الاحتلال يحول الضفة إلى سجن بعد طوفان الأقصى
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
سرايا - أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي على زيادة عدد الحواجز العسكرية في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر الماضي؛ بهدف تشديد الخناق على الفلسطينيين وسلبهم حقهم في الحركة والتنقل.
وأضافت قوات الاحتلال بعد بدء عملية "طوفان الأقصى" 140 حاجزا جديدا في عموم مناطق الضفة الغربية.
مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية "حريات" كشف الأربعاء الماضي عن إرتفاع عدد الحواجز في الضفة الغربية إلى 707 حاجزا، منهم 140 حاجزا بعد السابع من أكتوبر.
وأعلن عن عدد الحواجز خلال ورشة عمل بعنوان "اعتداءات المستوطنين على الحق في حرية الحركة والتنقل للمواطنين في الضفة الغربية" في قاعة بلدية البيرة، حيث شارك آنذاك ممثلين عن مؤسسات أهلية وحكومية وأحزاب سياسية وقطاع خاص ولجان شعبية ونشطاء وشخصيات عامة، وفقا للإعلام الفلسطيني.
وكان المركز أعد تقريرا حول هذا الأمر ضمن مبادرة ينفذها مع المنتدى المدني لتعزيز الحكم الرشيد في قطاع الأمن، يتناول واقع الانتهاكات التي تقوم بها دولة الاحتلال على الحق في حرية الحركة والتنقل، وخاصة الانتهاكات التي يقوم بها المستوطنين ما بعد السابع من أكتوبر2023، وتحدث في الورشة السيدة رنا حمودة ممثلة عن وزارة الخارجية الفلسطينية، والسيدة أمل خريشة مديرة جمعية المرأة العاملة، والسيد حلمي الأعرج مدير مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية.
وسلط المتحدثون الضوء على واقع الحق في حرية الحركة والتنقل في الضفة الغربية ما بعد السابع من أكتوبر، حيث فرض جيش الاحتلال الإسرائيلي حصاراً شاملا على كافة محافظات الضفة الغربية، وشهدت معظم القرى والبلدات الفلسطينية إغلاقا وحصارا محكماً، رافقه إجراءات أمنية مشددة على حرية تنقل وحركة المواطنين الفلسطينيين، من خلال اغلاق مداخل قرى وبلدات ومدن بالحواجز العسكرية، والبوابات الحديدية، والسواتر الترابية والأسمنتية، عدا عن اجبار أصحاب المنشآت الواقعة على الشوارع الرئيسية التي يستخدمها المستوطنون في تنقلاتهم على إغلاقها.
وأكد المتحدثون في الورشة أن حركة المواطنين الفلسطينيين أصبحت شبه محظورة على جميع الطرق الالتفافية في الضفة الغربية كما هو الحال في بعض المناطق مثل طريق حوارة (جنوب نابلس) وأجزاء من الطريق الالتفافي رقم 60 بين بيت لحم والخليل.
وأشاروا إلى أن ما بعد السابع من أكتوبر تحولت الاغلاقات الجزئية التي كانت تتم في بلدة حوارة وما يترتب عليها من إعاقات لحركة وتنقل المواطنين إلى حصار وإغلاق تام، فقد عَمَدَ المستوطنون إلى منع مرور المركبات والمواطنين على الشارع الرئيسي، وأجبرت اعتداءاتهم أكثر من (500) منشأة ومحل تجاري في شارع حوارة الرئيسي على إغلاق أبوابها، وكل ذلك تم تحت رعاية وحماية جيش الاحتلال المتمركز على الحواجز التي تمنع حركة المركبات والمواطنين، وتحول الشارع الأكثر ازدحاماً إلى شارع خالٍ إلا من سيارات المستوطنين.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: بعد السابع من أکتوبر فی الضفة الغربیة
إقرأ أيضاً:
معركة طوفان الأقصى.. معجزة غزة وأهلها
بعد 471 يوما تصل بنا معركة طوفان الأقصى إلى صفقة تبادل مع العدو الصهيوني على ثلاث مراحل، يوقف خلالها العدو إجرامه وحرب إبادته مقابل الحصول على أسراه مع الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين في سجونه، وهو ما قوبل برفض واسع من التيار اليميني الصهيوني، كان أبرز من عبر عنه وزير ما يسمى بالأمن القومي الصهيوني إيتمار بن غفير، الذي استقال من الحكومة.
والحقيقة أن هذه المعركة أكدت مجموعة من الحقائق، ورسخت مفاهيم جديدة، لم يكن لبشر أن يتخيلها، ومن هذه الحقائق والمفاهيم:
أولا: ما يمكن أن نطلق عليه بكل ثقة "معجزة غزة" التي وقفت بأهلها ومجاهديها صامدة راسخة قوية في وجه أكبر حملة إبادة، استخدم خلالها العدو أعتى سلاحه، وسلاح حلفائه.
إنها المعجزة التي صنعها رجال غزة ونساؤها وأطفالها وشيوخها وطواقمها الصحية وأبطال دفاعها المدني، وصحفيوها، ورجال الإغاثة فيها.. لقد كان المواطن العادي في قلب المعركة، وهدفها الأساسي من جانب، وبطلها الأول من جانب آخر.
سقطت كل مزاعم الاحتلال التي أطلقها بكل ثقة مع بداية المعركة من أنه سيقضي على المقاومة، وأنه سيزيل حماس وحكمها، وبات الحديث المتكرر عن اليوم التالي وبالا على الاحتلال؛ لأن اليوم التالي ظهرت ملامحه في طريقة تسليم كتائب القسام للأسرى الصهاينة وسط حشد جماهيري مهيب، كما ظهرت في المعركة أكاذيب الاحتلال وانكشفت أوهامه
ثانيا: لقد فشل الاحتلال فشلا عسكريا غير مسبوق، فلقد حشد كل قوات الاحتياط لديه، وجنّد كل ألوية النخبة، وحشر دباباته وطائراته، واستنفر حلفاءه، وتلقى إمدادات لا حصر لها، وإسنادا بلا حدود، ومع ذلك فشل في القضاء على حماس، وفي إنهاء حكمها، وفي انتشال أسراه، وفي فرض إراداته، وفي إجبار غزة على الاستسلام، كما فشلت مشاريعه السياسية كلها؛ الاستيطان في الشمال، وفصل القطاع إلى جزأين، وتهجير المواطنين، وفي مشروع الفقاعات الإنسانية، وفي جلب قوات دولية، وفي إنشاء حكم العشائر، لقد انتهى عدوانه وبقيت المقاومة وغزة وأهلها ومبادؤها وأفكارها الوطنية الراسخة.
ثالثا: ظلت المقاومة في الميدان حتى اللحظة الأخيرة، ضربت العدو بكل قوة، وواصلت المعركة في بيت حانون التي جرفها العدو وحولها إلى أكوام متجاورة من الركام، وهو ما لا يمكن أن نجد له تفسيرا إلا أن هؤلاء المقاتلين قد نسجت عقيدتهم في رحاب المساجد، وعبر صفحات كتاب الله الكريم، على يد أئمة وقادة كانوا السابقين للتضحية والفداء، بدءا من أحمد ياسين، وليس انتهاء بهنية والعاروري والسنوار، الذين ضربوا رواية الأعداء في صميمها، والتي اعتمدت دائما على فكرة أن الجنود يضحون، والقادة في رغد من العيش. لقد كان أولئك القادة قدوة لمن معهم من المقاومين، حيث استشهدوا في ميدان المواجهة، حاملين لواء المقاومة سواء في الديبلوماسية أو التخطيط أو الإعداد أو الاشتباك المباشر، ومع ذلك ورغم اغتيال الاحتلال لقيادات المقاومة إلا أنها ظلت صامدة وقادرة على المواجهة والسيطرة على الميدان، وهو ما يشير إلى قدراتها وصلابتها، وتحديها.
رابعا: سقطت كل مزاعم الاحتلال التي أطلقها بكل ثقة مع بداية المعركة من أنه سيقضي على المقاومة، وأنه سيزيل حماس وحكمها، وبات الحديث المتكرر عن اليوم التالي وبالا على الاحتلال؛ لأن اليوم التالي ظهرت ملامحه في طريقة تسليم كتائب القسام للأسرى الصهاينة وسط حشد جماهيري مهيب، كما ظهرت في المعركة أكاذيب الاحتلال وانكشفت أوهامه، فبينما تحدث الاحتلال عن خروج قادة المقاومة من غزة، كان قائد حماس يحيى السنوار في جبهة القتال مع المجاهدين، ليستشهد مقبلا غير مدبر في مشهد يلخص بطولات شعبنا على مدار عقود من الصراع، لم يعرف فيها الاستسلام، إما النصر وإما الشهادة.
أثبتت المعركة أن القتل والخراب والتدمير الذي قام عليه الاحتلال وواصله خلال 471 يوما لن ينتج إلا أجيالا جديدة من المؤمنين بالمقاومة، وسيكون كل الأطفال والفتيان الذين عاشوا ملحمة العبور والصمود جنودا مستقبليين في معركة التحرير والعودة، وهو ما أكده العدو بتأكيده أكثر من مرة أن حماس نجحت في تجنيد مزيد من المقاومين أثناء المعركة
خامسا: لقد مثّل تشوق النازحين للعودة إلى بيوتهم رغم تدميرها وتمسكهم بها؛ دليلا على حجم ارتباط الفلسطيني بأرضه، وهو ما يمثل صورة مصغرة للعودة الكبرى عما قريب، وظني أن العالم كله سيفاجأ يوم 25 كانون الثاني/ يناير بموكب العودة الكبير من الجنوب إلى الشمال، لأناس يرون في ذرات تراب الأرض التي عاشوا عليها مقدسا عظيما.
كما أثبتت غزة برجالها وعشائرها ومكوناتها السياسية؛ وطنيتها البالغة وإيمانها العميق بالتحرير، حيث رفضت كل مشاريع التعاون مع الاحتلال، وأفشلت مؤامرته السياسية، واعترف الاحتلال أكثر من مرة بأن كل مخططاته لإيجاد بديل داخلي أو خارجي باءت بفشل ذريع.
سادسا: على الصعيد الصهيوني الداخلي ستفجر هذه المعركة مع انتهائها مزيدا من الصراعات الداخلية في الكيان، وما الانتقادات الواسعة من أطياف سياسية كبيرة إلا بداية الاعتراف بالفشل الكبير، الذي سيقود إلى مزيد من الشقاقات والخلافات العسكرية والسياسية والأمنية، وقد تجلت بدايات ذلك في هجوم وزير المالية سموتريتش على رئيس أركان قوات الاحتلال، ومطالبته إياه بالاستقالة، وهو سرعان ما تحقق باستقالته، وإعلان عدد من المسؤولين نيتهم الاستقالة قريبا، على رأسهم رئيس الشاباك.
كما نجحت معركة الطوفان في إظهار صورة الاحتلال الحقيقية، وها هم قادته مطلوبون للمحكمة الدولية، وجنوده مطاردون في العديد من دول العالم، كما جرى في البرازيل والأرجنتين وغيرهما، وهو ما يمثل بداية عزل هذا الكيان دوليا، فمن ذا الذي يجرؤ اليوم على الجلوس علنا مع نتنياهو وهو المجرم المتهم بالإبادة؟
لا يعني ما سبق أن غزة وأهلها العظماء الكرام لم يدفعوا ثمنا غير مسبوق سواء على صعيد فاتورة الدم، أو فاتورة المعاناة اليومية غير المسبوقة التي طالت كل المواطنين دون استثناء، حيث فقد الغزيون بيوتهم، وعانوا من جوع وبرد على مدار أيام الحرب كلها، وافتقدوا احتياجات الحياة التي لا يمكن أن يستغني عنها إنسان، من أدوات نظافة أو مياه أو أحذية أو ملابس أو دواء، وغير ذلك، كما تعطلت المدارس ومؤسسات التعليم المختلفة، ودُمرت كل وسائل الإنتاج والصناعة، وتم تجريف المزارع، والحقول، وبيوت الزراعة البلاستيكية، ومع ذلك كله أثبتت المعركة أن القتل والخراب والتدمير الذي قام عليه الاحتلال وواصله خلال 471 يوما لن ينتج إلا أجيالا جديدة من المؤمنين بالمقاومة، وسيكون كل الأطفال والفتيان الذين عاشوا ملحمة العبور والصمود جنودا مستقبليين في معركة التحرير والعودة، وهو ما أكده العدو بتأكيده أكثر من مرة أن حماس نجحت في تجنيد مزيد من المقاومين أثناء المعركة.