فقيه قانوني للجزيرة نت: عدوان إسرائيل على غزة حالة نموذجية للإبادة الجماعية
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
واشنطن – عقب انتهاء جلستي المداولات الافتتاحية لمحكمة العدل الدولية للنظر في الدعوى المقدمة من دولة جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، والتي تتهمها بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بعدوانها المستمر على قطاع غزة، حاورت الجزيرة نت فقيه القانون الدولي والخبير السابق بالأمم المتحدة ريتشارد فولك حول المحاكمة وتداعياتها وتوقعاته بشأن نتائجها النهاية.
والبروفيسور الأميركي ريتشارد فولك هو أستاذ القانون الدولي وأستاذ فخري في جامعة برينستون، وكان أستاذا زائرا متميزا في الدراسات الدولية بجامعة كاليفورنيا.
ويرأس فولك مجلس إدارة "مؤسسة السلام النووي"، كما سبق له المشاركة في أعمال "اللجنة الدولية المستقلة لكوسوفو". وفي عام 2008 عُين عضوا بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لمدة 6 أعوام مقررا خاصا للأمم المتحدة معنيا بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967.
ونشر فولك على نطاق واسع العديد من الكتب عن القانون الدولي والأمم المتحدة.
فإلى نص الحوار:
ما رأيك فيما ذكره فريق ادعاء جنوب أفريقيا بأن العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة تنتهك التزامات إسرائيل بموجب اتفاقية الأمم المتحدة للإبادة الجماعية، وأن أفعالها تعني أنها ترتكب إبادة جماعية؟استمرت العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة أكثر من 100 يوم، ولكن منذ بدايتها تقريبا شعر المراقبون الموضوعيون بأنهم يواجهون "حالة نموذجية" للإبادة الجماعية، حيث يهدف الهجوم العسكري بشكل منهجي وعلني إلى جعل غزة غير صالحة للسكن وإلحاق معاناة شديدة بالمدنيين الأبرياء.
بدت هذه العملية برمتها انتهاكا واضحا للقواعد الأساسية للقانون الدولي، ولا يمكن إضفاء الشرعية عليها بشكل موثوق من منظور الأمن أو الدفاع عن النفس من قبل إسرائيل. وبدلا من ذلك، تم الإعلان عن الحملة العسكرية الإسرائيلية بأكثر العبارات تطرفا من قبل كبار القادة السياسيين والعسكريين في إسرائيل، وظهرت باستمرار في الممارسة العملية من خلال التكتيكات السادية التي يعتمد عليها الجيش الإسرائيلي.
إن تجاهل التصريحات الرسمية التي دعت إلى تحويل غزة إلى "موقف للسيارات" أو "إفراغ غزة من جميع الفلسطينيين" أو طرح خيار "المغادرة أو الموت"، يكشف عن تحد مذهل للحظر الجنائي لجريمة الإبادة الجماعية.
تتغاضى إسرائيل عن حقيقة أنها كانت طرفا في اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948، حيث تعهدت باحترام هذا القيد غير المشروط على سلوك الدولة، مما يعني أن الاعتماد على المبررات القانونية للدفاع عن النفس ومكافحة الإرهاب لا يمكن أن يوفر أبدا أساسا أخلاقيا أو قانونيا لسلوكها تجاه غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن إسرائيل تقلب الحقائق والأدلة من خلال الادعاء بأن هجوم حماس يشكّل إبادة جماعية ضد الشعب اليهودي، وأن إسرائيل هي التي تدافع عن نفسها ضد خصم الإبادة الجماعية.
تتمع محكمة العدل الدولية بسلطة فرض تدابير مؤقتة لكن قد تستخدم واشنطن حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن (الجزيرة) ماذا يحدث إذا انتصرت جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية؟لا يمكننا أن نعرف مسبقا ماذا سيحدث، ولكن يمكننا تقديم رأي مستنير يعتمد على الادعاءات الإسرائيلية ضد جنوب أفريقيا، والإصرار على أن مجرد إثارة نزاع حول حقيقة الإبادة الجماعية في غزة يرقى إلى تشهير دموي ضد الشعب اليهودي.
وبلغة علمانية أكثر حذرا، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن مبادرة جنوب إفريقيا تفتقر إلى "الجدارة" لأنها تفتقر إلى أساس قانوني مقبول في الواقع. ومن ثم، يبدو من المرجح إذا لزم الأمر أن تستخدم الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، وتعارض أي قرار للجمعية العامة يدعو إلى الامتثال للتدابير المؤقتة التي تقررها محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، كما هو مخول لها بموجب المادة 41 (1) من النظام الأساسي الذي يحكم عملياتها.
ويبدو أن محكمة العدل الدولية تتمتع أيضا بسلطة فرض تدابير مؤقتة موجهة ضد حماس، وهو ما قد يتوقع منها القيام به كاستعراض لنهجها المتوازن.
إذا حدث هذا التسلسل المتوقع من عدم الامتثال المراوغ، فمن المرجح أن يؤدي إلى احتجاجات كبيرة ومستمرة في جميع أنحاء العالم بما في ذلك في الولايات المتحدة والدول الأوروبية التي تقدم الدعم لإسرائيل بدرجات متفاوتة وأعطت في البداية موافقتها الكاملة على رد إسرائيل غير المتناسب على هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
نجاح المحكمة يعني البدء في تصنيف إسرائيل على نطاق واسع بأنها "دولة منبوذة"، مما سيدفع باتجاه تصعيد كبير في طبيعة وتشدد مبادرات التضامن مع الفلسطينيين في جميع أنحاء العالم بما في ذلك اللجوء إلى المقاطعة الرياضية والثقافية.
وماذا سيحدث إذا خسرت جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية؟مما لا شك فيه أن إسرائيل ستشمت وستحتفل بانتصار قانوني، وتحط من قدر منتقدي تكتيكاتها خلال هذه الفترة باعتبارهم معادين هستيريين للسامية. كما أنه من شأنه أن يقود إسرائيل والولايات المتحدة إلى تبرير رفضهما اتباع الأغلبية العالمية من الحكومات في الأمم المتحدة والتي تفضل وقفا فوريا لإطلاق النار في غزة.
ومن المرجح أن يتفاعل أولئك الذين يدعمون مبادرة جنوب أفريقيا بمزيج من الارتباك المحير والغضب الصريح إزاء ما يمكن اعتباره بالتأكيد نتيجة مخيبة للآمال في محكمة العدل الدولية في هذه الحالة. فكيف يمكن لأعلى محكمة في العالم أن تنظر في مثل هذه الأدلة الدامغة التي قدمها الفريق القانوني لجنوب أفريقيا إلى المحكمة بشكل جيد ومع ذلك تقرر بشكل منحرف وقاس وغير مهني رفض طلب التدابير المؤقتة؟
وعلى افتراض أن أغلبية القضاة في لاهاي توصلوا إلى نتيجة غامضة في حكمها المتوقع في الأسابيع المقبلة، فمن المحتمل أن تؤدي إلى ردود فعل على القرار الذي يقف فيه الغرب العالمي وراء تفسير إسرائيل، وأولئك الذين يتبنون وجهات نظر الجنوب العالمي سيعتبرون النتائج ذات دوافع سياسية، مما يقلل من مكانة المحكمة كمحكمة قانونية تستحق أقصى درجات الاحترام من الدول في المستقبل.
وما نتيجة هذه المعضلة؟
هناك حل وسط موضوعي يستند إلى حجة قضائية فنية قدمتها إسرائيل في جلسات استماع محكمة العدل الدولية يوم 12 يناير/كانون الثاني الجاري مفادها أن أي إجراء تتخذه المحكمة هذه المرة سيكون "مخلّا"، حيث كان هناك فشل في إثبات وجود "نزاع قانوني" بين الطرفين (إسرائيل وجنوب أفريقيا) عند تقديم الطلب إلى المحكمة.
وقد دحض فريق جنوب أفريقيا هذه الحجة في جلسة محكمة العدل الدولية، لكنها يمكن أن توفر للمحكمة، أو لبعض قضاتها، مهربا من معضلة محرجة تضع الاعتبارات القانونية الأخلاقية ضد السياسة الحقيقية الواقعية.
في بعض النواحي، سيكون الرد الأكثر أهمية أيا كان موقف المحكمة هو رد الفعل في الرأي العام العالمي. ونجاح أو فشل طلب جنوب أفريقيا بأن تصدر المحكمة تدابير مؤقتة لوقف الإبادة الجماعية قد لا يحدث فرقا فوريا كبيرا فيما يتعلق بالتأثير السياسي لقرارها.
وإذا وافقت المحكمة على طلب جنوب أفريقيا، فإن إسرائيل سترفض على الأرجح الامتثال، مما يؤدي إلى رد غاضب من المجتمع المدني الدولي على عدم امتثال إسرائيل.
ادعى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن الجيش الإسرائيلي هو "الجيش الأكثر أخلاقية في العالم"، هل تتفق معه؟ ولماذا؟هذا الادعاء فريد من نوعه ومن طبيعته، وهو يتفق مع ما تكرره إسرائيل من دعاية ويمر دون تمحيص في جميع الدول الغربية. ويجب أن نتذكر أنه قبل سنوات من العدوان الحالي، وحتى بين الزوار الدوليين المحافظين، على سبيل المثال الزعيم السياسي البريطاني ديفيد كاميرون، أشاروا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة "أكبر سجن مفتوح في العالم".
ليس من المستغرب أن الأفراد الذين طردوا من وطنهم منذ عقود ثم "سُجنوا" إلى أجل غير مسمى دون أي جريمة، واستمروا فيما أسماه مستشار حكومي بارز "حمية الكفاف"، سيخاطرون في مرحلة ما بكل شيء لتحقيق الهروب من السجن، وهو ما أسماه نورمان فينكلشتاين "ثورة العبيد"، في إشارة إلى هجوم حماس.
وبالنظر إلى الأمر الأقل قانونية والأكثر إستراتيجية، اعتبرت إسرائيل غزة منطقة قتال تجريبية، حيث يمكنها إظهار قدراتها على مكافحة الإرهاب لأعدائها وللحكومات الأخرى التي تواجه تحديات مماثلة ستصبح عملاء لصناعة الأسلحة القوية في إسرائيل، بما في ذلك ما يتعلق بالابتكارات في التكتيكات والأسلحة والتدريب.
كما أرادت أن تظهر للبلدان المعادية في المنطقة أنها سترد على الاستفزازات بقوة غير متناسبة. وقد صاغت مثل هذا النهج في عقيدة الضاحية في أوائل ثمانينيات القرن العشرين، وهو نمط من التفكير يبرر تدمير حي فقير في جنوب بيروت يعتقد أنه معقل لحزب الله بين السكان المدنيين اللبنانيين المتعاطفين.
إن عقيدة الضاحية، في شكل مكبر هندسيا، هي التي تكمن وراء التبرير الأمني لرد إسرائيل غير المتناسب بشكل مرعب على هجوم 7 أكتوبر، وبقدر ما يعتبر رد إسرائيل من قبل عدد متزايد من المراقبين المطلعين مثالا واضحا على الإبادة الجماعية، فإنه يجعل الادعاء بأن القوات المسلحة الإسرائيلية "الأكثر أخلاقية في العالم" مزحة مريضة إلى حد ما.
فولك: إسرائيل انتهكت القانون الإنساني الدولي بشكل صارخ منذ مدة طويلة (الجزيرة) كيف يؤثر العدوان على غزة على احترام القانون الدولي وهيبته؟ستتأثر الإجابة على المدى القصير إلى حد كبير بكيفية تعامل محكمة العدل الدولية مع طلب جنوب أفريقيا لاتخاذ تدابير مؤقتة، وما إذا كانت دول العالم، وخاصة إسرائيل والولايات المتحدة، تبدي تحديا أو احتراما للنتيجة. ومما له صلة أيضا بمدى إعجاب المجتمع المدني بشكل إيجابي باستجابة محكمة العدل الدولية لطلب جنوب أفريقيا، الأمر الذي سيكون له بعض التأثير على تصورات القانون الدولي على مستوى الشارع في جميع أنحاء العالم.
إذا وسعنا نطاق الرؤية إلى ما هو أبعد من تقييم آثار عنف الحملة الإسرائيلية في غزة، يصبح من الواضح أن إسرائيل قد انتهكت القانون الإنساني الدولي بشكل صارخ منذ مدة طويلة خلال فترة احتلالها الطويلة التي بدأت بانتصارها في حرب عام 1967.
وبشكل عام، تحدّت إسرائيل القانون الدولي كلما كان الامتثال يتعارض بشكل خطير مع سياساتها الوطنية وأولوياتها الإستراتيجية. وهي تستشهد بالقانون الدولي عندما يمكنها استخدامه لتبرير أفعالها أو الشكوى من المقاومة الفلسطينية كما هو الحال في حججها المثيرة للشفقة في جلسات محكمة العدل الدولية يوم 11 يناير/كانون الثاني الحالي والتي قلبت الحقائق والقانون لتقويض مزاعم الإبادة الجماعية المستمرة.
إسرائيل ليست دولة عضوا في المحكمة الجنائية الدولية. هل يمكن أن يتعرض قادتها للمساءلة بموجب ولاية هذه المحكمة؟من الناحية النظرية، للمحكمة الجنائية الدولية اختصاص محاكمة قادة دولة ذات سيادة إذا ارتكبت الجريمة الدولية المزعومة داخل أراضي طرف آخر في الإطار القضائي المنصوص عليه في نظام روما الأساسي.
ومن الناحية العملية، يتطلب هذا أن تحصل المحكمة الجنائية الدولية على سيطرة مادية على هؤلاء الأشخاص، وهذا يعتمد عادة على التعاون الطوعي من جانب دولة لتسليم المتهمين الذين ينتمون إلى دولة ليست عضوا في نظام المحكمة. أما الدول الأعضاء في نظام روما الأساسي الذي يحكم عمليات المحكمة الجنائية الدولية، فهي ملزمة بالتعاون مع المحكمة، بما في ذلك أثناء التحقيق وأي عملية اعتقال ناتجة عنه.
وبالإضافة إلى ذلك، لا يمكن المضي قدما في المحاكمة ما لم يكن الشخص المتهم أو الأشخاص المتهمون حاضرين في قاعة المحكمة طوال فترة الادعاء. ولهذه الأسباب، فإن محاكمة القادة الإسرائيليين في المستقبل أمر مستبعد للغاية.
لا تحتاج إسرائيل إلى أن تكون طرفا في نظام روما الأساسي الذي يحكم سلطة المحكمة الجنائية الدولية إذا وجدت المحكمة أنها تمتلك سلطة قانونية صالحة للمضي قدما في التحقيق واحتمال توجيه الاتهام إلى القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين المتهمين بالمسؤولية عن الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي تشمل غزة.
قررت المحكمة الجنائية الدولية رسميا في 2021 في جلسة لدائرة تتألف من ثلاثة قضاة أنها يمكن أن تمضي قدما في النظر في المزاعم الفلسطينية بارتكاب جرائم إسرائيلية على أرض فلسطين المحتلة بعد عام 2014، وأصبحت فلسطين عضوا غير مصوّت في الأمم المتحدة في عام 2012، ولاحقا طرفا في إطار معاهدة المحكمة الجنائية الدولية على النحو المنصوص عليه في نظام روما الأساسي.
أظهر المدعي العام الحالي للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان القليل من الاهتمام بالمضي قدما على النحو المسموح به، في تناقض حاد مع التسرع الذي تم عرضه فيما يتعلق بالادعاءات الأقل ضد بوتين لارتكاب جرائم في أوكرانيا مرتبطة بالعدوان المزعوم لعام 2022.
ما الذي تسعى جنوب أفريقيا إلى تحقيقه من وراء رفع دعوى ضد إسرائيل في هذه الحالة؟
من الصعب دائما تصوير أهداف مبادرة قانونية مثيرة للجدل من هذا النوع، وفي هذه الحالة قد تكون الأهداف أقل وضوحا من الدوافع. ربطت جنوب أفريقيا في مرحلة ما بعد الفصل العنصري النضال الفلسطيني من أجل حقوق الإنسان الأساسية بنضالها ضد نظام الفصل العنصري. قال نيلسون مانديلا مقولته الشهيرة "لن تكتمل حريتنا حتى يصبح الفلسطينيون أحرارا".
بمعنى من المعاني، الإبادة الجماعية هي إتمام الفصل العنصري، وهي سمة من سمات المراحل الأخيرة من المشروع الاستعماري الاستيطاني، والتي ربما تكون أفضل طريقة لفهم ما يحدث في غزة، وتقدير الذكريات السيئة التي تحييها مثل هذه التطورات في جنوب أفريقيا.
قد تكون جنوب أفريقيا مدفوعة أيضا بذكريات الدور الذي لعبته الحكومات في الغرب العالمي فيما يتعلق بصراعها السابق. كانت هذه الدول لمدة طويلة غير حساسة للحكم العنصري القمعي لأنها كانت مرتبطة إستراتيجيا بنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا في حقبة الحرب الباردة.
لقد وقعت فلسطين ضحية وأصبحت إسرائيل محمية بالالتزام الذي تقوده الولايات المتحدة بمصالحها الإستراتيجية في الشرق الأوسط كما عززته جماعات الضغط المحلية المؤيدة لإسرائيل ونفوذ المانحين فيما يتعلق بسياسة الحكومة والعروض الإعلامية.
نددت إدارة الرئيس جو بايدن بإحالة إسرائيل إلى محكمة العدل الدولية واتهامها بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في حربها على غزة، ووصفت الادعاء بأنه "لا أساس له من الصحة". ما رأيك في هذا الموقف الأميركي؟كما ذكرت، فإن أولوية المصالح في السياسة الخارجية للولايات المتحدة تؤدي إلى تجاهل القانون الدولي كلما تصادم مع المصالح الإستراتيجية. إن وصف مبادرة جنوب أفريقيا بأنها "لا قيمة لها" في ضوء ممارسات الإبادة الجماعية الموثقة بغزارة والسياسات واللغة الإبادية لكبار قادة إسرائيل يتحدى الواقع كما هو مجسد في أحكام اتفاقية الإبادة الجماعية، التي تدعو الأطراف إلى منع ومعاقبة مرتكبي الإبادة الجماعية من قبل الآخرين، فضلا عن الامتناع عن مثل هذا السلوك.
هناك نقطتان يجب التأكيد عليهما:
التناقض بين رد الولايات المتحدة على مزاعم الانتهاكات من قبل خصومها، الصين وروسيا، ودعمها الثابت للأصدقاء والحلفاء الدوليين المتهمين. النفاق الأخلاقي المرتبط بمثل هذه المعايير المزدوجة الوقحة، مما يقوّض سلطة القانون من خلال اعتماد سياسات تعامل متساوين بشكل غير متساو.تدفع الولايات المتحدة ثمنا باهظا لسمعتها في الداخل والخارج من خلال الوقوف مع إسرائيل في معارضة النداء القانوني لجنوب أفريقيا لوقف الإبادة الجماعية، والتي تتمتع بالدعم في جميع أنحاء العالم، لأنها تسعى إلى وضع حد للإبادة الجماعية المستمرة والواضحة.
ولم تتخذ هذه المبادرة إلا بعد أن عرقلت عدة محاولات في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة لإنهاء الإبادة الجماعية أو ذهبت أدراج الرياح.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المحکمة الجنائیة الدولیة فی جمیع أنحاء العالم محکمة العدل الدولیة الولایات المتحدة للإبادة الجماعیة الإبادة الجماعیة طلب جنوب أفریقیا جنوب أفریقیا فی القانون الدولی الفصل العنصری فیما یتعلق بما فی ذلک فی العالم ما یتعلق من خلال لا یمکن یمکن أن فی غزة من قبل
إقرأ أيضاً:
خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع العقوبات على إسرائيل
إسرائيل – رجح خبراء إسرائيليون في القانون الدولي، بأن يتوسع تأثير مذكرات الاعتقال الدولية بحق رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، إلى حدود بعيدة.
وحذر المسؤول السابق في دائرة القانون الدولي في النيابة العامة الإسرائيلية يوفال ساسون، الذي يمثل حاليا شركات هايتك والصناعات الأمنية الإسرائيلية في العالم، من أن تأثير قرار المحكمة الجنائية سيطال ثلاثة مجالات أساسية.
ووفقا لساسون، المجال الأول يتعلق باحتمال صدور مذكرات اعتقال سرية موضحا: “بإمكان أي مواطن غزي يحمل جنسية مزدوجة أن يقدم الآن دعوى في مكان سكناه الجديد، وبالاستناد إلى مذكرات الاعتقال (ضد نتنياهو وغالانت) أن يدعي ارتكاب جرائم حرب من جانب قائد كتيبة أو طيار أو أي جندي إسرائيلي نشر مقطع فيديو في تيك توك يتباهى فيه بارتكاب جرائم في غزة”.
وأضاف: “لن أتفاجأ إذا كانت هناك شركات إسرائيلية تتساءل حاليا حول الدول التي لا يمكن سفر عامليها إليها”.
والمجال الثاني يتعلق بتأثير مذكرات الاعتقال على المستوى السياسي – الأمني، وخاصة التخوف من حظر بيع أسلحة لإسرائيل أو إلغاء صفقات تصدير أسلحة إسرائيلية. مشيرا إلى أن “قوائم سوداء باتت موجودة الآن، وهناك مستثمرون باتوا يقاطعون الصناعات الإسرائيلية. وحصلت BDS على حقنة تشجيع هامة للغاية وينبغي الاستعداد لاحتمال أن تبدأ دول معينة قريبا بدراسة عقوبات. وينبغي أن ندرك أنه في الجانب الآخر يوجد أشخاص معهم مال كثير، وجهات تستخدم محامين جديين، وهم يعملون في هذا المجال”.
والمجال الثالث يتعلق بالعواقب غير المباشرة على نشاط القطاع التجاري، مثل أن تضع شركات دولية صعوبات أمام الاستثمار في دول تخضع لعقوبات. ورأى ساسون أن “هذه الصعوبات ستتطور مع مرور الوقت، بينها حظر الأنشطة التجارية خلف خطوط العام 1967، أو قيود على بيع منتجات للجيش الإسرائيلي. ولن أفاجأ إذا راحت شركات تطالب قريبا بالتصريح بعدم التعاون تجاريا مع جهاز الأمن الإسرائيلي”.
ولفت إلى أن “ما نشهده الآن هو نتيجة تحول جار منذ عشر سنوات، والخطوة الهامة فيه كانت انضمام السلطة الفلسطينية إلى المحكمة الدولية في لاهاي في العام 2015. وقد نفذ أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) حينذاك خيارا إستراتيجيا بالعمل ضد إسرائيل في الحلبة السياسية – القضائية. وهذا حرك تحولا بطيئا في السيطرة على خطاب حقوق الإنسان في العالم، وعلى المنظمات غير الحكومية في هذا المجال، وعلى كليات القانون الدولي في الجامعات المرموقة”.
وأضاف أن “الهدف من هذه الخطوة هو تحويل إسرائيل إلى جنوب إفريقيا الثمانينيات. أي محاربة إسرائيل بجلبها إلى عزلة سياسية واقتصادية. وإصدار مذكرات الاعتقال هي مسمار آخر في النعش الذي سيحول إسرائيل إلى دولة أبارتهايد منبوذة. وإلى هناك نحن متجهون”.
وتابع ساسون: “يضاف إلى ذلك الانقلاب على جهاز القضاء عندنا، والدعوة إلى الاستيطان مجددا في غزة أو الاستيطان في لبنان، وسندرك أن الأمور يتغذى بعضها من بعضها. والعالم يسمع هذه الأمور، وهو لا يدقق في الفوارق بين الكابينيت والحكومة والكنيست، فهذا لا يهم العالم”.
وأشار إلى أنه “عندما تحارب محكمتَك العليا، وتدعو إلى إقالة المستشارة القضائية للحكومة، فإنك تمس بمبدأ التكامل، وهذا موجود في أساس قرار المحكمة الدولية القاضي بالتدخل. وإذا كانت الدولة تدقق بنفسها في ادعاءات ما، وتحقق بطريقة غير منحازة، فهذا أمر حسن. لكن إذا كانت هذه خدعة إسرائيلية تقليدية بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية، فربما هذه ستقنع أوساطا من الجماهير الإسرائيلية، لكنها لن تقنع الخبراء في القانون الدولي”.
المصدر: وكالات