سلاح التجويع يهدد حياة 800 ألف فلسطيني في غزة
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
◄ طائرات الاحتلال قصفت المخابز لتضيق الخناق على المدنيين
◄ إسرائيل تسير على نهج "ألمانيا النازية" في الحرب العالمية الثانية
◄ منظمة إسرائيلية: الجيش تعمد سياسة التجويع وحرمان أهالي غزة من الغذاء
◄ "هيومن رايتس ووتش": تجويع المدنيين جريمة حرب
◄ نزوح 85% من سكان غزة بسبب القصف المتواصل
الرؤية- عبدالله الشافعي
لم يترك الاحتلال الإسرائيلي أي جريمة إنسانية إلا وارتكبها في حربه الغاشمة على قطاع غزة، إذ تحاول إسرائيل إبادة أهالي غزة وتدمير القطاع المحاصر منذ 17 عامًا بشكل كامل.
ومن الأسلحة التي لجأ إليها الاحتلال في هذه الحرب، هو سلاح التجويع وتضييق الحصار ومنع دخول المساعدات الإنسانية والغذائية، ليهرب الفلسطينيون من الموت قصفا إلى الموت جوعا وعطشا.
ومنذ اليوم الأول من الحرب التي بدأت في السابع من أكتوبر، قررت سلطات الاحتلال قطع الكهرباء والمياه عن القطاع، ليواجه أهالي غزة المآسي الإنسانية التي لم يشهدها العالم من قبل في تاريخيه الحديث، وسط إدانات دولية، إلا أن الاحتلال الذي ضرب بالقوانين الدولية عرض الحائط، لا يبالي بالدعوات التي تطلقها الدول والمنظمات الحقوقية.
وفي الأيام الأولى من الحرب، منع جيش الاحتلال دخول الشاحنات عبر المعابر الحدودية، وشحّت المواد الغذائية في المنازل والمراكز التجارية، ليبقى الخيار الوحيد أمام أهالي غزة هو الخبز، لكن طائرات الاحتلال لم تترك هذا الخيار باقيا وقصفت المخابز وارتكبت مذابح دموية باستهداف المئات من السكان العالقين في طوابير الحصول على رغيف الخبز.
وتتعمد إسرائيل مثل هذه الممارسات لكي يعيش أهالي غزة في مجاعة تدفعهم للتهجير القسري إلى خارج حدودهم أو الإدلاء بأي معلومات حول فصائل المقاومة وقادتهم أو أسرى الاحتلال في غزة، إلا أن الشعب الفلسطيني أثبت قدرته على الصمود في وجه الانتهاكات الإنسانية غير المسبوقة.
ويحاول الاحتلال الإسرائيلي السير على نفس النهج الذي سارت عليه ألمانيا النازية، وهو "خطة الجوع" التي لجأت إليها ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، ولو لم تهزم ألمانيا في هذه الحرب لأدت المجاعة إلى موت نحو 20 مليون شخص أو أكثر في الأراضي التي يسيطر عليها الاتحاد السوفييتي، ومع ذلك فإن مئات الآلاف ماتوا جوعًا أثناء الحصار الألماني لمدينة لينينغراد "سانت بطرسبرغ" في الاتحاد السوفياتي بين عامي 1941-1944.
وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة- في بيان له- أن "800 ألف فلسطيني مهددون بالموت بسبب سياسة التجويع والتعطيش الإسرائيلية، مضيفا: "ندق ناقوس الخطر من جديد حول تركيز جيش الاحتلال الإسرائيلي على إيقاع مجاعة حقيقية في محافظتي غزة وشمال غزة بشكل مقصود ومتعمّد، وما يؤكد ذلك هو منعه إدخال المساعدات والإمدادات والمواد الغذائية والتموينية، وكذلك إطلاق النار على الشاحنات التي تحاول الوصول إلى المحافظتين، وقتل أكثر من 14 شهيدا كانوا يبحثون عن لقمة طعام يأكلونها، وكذلك استهدافه لجميع خطوط مياه الشرب والآبار وتعطيله لكل مناحي الحياة تماما".
وأكد البيان، أن "استمرار سياسة التجويع والتعطيش يعني أن قرابة 800 ألف مواطن من أبناء شعبنا في محافظتي غزة والشمال يهددهم الموت نتيجة ذلك، وهذه السياسة المفضوحة تؤكد على النية المبيتة لحكومة الاحتلال بارتكاب حرب إبادة جماعية وتهجير المواطنين من منازلهم قسريا تحت تهديد القتل والسلاح والقصف والتجويع والتعطيش، في مخالفة واضحة للقانون الدولي وللقانون الدولي الإنساني ولكل المعاهدات الدولية الأخرى".
وتابع: "محافظة شمال غزة تحتاج حاليًا إلى 600 شاحنة من المساعدات والمواد الغذائية وذلك بشكل يومي، كما تحتاج محافظة غزة إلى 700 شاحنة يوميا أيضًا لضمان عدم حدوث مجاعة حقيقية في المحافظتين".
واتهمت منظمة "بيتسيلم" الإسرائيلية- مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة- السلطات الإسرائيلية بممارسة سياسة التجويع، بحق قطاع غزة، وذلك في تقرير صادر في 8 يناير الجاري، والذي أشار إلى أن جميع سكان غزة وعددهم 2.2 مليون شخص "يعانون من الجوع، كنتيجة مباشرة لسياسة إسرائيل المعلنة التي تحرمهم من الغذاء".
وأشار تقرير"بيتسيلم" إلى أن واقع الجوع في قطاع غزّة "ليس من النتائج الجانبيّة، الناجمة عن الحرب، وإنّما هو نتيجة مباشرة لسياسة مُعلنة تطبّقها إسرائيل، كما أن الغالبية العظمى من الحقول الزراعيّة دُمّرت، بينما المخابز والمصانع ومخازن الغذاء إمّا قُصفت أو أغلقت لانعدام الموادّ الأساسيّة والوقود والكهرباء".
وذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن إسرائيل تستخدم تجويع المدنيين كسلاح في قطاع غزة ما يشكل جريمة حرب، وطالبت الحكومة الإسرائيلية بالتوقف عن ذلك ورفع حصارها على غزة.
كما أكدت المنظمة المعنية بحقوق الإنسان أن الجيش الإسرائيلي يتعمد منع إيصال المياه والغذاء والوقود ويعرقل المساعدات الإنسانية لغزة.
وفي ظل هذه الأزمة الإنسانية، وبعد تفاقم أزمة المياه الصالحة للشرب، اضطر سكان القطاع لشرب المياه المالحة، إذ لم تعد محطة التحلية الكبرى تعمل نتيجة نفاد الوقود والقصف المتواصل، كما تم استهداف خزان المياه الرئيسي في منطقة تل الزعتر شمالي قطاع غزة، وقصف مضخات المياه، مما أدى إلى تدفق المياه في الشوارع وإغراق منازل المواطنين.
ولجأ الفلسطينيون بسبب نفاد الوقود إلى العودة للحياة البدائية، والاعتماد على الحطب لصنع الخبز، بالإضافة إلى استخدام أفران الطين، وبعد نفاد الحطب بدؤوا في حرق الكرتون والأوراق والملابس.
وإلى جانب هذه المأساة، يعيش الفلسطينيون مأساة أخرى وهي النزوح الداخلي بسبب القصف الذي طال كل مناطق قطاع غزة، إذ تشير تقديرات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، إلى أن 1.9 مليون شخص نزحوا داخليا بسبب الحرب في غزة، أي ما يقرب من 85% من السكان.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
خليل الحية: نبحث في كافة الأبواب والطرق التي يمكن من خلالها وقف العدوان
غزة - صفا
قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والقائم بأعمال رئيس الحركة في قطاع غزة، ورئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية خليل الحية، "نحن اليوم نبحث في كافة الأبواب والمسارات والطرق التي يمكن من خلالها وقف العدوان، ونحن لا نخشى من هذا المطالب، بل نؤكد أننا كشعب فلسطيني، نريد وبكل وضوح وقف العدوان.
وأوضح "الحية"، في كلمة مسجلة بثتها قناة الأقصى الفضائية، يوم الأربعاء، أن الفكرة المطروحة اليوم هي تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة، وهو اقتراح قدمه إخوتنا المصريون، ونحن تعاملنا معه بشكل مسؤول ومتجاوب، نحن موافقون على هذا المقترح، ولكن مع شرط أساسي أن تدير هذه اللجنة غزة بشكل محلي كامل، بحيث تدير كل الأمور المتعلقة بالحياة اليومية هناك.
وأضاف "قمنا في هذا الصدد بعقد اجتماعات متعددة مع الإخوة في حركة فتح وقيادات فلسطينية أخرى في القاهرة، وكانت اللقاءات مثمرة، قطعنا خطوات كبيرة نحو التوافق والانسجام بين جميع الأطراف المعنية، فكرة اللجنة كانت مقبولة من الجميع، ورعاية مصرية مستمرة لدعم هذه المبادرة".
وتابع: "كما أكدت القمة العربية والإسلامية الأخيرة دعمها الكامل لهذه اللجنة، وأكدت اعتمادها تحت مسمى "لجنة الإسناد المجتمعي"، وباركت الجهود المبذولة في هذا المجال. نحن، إن شاء الله، ماضون في تفعيل هذه اللجنة، لأننا نعتقد أنها ستكون خطوة مهمة في إدارة شؤون غزة بشكل محلي، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها القطاع".
وبين "الحية"، أن اللجنة ستكون من مجموعة من المهنيين الفلسطينيين من قطاع غزة، القادرين على العمل في كافة المجالات، مثل الصحة، والتعليم، والشرطة، والأمن، والدفاع المدني، والبلديات، وكل الأعمال التي تساهم في إدارة القطاع بشكل فعال، كما ستكون مسؤولة عن كافة الأعمال الحكومية والعامة.
وأكمل "نحن نعمل على تفعيل هذه اللجنة بشكل فوري، بدءًا من الآن، ليس فقط عندما يتوقف العدوان، بل من خلال المتاح حاليًا لنكون جاهزين لإدارة كافة الأمور الحياتية بشكل محلي".
ونوه إلى أن اللجنة يجب أن تكون على علاقة وثيقة مع الحكومة في الضفة الغربية، بحيث تنسق أعمالها وإدارتها بشكل كامل، غزة ليست معزولة، فهي جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني الفلسطيني، وندعو إلى تنسيق مستمر بين القطاع والضفة، لحماية مصلحة شعبنا الفلسطيني وحمايته من أي انقسامات أو تهديدات.
واستطرد "أعتقد أن هذه اللجنة هي المجال الذي يجب الحديث عنه في الوقت الحالي، إذا تم الاتفاق عليها بشكل رسمي، فإنني أعتقد أنها ستساهم بشكل كبير في وقف العدوان الإسرائيلي، أو على الأقل تسريع عملية وقفه، نحن في حماس مستعدون للعمل على ذلك، وقد عرضنا في أكثر من مرة مقترحات لتسهيل عمل اللجنة في غزة".
وأردف "على سبيل المثال، عرضنا على الإخوة في مصر والسلطة الفلسطينية أن نتفق على فتح معبر رفح، فتح المعبر سيعيد الحياة إلى غزة، ويسهل حركة السفر، ويتيح نقل الجرحى والمرضى، ويساهم في دخول المساعدات الإنسانية والاقتصادية، نحن نسعى لتخفيف معاناة شعبنا بكل الوسائل المتاحة".
وتابع "نحن كذلك مستعدون للاتفاق على إدارة الشرطة الفلسطينية في قطاع غزة، بحيث نعمل معًا على تكليف جهاز الشرطة بتأمين القطاع وتوفير الاستقرار. نحن جاهزون للتنسيق مع الإخوة في السلطة الفلسطينية ومصر لتفعيل هذا الاقتراح بما يضمن الأمن والاستقرار في غزة".
وأوضح "الحية " أن الاحتلال يسعى إلى فصل شمال قطاع غزة عن مدينة غزة في محاولة لتهجير السكان وتجويعهم بهدف كسر إرادتهم.
وأشار إلى أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وجنرالاته يستعرضون في المناطق المدمرة بالشمال، استعدادًا لتنفيذ خطط مستقبلية تتنافى مع القيم الإنسانية.
وأضاف "أن الأوضاع في جنوب القطاع ليست أفضل حالًا، حيث أصبحت رفح شبه خالية من السكان تحت سيطرة الاحتلال الكاملة".
وذكر أن أي فلسطيني يقترب من شمال رفح يُقتل فورًا، بينما تم تدمير أكثر من 500 متر على الحدود المصرية بعمق رفح.
وأشار إلى أن الاحتلال وسّع عملياته في المناطق الوسطى، مستهدفًا مناطق واسعة مثل النصيرات ونتساريم، في حين أنشأ "شريطًا أمنيًا" شرق القطاع، دمر خلاله أكثر من كيلومتر من المساكن على طول الحدود الشرقية.
وحذر الحية من أن هذه الخطط تهدف إلى تقليص المساحة المخصصة للسكان الفلسطينيين، ودفعهم إما إلى التهجير أو الاستسلام، مشيرًا إلى أن الاحتلال يمارس عمليات تجويع ممنهجة، حيث يدعي كذبًا إدخال 250 شاحنة مساعدات يوميًا، في حين أن العدد الفعلي أقل بكثير.
وبين القيادي في حركة حماس، أن الاحتلال الإسرائيلي يحمي اللصوص وقطاع الطرق في قطاع غزة، مؤكداً أن "عمليات سرقة المساعدات تجري بمباركته".
وأشار "الحية"، إلى أن المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة شحيحة واللصوص يسيطرون على جزء كبير منها، "تحت مرأى ومسمع من قوات الاحتلال، الذي يحميهم في كثير من الأحيان"، مبينا أن هنالك جهودا كبيرة لحماية المساعدات.
وقال إن لصوص المساعدات والشاحنات أمام خيارين فقط، "إما أن يواجهوا شعبهم بقوة السلاح والعزل من المجتمع أو يكفوا عن الأمر"، وأضاف "نشد على أيدي الجهات الأمنية والشعبية التي ضربت اللصوص بيد من حديد".
وطالب "الحية"، التجار في القطاع أن يكفوا عن شراء البضائع المسروقة؛ "لأنه يساهم في رفع أسعارها على المواطن".