: سنعمل مع دول أفريقيا لبناء الحزام الشمسي الأفريقي وتحقيق التنمية الخضراء
  • شهداء غزة يقتربون من الـ46 ألفا.. وقصف مكثف يطال النازحين (شاهد)