الملف الرئاسي والمساعي المغيبة: لا تحضيرات استثنائية والخطوات الجديدة معلّقة
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
لم يعد الكلام عن الاستحقاق الرئاسي النقطة الجوهرية في نقاشات الداخل اللبناني بهدف الحسم ، وكأنه اصبح ملفا مغيبا عن سابق تصور وتصميم ، فصحيح أنه يتصدر نداءات الأفرقاء السياسيين من منطلق القراءات أو التوجهات ، إلا انه لا جديد بشأنه على واقع الارض. ولعل ذلك يعني أن الحماسة لوضعه على نار حامية متراجعة. والسبب في ذلك يتصل بمجموعة عوامل اضعفت إلاهتمام بهذا الملف وابرزها " الستاتيكو النيابي" وعدم حصول اي تبدل في خيارات الكتل في مجلس النواب، فضلا عن عدم سلوك أي مسعى سبيل النجاح، أما الدول التي تولي أهمية للوضع اللبناني فعلقت اي تحرك لها .
قبل عطلة الأعياد، نقل عن النواب أن هناك سلسلة اتصالات تشق طريقها بشأن الرئاسة من دون ضرب أي موعد لذلك ، والآن يجري الحديث مجددا عن بداية ربيعية للملف يمهد لها شهر شباط المقبل لاسيما أن اللجنة الخماسية قد تطلق اشارات معينة.
بالنسبة إلى المراقبين، هناك فصل بين حرب غزة والجنوب والملف الرئاسي ومن رغب في تنشيط هذا الملف عليه بأعادة النظر في بعض الشروط والسعي إلى مقاربة مختلفة تصل به إلى النتيجة المطلوبة.
وفي اعتبارات القوى المختلفة، لا تزال عملية دعم وتأييد قواعد الترشيح على حالها ، وليس لدى البعض منها نية حالية في الانفتاح على خيارات رئاسية جديدة .
وفي هذا المجال ، ترى مصادر نيابية معارضة ل " لبنان ٢٤" أن قوى المعارضة هي الوحيدة التي تواكب الملف وتجري الاتصالات وتطلق الدعوات من أجل عدم إقفال البحث به حتى أنها تجاوبت مع الخيار الثالث عندما أقترح الموفد القطري الأمر ، أما قوى الممانعة فلا تزال على خيارها السابق ولم تطرح مبادرات، مكتفية بتشغيل أدوات التعطيل وبادرت إلى رفض مسبق لأي مرشح وسطي وغيره وليس مقدرا أن تسعى إلى تبديل ما اختارته كثابتة في هذا المجال ،مشيرة إلى أن ما من تحضيرات استثنائية للمعارضة من أجل إعادة الملف الرئاسي إلى مساره، لأن الخطوة الأولى هي المبادرة إلى عقد جلسات انتخاب مفتوحة وحتى الآن لم تحصل المعارضة على وعد وشيك بأن المجلس سيفتح أبوابه من أجل هذه الغاية ، وحاليا،كما سابقا، يهمها أن يتم انتخاب رئيس الجمهورية كما ينص عليه الدستور.
وردا على سؤال عن اتصالات خارجية تتم كي يستأنف المعنيون بالملف لقاءاتهم،فإن المصادر نفسها تشير إلى أن المسألة لم تتضح بعد، وأن أي مسعى مرحب به إنما لا بد من أن تكون الكلمة الفصل للداخل.
وفي هذا الإطار تقول إن ما من تواصل جديد بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وقوى المعارضة وأن أي لقاء معه يحمل عنوانا يتصل بعمل المجلس النيابي ،حتى أن الحديث عن مبادرة جديدة له لم تتظهر، مكررة التأكيد أن تحميل القوى المسيحية مسؤولية تعطيل الأنتخاب أظهر عدم صوابيته ، وهكذا قد يبقى الملف لأشهر من دون أن يتحرك ، وربما يستجد ما يضعه في سلم الأولويات لكن هذا الامر يلفه الغموض التام .
وبالنسبة إلى الخطوة الجديدة لهذا الملف ، فإن المصادر تستبعد أي خطوة نوعية تجاه الاستحقاق الرئاسي مع العلم أن التطورات وعدة قضايا تستدعي إنجاز الأنتخاب فورا وتؤكد أهمية المحاولة في أحداث خرق ما كي لا يتحول الشغور إلى عادة يتم التأقلم معها وهذا أمر أكثر من خطير سبق وحذرت منه المعارضة .
وترى المصادر أن موضوع تأييد قائد الجيش العماد حوزف عون للرئاسة في المرحلة المقبلة أمر يبحث بين هذه القوى عندما يحين الوقت مع العلم أن العماد عون شخصية يكن لها الجميع الاحترام والتقدير وليس منطقيا حرق ترشيحه في كل مرة يطرح اسمه .
من المرجع إلا تفتح صفحة الاستحقاق الرئاسي قريبا بعدما تبين أن هذا الملف عالق بين فيتوات متبادلة يخشى أن تبقى قائمة لفترة مفتوحة. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: هذا الملف
إقرأ أيضاً:
هل يتسبب تعديل قانون الأحزاب بموريتانيا في أزمة سياسية بها؟
نواكشوط- "لا لمشروع القانون القمعي"، شعار رفعه رؤساء أحزاب وتكتلات سياسية في وقفة احتجاجية أمس الاثنين، أمام مبنى البرلمان الموريتاني، تزامنا مع نقاشات حادة بين الأغلبية والمعارضة حول تعديل قانون الأحزاب السياسية، داخل الغرفة التشريعية الوحيدة في البلاد.
لكن الحكومة التي تستأثر بأغلبية برلمانية مريحة، استطاعت، رغم الضغوط، تمرير التعديلات القانونية الجديدة والمصادقة عليها في وقت متأخر من مساء الاثنين، بعد نحو 10 ساعات من النقاش المحتدم والمداولات.
وأثار التعديل الجديد لقانون الأحزاب السياسية الصادر عام 1991، سجالا واسعا في الساحة السياسية في موريتانيا واعتبرته المعارضة تهديدا للتعددية الحزبية ومحاولة لتضييق الحريات السياسية وتطالب بسحبه.
وفي دفاعه عن التعديل أمام البرلمان، أكد وزير الداخلية محمد أحمد ولد محمد الأمين "أن الهدف من هذا التعديل ليس هو مصادرة الحريات ولا الحد من الأحزاب، وإنما هو تنقية المشهد السياسي وترشيد العملية السياسية وأن تقدم الأحزاب محتوى ذا قيمة عالية".
وأوضح الوزير أن صياغة هذا القانون تمت على أساس معايير من أهمها: أن يكون لكل حزب رؤية سياسية ومجتمعية شاملة، ونخبة سياسية قادرة على الإقناع، وموارد مالية متجددة، وقاعدة شعبية ثابتة، وأن يعكس التنوع الجغرافي والاجتماعي للبلد.
النائب في المعارضة يحيى أبوبكر يرى أن تمرير التعديل على قانون الأحزاب بموريتانيا تمييع للحياة السياسية (الجزيرة) شروط تعجيزيةوتفرض التعديلات الجديدة قيودا تقول المعارضة إنها تهدد التعددية الحزبية في موريتانيا وتعرقل تأسيس الأحزاب، إذ تشترط في ترخيص الأحزاب الحصول على 5 آلاف منتسب، 10% منهم من كل ولاية، بالإضافة إلى إلزامية تأجير مقرات في نصف ولايات البلاد.
إعلانوتخشى المعارضة من انتكاسة المشهد الديمقراطي في موريتانيا، ومن أن تقود هذه التعديلات إلى تكريس النزعة السلطوية ونظام الحزب المهيمن واحتكار الممارسة السياسية، بعد أن أصبحت عملية الترخيص معقدة مقابل تسهيل مضايقة الأحزاب وإغلاقها أوحلها.
وتعتقد المعارضة أن هذا القانون عزز من صلاحيات وزارة الداخلية، والتي من بينها الترخيص، بدل التصريح، ثم تولي المراقبة، والإنذار، والإغلاق، وحتى الحل، شرط أن يصادق عليه مجلس الوزراء.
وقد يعصف هذا القانون الجديد بمستقبل عشرات الأحزاب قيد الترخيص، والتي من أبرزها "حزب "الرك" للمعارض برام الداه اعبيد. كما أن أحزابا أخرى ستواجه خطر الحل بسبب الشروط التعجيزية.
دون حوار
وبينما كانت المعارضة تترقب منذ نحو 6 سنوات حوارا شاملا طالما وعدها به النظام الحالي، إذ بتعديلات "تسقط من السماء" حسب تعبيرها، تقول المعارضة إنه كان من المفترض أن تكون التعديلات منبثقة من الحوار الغائب المنتظر.
وتساءل النائب يحيى أبو بكر رئيس فريق حزب "تواصل" المعارض عن السبب الذي منع الحكومة التي دائما ما تتخذ شعار الإجماع ومد اليد للآخر، من الاتفاق مع الطبقة السياسية بخصوص قانون الأحزاب، ولماذا لم تتم الدعوة إلى الحوار والتشاور مع الأحزاب الأخرى سواء كانت موالية أو معارضة أو قيد التأسيس لمعرفة رأيهم بخصوص هذا القانون.
وينفي وزير الداخلية هذا الطرح مؤكدا "أن هذا القانون منبثق من جلسات التشاور التي عقدت مع كافة الأحزاب، وأنه استدعى جميع الأحزاب المرخصة وغير المرخصة للتشاور معها حول القانون المعدل".
وفي حديثه للجزيرة نت، اتهم النائب أبو بكر الحكومات المتعاقبة بتمييع الحياة السياسية وذلك من خلال تزوير الانتخابات، وتهديد المواطنين بعدم تحقيق مصالحهم إن لم يصوتوا لـ"حزب الدولة" حسب توصيفه.
إعلانكما اتهم الحكومة "بالتلاعب بالألفاظ والنصوص القانونية من خلال إبقاء بعض الإبهام على النصوص الواردة في هذا القانون".
أما المحلل السياسي الدكتور ديدي ولد السالك فيعتقد "أن تقديم التعديل الجديد في هذا الوقت من طرف الحكومة للبرلمان للتصويت عليه، وفي أفق حوار وطني، يدل على أن السلطة ليست جادة في الحوار، فمن المفترض أن تكون أبواب أو مواضيع الحوار حول إصلاح الحياة السياسية للأحزاب.
النائب الموالي ابحيده ولد خطري يرى أن تعديل قانون الأحزاب يتضمن إصلاحات جوهرية (الجزيرة) إصلاحات جوهرية
وفي المقابل، يرى النائب ابحيده ولد خطري (من الأغلبية الحاكمة) "أن هذا التعديل الجديد يعد مطلبا لدى العديد من المواطنين، وتقديمه في هذه الظرفية الحالية ملائم جدا لجو التهدئة والحوار والتشاور الذي انتهجه الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني".
ويضيف -للجزيرة نت من داخل البرلمان عقب المصادقة على القانون- أن التعديل الجديد يتضمن عدة إصلاحات جوهرية بخصوص الأحزاب السياسية ستسهم في تحسين وتطوير العملية الديمقراطية في موريتانيا وانتشار الوعي في صفوف المواطنين".
وتضمن التعديل المصادق عليه، حسب النائب، نقاطا جوهرية مثل شروط الأحزاب التي من بينها:
رفع أعضاء الجمعية التأسيسية من 20 إلى 150 مواطنا يمثلون كافة الولايات. تزكية 5 آلاف مواطن لبرنامج الحزب ينتمون إلى نصف ولايات الوطن على الأقل. خفض السن المشروطة في تأسيس الحزب من 25 إلى 20 سنة. تجديد ثلث أعضاء الهيئات القيادية على الأقل عقب كل دورة. فتح مقرات في نصف ولايات الوطن على الأقل في أجل أدناه 6 أشهر من تاريخ الترخيص.وفي الوقت الذي رفض فيه البرلمان الموريتاني المصادقة على 5 تعديلات مقترحة من فريق تواصل المعارض حول القانون المعدل، يقول النائب ابحيده إنه سبق وأن ناقشت اللجنة المختصة داخل البرلمان هذا القانون مع ممثلين عن المعارضة، وتم اقتراح تعديلات من اللجنة والمصادقة عليها اليوم.
إعلانويتعلق ذلك حسب النائب بالمادة 8 جديدة والمادة 9 جديدة والمادة 10 جديدة، والمادة 20 جديدة كذلك تمت الموافقة على مقترح يطالب الإبقاء على نسبة 1% بخصوص النسبة المطلوب الحصول عليها في آخر انتخابات بلدية عامة للولوج والمساعدة المالية بدلا من رفعها إلى 2%.
انتقال ديمقراطي
وفي حديث للجزيرة نت، قال الدكتور ديدي ولد السالك إن طرح قانون الأحزاب على البرلمان في هذا التوقيت وبهذا الشكل يثير عدة تساؤلات حول أفق مسار الانتقال الديمقراطي الموريتاني.
فمن حيث الموضوع، يعتقد الدكتور، أن هذا القانون "خطير جدا "على قضية الحريات والديمقراطية في موريتانيا.
وأوضح أن الخطر الأول يكمن في التنصيص على شروط قاسية في الترخيص، بعد أن كان شبه تصريح صار ترخيصا من قبل وزارة الداخلية، معتبرا أن هذا فيه تراجع كبير عن المسار الديمقراطي.
أما الخطر الثاني، حسب المتحدث ذاته، فهو أن وزارة الداخلية تجعل حل الأحزاب بيد وزير الداخلية، بينما المفترض أن يكون حل الأحزاب من اختصاص العدالة. وبالتالي، يرى ديدي ولد السالك، أن وزارة الداخلية عمليا تتحكم في الحياة السياسية من خلال تحكمها في الأحزاب، ومن خلال الشروط الحالية يمكن لها أن تحل الحزب في أي لحظة وقد لا ترخص له من الأساس.