لا جديد في حديث إسرائيل عن عن معبر رفح
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
لا جديد في حديث إسرائيل عن مسؤولية مصر عن معبر رفح
أصبح الرهان على استمرار معاناة سكان غزة والسعي للقضاء على المقاومة وسيلة خروج النظام المصري من المأزق الاقتصادي الحالي.
مشاركة النظام المصري في حصار غزة لم تبدأ بطوفان الأقصى بل بدأت مع توليه السلطة، حينما بدأ بهدم الأنفاق الواصلة بين غزة ورفح المصرية.
أعلن صندوق النقد الدولي استعداده لزيادة قرضه لمصر متعللا بالتأثير السلبي لتداعيات الحرب عليها، وإعلان الاتحاد الأوروبي نيته توسيع استثماراته في مصر.
أثمر موقف النظام المصري المتخاذل ومنع الجمهور من التعبير عن مساندته لغزة عن مساندة أمريكية أوروبية لدعم الموقف المصري من خلال صندوق النقد الدولي.
تحجج النظام المصري بأن إسرائيل سبب محدودية أعداد الجرحى الذين سمح لهم بدخول مصر للعلاج وعدم السماح للراغبين بدخول غزة من أطباء وممرضين وناشطين مصريين.
بعد طوفان الأقصى تماهى موقف النظام المصري مع الموقف الأمريكي الغربي الساعي للقضاء على حماس، بإبطاء إدخال المساعدات والوقود بعد حظر إسرائيل للغذاء والدواء والوقود والكهرباء.
* * *
أعتقد أن كثيرين لم يُضف لهم شيئا حديث المحامي الإسرائيلي في محكمة العدل الدولية؛ أن إسرائيل لم تمنع دخول المساعدات لغزة، وأن مصر هي المسؤولة بالكامل عن المعبر ويمكنها من اليوم الأول للحرب إدخال المساعدات، لأن العبرة في الموقف المصري هي بالأفعال المصرية العديدة المُحاصرة لغزة، وليس بالتصريحات الرسمية التي تبرر ضعف دخول المساعدات لغزة بتعنت إسرائيل في إدخالها.
فمشاركة النظام المصري في حصار غزة لم تبدأ مع عملية طوفان الأقصى ولكنها بدأت مع توليه السلطة، حينما بدأ بهدم الأنفاق الواصلة بين غزة ورفح المصرية، ثم قرر في تشرين الأول/ أكتوبر 2014 تنفيذ عملية إخلاء منطقة الشريط الحدودى لمدينة رفح المصرية لمسافة 300 متر، وقام بتدمير المنازل الموجودة في تلك المسافة، لمنع وجود أنفاق توصل السلع إلى أهل غزة المُحاصرين منذ عام 2007، حتى أن عملية الإخلاء بدأت قبل صدور قرار رئيس الوزراء بعزل المنطقة المقترحة وإخلائها، وأنه في حالة امتناع أي مقيم في المنطقة عن الإخلاء بالطريق الودي، يتم الاستيلاء جبرا على ما يملكه أو يحوزه أو يضع يده عليه من عقارات أو منقولات.
وامتدت مسافة الإخلاء من المنازل إلى 500 متر خلال أيام قليلة. ففي يناير 2015 أي بعد شهرين من المرحلة الأولى، بدأت المرحلة الثانية لمد منطقة الإخلاء لمسافة 500 مترا أخرى، وإعلان محافظ شمال سيناء اعتزام السلطات المصرية إزالة مدينة رفح بالكامل لإنشاء منطقة عازلة على الحدود مع غزة.
وذلك في ضوء الإعلان الرسمي عن استهداف بلوغ مسافة المنطقة العازلة ما بين خمسة إلى ستة كيلومترات من الحدود مع غزة، وما تلاه من صدور قرار ثان لرئيس الوزراء في أبريل 2015 بامتداد الإخلاء، وانتهاء المرحلة الثالثة بطول 1500 متر بنهاية أكتوبر 2017، لتتم مهمة الإخلاء كاملة ما بين 2014 وحتى أوائل 2018.
وإن كانت قد وصلت مسافة المنطقة العازلة التي شهدت هدما للبيوت، واستيلاء على الأراضي الزراعية حسب خرائط جوجل إلى 7.5 كيلومتر في بعض الأماكن، و8.5 كيلومتر في مناطق أخرى بل و9 كيلومترات في قرية الخرافين، أي بزيادة أربعة كيلومترات عما أُعلن من قبل، لتصعيب المهمة على إمكانية وجود أنفاق تربط سيناء بغزة، حيث أعلن الجنرال بتصريحات علنية في أكتوبر 2019، بأن إخلاء رفح كان بهدف التخلص من الأنفاق.
حزام حدودي واتهامات متكررة لحماس
ولم تكتف السلطات بوجود حاجز خرساني ما بين رفح وغزة يمتد لمسافات عميقة في باطن الأرض، حيث واكب حركة الإخلاء على أرض رفح المصرية عددا من الإجراءات السياسية، منها اتهام الرئيس محمد مرسي خلال محبسه بالتخابر مع حماس، ثم اتهام السلطات المصرية لحماس بالتورط في تفجير مديرية أمن الدقهلية في يناير 2014، وقرار محكمة الأمور المستعجلة في القاهرة، في مارس 2114، بحظر أنشطة حماس في مصر ، والأمر بإغلاق مكاتبها ومصادرة أموالها، واعتقال أي عضو من حماس موجود بمصر.
وفي شباط / فبراير 2015 صنفت محكمة الأمور المستعجلة حماس على أنها منظمة إرهابية، بعد اتهامها بشن هجمات إرهابية عبر الأنفاق التي تربط سيناء بغزة، إلا أنه بعد أربعة أشهر صدر حكم آخر من محكمة الأمور المستعجلة بنقض الحكم السابق وإلغائه.
وفي أغسطس 2015 وخلال اتجاه حافلة تقل ركابا فلسطينيين قادمين من غزة في طريقهم للقاهرة، وهي الحافلات التي يرافقها الأمن المصري عادة، قام مجهولون مصريون بإيقاف الحافلة في رفح المصرية واختطاف أربعة من الركاب الغزيين.
وفي مارس 2016 اتهم وزير الداخلية المصري حركة حماس بالمشاركة في اغتيال النائب العام المصري هشام بركات، وبعد ذلك بأسبوع واحد استقبلت القاهرة وفدا من قيادات حماس لإجراء مباحثات مع قيادات المخابرات المصرية.
الإغلاق يغلب على معبر رفح
وانعكست تلك العلاقات المتوترة على معبر رفح الحدودي الذي يربط غزة بمصر، حيث كان الإغلاق هو الأمر الغالب له منذ تولي الجيش السلطة في يوليو 2013، ليتم فتحته على فترات متقطعة رغم أن غالب رواده من طلاب غزة الذين يدرسون في مصر أو في غيرها من الدول، وكذلك من المرضى الذاهبين للعلاج في مصر، إلى جانب بعض التجار الساعين لشراء بضائع مصرية، وهو ما يبين استفادة مصر من ذلك العبور للأفراد من خلال ما يتم تحصيله من رسوم منهم، أو من خلال السياحة العلاجية والتعليمية أو بترويج البضائع المصرية.
وظل الحاجز النفسي من قبل السلطات المصرية تجاه حماس المرتبطة بالإخوان المسلمين، حسب نظرته لها، يمثل عائقا أمام تحول العلاقات إلى الشكل الطبيعي، رغم تصريح الشيخ أحمد ياسين خلال حياته بأنهم كانوا مرتبطين بإخوان الأردن وليس بإخوان مصر، إلى جانب إعلان حماس منذ مايو 2017 فك ارتباطها بتنظيم الإخوان المسلمين، إلى جانب نص ميثاق تأسيس حماس على تركيزها على الكفاح ضد العدو الإسرائيلي، والابتعاد عن أي سلوك مضاد ضد أي نظام عربي تجميعا للصف، وحرص القيادات الحمساوية على عدم الإساءة إلى أية دولة عربية، أو حاكم عربي مهما كان تصرفه تجاه الفلسطينيين، فما بالنا بمصر التي تمثل المنفذ الوحيد لهم على العالم في ظل الإغلاق المتكرر للمعابر الإسرائيلية على غزة، والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة عليها منذ عام 2006 إلى 2008 و2012 و2014 وحتى 2021.
لكن فتور العلاقة مع حماس دفعت لعدم استجابة النظام المصري لمطلب غزة القديم والمتكرر منذ ما قبل خروج إسرائيل من غزة عام 2005، بإقامة منطقة حرة على الحدود المصرية الغزية، تكفل لسكان غزة وتجارها شراء احتياجاتهم من البضائع المصرية، بدلا من إجبارهم على استيراد غالبية السلع من إسرائيل، الأمر الذي يساهم في زيادة الصادرات المصرية وزيادة إيرادات النقد الأجنبي.
استثمار الحرب لحل المشكلة الاقتصادية
وجاءت الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2021 بمثابة فرصة للنظام المصري لتحسين علاقاته بالرئيس الأمريكي، الذي اتصل بالجنرال المصري أكثر من مرة بعد طول انقطاع منذ توليه السلطة. وهكذا أصبح استثمار العلاقة المصرية مع غزة وسيلة لتعضيد علاقتها بالدول الأوروبية أيضا، ليجيء طوفان الأقصى كفرصة أكبر ولذلك تماهى خلالها الموقف المصري مع الموقف الأمريكي الغربي الساعي للقضاء على حماس، من خلال إبطاء إدخال المساعدات والوقود لأيام عديدة بعد الحظر الإسرائيلي للغذاء والدواء والوقود والكهرباء، والتحجج بأن إسرائيل هي السبب، ومحدودية أعداد الجرحى الذين يتم السماح لهم بالدخول للعلاج، وعدم السماح للراغبين في دخول غزة من الأطباء والممرضين والناشطين المصريين.
كما توسع وسائل الإعلام المصرية بنشر صور طوابير أطفال غزة للحصول على الغذاء، إلى غير ذلك من وسائل الحرب النفسية بنشر تصريحات الساسة الإسرائيليين وروايتهم لمجريات الحرب، كوسيلة لدفع جانب من أهالي غزة المُحاصرين للتراجع عن مساندتهم للمقاومة وشق الصف الغزي، فربما من تحمّل منهم انهيار مسكنه وفقدان كثيرا من أفراد أسرته وعائلته، لن يتحمل بعضهم الجوع وبرد الشتاء وقسوة المعيشة، وكلما تأخر حدوث ذلك شاركوا في إطالة فترة الحرب لمزيد من الضغط على المقاومة من جانب، وعلى سكان غزة من جانب آخر من خلال قلة الغذاء والعلاج والوقود والأمان.
وأثمر ذلك الموقف المتخاذل ومنع الجمهور من التعبير عن مساندته لغزة، ولو حتى بأداء صلاة الغائب على أرواح الشهداء في المساجد، عن مساندة أمريكية أوروبية لدعم الموقف المصري من خلال صندوق النقد الدولي، الذي أعلن استعداده لزيادة قرضه لمصر متعللا بالتأثير السلبي لتداعيات الحرب عليها، وإعلان الاتحاد الأوروبي نيته توسيع استثماراته في مصر.
وربما يدفعون دول الخليج لإعادة مد النظام المصري بقروض جديدة تساعده على تجاوز أزمة نقص العملات الأجنبية وصعوبة سداد أقساط الديون الخارجية، ليصبح الرهان على استمرار معاناة سكان غزة والسعي للقضاء على المقاومة، كوسيلة للخروج من المأزق الاقتصادي الحالي.
*ممدوح الولي كاتب صحفي اقتصادي، رئيس مجلس إدارة الأهرام الأسبق
المصدر | عربي21المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل مصر غزة حماس المقاومة حصار النظام المصري معبر رفح طوفان الأقصى صندوق النقد الدولي الموقف المصری النظام المصری رفح المصریة للقضاء على معبر رفح من خلال فی مصر
إقرأ أيضاً:
أول تعليق إيراني على اعتراف إسرائيل باغتيال هنية
نددت إيران، أمس الثلاثاء، بما وصفته اعتراف إسرائيل "الوقح" باغتيال زعيم حماس اسماعيل هنية في طهران، في وقت سابق من هذا العام، حيث اتهمت إسرائيل بارتكاب "جريمة بشعة"، كما دافعت عن الهجوم الصاروخي الذي شنته على إسرائيل، في ردها على الاغتيال.
وقال مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إرافاني، في رسالة موجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة،: "هذه هي المرة الأولى التي يقر فيها كيان الاحتلال بوقاحة بمسؤوليته عن ارتكاب هذه الجريمة البشعة".
ووصف إيرافاني، أمس قتل إسرائيل لهنية، بأنه "جريمة بشعة"، قائلاً إن تصريح كاتس أظهر أن الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل كان مبرراً.
وأضاف: "كما يؤكد مجدداً شرعية الرد الدفاعي الإيراني في 1 أكتوبر (تشرين الاول)2024 وقانونيته، فضلا عن موقف إيران الثابت بأن نظام الاحتلال والإرهاب الإسرائيلي لا يزال يمثل أخطر تهديد للسلام والأمن الإقليميين والدوليين".
In a shameless admission, the regime’s Minister of Warmongering confessed to the assassination of Ismail Haniyeh, the political leader and former Prime Minister of Palestine, during his visit to Tehran. This brazen act underscores Israel’s role in terrorism, legitimizes Iran’s… pic.twitter.com/hBgPpYoMi7
— I.R.IRAN Mission to UN, NY (@Iran_UN) December 24, 2024وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الإثنين، أن بلاده قتلت رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، في أول اعتراف علني بأن بلاده تقف وراء مقتل هنية.
هددت بقطع رؤوس الحوثيين..إسرائيل: أسقطنا الأسد وأعمينا إيران وقتلنا هنية - موقع 24قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الإثنين إن بلاده قتلت رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران في وقت سابق من هذا العام، وهدد المتمردين الحوثيين في اليمن بـ "قطع رؤوس" قياداتهم.وقُتل هنية، الذي كان يُنظر إليه على أنه يقود مفاوضات حماس من أجل وقف إطلاق النار في غزة، في طهران يوم 31 يوليو (تموز)، بانفجار عبوة ناسفة، قيل أنها زرعت من قبل عملاء إسرائيليين.
وحينها حمّلت إيران وحماس، إسرائيل مسؤولية مقتل هنية، قبل اعترافها بذلك.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعلنت إيران عن إطلاق 200 صاروخ على إسرائيل، في رد واضح على عملية الاغتيال. لكن إسرائيل قالت إنه جرى اعتراض معظمها إما بواسطة دفاعاتها الجوية أو دفاعات تابعة لحلفائها.
رداً على اغتيال هنية ونصرالله ونيلفوروشان..إيران تطلق عشرات الصواريخ على إسرائيل - موقع 24أعلن الحرس الثوري الإيراني، الثلاثاء، إطلاق عشرات الصواريخ على إسرائيل، متوعداً باستهدافها مجدداً، إذا ردت على الهجوم.وفي 27 سبتمبر (أيلول) اغتالت إسرائيل الأمين العام لتنظيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله، في تفجير في بيروت، ثم قتلت يحيى السنوار، خليفة هنية، في 16 أكتوبر (تشرين الأول) في غزة.
ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن السنوار هو العقل المدبر للهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والذي أشعل فتيل الحرب المستمرة في قطاع غزة.