هل يسترجع التونسيون ثورتهم؟
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
هل يسترجع التونسيون ثورتهم؟
يريد قيس سعيّد تغيير تاريخ الثورة وأن يلغي يوم 14 يناير ويستبدل به 17 ديسمبر وتغيير تاريخ البلاد ويكتب وحده تاريخاً جديداً، يفرضه على التونسيين.
لا تبدو النخبة السياسية التونسية تعي حجم الخسارة التاريخية ولا تزال تناور وتقايض مصير البلاد بحسابات حزبية ساذجة، في انتظار السقوط الأخير، أو المعجزة.
من يتبع قيس سعيّد فهو من المصلحين، ومن يعارضه فهو من الخونة المتواطئين لضرب الدولة، ومصيره السجن بتهمة التآمر على أمن الدولة أو السرقة أو غيرها من التهم.
هل يُستفاد من أخطاء الانتقال الديمقراطي أم أنه تفاؤل المعتقلين المفرط في قيادات لا تزال لا تتفق على التظاهر معاً والجلوس على طاولة حوار لإنقاذ ما تبقّى من الثورة؟
* * *
خرج تونسيون أمس الأحد إلى شارع الثورة، شارع بورقيبة وسط العاصمة في ذكرى ثورتهم، على عكس ما أراده الرئيس قيس سعيّد الذي يريد أن يغيّر تاريخ الثورة وأن يلغي يوم 14 يناير ويستبدل به 17 ديسمبر.
ويريد سعيّد أن يغيّر تاريخ البلاد ويكتب وحده تاريخاً جديداً، يفرضه على التونسيين، ومن تبعه فهو من المصلحين، ومن يعارضه فهو من الخونة المتواطئين مع الخارج لضرب الدولة من الداخل، ومصيره السجن بتهمة التآمر على أمن الدولة أو السرقة أو غيرها من التهم.
لا يتعلق الأمر بصراع على كتابة التاريخ فقط، وإنما خصوصاً بصياغة المستقبل، مستقبل البلاد وتجربتها الديمقراطية التي يريد قيس سعيّد أن ينسفها نسفاً، ويعيد التونسيين إلى بيت الطاعة حيث لا صوت إلا صوت الزعيم ولا حق إلا ما يراه هو.
وفي أغلب تدوينات النخبة السياسية التونسية، خلال اليومين الأخيرين، لا تقرأ إلا عويلاً على ضياع الحرية وسقوط التجربة، وغاب على كثير من هؤلاء تدوينات ليلة 25 يوليو 2021، عندما كان رئيس البرلمان الشرعي راشد الغنوشي، ونائبته سميرة الشواشي، أمام باب البرلمان يحاولان الوقوف ضد الانقلاب، بينما كان خصومهما يتلذذون بالمشهد ويمنّون النفس بسقوط "النهضة" وصعودهم هم إلى الحكم.
ولكنهم اليوم يندمون سراً على ضياع كل شيء، ويقرون بصواب المعارضة التركية التي خرجت لدعم الديمقراطية لحظة محاولة الانقلاب على الرئيس رجب طيب أردوغان، ولكن بعد إيه؟ كما يقول عبد الحليم.
أصدر السجناء السياسيون، أمس الأحد، بياناً بمناسبة الذكرى الثالثة عشرة للثورة، قالوا فيه إن هذه الذكرى الثالثة تأتي "ورجالات النخبة السياسية التي ساهمت في إنجاح الثورة، إما محبوسة في غياهب السجن، أو تُسلط عليها أسوأ التضييقات والاستفزازات خارجه".
وجددوا الثقة "في قدرات شعبنا على الدفاع عن مكاسبه، والتزامنا بالوفاء لقيم الثورة، ونؤكد أن شمس الحرية ستسطع من جديد في بلادنا، بالاستفادة من الأخطاء التي شابت الانتقال الديمقراطي، وبتضافر الجهود الوطنية، لبناء الدولة الجديدة".
فهل إنه يتم فعلاً الاستفادة من الأخطاء التي شابت الانتقال الديمقراطي أم أنه تفاؤل مفرط من المعتقلين في قيادات لا تزال إلى اليوم لا تتفق حتى على التظاهر معاً والجلوس على طاولة حوار توحد فيها كلمتها لإنقاذ ما تبقّى من ثمرات الثورة؟ لا يبدو صراحة أن النخبة السياسية التونسية تعي حجم الخسارة التاريخية، ولا تزال تناور إلى اليوم، وتقايض مصير البلاد بحسابات حزبية ساذجة، في انتظار السقوط الأخير، أو المعجزة.
*وليد التليلي كاتب صحفي تونسي
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: تونس النهضة الثورة التونسية قيس سعيد 14 يناير 17 ديسمبر الانتقال الديمقراطي الخسارة التاريخية قیس سعی د لا تزال فهو من
إقرأ أيضاً:
تاريخ القدس
#تاريخ_القدس
د. #هاشم_غرايبه
التاريخ هو أكثر ما يزور، والغزاة الطامعون هم أكثر من يفعل ذلك، ولما كانت القدس أكثر مدينة في العالم استهدفت، لذلك من المهم جلاء الحقيقة وكشف التزوير.
المصدر الوحيد الموثوق به هو كتاب الله، لكنه لا يقدم تأريخا بل إشارات مختصرة لأحداث محددة، ولما أنه لا ثقة بالروايات البشرية لذلك سأقدم فيما يلي أكثر الروايات التاريخية موثوقية ولا تتناقض مع ما ورد في القرآن. تعد مدينة القدس واحدة من أقدم مدن العالم، ويسجل التاريخ أن أقدم من سكنها هم اليبوسيون، وهم أحدى القبائل الكنعانية، ويبدو أنهم قبل خمسة آلاف سنة عمروا المنطقة المحيطة ببقايا مسجد قديم لم يعرف من بناه والذي عرف فيما بعد بالمسجد الأقصى، لذلك أطلق عليها من هاجروا إليها من الكنعانيين في الألف الثالثة قبل الميلاد “أورساليم” وتعني مدينة السلام أو مدينة الإله ساليم، وعندما احتلها الإغريق عام 333 ق.م. أطلقوا عليها اسم “ايلياء” أي بيت الله، وحافظ المحتلون الرومان على هذا الإسم الى أن فتحها المسلمون عام 636 م سموها بيت المقدس ثم القدس.
ما يهمنا في الموضوع هو نقض التزوير الغربي المبني على رواية الفئة المخترقة من المسيحية من قبل الماسونية، والمسماة (المحافظون الجدد)، والذين يحكمون العالم الآن، والتي تتبنى اسطورة (هرمجدون) التي تقول بأن المسيح سينزل من جديد ويقاتل الوثنيين (وهو مسمى المسلمين لديهم)، ليقيم مملكة الله اليـ.ـهودية في فلسطين، ولن ينزل الا بعد أن يبنوا الهيكل المزعوم مكان المسجد الأقصى، لكن أحدا لا يسأل، أليس مستغربا ان ينزل المسيح لنصرة من تآمروا لقتله بل يقولون أنهم صلبوه!؟.
لم يعد سرا أن احتلال فلسطين ليس استجابة لمقولات واساطير، بل من أجل فرض التخلف والتبعية على منطقة الشرق الأوسط، وابقاء المسلمين متشرذمين، لكن القصة اليهـ.ـودية الملفقة هي لتبرير وجوده، لاستغلال اليهـ.ـود كخط دفاعي أول للغرب، وتشجيع هجرتهم الى هذا الكيان.
إن تواجد بني اسـ.ـرائيل أصلا بفلسطين كان مؤقتا ولفترة قصيرة، ومحدودا بالفترة الوحيدة التي أنعم الله بها عليهم بأن جعل لهم من أنبيائهم ملوكا، وهي فترة النبي داود وابنه سليمان عليهما السلام، ودامت 73 عاما فقط، حيث تقسمت مملكتهم وضعفت في عهد ابنه “رحبعام”، ثم زالت نهائيا في عهد آخر الملوك “صدقيا بن يوشيا”، عندما هاجمهم “نبوخذ نصر” عام 586 ق.م فجاس خلال الديار ودمرها، ونقل من بقي فيها من اليـ.ـهود أسرى إلى بابل بمن فيهم الملك صدقيا نفسه.
هكذا لم يبق في فلسطين يهـ.ـودي واحد، بل احتجزوا جميعا في بابل خمسين عاما، الى أن انتصر قورش الفارسي على البابليين، فسمح لمن أراد منهم الذهاب الى فارس أو فلسطين.
بقيت فلسطين تحت الحكم الفارسي الى أن احتلها الاسكندر المقدوني عام 333 ق.م ثم الرومان عام 63 ق.م الى أن فتحها المسلمون عام 636 م.
وخلال الحكم الفارسي عادت فئة قليلة من المسبيين الى فلسطين وأقاموا في القدس، أغلبهم من اليـ.ـهود، والقلة القليلة كانوا من بني اسـ.ـرائيل، وبالطبع ولد المسيح عليه السلام خلال فترة الحكم الروماني، إذ أنه من بني اسـ.ـرائيل نشأ فيما بعد، وقبيل انقراض هذه الذرية الصالحة، أنبياء صالحون، ومنهم عمران والد مريم العذراء، وزكريا الذي تزوج أختها، وولدت يحيى آخر انبياء بني إسـ.ـرائيل، الذي انقرضت بموته هذه الذرية، حيث أن المسيح عليه السلام لا يعتبر من بني اسـ.ـرائيل بل أمه منهم، ومعروف أن المرء ينسب لجهة الأب.
ما يثبت ذلك هو دعاء زكريا ربه أن يرزقه ذكرا يرث من آل يعقوب لتستمر سلالة الأنبياء، فهو لم يعلم أن الله شاء ذلك لتنتقل السلالة من بني اسحق الى بني اسماعيل ليولد خاتم الأنبياء عليه السلام، فأعطاه الله زكريا لكنه قتل قبل أن يتزوج، الذين بقوا هم الذرية غير الصالحة من بني يعقوب والذين دعا موسى عليه السلام ربه من قبل أن يفرق بينه وبينهم، لكن الله تعالى لحكمة أرادها أبقاهم معهم.
اليـ.ـهود الحاليين أثبتت فحوص الجينوم أن أغلبهم ينحدرون من أصول خزرية ثم تشتتوا في الدول الأوروبية، وبالطبع فهم ليسوا بني اسـ.ـرائيل الذين كرمهم الله بالرسل والأنبياء.