لم يفهم بعض المتعاطين في الشأن السياسي ماذا قصد الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله عندما تحدّث عن "الفرصة التاريخية للتحرير الكامل لكل أراضينا ووضع معادلة تمنع العدو من انتهاك سيادتنا". ومن الطبيعي أن تتبادر إلى أذهان هؤلاء السائلين، وهم ينتمون إلى الضفة المقابلة لضفة "القوى الممانعة" أسئلة كثيرة، ومن بينها وأهمّها: هل كان من الضروري أن يفتح "حزب الله" الجبهة الجنوبية لتحقيق ما كان قد طرحه الموفد الأميركي آموس هوكشتاين قبل "عاصفة الطوفان" بأيام قليلة عندما زار لبنان وتحدّث عن إعادة ترسيم الحدود من النقطة B1، مرورًا بقرية الغجر والنقاط الثلاث عشرة، وصولًا إلى مزارع شبعا وكفرشوبا؟ 
ويسأل هؤلاء السائلون: فإذا كان هدف نصرالله من خلال تعريض الجنوب لكل هذه المآسي التي يعيشها اليوم بسبب القصف الإسرائيلي المدّمر "التحرير الكامل لكل الأراضي اللبنانية" فإنه كان في الإمكان الوصول إلى الهدف نفسه من دون أن تسيل نقطة دم واحدة من دماء اللبنانيين، ومن دون أن يضطّر "حزب الله" لأن يقدّم كوكبة من خيرة شبابه.

مع العلم أن "حارة حريك" تعلم علم اليقين أن من أستطاع أن ينجح في البحر قادر على أن ينجح أيضًا في البرّ، من دون أن تكون القيادة الحزبية، بشقّيها السياسي والعسكري، قد تكّبدت ما تكبدته من خسائر في الأرواح والممتلكات في الجنوب المعرّض في كل لحظة للقصف الأعمى، مع ما ينتاب اللبنانيين، ومن بينهم بيئة "حزب الله" بالتحديد، من هواجس توسعة الحرب لتشمل كل لبنان على غرار ما هو حاصل في غزة، وقد تكون معادلة "الضاحية الجنوبية" مقابل "دان غوش" الأقرب إلى ما يمكن توقّعه من نتائج أي حرب محتملة. 
ويرى هؤلاء السائلون أن في مقولة السيد نصرالله عن "التحرير الكامل لكل الأراضي اللبنانية" ما يتناقض مع ما يعلنه "حزب الله" في بياناته العسكرية عن عملياته العسكرية ضد مواقع العدو الغاصب من أنها تأتي لـ "دعم شعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة واسنادًا لمقاومته الباسلة والشريفة". فإذا كان التحرير الكامل الذي تحدّث عنه نصرالله في خطابيه الأخيرين هو نتيجة طبيعية لـ "بركات حرب غزة" فماذا يمكن أن يُقال لو أن الجهود الديبلوماسية، وبالأخص الأميركية والفرنسية، فشلت في منع إسرائيل من جرّ "حزب الله" إلى حرب شاملة قد بدأت ملامحها تتبلور مع انتقال الحرب القائمة في الجنوب من "مناوشات قواعد الاشتباك" إلى حرب حقيقية؟ 
ويفترض هؤلاء السائلون عدم إمكانية "حزب الله" من تلافي الانجرار إلى "حرب واسعة وشاملة" ترتبط ارتباطًا عضويًا بالحرب المدّمرة على قطاع غزة وبعمليات الحوثيين ضد السفن الأميركية والأوروبية التجارية في البحر الأحمر، وبما تتعرض له القواعد الأميركية في العراق وسوريا من هجومات موجعة، فإن النتيجة لانخراط لبنان في حرب غير مهيأ أو مؤهل لها تكون في المحصلة النهائية المطالبة بتحرير كل لبنان وليس فقط الأراضي المتنازع عليها في الجنوب.  
فالذين يعترضون على عدم تحييد لبنان عمّا يجري في غزة لا يقصدون عدم التضامن مع أهل القطاع انسانيًا وعاطفيًا وديبلوماسيًا في المحافل الدولية والعربية، أو من خلال ما يمكن أن يمارسه لبنان من خلال علاقاته الدولية من ضغوطات معنوية على غرار ما أقدمت عليه دولة جنوب أفريقيا على سبيل المثال لوقف المجازر في حقّ أطفال غزة ونسائها وشيوخها. وما قدّمه لبنان على مرّ السنين من تضحيات في سبيل القضية الفلسطينية لم يقدّمه أحد، لا من الأقربين ولا من الأبعدين. وهو مستعد لأن يقف الموقف نفسه الذي وقفه الرئيس الراحل سليمان فرنجية قبل عشرات السنين من على منبر الأمم المتحدة للدفاع عن القضية الفلسطينية في الوقت الذي كان يحتاج فيه لبنان إلى من يدافع عن قضاياه، ولكن ليس على حساب استقراره ووحدته وسلامة أهله وأرضه ومؤسساته وبناه التحتية ومستقبل أجياله، التي أصبحت مشاريع هجرة دائمة.   المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

الرئيس الفلسطيني يشارك في الدورة الـ38 لقمة الاتحاد الإفريقي لحشد الدعم للقضية الفلسطينية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يشارك الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في الدورة الـ38 لمؤتمر (قمة الاتحاد الإفريقي)، التي تعقد على مدار يومي السبت والأحد، بمشاركة عدد كبير من قادة الدول والحكومات الأفارقة؛ حيث يلقي كلمة أمام القمة، ستتناول الأوضاع في فلسطين.

وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن الرئيس عباس -الذي وصل قبل قليل إلى العاصمة الأثيوبية أديس أبابا- سيلتقي بعدد من القادة الأفارقة، لبحث آخر المستجدات، وحشد الدعم والتأييد للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية، بالإضافة إلى العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها؛ بما يخدم مصالح الدول والشعوب الصديقة.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية الصيني: سنواصل لعب دور بنّاء من أجل حل شامل ودائم للقضية الفلسطينية
  • جهاد الحرازين: مصر جسدت رؤية حقيقية للقضية الفلسطينية
  • وزيرة التضامن: مصر الداعم الأول والأكبر للقضية الفلسطينية
  • الرئيس اللبناني: تصرفات مرفوضة ولا يمكن السماح بتكرارها
  • الاتحاد الأفريقي يواصل دعمه السياسي للقضية الفلسطينية
  • الرئيس الفلسطيني يشارك في الدورة الـ38 لقمة الاتحاد الإفريقي لحشد الدعم للقضية الفلسطينية
  • برلماني: القيادة السياسية الداعم الأول للقضية الفلسطينية بموقفها الثابت ضد التهجير
  • وزير الخارجية يشيد بموقف النرويج الداعم للقضية الفلسطينية
  • وزير الخارجية: نثمن الموقف النرويجي الداعم للقضية الفلسطينية
  • رئيس البرلمان العربي: عقد مؤتمر لمناقشة حلول للقضية الفلسطينية