مع مرور 100 يوم من حربها على غزة.. إسرائيل تمثل أمام محكمة العدل الدولية
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
وذلك تفاديا للوقوع تحت طائلة اتفاقية محاربة الإبادة الجماعية التي ساهمت إسرائيل نفسها في بلورتها ووقعت عليها قبل 75عاما.
تقرير: وليد العطار
إسرائيل تشهد اختلافات بالخطاب السياسي
تابع الجزيرة نت على:
facebook-f-darktwitteryoutube-whiteinstagram-whiterss-whitewhatsapptelegram-whitetiktok-whiteالمصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
مهزلة صبيانية في حوش محكمة العدل الدولية
دكتور الوليد آدم مادبو
لا شيء يُثير الشفقة مثل العجز حين يتزيّن بالبذلة العسكرية (إبراهيم برسي)
لم تدّخر “العصابة الإنقاذية” جهدًا للوقيعة بين شعوب دار مساليت (مساليت، أرينقا، عرب، زغاوة، إلى آخره) منذ يومها الأول، الذي حاولت فيه تقويض سلطة السلطان عبدالرحمن بحر الدين (رحمه الله)، لكنه تصدى لتلك الحملة ـ التي جُيّرت عام 1994 ـ بكبريائه وحكمة آبائه التي لم تُفَرِّق بين مكونات السلطة، فعمل على تقوية اللُحمة القومية، مما جعله قادرًا على مواجهة محاولة المركز للاستقطاب الإثني والقبلي.
زرتُ السلطان سعد لتعزيته في موت أهله الذين حصدتهم الآلية العنصرية للدولة المركزية في عام 2005، فبدا لي حينها حزينًا ومدركًا لحجم المؤامرة. لكنني رزئتُ عندما رأيته وإخوته “يبحثون عن النجاة ضمن شروط القهر” (التعبير للدكتور خالد كودي) بذهابهم إلى بورتسودان، وقد رأوا حجم المؤامرة والخذلان من قادة الحامية التي لم تُحَرِّك ساكنًا للتصدي للعدوان، الذي طال الكل ولم يَعُد المتقاتلون يُفرِّقون فيه بين المدني والعسكري، بل اكتفوا بإذكاء نار الفتنة التي خططوا لها بتسليح المساليت والعرب اعتبارًا لهذه اللحظة التي ظلوا يطلبونها كلما أحسوا بالضرورة لإشغال أهل دارفور بأنفسهم.
ما حدث في دار مساليت هو إحدى المؤامرات التي ظلت تحيكها الاستخبارات العسكرية. ورغم محاولات قيادة الدعم السريع لنزع هذه الألغام، بيد أن انفجارها كان متوقعًا عشية الحرب. يجب أن نعمل جاهدين على فضح هذه الألاعيب، التي كان من المفترض أن تعرفها جيدًا قيادات المساليت السياسية والعسكرية والقبلية الموجودة اليوم في بورتسودان. إن الاستقواء بالمستوطِن لن يفيد في شيء، إذ إن الواجب علينا جميعًا، نحن قادة الرأي في دارفور، أن نسعى لهدم السلطة المادية والرمزية للنخب المركزية (الإنقاذية خاصة)، حتى نستطيع إعادة تشكيل الوعي الجمعي للسودانيين، فالأمر يتجاوز السياسة إلى الجغرافيا النفسية للمهمشين الذين باتوا هم جلّ المواطنين.
يقول الكاتب المجيد الأستاذ/ الوليد أحمد عدلان أب سن: “الحرب لن تتوقف بتحرير الخرطوم، ولا حتى بوقف إطلاق النار، ولكن بامتلاك الجراءة لطرح الأسئلة” التي تتعلق بالمواطنة، الهوية، مفهوم الدولة، أخلاق السلطة، جوهر السياسة، مفهوم الشريعة، وغايات العيش المشترك. عندما يستحيل الفضاء العمومي إلى ساحة يعمد الشعب فيها لإعادة تعريف نفسه وفق أسس حضارية وإنسانية، نستطيع أن نجيب على الأسئلة أعلاه بمنتهى الأريحية، مستعينين بآراء الفلاسفة والمفكرين والشعراء، والملحنين، والرسامين، والروائيين، والساسة الأخلاقيين، ورجالات القبائل الصادقين، ودعاة الدين الربّانيين.
حتى نصل إلى ذلك الدرج السامق، يلزمنا الإيمان بقضايا شعبنا بعيدًا عن المزايدة التي تقوم بها فئة من المأجورين الذين ولغوا في الزور، واتخذوه شرعة ينافحون بها في المنصات الدولية، حتى صرنا أضحوكة ومهزلة بين العالمين. متى كان الجلاد حفِيًّا بكرامة الضحية، سيما إذا كانت تلك الضحية هي المرأة الفوراوية أو المسلاتية؟ متى كان الكيزان يعبأون يومًا بالإنسان السوداني حتى يسعوا للمرافعة عن حقوقه، ويدافعوا عن كرامته المهدرة، في المؤسسات العدلية التي لم يعترفوا بها يومًا أو يدينوا بقضائها أصلًا؟
يقيني أن “التنمية هي مفتاح السلام” كما كان يقول أستاذنا المرحوم البروفيسور آدم الزين، بيد أننا لن نستطيع أن نشرع في أمر التنمية إلا إذا طردنا المستعمِر من ساحتنا المكانية والوجدانية (في هذه الحالة: النخبة العسكرية التي انتدبها المركز لإذلال أهلنا وتطويعهم لصالح المشروع الاستيطاني، الذي بدأ عام 1916، تاريخ استشهاد السلطان علي دينار).
حينها فقط، نستطيع أن نتوسع في الفضاء المكاني الفسيح الذي لم نستغل ثلثيه حتى الآن. فكل ما ينقصنا في دارفور وكردفان وباقي أنحاء السودان هو: استقطاب المستثمرين ـ دون الرجوع للكيزان المفسدين أو نخب المركز المتنمّرين ـ تطوير مفهوم الحاكورة كي لا يتعارض مع مشاريع البنية التحتية أو يعيق التوسع في مساحات الطاقة الشمسية المتوخاة، تحديث الأطر المؤسسية، توطين الثقافة القانونية والدستورية، تصميم المناهج التربوية، وتصميم السياسة الإعلامية التي تسعى لخلق سرديات جديدة تمتلك القدرة على تفكيك أبنية الهيمنة كافة: الثقافية والسياسية والاقتصادية.
إنهم يرونه عسيرًا، ونراه يسيرًا، متى ما تعالت الهمم وتوافرت قيم الوطنية والإخلاص.
March 10, 2025
auwaab@gmail.com