العدالة والتنمية يحذر من خطورة "الفراغ السياسي" و"فقدان الثقة في الأحزاب السياسية والنقابات"
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
دخل حزب العدالة والتنمية على خط المتابعات القضائية الجارية في حق عدد من المسؤولين السياسيين على خلفية قضية مخدرات تُعرف بـ”إسكوبار الصحراء”.
واعتبر الحزب في البيان الختامي الصادر عن مجلسه الوطني الأحد، تلك المتابعات تأكيدا “للتخوفات التي سبق أن عبر عنها في عدة محطات ومنذ سنوات عديدة”، والتي نبه فيها إلى “المحاولات الجارية من أجل السطو على مؤسسات الدولة من طرف بعض مافيات الفساد وتجار المخدرات تحت غطاء بعض المشاريع الحزبية التحكمية”.
وبعد تأكيده على احترام قرينة البراءة وسرية التحقيق والمساطر والقضائية ذات الصلة، طالب المجلس الوطني للحزب، في بيانه الختامي، اليوم الأحد، “بأن تكون هذه المتابعات مندرجة في إطار مقاربة شمولية لمحاربة الفساد، تمر عبر ضمان مراقبة مسالك المال العام، بالإضافة إلى تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، والمساواة أمام العدالة وتجريم الإثراء غير المشروع”، مشيرا إلى سحب الحكومة لهذا المشروع.
وحذر المجلس الوطني للعدالة والتنمية من ما أسماه “خطورة الفراغ السياسي غير المسبوق” الذي تعيشه البلاد وأوضح أن “تجلياته الواضحة على مستوى فقدان الثقة في السياسة وفي الأحزاب السياسية والنقابات الممثلة للطبقة الشغيلة، وتراجع أدوارها في الوساطة المؤسساتية وفي عقلنة المطالب الاجتماعية”.
وأشار في هذا السياق، إلى الاحتجاجات الفئوية”، وشدد الحزب على أن هذا الوضع “حول المؤسسات المنتخبة إلى مؤسسات شكلية عاجزة عن التواصل السياسي المسؤول واتخاذ القرار الواجب في الوقت المناسب”.
ويرى العدالة والتنمية أن أسباب “انتكاسة وتردي في تدبير الشأن العام سببه بالأساس إضعاف الأحزاب الوطنية الحقيقية واستهداف المناضلين والشرفاء من أبناء الوطن، في مقابل التمكين لكائنات انتخابية فاسدة”، والتي بحسبه، “لا تتقن سوى نهب المال العام والسعي نحو الإثراء غير المشروع، وترسيخ زواج المال بالنفوذ السياسي مع محاولة السطو على مقدرات الدولة واختراق مؤسساتها”.
ولفت أن هذا الوضع هو “نتيجة حتمية للمقاربة الخاطئة التي اعتمدت في تدبير نتائج الانتخابات التشريعية لسنة 2016، وفي الهندسة الانتخابية التي اعتمدت في تنظيم الانتخابات التشريعية والجهوية والجماعية ل08 شتنبر 2021 وما أفرزته من مؤسسات مغشوشة”.
وتعليقا عن أزمة قطاع التعليم، اعتبر المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية أن تعطيل الدراسة لمدة ثلاثة أشهر “كارثة وطنية غير مسبوقة ترهن حق الأجيال القادمة في التعلم والمعرفة وتتحمل مسؤوليتها الحكومة بالدرجة الأولى بسبب تدبيرها الارتجالي لهذا الملف”.
ودعا الحكومة إلى “التسريع بإخراج مرسوم جديد يكرس نظاما أساسيا عادلا ومنصفا لموظفي التربية الوطنية، بالإضافة إلى التراجع الفوري عن قرارات التوقيف المؤقت للأساتذة المضربين”، كما دعا “رجال ونساء التعليم إلى العودة الفورية إلى المدارس والعمل على استدراك الزمن البيداغوجي المهدور بما يحفظ مصلحة التلاميذ ويعيد الطمأنينة إلى الأسر”.
من جانب آخر، نبه حزب “المصباح” الحكومة الى ضرورة تسريع استكمال تنزيل البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، نظرا للوضعية المائية الصعبة لبلدنا مع ضرورة وضع تدابير استعجالية لتوفير الماء الصالح للشرب للمناطق الناقصة التزويد القروية والجبلية والمناطق المتضررة من زلزال الحوز.
كما حث المجلس الوطني على “تسريع إصدار المخطط الوطني للماء، ومراجعة مقاربة تدبير الثروة المائية التي تعرضت للإجهاد والتبذير”، مشددا على أنه “صار يشكل خطرا حقيقيا على الأمن الغذائي الوطني ويهدد القدرة على الاستجابة للطلب الوطني من الماء، والانخراط المسؤول في الحملات الوطنية لترشيد استعمال الثروة المائية”.
ونبه الحزب الحكومة إلى “عدم المس بالمكتسبات الاجتماعية المعتبرة لصالح الفئات الفقيرة والهشة؛ وذلك بالحفاظ على كل الحقوق المكتسبة للمستفيدين الحاليين من مختلف البرامج القائمة أو السابقة (راميد؛ الأرامل؛ تيسير، مليون محفظة، المنح الجامعية…) من خلال تسجيل المستفيدين تلقائيا في السجل الاجتماعي الموحد” .
وطالب “بتصحيح المسار الخاطئ في تدبير عملية تحويل المستفيدين من نظام المساعدة الطبية “راميد” إلى نظام التأمين الإجباري عن المرض “تضامن” والذي يتم بفاتورة تفوق أربع مرات فاتورة استشفاء 60% من المستفيدين سابقا”.
وأشار إلى أنه “ترتب عن هذا التحويل تحمل الدولة لمبلغ سنوي قدره 9,5 مليار درهم لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مقابل التكفل ب11 مليون مستفيد ومستفيدة فقط، في مقابل المبلغ السنوي الذي كانت تتحمله الدولة في السابق برسم نظام المساعدة الطبية “راميد”، والذي ورغم بلوغه أوجه في 2022، لم يتعد 2 مليار درهم لفائدة 18,44 مليون مستفيد ومستفيدة”.
كلمات دلالية الحكومة العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: الحكومة العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران العدالة والتنمیة المجلس الوطنی
إقرأ أيضاً:
العدالة التي تأخرت حتى صارت شريكة في الجريمة
العدالة التي تأخرت حتى صارت شريكة في الجريمة
منذ أن تقدمت حكومة السودان بشكواها الرسمية ضد دولة الإمارات إلى محكمة العدل الدولية، دخل نازحوا معسكر زمزم في سباق غير متكافئ بين تدوين مليشيا عليهم و بين تمهل القضاة الدوليين في اجراءاتهم. في الوقت الذي ترك فيه القضاة النازحين يواجهون الموت، وكانوا مشغولين بـاستجداء الأمارات علها تعترف بهم، كانت المليشيات المدعومة إماراتيًا في شغل عنهم، كانت تواصل اجتياحها لمعسكر زمزم للنازحين، وكأن حربها تحولت إلى حرب ممنهجة ضد الضعفاء، ضد من فروا من الموت ليجدوه مجددًا في مكان من المفترض أن يكون آمنا و محميا حسب القوانين الدولية.
خلال هذا الزمن الذي يفترض أن يكون مخصصًا لحماية الضحايا، و تأخر القضاة في حمايتهم، حدثت جرائم لا تقل بشاعتها عن الجرائم محل الدعوى أمام القضاة. لقد جلبت الأمارات الأساحة الحديثة التي لم تكن موجودة ومن ثم قامت المليشيا بقصف معسكر زمزم، واجتاحته بقوة السلاح، وعاثت فيه خرابًا وقتلاً دون تمييز، وكأنها تقول للمجتمع الدولي: “فليجتمع القضاة كما يشارون و لكننا سنفعل ما نشاء، ولن يوقفنا أحد”.
لكن المأساة لم تقف عند زمزم. ففي خزان مروي، تعرّضت منشآت توليد الكهرباء للقصف بالمسيرات الانتحارية و الاسترتيجية أكثر من أربع مرات، كما طال القصف محولات الطاقة الكهربائية في عطبرة والدامر، مما أدى إلى انقطاع شامل للكهرباء في ولايات السودان الشمالية و الشرقية و الوسط، لتغرق هذه المناطق في ظلام دامس. وهذا الظلام لم يكن فقط ظلامًا ماديًا، بل كان أيضًا ظلامًا إنسانيًا حقيقيًا، حيث مات المرضى في المستشفيات، خاصة من يعانون من أمراض مستعصية مثل أمراض القلب والكلى والسرطان، بسبب توقف أجهزة التنفس والتغذية والعلاج.
ألم يكن هذا وحده كافيًا لأن تتحرك المحكمة فورًا؟ أن تعقد جلسة طارئة، أو أن تصدر أمرًا وقتيًا يوقف حمام الدم هذا؟ أين كانت العدالة حين انتزعت المليشيات أجهزة العلاج من أجساد المرضى كما يُنتزع الروح من الجسد؟ لماذا بقي القضاة في أبراجهم العاجية، يتحسسون أوراق القوانين بينما يموت الأبرياء كل ساعة؟ المجزرة التي ارتكبتها المليشيا ضد النازحين في معسكر زمزم شملت كل الكادر الطبي للمعسكر و على رأسه الطبيبة د. هنادي النور، و مدير إذاعة ولاية شمال دارفور و بلغ عدد القتلى والجرحى أكثر من 500. أرواح هؤلاء جميعا معلقة في رقاب قضاة محكمة العدل الدولية لا تقل مسؤوليتهم عن مسؤولية الأمارات ولا عن مسؤولية الجندي منفذ الجريمة.
إن التأخر في رد الفعل، والصمت المريب الذي ساد قاعات المحكمة، لم يعد يُفسّر بـ “الحياد القضائي” بل صار يُقرأ كخذلان، كتحيّز لصالح الجلاد على حساب الضحية. والأخطر من ذلك، أن هذا الصمت الدولي يرسل رسالة قاتلة: بإمكان المعتدي أن يستمر كما يشاء، فلا عقاب ينتظره.
اليوم، يحق لنا أن نسأل: ما هو الدور الحقيقي لمحكمة العدل الدولية إن لم يكن حماية الأبرياء في وجه جرائم الإبادة المنظمة المستمرة؟ وإن كانت المحكمة لا ترى أن ما يجري يستحق موقفًا واضحًا وحازمًا، و أن واجبها ايقاف هذه الجرائم فورا و انقاذ هؤلاء المواطنين، فمتى إذًا ستتحرك؟ نعم أظنها سوف تتحرك، ولكن بعد أن يُباد من تبقى.
العدالة التي لا تُنصف الضحية في وقتها، تتحول إلى سلاح إضافي في يد الجلاد. ومن هنا تأتي شراكة القضاة.
د. محمد عثمان عوض الله
إنضم لقناة النيلين على واتساب