قال خبراء إن زجاجات المياه البلاستيكية هي مصائد للمواد البلاستيكية النانوية، المصطلح الشامل للجزيئات السامة التي تم ربطها بالسرطان ومشاكل الخصوبة والعيوب الخلقية.

وكشفت دراسة حديثة أن متوسط الزجاجة سعة لتر واحد تحتوي على 240 ألف قطعة بلاستيكية.

ويتراوح حجم المواد البلاستيكية النانوية، غير المرئية للعين البشرية، بين 1 و1000 نانومتر، ويعادل 1000 نانومتر جزءا من مائة من المليمتر.

وتتشكل عندما يتحلل البلاستيك إلى أجزاء أصغر حجما تدريجيا. وهي صغيرة جدا وخفيفة الوزن بحيث يتم حملها في الهواء من حولنا وتتسرب إلى الماء والغذاء والمنتجات اليومية.

ونظرا لصغر حجمها، يمكنها المرور عبر الأمعاء والرئتين، مباشرة إلى مجرى الدم وإلى الأعضاء بما في ذلك القلب والدماغ.

وقام الباحثون في جامعة كولومبيا، الذين أجروا الدراسة الأخيرة، بتحديد وإحصاء هذه الجزيئات الدقيقة في المياه المعبأة في زجاجات، واكتشفوا سبعة أنواع بلاستيكية شائعة.

وكشفت النتائج، التي نشرت في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences، أن التركيزات أكبر بما يصل إلى 100 مرة مما كان يعتقد سابقا.

وكان البولي إيثيلين تيريفثاليت (PET) والبولي إيثيلين (PE)، والمواد البلاستيكية المستخدمة في صناعة الزجاجات، من بين أكثر المواد البلاستيكية النانوية شيوعا.

ويعتقد أنها تتحلل وتصل إلى الماء عند الضغط على الزجاجات أو فتح الغطاء وإغلاقه بشكل متكرر.

ويمكن أيضا أن تتسرب إلى الماء إذا تعرضت الزجاجة للحرارة، مثل تركها في غرفة حارة أو في السيارة في يوم دافئ أو في الخارج تحت أشعة الشمس.

ومع ذلك، فإن معظم المواد البلاستيكية النانوية تدخل المياه المعبأة في زجاجات من البيئة أو من عملية الإنتاج، حيث أشار العلماء إلى أنه تم اكتشاف التلوث البلاستيكي "في كل خطوة من البئر إلى الزجاجة".

وكان كلوريد البولي فينيل (PVC) واحدا من أكثر المواد البلاستيكية النانوية شيوعا وسمية التي تم اكتشافها في المياه الجوفية والمياه المعبأة في زجاجات.

ويُعتقد أن هذا البلاستيك النانوي يشق طريقه إلى مصادر المياه نتيجة لإنتاج البلاستيك، حيث يتم إلقاء 30 مليون طن في الماء كل عام.

علاوة على ذلك، فإن العديد من المنتجات المصنوعة من البلاستيك، مثل الملابس الاصطناعية وبعض أكياس الشاي وشباك الصيد، تتساقط منها جزيئات أثناء استخدامها.

إقرأ المزيد علماء: لتر واحد من الماء يمكن أن يحتوي على 240 ألف جزيء بلاستيكي خطير

وبدلا من أن تتحلل المواد البلاستيكية إلى مواد غير ضارة، فإنها تحافظ على تركيبها الكيميائي حيث تنقسم إلى جزيئات أصغر حجما.

ونتيجة لذلك، فإن المواد البلاستيكية النانوية مثل PVC تشق طريقها إلى مصادر المياه.

وأثناء عملية التعبئة، تشق أشكال أخرى، مثل البولي بروبيلين (PP)، طريقها إلى المنتج، وفقا للدراسة.

واكتشف العلماء أيضا مادة البوليسترين (PS) في المياه المعبأة التي درسوها، وهي المادة المستخدمة في تنقية المياه، وإزالة الملوثات الضارة واستبدالها بالمعادن.

كما تم اكتشاف مادة البولي أميد (PA)، وهو نوع من النايلون، في المياه المعبأة في زجاجات.

ومع ذلك، فإن هذه المواد البلاستيكية النانوية تمثل 10% فقط من تلك التي اكتشفها العلماء، الذين اعترفوا بعدم وجود أي فكرة عن الـ 90% الأخرى.

وأثارت المواد البلاستيكية النانوية قلق العلماء لعقود من الزمن وتم اكتشافها في كل مكان على الأرض، من الجليد القطبي إلى التربة ومن مياه الشرب إلى الغذاء.

وأشارت دراسات سابقة إلى أن الشخص العادي يتناول حوالي خمسة غرامات من البلاستيك أسبوعيا، وهو ما يعادل بطاقة الائتمان.

ومع ذلك، حذر الخبراء من أن الأمر قد يكون أكثر من ذلك بكثير، حيث لم يتم تحليل جميع الأطعمة للتحقق من محتواها من البلاستيك.

ويعتقد أيضا أن الناس يتنفسون ما يصل إلى 7000 قطعة من البلاستيك الدقيق يوميا، ما يثير مخاوف من إمكانية تصنيفها كتهديد صحي.

ولا تتحلل المواد البلاستيكية النانوية في الجسم، ما يجعلها تسبب التهابا وإجهادا للخلايا.

وأشارت الدراسات البشرية إلى أن المواد البلاستيكية النانوية، وتحديدا PVC، تزيد من خطر الإصابة بسرطان الرئة.

المصدر: ديلي ميل

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: اكتشافات التلوث بحوث المواد البلاستیکیة النانویة من البلاستیک فی المیاه

إقرأ أيضاً:

هل يكفي الاستغناء عن أكياس البلاستيك بالورق لحل أزمات البيئة؟

أصبحت الأكياس البلاستيكية جزءا أساسيا من حياتنا اليومية، سواء للتسوق أو رمي النفايات، لكن سهولة استخدامها تخفي وراءها أضرارا بيئية وصحية جسيمة دفعت الاتحاد الأوروبي وعدة دول إلى حظرها أو تقييد استخدامها.

ورغم أن البلاستيك يُعد من أعاجيب القرن الـ20 التكنولوجية، منذ بدء تصنيعه الكامل عام 1907، إلا أنه تحول إلى أزمة بيئية عالمية. فصناعته تعتمد على الوقود الأحفوري، وهو مسؤول عن نحو 4% من الانبعاثات العالمية، متجاوزا بذلك انبعاثات جميع الطائرات مجتمعة.

لكن المشكلة لا تتوقف عند التلوث المناخي؛ فالنفايات البلاستيكية تقتل الحياة البحرية، وتؤثر على التنوع البيولوجي، وتفرز مواد كيميائية قد تعطل الهرمونات وتضر بعملية التمثيل الغذائي البشري، وهذا يربطها بعدد من الأمراض.

معضلة إعادة التدوير

تشير الدراسات إلى أن أكثر من 40% من البلاستيك المستخدم عالميا يأتي على شكل عبوات تُستخدم لمرة واحدة. ومع أن شعار "إعادة التدوير" يوحي بالحل، فإن الواقع مختلف، ففقط 9% من البلاستيك المُنتج يُعاد تدويره، والباقي يُحرق أو يُلقى في الطبيعة أو ينتهي في مكبات النفايات، حيث يلوّث الهواء والماء والتربة.

وفي مواجهة تراجع الطلب على النفط، تتجه شركات الوقود الأحفوري لزيادة إنتاج البلاستيك، ما قد يؤدي إلى تضاعف النفايات البلاستيكية في المحيطات والمجاري المائية بحلول 2040، حسب توقعات الأمم المتحدة.

الأكياس البلاستيكية تطلق غازات مسببة للاحتباس الحراري عند تحللها (الفرنسية) البدائل ليست مثالية

مع الحظر المتزايد للأكياس البلاستيكية، ظهرت البدائل الورقية والقماشية. لكنها ليست حلولا سحرية.

إعلان

فالأكياس الورقية، مثلا، تستهلك طاقة أكبر في التصنيع مقارنة بالبلاستيكية. ووجدت دراسة بريطانية أنه يجب استخدام الكيس الورقي 3 مرات ليوازي الأثر البيئي لكيس بلاستيكي استُخدم مرة واحدة.

وبالمثل، وجدت دراسة أجرتها وكالة حماية البيئة في الدانمارك عام 2018 أن الأكياس البلاستيكية المصنوعة من "البولي إيثيلين" منخفض الكثافة، وهو شكل متعدد الاستخدامات من البلاستيك، لها بصمة بيئية أصغر من 8 أنواع من أكياس البقالة، بما في ذلك الأكياس الورقية.

أما الأكياس القماشية، خصوصا المصنوعة من القطن، فتتطلب استخداما متكررا يفوق 130 مرة لتعادل الأثر البيئي لكيس بلاستيكي واحد، وذلك بسبب الموارد الهائلة اللازمة لإنتاج القطن وتحويله إلى خيوط ومن ثم شحنه.

ومع ذلك، فإن معظم الأكياس، سواء كانت ورقية أو بلاستيكية، تنتهي في مكبات النفايات أو تُحرق.

وعند تحلل الأكياس الورقية، تطلق غازي الميثان وثاني أكسيد الكربون، وهما من الغازات المسببة للاحتباس الحراري. أما الأكياس البلاستيكية، فلا تطلق هذه الغازات في المكبات، لكنها تتحلل في البيئة إلى جزيئات دقيقة قد تبقى لقرون، وهذا يشكل خطرا طويل الأمد.

الحل إعادة الاستخدام

وأدى رواج الأكياس القابلة لإعادة الاستخدام إلى سلوك استهلاكي معاكس: تكديس عدد كبير من الأكياس، غالبا لا يُستخدم فعليا. وهذا يُجهض الغاية الأساسية من البدائل الهادفة إلى تقليل الاستهلاك والتأثير البيئي.

وتوصي الدراسات باستخدام حقائب متينة من مواد مستدامة مثل القنب أو الخيزران، والأفضل أن تكون مصنوعة محليا ومن بقايا الأقمشة، وهذا يخفف البصمة الكربونية.

واتفق الخبراء على أن تقليل الأثر البيئي للأكياس -أيا كان نوعها- يعتمد على مدى إعادة استخدامها. فكلما طالت مدة استخدامها، انخفض عدد الأكياس التي نحتاج إلى إنتاجها ورميها.

ويؤكد الباحثون أن حظر البلاستيك وحده لا يكفي، بل إن التحدي الحقيقي يكمن في تغيير السلوك بما يتضمن سلوك الأفراد، وسلوك الشركات التي تروّج للاستهلاك المفرط وتنتج نفايات لا تتحمل مسؤوليتها.

إعلان

ففي نهاية المطاف، البلاستيك ليس العدو، بل ثقافة "الاستخدام والرمي" هي جوهر المشكلة. والتغيير يبدأ من الخيارات الصغيرة التي نتخذها كل يوم.

مقالات مشابهة

  • التجارة الداخلية بطرطوس تنظم ضبوطاً تموينية وتسحب عينات من الأسواق 
  • 1 يونيو.. الفصل في دعوى إلزام المحكمة بنظر الدعاوى المحال إليها
  • مراسل سانا: وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور مروان الحلبي يفتتح معرض “إحياء وإعادة تأهيل المباني والمواقع التاريخية” في كلية الهندسة المعمارية بجامعة دمشق الذي يهدف إلى عرض مشاريع الطلبة من السنوات كافة، وطلاب الماجستير في قسم نظريات
  • علماء: أوراق النباتات تمتص البلاستيك من الهواء
  • السيطرة على حريق هائل فى عدد من الأكشاك بسور مدرسة بالمنصورة
  • ضوابط تصنيع الأكياس البلاستيكية وهذه عقوبة المخالفين
  • مصطفى بكري عن تدخل الرئيس في أزمة «بلبن»: هو المرجعية التي يلجأ إليها كل من يشعر بالظلم
  • دراسة تكشف تسلل البلاستيك للجسم بأرقام صادمة
  • أرقام صادمة.. كم من البلاستيك الدقيق المسرطن يتسلل إلى جسدك دون أن تدري؟!
  • هل يكفي الاستغناء عن أكياس البلاستيك بالورق لحل أزمات البيئة؟