◄ طائرات الاحتلال قصفت المخابز لتضيق الخناق على المدنيين

◄ إسرائيل تسير على نهج "ألمانيا النازية" في الحرب العالمية الثانية

منظمة إسرائيلية: الجيش تعمد سياسة التجويع وحرمان أهالي غزة من الغذاء

"هيومن رايتس ووتش": تجويع المدنيين جريمة حرب

نزوح 85% من سكان غزة بسبب القصف المتواصل

 

الرؤية- عبدالله الشافعي

لم يترك الاحتلال الإسرائيلي أي جريمة إنسانية إلا وارتكبها في حربه الغاشمة على قطاع غزة، إذ تحاول إسرائيل إبادة أهالي غزة وتدمير القطاع المحاصر منذ 17 عامًا بشكل كامل.

ومن الأسلحة التي لجأ إليها الاحتلال في هذه الحرب، هو سلاح التجويع وتضييق الحصار ومنع دخول المساعدات الإنسانية والغذائية، ليهرب الفلسطينيون من الموت قصفا إلى الموت جوعا وعطشا.

ومنذ اليوم الأول من الحرب التي بدأت في السابع من أكتوبر، قررت سلطات الاحتلال قطع الكهرباء والمياه عن القطاع، ليواجه أهالي غزة المآسي الإنسانية التي لم يشهدها العالم من قبل في تاريخيه الحديث، وسط إدانات دولية، إلا أن الاحتلال الذي ضرب بالقوانين الدولية عرض الحائط، لا يبالي بالدعوات التي تطلقها الدول والمنظمات الحقوقية.

وفي الأيام الأولى من الحرب، منع جيش الاحتلال دخول الشاحنات عبر المعابر الحدودية، وشحّت المواد الغذائية في المنازل والمراكز التجارية، ليبقى الخيار الوحيد أمام أهالي غزة هو الخبز، لكن طائرات الاحتلال لم تترك هذا الخيار باقيا وقصفت المخابز وارتكبت مذابح دموية باستهداف المئات من السكان العالقين في طوابير الحصول على رغيف الخبز.

وتتعمد إسرائيل مثل هذه الممارسات لكي يعيش أهالي غزة في مجاعة تدفعهم للتهجير القسري إلى خارج حدودهم أو الإدلاء بأي معلومات حول فصائل المقاومة وقادتهم أو أسرى الاحتلال في غزة، إلا أن الشعب الفلسطيني أثبت قدرته على الصمود في وجه الانتهاكات الإنسانية غير المسبوقة.

ويحاول الاحتلال الإسرائيلي السير على نفس النهج الذي سارت عليه ألمانيا النازية، وهو "خطة الجوع" التي لجأت إليها ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، ولو لم تهزم ألمانيا في هذه الحرب لأدت المجاعة إلى موت نحو 20 مليون شخص أو أكثر في الأراضي التي يسيطر عليها الاتحاد السوفييتي، ومع ذلك فإن مئات الآلاف ماتوا جوعًا أثناء الحصار الألماني لمدينة لينينغراد "سانت بطرسبرغ" في الاتحاد السوفياتي بين عامي 1941-1944.

وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة- في بيان له- أن "800 ألف فلسطيني مهددون بالموت بسبب سياسة التجويع والتعطيش الإسرائيلية، مضيفا: "ندق ناقوس الخطر من جديد حول تركيز جيش الاحتلال الإسرائيلي على إيقاع مجاعة حقيقية في محافظتي غزة وشمال غزة بشكل مقصود ومتعمّد، وما يؤكد ذلك هو منعه إدخال المساعدات والإمدادات والمواد الغذائية والتموينية، وكذلك إطلاق النار على الشاحنات التي تحاول الوصول إلى المحافظتين، وقتل أكثر من 14 شهيدا كانوا يبحثون عن لقمة طعام يأكلونها، وكذلك استهدافه لجميع خطوط مياه الشرب والآبار وتعطيله لكل مناحي الحياة تماما".

 

وأكد البيان، أن "استمرار سياسة التجويع والتعطيش يعني أن قرابة 800 ألف مواطن من أبناء شعبنا في محافظتي غزة والشمال يهددهم الموت نتيجة ذلك، وهذه السياسة المفضوحة تؤكد على النية المبيتة لحكومة الاحتلال بارتكاب حرب إبادة جماعية وتهجير المواطنين من منازلهم قسريا تحت تهديد القتل والسلاح والقصف والتجويع والتعطيش، في مخالفة واضحة للقانون الدولي وللقانون الدولي الإنساني ولكل المعاهدات الدولية الأخرى".

 

وتابع: "محافظة شمال غزة تحتاج حاليًا إلى 600 شاحنة من المساعدات والمواد الغذائية وذلك بشكل يومي، كما تحتاج محافظة غزة إلى 700 شاحنة يوميا أيضًا لضمان عدم حدوث مجاعة حقيقية في المحافظتين".

واتهمت منظمة "بيتسيلم" الإسرائيلية- مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة- السلطات الإسرائيلية بممارسة سياسة التجويع، بحق قطاع غزة، وذلك في تقرير صادر في 8 يناير الجاري، والذي أشار إلى أن جميع سكان غزة وعددهم 2.2 مليون شخص "يعانون من الجوع، كنتيجة مباشرة لسياسة إسرائيل المعلنة التي تحرمهم من الغذاء".

وأشار تقرير"بيتسيلم" إلى أن واقع الجوع في قطاع غزّة "ليس من النتائج الجانبيّة، الناجمة عن الحرب، وإنّما هو نتيجة مباشرة لسياسة مُعلنة تطبّقها إسرائيل، كما أن الغالبية العظمى من الحقول الزراعيّة دُمّرت، بينما المخابز والمصانع ومخازن الغذاء إمّا قُصفت أو أغلقت لانعدام الموادّ الأساسيّة والوقود والكهرباء".

وذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن إسرائيل تستخدم تجويع المدنيين كسلاح في قطاع غزة ما يشكل جريمة حرب، وطالبت الحكومة الإسرائيلية بالتوقف عن ذلك ورفع حصارها على غزة.

كما أكدت المنظمة المعنية بحقوق الإنسان أن الجيش الإسرائيلي يتعمد منع إيصال المياه والغذاء والوقود ويعرقل المساعدات الإنسانية لغزة.

وفي ظل هذه الأزمة الإنسانية، وبعد تفاقم أزمة المياه الصالحة للشرب، اضطر سكان القطاع لشرب المياه المالحة، إذ لم تعد محطة التحلية الكبرى تعمل نتيجة نفاد الوقود والقصف المتواصل، كما تم استهداف خزان المياه الرئيسي في منطقة تل الزعتر شمالي قطاع غزة، وقصف مضخات المياه، مما أدى إلى تدفق المياه في الشوارع وإغراق منازل المواطنين.

ولجأ الفلسطينيون بسبب نفاد الوقود إلى العودة للحياة البدائية، والاعتماد على الحطب لصنع الخبز، بالإضافة إلى استخدام أفران الطين، وبعد نفاد الحطب بدؤوا في حرق الكرتون والأوراق والملابس.

وإلى جانب هذه المأساة، يعيش الفلسطينيون مأساة أخرى وهي النزوح الداخلي بسبب القصف الذي طال كل مناطق قطاع غزة، إذ تشير تقديرات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، إلى أن 1.9 مليون شخص نزحوا داخليا بسبب الحرب في غزة، أي ما يقرب من 85% من السكان.

 

 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

معضلة إسرائيل القادمة.. من يدير قطاع ​​غزة بعد الحرب؟

تتمثل الخطة التي عرضتها إسرائيل لغزة ما بعد الحرب، على حلفاء الولايات المتحدة، في إدارة القطاع بالتعاون مع عشائر محلية ذات نفوذ.

لكن المشكلة هي أنه لا أحد يرغب في أن يُرى وهو يتحدث إلى العدو في مكان ما زالت تتمتع فيه حركة حماس بنفوذ قوي جدا.

وتتعرض إسرائيل لضغوط من واشنطن لوقف نزيف الخسائر البشرية وإنهاء هجومها العسكري بعد نحو 9 أشهر، لكنها لا تريد أن تتولى حماس المسؤولية بعد الحرب.

ومن ثم، يحاول المسؤولون الإسرائيليون رسم مسار لما بعد توقف القتال.

وبحسب تصريحات علنية لمسؤولين إسرائيليين بارزين فإن أحد الركائز الأساسية للخطة يتمثل في تشكيل إدارة مدنية بديلة تضم جهات فلسطينية محلية ليست جزءا من هياكل السلطة القائمة ومستعدة للعمل مع إسرائيل.

لكن المرشحين المعقولين الوحيدين في غزة لهذا الدور، وهم رؤساء العشائر المحلية القوية، غير مستعدين للمشاركة، وفقا لمحادثات أجرتها رويترز مع 5 أفراد من العشائر الكبيرة في غزة ومن بينهم رئيس إحدى العشائر.

وقالت تهاني مصطفى، المحللة البارزة في الشأن الفلسطيني في مجموعة الأزمات الدولية، وهي مركز أبحاث مقره بروكسل، إن إسرائيل "تبحث جاهدة عن عشائر وعائلات محلية على الأرض للعمل معها... وهم يرفضون".

وقالت تهاني التي لها اتصالات ببعض العائلات وأصحاب المصلحة المحليين الآخرين في غزة، إن العشائر لا تريد المشاركة، ويرجع ذلك جزئيا إلى خوفها من انتقام حماس.

وهذا التهديد حقيقي لأنه، على الرغم من هدف إسرائيل الصريح من الحرب المتمثل في تدمير حماس، ما زال للحركة أفراد فاعلون يفرضون إرادتها في شوارع غزة، وفقا لستة من السكان تحدثوا مع رويترز.

وردا على سؤال عن النتيجة التي سيحصل عليها أي رئيس عشيرة ذات نفوذ في غزة إذا تعاون مع إسرائيل، قال إسماعيل الثوابتة، مدير المكتب الإعلامي الحكومي لحماس في غزة "أتوقع أن يكون الرد مميتا لأي عشيرة أو جهة ترتضي أن تنفذ مخططات الاحتلال، أتوقع أن يكون الرد مميتا من قبل فصائل المقاومة".

واعترف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتحديات الأسبوع الماضي، قائلا في مقابلة مع القناة 14 التلفزيونية الإسرائيلية إن وزارة الدفاع حاولت بالفعل التواصل مع العشائر في غزة لكن "حماس" قضت على المحاولات.

وأضاف أن وزارة الدفاع لديها خطة جديدة لكنه لم يذكر تفاصيل سوى الإشارة إلى عدم رغبته في مشاركة السلطة الفلسطينية التي تحكم حاليا الضفة الغربية المحتلة.

خطط ما بعد الحرب

وناقش وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خطط ما بعد الحرب في اجتماع عُقد في واشنطن الأسبوع الماضي مع مسؤولين أميركيين.

وقال غالانت في مؤتمر صحفي خلال الزيارة: "الحل الوحيد لمستقبل غزة هو أن يحكمها الفلسطينيون المحليون. لا يتعين أن تكون إسرائيل ولا يتعين أن تكون حماس"، ولم يذكر العشائر تحديدا.

وشنت إسرائيل هجومها على غزة ردا على هجوم بقيادة حماس في 7 أكتوبر من العام الماضي تمخض عن مقتل 1200 شخص معظمهم من المدنيين واحتجاز نحو 250 رهينة وفقا لإحصاء إسرائيلي.

وتقول السلطات الصحية الفلسطينية إن الحملة البرية والجوية التي تشنها إسرائيل على غزة أدت إلى مقتل نحو 38 ألف شخص، معظمهم من المدنيين، وتقول إسرائيل إن كثيرين من القتلى من المقاتلين الفلسطينيين.

عشائر قوية

في غزة، يوجد عشرات من العائلات صاحبة النفوذ تعمل كعشائر منظمة تنظيما جيدا، وكثيرون منها لا روابط لهم رسمية بحماس. تستمد العشائر قوتها من السيطرة على النشاط الاقتصادي وتتمتع بولاء مئات أو آلاف من الأقارب، ولكل عائلة زعيم له لقب "المختار". اعتمد الحكام الاستعماريون البريطانيون لفلسطين قبل إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948 بشكل كبير على هؤلاء الزعماء (المخاتير) في الحكم. بعد السيطرة على غزة عام 2007، قلصت حماس منقوة العشائر. لكن هذه العشائر احتفظت بدرجة من الاستقلالية. تتحدث إسرائيل بالفعل مع بعض التجار في غزة لتنسيق الشحنات التجارية عبر نقطة تفتيش في الجنوب. ويتردد السكان في الكشف عن أي تعاملات مع إسرائيل.

ووصف أفراد من عشائر غزة التقارب مع إسرائيل بأنه كان محدود النطاق وتعلق بقضايا عملية داخل غزة نفسها، وركز على شمال القطاع، حيث تقول إسرائيل إنها تركز جهودها في الحكم المدني.

موقف الجيش الإسرائيلي

ويقول مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنجبي في تعليقات الأسبوع الماضي إن الحكومة فوّضت الجيش الإسرائيلي لمهمة إيجاد "قيادة محلية ترغب في العيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل ولا تكرس حياتها لقتل الإسرائيليين".

وإلى جانب الإدارة المدنية، تشمل الركائز الأخرى لخطة إسرائيل لغزة بعد الحرب جلب قوة أمنية من الخارج للحفاظ على النظام والسعي إلى الحصول على مساعدة دولية في إعادة الإعمار والبحث عن تسوية سلمية طويلة الأجل.

وتقول الدول العربية التي تحتاج إسرائيل إلى دعمها إنها لن تتدخل ما لم توافق إسرائيل على جدول زمني واضح لإقامة دولة فلسطينية، وهو الأمر الذي يقول نتنياهو إنه لن يُرغم على القيام به.

وخلال فترة الحرب دعت واشنطن إلى إجراء إصلاحات لتعزيز السلطة الفلسطينية وتجهيزها لحكم غزة التي كانت تديرها في السابق.

وذكر نتنياهو أنه لا يثق في السلطة الفلسطينية، وفي المقابل تقول السلطة الفلسطينية إنه يسعى إلى الإبقاء على حالة الانقسام بين قطاع غزة والضفة الغربية.

ووفقا لاستطلاع نشره المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في 12 يونيو، فإن الدعم للسلطة الفلسطينية ضعيف بين سكان غزة.

ومع ذلك قال مسؤولان أميركيان لرويترز إن نتنياهو قد لا يكون أمامه خيار سوى تسليم مهمة الأمن للسلطة الفلسطينية.

حماس القوة الأبرز

أظهر استطلاع المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية أنبعض سكان غزة يلقون باللوم على حماس في إشعال الحرب، فيما اقترب البعض الآخر أكثر ناحية الحركة غضبا من الهجوم الإسرائيلي، ولاسيما مع التزام الجماعة المعلن بتدمير إسرائيل.

وتدرك حماس أنها من غير المرجح أن تحكم بعد الحرب، لكنها تتوقع الاحتفاظ بنفوذها.

وقال أحد سكان القطاع إنه رأى أفرادا من الشرطة التابعة لحماس يتجولون في شوارع مدينة غزة في يونيو ويحذرون التجار من رفع الأسعار.

وأضاف طالبا عدم ذكر اسمه خوفا من العواقب أنهم كانوا يرتدون ملابس مدنية بدلا من الزي المتعارف عليه ويتنقلون بدراجات.

وقال أربعة من سكان المدينة تحدثوا إلى رويترز إن مسلحي حماس تدخلوا للسيطرة على شحنات المساعدات وقتلوا بعض الشخصيات المعروفة المنتمية إلى العشائر في بداية العام الجاري بعدما حاولوا الاستيلاء على شحنات في مدينة غزة.

مقالات مشابهة

  • المرتزقة والعملاء.. سلاح الاحتلال السري في قطاع غزة
  • محلل فلسطيني: إسرائيل تعمل بشكل ممنهج لإطالة زمن الحرب على غزة (فيديو)
  • مرض الجرب يهدد أهالي غزة بعد انهيار المنظومة الصحية
  • هآرتس تحذر من استيطان طويل في غزة.. حكومة نتنياهو تندفع نحو كارثة
  • غزة: التعطيش من أسلحة إسرائيل في جريمة الإبادة وفرض المجاعة
  • الأورومتوسطي: المجاعة والتعطيش من أسلحة "إسرائيل" في جريمة الإبادة ضد غزة
  • تقرير: جرائم القتل والسرقة تعمّق الفوضى في قطاع غزة
  • ‏نتنياهو: الولايات المتحدة تدرك أن إسرائيل يجب أن تفوز بهذه الحرب
  • رفض عشائري لإدارة قطاع غزة.. وعجز إسرائيلي عن إيجاد بديل لحماس
  • معضلة إسرائيل القادمة.. من يدير قطاع ​​غزة بعد الحرب؟