باحثون عن الأمان وسط الدمار.. رفح تتحول إلى مدينة خيام
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
في ظل مرور 100 يوم ويوم على الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، أصبح جزء كبير من قطاع غزة المحاصر في حالة دمار، حيث قال خبراء في الهندسة المعمارية وحقوق الإنسان، إن حجم الخراب والتهجير "هائل"، ولا يشبه أي شيء رأوه في القطاع الفلسطيني من قبل، بحسب تقرير نشرته شبكة "سكاي نيوز" البريطانية.
فمنذ بداية الحرب، نزح 1.
وتظهر صور الأقمار الاصطناعية توسع المخيم، مع ظهور عدد متزايد من الملاجئ المؤقتة على مشارف رفح خلال 3 أسابيع فقط، في الفترة ما بين 3 و31 ديسمبر.
ويعد هذا المخيم هو الأكبر من نوعه الذي تم إنشاؤه منذ اندلاع الحرب بين الجيش الإسرائيلي، ومسلحي حركة حماس المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى.
مصر والصين تطالبان بـ"وقف إطلاق نار في غزة وإقامة دولة فلسطينية" أكد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أن الاعتراف بفلسطين كدولة أمر ينهي الصراع ويفتح الباب للعيش المشترك والاستقرار والأمن لكافة شعوب المنطقة. لا حل آخرخالد أبو مدين.. نازح اضطر بعد أن تقطعت به السبل ونفدت أمام الحلول، لبناء ملجأ خاص به على مشارف مخيم، باستخدام مطرقة ومجرفة صغيرة، على أمل أن يؤويه مع زوجته وأطفالهما الثلاثة، عقب نزوحهم إلى 4 أماكن على مدار 3 أشهر.
وكانت عائلة أبو مدين تقيم في مخيم البريج للاجئين وسط غزة، لكنهم غير متأكدين الآن مما تبقى من منزلهم، عقب تعرض تلك البقعة لقصف شديد.
وقال الرجل وهو ينظر إلى صفوف من الخيام المؤقتة: "لا أعرف كيف هو الأمر في مخيم البريج، إذ لا توجد وسيلة اتصال في الوقت الحالي.. المهم هو أن نجد مكانا نقيم فيه مؤقتًا حتى تنقشع هذه السحابة السوداء".
"مكان مكتظ للغاية"من جانبها، قالت الباحثة في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، نادية هاردمان، التي تحدثت إلى فلسطينيين نازحين في قطاع غزة، بما في ذلك رفح: "هذه الأماكن غير صالحة لاستيعاب عدد الأشخاص الذين يُجبرون على العيش هناك، فهي مكتظة بشكل كبير جدا".
وتابعت: "أكثر من نصف النازحين محشورون داخل منطقة لم يكن من المفترض أن تحتوي على هذا العدد الكبير من الناس. والملاجئ المستخدمة ليست مصممة لهذا الغرض، لذا فإن الناس يكتفون بنصب الخيام أينما استطاعوا".
وفي نفس السياق، قالت فاتنة زبيدات، الأستاذة المساعدة في الهندسة المعمارية في جامعة تل أبيب، والتي تركز أبحاثها على المساحات الانتقالية في مناطق النزاع: "لم نر قط شيئًا بهذا الحجم".
33 رقما من الحرب الأكثر دموية.. ماذا جرى بـ100 يوم في غزة؟ بعد مرور 100 يوم على بدايتها، باتت الحرب الجارية بين إسرائيل وحركة حماس بمثابة الصراع الأطول زمنا والأكثر دموية وتدميرا بين العدوين اللدودين.وبحلول 6 يناير، كان المخيم قد توسع بشكل ضخم، ليتحول إلى "مدينة خيام" تبلغ مساحتها 2.9 كيلومتر مربع، أي ما يعادل حوالي 400 ملعب كرة قدم.
ويضم المخيم في رفح منشأة تابعة للأمم المتحدة، تم تشييدها لتكون مركزا لوجستيا للعمليات، وكمخزن رئيسي لتخزين المواد الغذائية الأساسية.
وأصبح ذلك المركز الآن بمثابة ملجأ، حيث تتجمع مئات الخيام داخل العقار وحوله.
وأوضحت هاردمان: "يعيشون في بيئة محدودة الخدمات أو معدومة، ولا يوجد بها كهرباء ومياه جارية يمكن الاعتماد عليها، لذلك لا يمكن إدارة عملية إنسانية بالطريقة التي تريدها".
يشار إلى أن عدد سكان رفح زاد 4 أضعاف منذ اندلاع الحرب، حسب الأمم المتحدة.
وتقع المدينة على طول الحدود مع مصر، وهي المنفذ الوحيد لغزة حاليا إلى العالم الخارجي، حيث تصل إمدادات المساعدات الهزيلة إليها، في حين ينتظر العديد من سكان غزة الإذن لمغادرة القطاع عبر معبر رفح.
ضغوط على منظمات الإغاثةوتتعرض منظمات الإغاثة لضغوط متزايدة لتقديم المساعدات الإنسانية، للعدد الكبير من الأشخاص الذين يتدفقون على المنطقة.
وأكد منسق مشروع منظمة "أطباء بلا حدود" في غزة، توماس لوفين، أنهم "محاصرون تدريجياً في محيط مقيد للغاية في جنوب غزة (رفح)، وذلك مع تضاؤل الخيارات لتقديم المساعدة الطبية الحيوية، في حين أن الاحتياجات تتزايد بشدة".
بصاروخ مضاد للدبابات.. مقتل امرأة وابنها في شمال إسرائيل قتلت امرأة مسنة وابنها الأربعيني في إسرائيل جراء هجوم صاروخي مضاد للدبابات تبناه حزب الله على بلدة في شمال الدولة العبرية، بحسب ما أفادت صحف إسرائيلية، الأحد.وقام العديد من السكان ببناء خيامهم الخاصة، حيث بالإمكان رؤية ملابس الأطفال تتدلى من الحبال، بينما يصطف السكان لملء الزجاجات والدلاء بالمياه، بل أن بعض العائلات قامت ببناء مراحيض خاصة بها.
مستقبل قاتموأقامت إيمان زويدي وأفراد عائلتها السبعة خيمة لهم في الجزء الغربي من المخيم، إذ أنهم كانوا قد نزحوا من بيت حانون في اليوم الذي بدأت فيه الحرب، وظلوا يتنقلون حتى استقروا مؤخراً في رفح.
ويبدو أن العنف يلاحقهم أينما ذهبوا، فبعد يومين من وصولهم إلى رفح، علموا أن المباني التي كانوا يقيمون فيها تعرضت للقصف قبل أيام قليلة في خان يونس.
وقالت: "أصبحنا نشعر بحزن شديد بسبب الانتقال من مكان إلى آخر. كل بقعة جديدة انتقلنا إليها كانت الحياة فيها أكثر صعوبة من سابقتها".
ويقع المخيم على أرض صحراوية، ونظراً لتدفق النازحين من غزة ومحدودية الإمدادات، فإن الظروف تزداد سوءاً.
وفي هذا المنحى، قالت لأستاذة المشاركة في الهندسة المعمارية والدراسات الحضرية في جامعة كامبريدج، إيريت كاتز: "عادةً ما يتم إنشاء المخيمات كمساحات مؤقتة، بغية أن تكون موجودة لفترة محددة فقط".
وزادت: "قدرة الناس على السكن بالمخيمات وإنشاء مكان يمكنهم اعتباره وطنهم، محدودة للغاية".
ومن الصعب قياس العدد الدقيق للأشخاص في مخيم رفح، فأعداد النازحين في تزايد، مع فرار المزيد من الأشخاص من القتال والحرب في الشمال، علما أن نحو ثلثي مساحة قطاع غزة باتت تخضغ لأوامر إخلاء إسرائيلية، بحسب الأمم المتحدة.
وفي المناطق المتبقية، تظهر صور الأقمار الاصطناعية التي حللتها "سكاي نيوز"، أن مخيمات اللاجئين المكونة إلى حد كبير من ملاجئ مؤقتة، توسعت بسرعة.
لكن بالنسبة لهؤلاء الغزيين الذين فروا إلى المخيمات بحثًا عن الأمان، ليس لديهم سوى القليل أو لا شيء ليعودوا إليه، لا سيما في الشمال الذي تعرض لدمار هائل.
وفي هذا الصدد، قالت كاتز: "نحن نتحدث عن سنوات، إن لم يكن عقوداً، التي سيستغرقها إعادة بناء المنازل والمناطق الأصلية للنازحين حالياً".
ويرى توبياس بورك، زميل أبحاث بارز في أمن الشرق الأوسط بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI)، أن "مستقبل سكان غزة يبدو قاتمًا للغاية".
وأضاف: "إسرائيل تخوض حرباً في منطقة مغلقة تماماً، والناس الذين يعيشون في غزة لا يمكنهم الذهاب إلى أي مكان".
وفيما يتعلق بمستقبل من يحكم غزة، قال بورك إن هناك بعض "المقاومة" من الحكومة الإسرائيلية للمجتمع الدولي، لوضع الخطوط العريضة لخطة للمرحلة التي ستأتي بعد الحرب.
وقال بورك عن إعادة البناء وإيجاد السيطرة السياسية في غزة: "كيف سيحدث ذلك؟ من سيدفع ثمنه؟ يظل هذا سؤالاً بلا إجابة على الإطلاق".
وختم بالقول: "لفترة طويلة،فإن أزمة إنسانية هائلة قد تستمر إلى أجل غير مسمى، إذا لم يتم التوصل إلى حل عملي".
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
من البناء إلى الدمار… رحلة وطن ضاعت ملامحه بين أيادي الفساد
بقلم : الخبير المهندس:- حيدر عبدالجبار البطاط ..
في الماضي كانت الأمة تستنشق عطر الإخلاص من كل زاوية حيث كان الموظف يُنهي عمله بذمة وضمير لا يُفكر إلا برفعة وطنه وخير أبنائه.
مشاريع البنية التحتية كانت تُشيّد لتدوم والمستشفيات كانت تُبنى لخدمة أجيال قادمة والمدارس وُضعت لتعليم أجيال من القادة والعلماء.
كانت البلاد تنهض بأيدي أبنائها وكان الطموح الجماعي يُضيء الأفق نحو مستقبل أفضل.
لكن، وللأسف انحرفت المسيرة وأصبحت البلاد مرتعاً لأطماع الفاسدين الذين استولوا على مفاصلها ومزقوا بنيتها الاقتصادية والاجتماعية.
كل مشروع يُطلق اليوم لا يكاد ينتهي إلا وقد استُنزفت ميزانيته في جيوب من لا يعرفون من الوطن إلا سبيل الكسب السريع.
البنية التحتية أصبحت تتداعى بين أيدينا والشوارع تهترئ سريعاً والمرافق تتعطل وكأنها صُنعت لتذبل مع أول نسمة لا لتخدم المواطن.
تحوّلت البلاد من وطن يزخر بالمشاريع المتنوعة والاقتصادات المتعددة إلى دولة أحادية الريع تُراهن على النفط وحده وكأن مستقبل الأمة بات معلقاً على سعر برميل أو قرار سوق.
وفي حال انخفضت أسعار النفط أو اتخذ العالم خطوة تجاه الابتعاد عنه كمصدر رئيسي للطاقة سيجد البلد نفسه على شفا حفرة من الانهيار الاقتصادي والسياسي، فماذا يبقى من قوة أمة تعتمد على مصدر واحد فقط؟
لقد أصبح الفساد نظاماً مستتراً يخنق الكفاءات ويقمع الأمل.
كل من يحاول أن يعمل بإخلاص يجد نفسه محاصراً، وتلك القيم الوطنية التي كانت تدفع الإنسان للعمل بصدق ذابت في ظل مصالح ضيقة لا ترى أبعد من المنافع الشخصية. تفاقم هذا الوضع وتفشّت البطالة وانهارت الاستثمارات، وبدلاً من أن يكون الوطن مشروعاً جماعياً أصبح مطمعاً لمن يجيدون الاستيلاء على الفرص ولو على حساب تدمير مستقبل أجيال كاملة.
اليوم يحتاج الوطن إلى نهضة جذرية نهضة ترتكز على إعادة الروح الوطنية قيم الإخلاص والتصدي بشجاعة لأوكار الفساد.
نحتاج إلى قوانين صارمة تضع مصلحة الوطن أولاً، وإلى رقابة حازمة تراقب المشروعات منذ نشأتها إلى اكتمالها، كما نحتاج إلى تكريم وتشجيع العاملين النزيهين ليعود الشرفاء من أبناء الوطن إلى مكانتهم الطبيعية كرموز للإصلاح، لا ضحايا لفساد منظومة نخرت في قلب الأمة.
لن يستعيد الوطن عافيته إلا بعودة الكرامة والصدق، فهذه الأرض تستحق أن تُبنى بيد صادقة، لتحيا ويحيى أبناؤها بأمان وكرامة.
حيدر عبد الجبار البطاط