الأورومتوسطي: العطش يغزو مناطق مدينة غزة وشمالها
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
جنيف - صفا
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن مناطق مدينة غزة وشمال القطاع تواجه مأساة مروعة ناتجة عن الشح الكارثي في مصادر المياه الصالحة للشرب، ومنع وصولها، بما يمثل حكمًا بالإعدام الفعلي، ما يشكل جريمة حرب، بالإضافة إلى كونه شكلا من أشكال الإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل" ضد السكان المدنيين في القطاع منذ السابع من أكتوبر/ تشرين أول من العام الماضي.
وأبرز المرصد في بيان، وصل وكالة "صفا" أن "العطش يغزو مناطق مدينة غزة وشمالها بشكل صادم بسبب قطع إمدادات المياه عن قطاع غزة والقصف الإسرائيلي المنهجي والمتعمد لآبار ومصادر المياه، إلى جانب نقص الوقود اللازم لتشغيل محطات تحويل وتوزيع المياه.
وحذر من أن "نقص مياه الشرب في قطاع غزة بات مسألة حياة أو موت، في وقت يجبر السكان على استخدام مياه غير نظيفة من الآبار، وهو ما ساهم في انتشار الأمراض المنقولة والمعدية، خاصة مع انقطاع الكهرباء الذي ساعد في نقص امدادات المياه".
وكان قطاع غزة الذي يعتبر من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم يواجه في الأصل قبل الهجمات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة منذ مائة يوم أزمة خانقة في توفر مياه آمنة للشرب فقدها أكثر من 90% من السكان الذين تجاوز عددهم 2.3 مليون نسمة، يعيشون بالحد الأدنى من الخدمات الأساسية في واقع اقتصادي متردٍّ.
ووثق الأورومتوسطي نهاية الأسبوع الماضي دمارًا كليا لحق بخزاني "البلد" و"الرمال" الرئيسين في مدينة غزة، نتيجة تجريف جيش الاحتلال الإسرائيلي لهما خلال عملياته البرية العسكرية في المنطقة.
وطال التجريف خزان "البلد" الذي يضم "بئرًا للمياه ومستودعًا لقطع صيانة خطوط المياه في مدينة غزة، إلى جانب مكاتب إدارية لدائرة المياه، فيما جرى تجريف خزان "الرمال" على تقاطع شارعي "الجلاء" و"الوحدة"، والذي يضم مكاتب دائرة الصرف الصحي ومستودعًا لقطع صيانة شبكات الصرف الصحي".
وأشار المرصد إلى تدمير ما لا يقل عن "12 بئرًا بفعل القصف الإسرائيلي مما أدى إلى نقص حاد وغير مسبوق في المياه في مدينة غزة".
مضيفًا "قبل بدء "إسرائيل" هجماتها العسكرية على القطاع في السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي، كانت بلدية غزة تضخ شهريًا ما يقارب ثلاثة ملايين كوب من المياه،؛ حيث كان يتم توفير 700 ألف كوب يوميًا من خط "ماكروت" الإسرائيلي، بما يمثل 25%، فيما يتم توفير 10% من محطة التحلية، ونحو مليوني و200 ألف كوب من الآبار المحلية في المدينة، وقد باتت جميع تلك المصادر متوقفة تقريبًا".
وبحسب سلطة المياه الفلسطينية، فإن الهجمات العسكرية الإسرائيلية المستمرة دمرت البنية التحتية المائية في قطاع غزة، بما ما لا يقل عن 65% من آبار المياه في مدينة غزة وشمال القطاع.
وبين المرصد أن "المحنة تتضاعف مع مواصلة سلطات الاحتلال الإسرائيلي فرض قيود مشددة على وصول الإمدادات الإنسانية إلى قطاع غزة، لا سيما مناطق مدينة غزة وشمال القطاع، بما في ذلك كميات الوقود اللازمة لتشغيل مرافق المياه والصرف الصحي".
وذكر منذ بدء هجماتها العسكرية غير المسبوقة على غزة، فرضت "إسرائيل" إغلاقًا شاملًا على القطاع ومنعت إمدادات الغذاء والماء والوقود وغيرها من الاحتياجات الإنسانية الأساسية، ودمرت لاحقًا محطات وخزانات المياه بشكل منهجي ومتعمد.
وأوضح على وقع الضغوط الدولية، سمحت "إسرائيل" بدخول 100 شاحنة مساعدات يوميًّا إلى القطاع عبر معبر رفح البري، وهي معدلات لا تقارن مع متوسط حمولة 500 شاحنة كانت تدخل لتلبية الاحتياجات الإنسانية قبل السابع من تشرين أول/ أكتوبر الماضي.
وأضاف المرصد أن "معاناة انعدام مياه الشرب في شمال قطاع غزة أشد وأكثر كارثية، حيث لم يتذوق سكان مخيم جباليا للاجئين مياه الشرب النظيفة منذ بدء الهجمات العسكرية الإسرائيلية".
وقال المسن "عليان فارس عبد الغني" (73 عامًا) الذي يعيش في (بلوك 4) وسط مخيم جباليا لفريق الأورومتوسطي إنهم يضطرون لشرب المياه المالحة والمستخدمة للحياة اليومية والتي يتم توفيرها بصعوبة.
وأوضح "عبد الغني" أن "جيش الاحتلال الإسرائيلي دمر محطتي تحلية المياه الوحيدتين في المخيم، وهما محطة "شومر" ومحطة "طبريا"، منذ الأيام الأولى لبدء الهجمات العسكرية".
وأفاد عبد الغني بأن "القصف الإسرائيلي، وفي ظل انقطاع الوقود اللازم لعمل المحطات الأخرى والبعيدة عن المخيم، دفع بسعر الغالون الواحد من المياه من شيكل إسرائيلي واحد (0.27$) إلى أربعة شواكل (1.08$). لكن المياه انقطعت نهائيًّا بعد أيام قليلة".
وذكر أن "الكثير من عائلات مخيم جباليا يعمدون إلى غلي المياه على نيران الحطب وتبريدها في محاولة لتعقيمها وجعلها قابلة للشرب نسبيًّا، لا سيما بعد أن تفشت الأمراض في صفوفهم، بمن في ذلك الأطفال الذين باتوا يعانون بشكل متكرر من المغص والإسهال".
ونبه المرصد إلى أن "الإفراط في تناول الماء المالح غير الصالح للشرب، إلى جانب تسببه بأمراض المعدة والنزلات المعوية والقيء والإسهال المستمرين، يؤدي إلى زيادة ضغط الدم وأمراض الكلى واحتمال الإصابة بالسكتة الدماغية، ويؤدي ذلك في النهاية إلى الجفاف المفرط لأنسجة الجسم، خاصة المخ".
وذكر عبد الغني أن "مياه الشرب إن كانت تُستخرج من الآبار من دون معالجة، فإن ذلك قد يُحدث اختلالاً في نسبة الأملاح في الجسم، وقد يؤدي إلى الجفاف، في وقت يبقى فيه الأطفال وكبار السن الأشد تضررًا نظرًا لضعف مناعتهم، حيث قد تؤدي النزلة المعوية دون الوصول إلى محلول لمعالجة الجفاف إلى الوفاة".
وتزداد المخاوف بشأن الأمراض المنقولة والمعدية عن طريق المياه مثل الكوليرا والإسهال المزمن بشكل خاص، نظرًا لنقص المياه الصالحة للشرب، خاصة بعد هطول الأمطار والفيضانات في ظل موسم الشتاء.
وفي كانون أول/ديسمبر الماضي، أجرى المرصد الأورومتوسطي، دراسة تحليلية شملت عينة مكونة من 1200 شخصًا في غزة للوقوف على آثار الأزمة الإنسانية التي يعانيها سكان القطاع، أظهرت أن 66% من عينة الدراسة يعانون أو عانوا من حالات الأمراض المعوية والإسهال بسبب عدم توفر مياه صالحة للشرب.
ورصدت الدراسة أن "معدل الحصول على المياه، بما في ذلك مياه الشرب ومياه الاستحمام والتنظيف، يبلغ 1.5 لتر للشخص الواحد يوميًا في قطاع غزة، أي أقل بمقدار 15 لترًا من متطلبات المياه الأساسية لمستوى البقاء على قيد الحياة وفقا لمعايير (اسفير) الدولية".
وأعاد الأورومتوسطي التذكير بأن "القانون الإنساني الدولي يحظر مهاجمة أو تدمير أو تعطيل الأعيان والمنشآت التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين، بما يشمل مرافق مياه الشرب وشبكاتها، كما ويحظر وبشكل صارم استخدام التجويع والتعطيش كوسيلة من وسائل الحرب، واعتبارها انتهاكا جسيما وعقابا جماعيا محظورا، ويشكل كذلك مخالفة للالتزامات المترتبة على عاتق "إسرائيل"، بصفتها السلطة القائمة بالاحتلال لقطاع غزة، وواجباتها وفقًا للقانون الإنساني الدولي بتوفير احتياجات سكان غزة وحمايتهم".
وينص نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أن "تجويع المدنيين عمدًا من خلال حرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الإغاثية ، يعتبر جريمة حرب".
ويذكر المرصد أن "الحرمان الشديد والمتواصل للسكان المدنيين في قطاع غزة من المياه الصالحة للشرب وبالكميات الكافية، يعتبر شكلا من أشكال جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل" ضدهم منذ السابع من أكتوبر/ تشرين أول من العام الماضي، كونه يلحق أضرارا جسيمة بالسكان المدنيين الفلسطينيين في القطاع، ويخضعهم لأحوال معيشية يقصد بها تدميرهم الفعلي، وذلك وفقا لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والأحكام القضائية الدولية ذات الصلة".
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: الهجمات العسکریة مناطق مدینة غزة فی مدینة غزة فی قطاع غزة میاه الشرب السابع من تشرین أول عبد الغنی فی ذلک
إقرأ أيضاً:
استشهاد اللواء محمود أبو وطفة وكيل وزارة الداخلية في غزة
سرايا - أكدت مصادر طبية فلسطينية، فجر اليوم الثلاثاء، استشهاد اللواء محمود أبو وطفة، وكيل وزارة الداخلية في قطاع غزة؛ جراء القصف الإسرائيلي الواسع على مدينة غزة.
ونقلت قناة "الجزيرة" عن وزارة الصحة في غزة تأكيد استشهاد اللواء أبو وطفة، إلى جانب استشهاد ما لا يقل عن 131 شهيدا جراء عشرات الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مناطق متفرقة بالقطاع، معظمهم من الأطفال والنساء.
وفور وقوع الاستهدافات الإسرائيلية، قالت وزارة الداخلية والأمن الوطني في بيان مقتضب، إنها "تتابع التطورات الميدانية الناجمة عن سلسلة من الاستهدافات والقصف الإسرائيلي، الذي طال معظم محافظات غزة".
وسبق أن قال جهاز الدفاع المدني الفلسطيني، في بيان، إن عددا من الفلسطينيين استشهدوا وأصيب آخرون (لم يحددهم) في قصف إسرائيلي استهدف مبنى "الأحرار" بمنطقة الشاطئ الشمالي غرب مدينة غزة.
وأضاف أن طواقمه تواجه "صعوبات كبيرة في العمل نتيجة استهداف أكثر من هدف في مناطق مختلفة من القطاع وفي نفس التوقيت".
اقرأ أيضا:
شهداء وإصابات في عدوان جديد للاحتلال بمخيم البريج وسط القطاع
وأشار شهود عيان إلى أن الجيش الإسرائيلي قصف بشكل مكثف ومتتال مناطق مختلفة من قطاع غزة، موضحين أن عددا من الشهداء والجرحى وصلوا مستشفيات القطاع.
بدروها، حمّلت حركة المقاومة الإسلامية حماس، رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وحكومته "النازية"، المسؤولية الكاملة عن تداعيات العدوان الغادر على قطاع غزة وعلى المدنيين العزل والشعب الفلسطيني المحاصر، الذي يتعرض لحرب وحشية وسياسة تجويع ممنهجة.
وقالت الحركة إنّ "نتنياهو وحكومته المتطرفة يأخذون قرارا بالانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار، ويعرّضون الأسرى في غزة إلى مصير مجهول"، مطالبة الوسطاء بتحميل نتنياهو والاحتلال المسؤولية الكاملة عن خرق الاتفاق والانقلاب عليه.
ودعت جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي إلى تحمّل مسؤوليتهما التاريخية في دعم صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، وكسر الحصار الظالم على قطاع غزة.
كما دعت الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي إلى الانعقاد العاجل لأخذ قرار يُلزم الاحتلال بوقف عدوانه، وإلزامه بالقرار 2735 الداعي لوقف العدوان والانسحاب من كامل قطاع غزة.
وشنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي، فجر الثلاثاء، غارات جوية عنيفة على مناطق متفرقة في قطاع غزة، طالت عددا من المنازل المأهولة، لتنهي اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 20 كانون الثاني/ يناير الماضي.
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
طباعة المشاهدات: 1442
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 18-03-2025 05:45 AM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...