“التنفيذي لمواجهة غسل الأموال” يحقق نتائج قوية في 2023 ويرسيي إطارا وطنيا مستداما لمواجهة الجرائم المالية
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
اختتم المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مراجعة التقدم الذي أحرزه خلال عام 2023؛ والتي أظهرت أنه حقق نتائج قوية وأرسى إطارا وطنيا مستداما لمواجهة الجرائم المالية.
وقال سعادة حامد الزعابي، المدير العام للمكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب خلال اجتماعه مع أعضاء اللجنة التنفيذية للمكتب لاختتام المراجعة: “أظهرت المراجعة التفصيلية لعام 2023 أن نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في دولة الإمارات أكثر ديناميكية وفعالية بفضل العمل الدؤوب الذي تم تنفيذه على مدى 12 شهرًا”.
وأضاف: “تسير دولة الإمارات بثبات لتحقيق الأهداف المنصوص عليها في الإستراتيجية الوطنية والخطة الوطنية، وتظهر المقاييس الرئيسة مستوىً عالٍ من الأداء والالتزام بالمعايير الدولية، وقد أبرزت مراجعة نهاية العام 2023 أيضًا أن دولة الإمارات تنسق بشكل وثيق مع الشركاء الدوليين على أساس ثنائي ومن خلال عضويتها في المنظمات المتعددة الأطراف”.
وأكد سعادته: “نعمل على بناء نظام وطني لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب يكون طويل الأمد ومستداماً، ويتمتع بالقدرات اللازمة لمواجهة المخاطر الناشئة، وتثبت إعادة تصنيف توصيات مجموعة العمل المالي 1 و19 و29 التقدمَ الذي أحرزته دولة الإمارات، وقد عملنا بشكل وثيق مع المجموعة لتنفيذ خطة عملنا”.
وأوضح أن العمل مع القطاع الخاص سيبقى جزءًا مهمًا من الإستراتيجية الوطنية، بما في ذلك منتدى الشراكة في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في دولة الإمارات الذي يضم الآن أكثر من 50 منظمة، والذي نشر في عام 2023 تقريرًا رسميًا مهمًا حول تبادل المعلومات الإستراتيجية، مشيرا إلى أن المكتب التنفيذي تولّى علاوة على ذلك، رعاية فعاليات كبيرة في القطاع في عام 2023 مثل منتدى “المخاطر 4.0” في أسبوع أبوظبي المالي والقمة العالمية الشرطية في دبي.
وتشمل أبرز إنجازات المكتب مع نهاية العام 2023، تعزيز التعاون الدولي بإبرام اتفاقيات جديدة للمساعدة القانونية المتبادلة ليصل عددها الإجمالي إلى 45، والقيام بزيارات ثنائية عابرة للقارات إلى أكثر من 20 دولة وجهة، فيما أرسلت دولة الإمارات في الفترة بين يناير وأكتوبر من عام 2023، نحو 200 طلب مساعدة قضائية لتسهيل التحقيق في تمويل الإرهاب وغسل الأموال والجرائم الأصلية.
وشاركت دولة الإمارات لأول مرة في الاجتماعات السنوية لمجموعة آسيا والمحيط الهادين ومجموعة أوراسيا، لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، واستضافت ورشة العمل السنوية للتطبيقات وبناء القدرات لـ”المينافاتف” في أبوظبي، وتم منح الدولة صفة مراقب في مجموعة آسيا والمحيط الهادي لمواجهة غسل الأموال، وهي أول دولة عربية تنضم إلى المجموعة، كما تم التوقيع على مذكرات تفاهم لمكافحة الجرائم المالية مع كل من جمهورية مصر ومملكة المغرب وجمهورية صربيا وجمهورية كازخستان.
ورفعت دولة الإمارات العربية المتحدة تقرير المتابعة المعزز الثالث الخاص بها إلى الاجتماع العام لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ما أدى إلى رفع درجات الالتزام من ملتزم جزئياً (PC) إلى ممتثل (C) للتوصيتين 19 و29 ورفع درجة الالتزام من ملتزم جزئياً (PC) إلى ملتزم إلى حد كبير (LC) للتوصية 1. وبشكل عام، حصلت دولة الإمارات على درجة (ملتزم) في (15) توصية، و(ملتزم إلى حد كبير) في (24) توصية، و(ملتزم جزئياً) في توصية واحدة فقط هي التوصية رقم (15).
وبلغ إجمالي الغرامات المفروضة من قبل الجهات الرقابية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب للفترة من يناير إلى أكتوبر 249.2 مليون درهم، مقارنة بـ 76 مليون درهم في 2022، وهو ما يمثل زيادة بأكثر من ثلاثة أضعاف، وفرضت الجهات الرقابية غرامات إجمالية تزيد عن 10 ملايين درهم في مجال العقوبات المالية المستهدفة خلال الفترة من يوليو إلى أكتوبر 2023. ويُظهر المبلغ الإجمالي للغرامات المتعلقة بالعقوبات المالية المستهدفة من 2023 حتى 31 أكتوبر زيادة بنسبة 448% تقريبًا بالمقارنة مع ما تم فرضه في 2022.
وشملت إنجازات العام الماضي أيضا إطلاق التقييم الوطني الأحدث للمخاطر بدعم من مجموعة البنك الدولي والذي وصل الآن مرحلة متقدمة، كما تمت عمليات تسليم مهمّة لمطلوبين بمن فيهم مدير صندوق التحوط البريطاني الشهير “سانجاي شاه” الذي سُلِّم إلى الدنمارك حيث كان مطلوبًا من قبل الجهات القضائية في قضايا احتيال ضريبي وغسل أموال، ونما عدد أعضاء منتدى الشراكة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في دولة الإمارات إلى أكثر من 50 وتم نشر تقرير رسمي حول تبادل المعلومات الإستراتيجية.
وعلى صعيد التعاون الدولي في 2023، ترأس المكتب التنفيذي وفد دولة الإمارات في زيارات رسمية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وجمهورية سنغافورة، وجمهورية صربيا لعقد اجتماعات ثنائية، وترأس الوفد الإماراتي الاجتماعات السنوية للهيئتَين الإقليميتَين الشبيهتين بمجموعة العمل المالي “الفاتف” في مجموعة آسيا والمحيط الهادي ومجموعة أوراسيا، كما وقع “المكتب” خلال هذه الفترة، مذكرات تفاهم لتعزيز التعاون الثنائي، مع نظرائه في المملكة المغربية وجمهورية مصر العربية وجمهورية كازاخستان .
وفي مارس، استضافت دولة الإمارات ورشة العمل السنوية للتطبيقات وبناء القدرات التي تعقدها الـ”مينافاتف” في أبوظبي، والتي اختُتمت بالتوقيع على توصيات أبوظبي المكونة من 24 التزامًا بأفضل الممارسات التي تعهدت بها الدول الأعضاء في مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من أجل تعزيز الجهود الإقليمية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ومنذ عام 2022، اتخذت دولة الإمارات إجراءات حاسمة لتعزيز التعاون الدولي على المستويات المختلفة، وجرى توقيع معاهدات المساعدة القانونية المتبادلة الجديدة مع الدول الإستراتيجية حيث وصل إجمالي عدد المعاهدات إلى 45، ومن المقرر إبرام المزيد في عام 2024. كما قامت دولة الإمارات بتحديث دليل التعاون القضائي الدولي في المسائل الجنائية لإعطاء الأولوية للتعاون الدولي من خلال النهج القائم على المخاطر.
وعززت دولة الإمارات كمية ونوعية طلبات المساعدة القانونية المتبادلة الصادرة عنها لتسهيل التحقيق في جرائم تمويل الإرهاب وتطبيقات غسل الأموال مرتفعة المخاطر والجرائم الأصلية، وأرسلت في الفترة من يناير 2023 إلى أكتوبر 2023 نحو 200 طلبًا للمساعدة القانونية المتبادلة لتسهيل التحقيق في تمويل الإرهاب وتطبيقات غسل الأموال والجرائم الأصلية، مع استقرار في الأرقام عام 2023 بعد زيادة ثابتة خلال عام 2022.
– الجهات الرقابية
اتخذت الجهات الرقابية الأربع على الأعمال والمهن غير المالية المحددة في البر الرئيس والمناطق الحرة، على مدار 2023، إجراءات مختلفة للحفاظ على فهم مشترك لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب بين قطاعات وأنواع مؤسسات الأعمال والمهن غير المالية المحددة.
وأسهمت زيادة عدد الموظفين في جميع الجهات الرقابية في تعزيز القدرة على التعامل بشكل مباشر وميداني مع الجهات مرتفعة المخاطر؛ إذ قامت وزارة الاقتصاد، التي تشرف على حوالي 95% من الأعمال والمهن غير المالية المحددة في دولة الإمارات، بزيادة عدد موظفي التفتيش فيها بنسبة 50% منذ نهاية عام 2022، وزادت بشكل كبير عدد المفتشين المساعدين الذين تستعين بهم من مسجلي الشركات لإجراء التفتيش الميداني على الأعمال والمهن غير المالية المحددة.
– الإنفاذ
ولا تزال الغرامات المفروضة على القطاعات تتماشى بشكل كبير مع المخاطر؛ إذ فرضت وزارة الاقتصاد غرامات بقيمة إجمالية قدرها 25.9 مليون درهم خلال الفترة من يوليو إلى أكتوبر، منها 15.25 مليون درهم أو ما نسبته 59% على تجار المعادن الثمينة والأحجار الكريمة، و8 ملايين درهم أو ما يعادل 31% على الوسطاء العقاريين، وهما قطاعان مرتفعا المخاطر من الأعمال والمهن غير المالية المحددة.
وفرضت الجهات الرقابية غرامات إجمالية تزيد عن 10 ملايين درهم متعلقة بالعقوبات المالية المستهدفة خلال المدّة من يوليو إلى أكتوبر 2023.
ويُظهر إجمالي الغرامات المفروضة في مجال العقوبات المالية المستهدفة في عام 2023 حتى 31 أكتوبر زيادةً بنسبة 448% تقريبًا بالمقارنة مع إجمالي الغرامات المفروضة أثناء عام 2022.
– المعلومات المالية
عززت وحدة المعلومات المالية في دولة الإمارات قدراتها وخبراتها؛ إذ بلغ عدد موظفيها 75 موظفًا، وهي تزود جهات إنفاذ القانون والمدعي العام بالمعلومات المالية لملاحقة تهديدات غسل الأموال مرتفعة المخاطر، ولا سيما متحصلات الجرائم الأصلية الأجنبية وغسل الأموال القائم على التجارة، وغسل الأموال بواسطة طرف ثالث، بما في ذلك الميسرين الدوليين.
وفي الفترة من يوليو إلى أكتوبر 2023، قدمت وحدة المعلومات المالية 63 حزمة معلومات مالية إلى الجهات المختصة من بينها 1159 تقريراً. وتم إرسال 30 حزمة بما في ذلك 454 تقريرًا إلى جهات إنفاذ القانون. وساهمت كلّ حزم المعلومات المالية التي أرسلتها الوحدة في إجراء تحقيقات وأدت إلى فتح قضايا غسل أموال جديدة من قبل جهات إنفاذ القانون.
أما في الفترة ما بين أكتوبر 2021 ومنتصف يوليو 2023، فقد نفذت وحدة المعلومات المالية 24 أمر تجميد، شمل 305 أشخاص (163 شخصًا طبيعيًا و142 شخصًا اعتباريًا)، وجمّدت نحو 597 مليون درهم (162 مليون دولار)، يشتبه في ارتباطها بتمويل الإرهاب أو غسل الأموال، ومتحصلات الجرائم الأصلية الأجنبية، بناءً أيضًا على المعلومات التي تم جمعها/مشاركتها مع وحدات المعلومات المالية الأجنبية.
وزادت تقارير المعاملات المشبوهة “الأنشطة المشبوهة” في جميع القطاعات، وتمثل أرقام عام 2023 (حتى أكتوبر) زيادات كبيرة مقارنة بعام 2022؛ إذ ارتفعت بنسبة 266% في تقارير المعاملات المشبوهة “الأنشطة المشبوهة” التي قدمها تجار المعادن الثمينة والأحجار الكريمة، و106% في تقارير المعاملات المشبوهة “الأنشطة المشبوهة” التي قدمها القطاع العقاري، و49% من تقارير المعاملات المشبوهة”الأنشطة المشبوهة” التي قدمها موفرو خدمات الشركات/مقدمو خدمات الشركات والصناديق، و90% في تقارير المعاملات المشبوهة “الأنشطة المشبوهة” التي قدمتها جميع الأعمال والمهن غير المالية المحددة.
– مسجلو الشركات والمستفيد الحقيقي
واتبعت دولة الإمارات على مدى السنوات الماضية، نهجًا يشمل القطاع الحكومي بأكمله لتحقيق فهم شامل وحديث وأكثر تفصيلاً لمخاطر إساءة استخدام الأشخاص الاعتباريين والترتيبات القانونية، وفي 2023 تم تنسيق هذه الجهود وإشراك جميع أصحاب الشأن المعنيين بشكل نشط، ولا سيما وزارة الاقتصاد، وجميع المسجلين في البر الرئيسي، والمناطق الحرة المالية والتجارية، وجهات إنفاذ القانون، والجهات الرقابية، والمكتب التنفيذي.
وأجرت وزارة الاقتصاد أكثر من 200 زيارة ميدانية وعقدت أكثر من 4700 اجتماع افتراضي مع المسجلين في عامي 2022 و2023 من أجل تعزيز فهمهم لمخاطر إساءة استخدام الأشخاص الاعتباريين والترتيبات القانونية، وضمان اعتماد الضوابط المناسبة.
وأشارت مراجعة نهاية العام إلى أن جميع المسجلين يتمتعون بمستوى مرتفع من الفعالية في التسجيل والتحقق ومراقبة الأشخاص الاعتباريين بشكل قائم على المخاطر، ويوضح هذا التطور، كفاء المسجلين المعززة وفهمهم وتطبيقهم للآليات القائمة على المخاطر وقدرتهم على اكتشاف الشركات التي تم تحديد مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب أو غيرها من مخاطر الجرائم المالية فيها، والتحقيق فيها والإبلاغ عنها ورفضها.
ويقوم جميع المسجلين في دولة الإمارات الآن بإجراء عمليات التفتيش القائم على المخاطر.
وبلغت قيمة الغرامات في 2023 ما يقارب 120 مليون درهم مقارنة بـ 68 مليون درهم في 2022، ووصل إجمالي عدد الإنذارات والجزاءات المالية المتعلقة بنظام المستفيد الحقيقي المفروضة إلى 20618 منذ بداية العام وحتى أكتوبر.وام
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: لمکافحة غسل الأموال وتمویل الإرهاب مجموعة العمل المالی لمواجهة غسل الأموال فی دولة الإمارات المکتب التنفیذی الجرائم المالیة أکثر من عام 2023 فی عام
إقرأ أيضاً:
المقاومة مستمرّة: “إسرائيل” تحت مجهر القانون
يمانيون../
يستمر العدو الصهيوني في عدوانه الوحشي على غزة ولبنان في ظل صمت عربي ودولي فاضح، تجاوز حدود “الحيادية” بأشواط ليبلغ حدود التآمر والمشاركة في العدوان، وقد لعبت الولايات المتحدة الأمريكية الدور الأبرز في تشكيل خط الدفاع الأول عن حليفتها “إسرائيل” على مستوى المحافل الدولية، لا سيما أمام القضايا القانونية المرتبطة بجرائم الحرب والإبادة.
هذا الواقع فرض نفسه على الساحة القانونية والحقوقية، وكان محور اهتمام ومتابعة من قبل العديد من القانونيين والناشطين في المجال الحقوقي وضد العدوان الصهيوني، وفي هذا السياق كانت التحديات والقضايا المرتبطة بهذا الواقع محط دراسة ومتابعة في جدول أعمال الندوة التي نظمها المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق، تحت عنوان “حقوقيون ضد العدوان، في المواجهة القانونية.”
الندوة تخللها العديد من المداخلات حول قضايا وأفكار متشعبة تصب جميعها في قالب واحد، وهو المواجهة القانونية لجرائم العدو الصهيوني باختلاف طبيعتها، وقد نتج عنها مجموعة من التوصيات التي يتعزّز عبرها المسار القانوني لهذه المواجهة، ومساءلة “إسرائيل” في المحافل الدولية بكل الوسائل الممكنة والمتاحة.
البداية مع نائب مدير المركز ورئيس “مرصد قانا لحقوق الإنسان” الدكتور محمد طيّ الذي أوضح أنه وقبل الحديث عن طبيعة جرائم العدو، لا بد من تحديد المنهجية التي على أساسها تعالج هذه الجرائم، بمعنى أنه لا يجب أن ننجر إلى معالجتها على طريقة الأوروبيين، لأن هؤلاء معترفون أساسًا بالعدو الصهيوني كـ”دولة”، لكننا نرى أن هذا الكيان زُرع لهدف معين يخدم الدول الأوروبية من جهة، ويحقق مصالح خاصة بالصهاينة من جهة أخرى.
جرائم “إسرائيل” بالطبع، لم تبدأ اليوم، وهي ليست وليدة العدوان الحالي، وبالتالي يجب أن تعالج على ضوء تاريخيّتها، بمعنى أنها جرائم متواصلة ومستمرة ولها أهداف محدد. هدفها القريب هو كسر المقاومة، أما الغاية الكبرى فهي إخلاء الأرض من سكانها للاستيلاء عليها.
لهذه الجرائم تصنيف يستند إلى طبيعة كل منها. البداية مع الأخف خطورةً وهي جريمة الحرب، لا سيما وأن “إسرائيل” تستهدف المدنيين وتقتل الأسرى، وجريمة الفصل العنصري، وقصف المدن والقرى غير المحمية، وهي سياسة ممنهجة ومتّبعة وهادفة إلى إخلاء الأرض والاستيلاء عليها، ولا تنطوي أبدًا تحت مسمى “خسائر حرب تبعيّة”، كما يحاول بعضهم تصنيفها.
نوع آخر من الجرائم يسمى “جرائم ضد الإنسانية”، وذلك حين نشهد استهداف مدنيين على نطاق واسع وبشكل مبرمج، وهذا الأمر لا يجري صدفةً بل هو مخطط ومبرمج، أما جريمة “إبادة جنس بشري” وهي تعدّ أخطر، فهي تعني التوجه إلى مجموعة من الناس من أجل إهلاكها كليًا أو جزئيًا، على أن تكون هذه الجماعة قومية أو دينية أو إثنية أو عرقية، ولا يقال عنها جريمة إبادة جماعية، لأن وطأتها وخطورتها هي أكبر من ذلك بكثير، وهذا التغيير في المسمى، أو تعديل المصطلح يصب بالطبع في مصلحة العدو لأنه يخفف من وطأة إجرامه.
أخيرًا وليس آخر، تأتي جريمة “إلغاء وطن” وهي جريمة خطيرة رغم أن بعض المتخصصين يصنفها جريمة سياسية، وإقامة ما يسمى بالكيان “الإسرائيلي” على أنقاض وطن آخر كفلسطين، هي الحقيقة الأكثر تطابقًا مع هذا النوع من الجرائم، وهذا ما يجب علينا أن نفرضه ونبيّنه ونشرحه للرأي العام العالمي.
وفيما يرتبط بالتوصيات والآليات المعتمدة لتنفيذها، فإن أهمها، ما هو مطلوب من الحكومة اللبنانية القيام به من التحرك لمخاطبة المنظمات الدولية، كمجلس حقوق الإنسان والمنظمات المختصة بالطفولة والنساء وغيرها، بالإضافة إلى ما هو مطلوب من الحقوقيين على صعيد التواصل مع نقابات المحامين في أرجاء العالم خاصة في الدول الصديقة، ومنظمات الحقوقيين، مثل جمعية الحقوقيين العرب والجمعية العربية للعلوم السياسية، وسائر الجمعيات التي تهتم بالجانب الحقوقي.
الدكتور طي أكد أن نشر وتعميم ما تم التوصل إليه يعطي شرعية للدول التي تقاطع العدو الصهيوني، وأيضًا للحركات التي قامت ضد هذا العدو وما زالت تقوم في أوروبا وأميركا وغيرها، كما أن إظهار أحقيّة الشعوب في مواجهة وحشية العدو الصهيوني، يسقط عنها تهمة الإرهاب بوصفها حركات مقاومة، ويضغط على الحكومات التي تدعم العدو ويعرّضها لمساءلة شعبها، كما أن هذا الأمر يخلق حالة من الاضطراب في الساحة الداخلية للعدو ويعطي المقاومات بالمقابل زخمًا ويشجعها على مواصلة النضال وتشديده.
في سياق الندوة، شدد الدكتور عقل عقل على أن العدالة تنتزع ولا تطلب، وما نشهده اليوم من صمت عربي ودولي هو تواطؤ مكشوف يجب التصدي له بالأدوات القانونية والسياسية المتاحة، والتي تشمل المحكمة الجنائية الدولية، محكمة العدل الدولية، المحاكم الدولية بفضل الولاية القضائية العالمية، والتعاون مع المنظمات الدولية. وفي المقابل أشار الدكتور عقل إلى التحديات السياسية والقانونية التي تواجه لبنان في مسار محاكمة “إسرائيل”، والتي تتمثل بـ”الفيتو” الأميركي في مجلس الأمن، ونسف “إسرائيل” لكل مبادئ القانون الدولي، والضغط السياسي الدولي الذي تتعرض له المحاكم الدولية.
الدكتور عقل، أكد أنْ لا حصانة للعدوان، وأن على المجتمع الدولي أن يختار بين العدالة والتواطؤ، وملاحقة جرائم العدو هي واجب وليست خيارًا، وكل من يسعى لحجبها هو شريك في الجريمة.
مداخلة أخرى في الإطار عينه للدكتور حسن جوني الذي رأى فيها أن العدو “الإسرائيلي” ارتكب في عدوانه على فلسطين و لبنان كل الجرائم الدولية خصوصًا جريمة الإبادة الجماعية، وإبادة الأجناس البشرية التي تعتبر في القانون الدولي من أخطرها حسب المادة السادسة من نظام روما، وارتكابها يهدد السلم والأمن الدوليين.
الدكتور جوني أشار إلى أن العدو “الإسرائيلي” يلاحَق أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جريمة الإبادة، وقد اعتبرت المحكمة في تقريرها الاحترازي أن “إسرائيل” قد ارتكبت هذه الجريمة بحق أهل غزة الذين يشكلون مجموعة بشرية ثابتة في فلسطين المحتلة، كما أن عدة دول انضمت إلى دولة جنوب إفريقيا في ملاحقة المجرم “نتنياهو” وغيره من الصهاينة بتهمة ارتكاب هذه الجريمة.
أبرز المداخلات كانت أيضًا للدكتور خالد الخير، الذي تحدث فيها عن موضوع “المسؤولية الدولية” عن الجرائم “الإسرائيلية” المرتكبة، فحدد القواعد القانونية الدولية التي تحكم المسؤولية المدنية والتي بموجبها تكون دولة الاحتلال ملزمة بالتعويض العيني والمالي عن الأضرار التي تسببت بها وذلك استنادًا إلى العديد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية أهمها ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية جنيف 4 والبروتوكول الإضافي الأول وقرارات مجلس الأمن وغيرها، وهنا الحديث يشمل بالطبع كل من غزة ولبنان وسورية خاصة في ظل ما تشهده حالياً.
الدكتور خير تناول أيضًا قواعد المسؤولية الجزائية التي تنطبق على جرائم الاحتلال المتمثلة بجرائم الإرهاب والحرب والعدوان والجرائم ضد الإنسانية وجريمة إبادة جنس بشري، وليس آخرها جريمة اغتيال القادة التي تعد من أخطر الأنواع، مؤكدًا أن العدو مارس كل هذه الجرائم بحق الشعوب في فلسطين ولبنان وسورية، منتهكًا كل القوانين والمواثيق والقرارات الدولية.
العهد الاخباري ـ سارة عليان