كمبالا- تستضيف أوغندا، اليوم، قمة دول عدم الانحياز، في توقيت دقيق على مستوى المتغيرات الجيوسياسية عالميا، ولا سيما في أفريقيا التي تشهد تناميا للشعور المعادي لفرنسا، وأوروبا وتهديد توسع الحرب على أوكرانيا، وفي آسيا والحرب الباردة الصينية-الأميركية، وانتهاء بالشرق الأوسط المنقسم ذاتيا وما تشهده فلسطين من تنامي وتعاظم جرائم إسرائيل.

في ظل هذه الخريطة المتشعّبة، تجيب الجزيرة نت أسئلة تتمحور حول دور وتأثير وحضور حركة عدم الانحياز، من نشأة الفكرة، مرورا بالتأسيس، ووصولا إلى الدور الحالي.

ما هي حركة عدم الانحياز؟

في سياق حركات التحرر، العربية منها والأفريقية والآسيوية واللاتينية، التي سادت حقبة الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، نشأت فكرة تكتل دول غير منحازة سياسيا، لا تتبنى مفاهيم الأقطاب الدولية المتصارعة آنذاك، فتبلورت منظمة تجمع 120 بلدا عضوا، غالبيتهم من الدول النامية، انتظمت تحت مظلة حركة عدم الانحياز.

ما الظرف الدولي الدافع للفكرة؟

أعادت الحرب العالمية الثانية تشكيل خريطة القوى الدولية، بين كتلة شرقية بزعامة الاتحاد السوفياتي وكتلة غربية تتزعمها الولايات المتحدة. وساهم تصاعد التنافس الذي تحول إلى توتر عابر للقارات، وسعي كل معسكر لاستمالة دول نامية تمتلك إما مواقع إستراتيجية على البحار والمضائق أو غنية بالثروات أو الاثنين معا، بالدفع نحو طرح الحياد السياسي على أساس احترام القرار المستقل وسيادة تلك الدول.

كيف أسهمت الأحداث في تشكيل فلسفة حركة عدم الانحياز؟

قبيل اتخاذها شكلا ومفهوما مكتملا، انعقد المؤتمر الآسيوي-الأفريقي في باندونغ بإندونيسيا في أبريل/نيسان عام 1955، بمبادرة من الهند وإندونيسيا وميانمار (بورما آنذاك) وسريلانكا (سيلان آنذاك) وباكستان، أسهمت المبادئ التي تمخض عنها المؤتمر في تكوين اللبنة الأولى لفلسفة تشكيل الحركة.

تبنى المؤتمر إعلانا سياسيا مثل رؤية المجتمعين لضوابط العلاقات الدولية والثنائية، أو ما سميت "مبادئ باندونغ العشرة"، وتتضمن التأكيد على الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية للشعوب، وعدم الاعتداء واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.

كما أتت أهداف باندونغ انعكاسا لمخاوف الدول المستقلة حديثا من غرقها في مستنقع الاستقطابات الدولية ثنائية المحور، وبرز طرح تكتل الدول النامية، وتكريس الابتعاد عن أوروبا وأميركا.

متى كان المؤتمر الأول ومن شارك فيه؟

عقد المؤتمر الأول لحركة عدم الانحياز عام 1961 بحضور دول عربية وأفريقية وآسيوية وأوروبية، إضافة لـ3 دول بصفة مراقب من أميركا الجنوبية.

شارك في المؤتمر رؤساء وزعماء 29 دولة، ومن بينهم قادة لحركات تحرر وزعماء حقبة ما بعد الاستعمار، وأبرزهم جواهر لال نهرو، وأحمد سوكارنو، وجمال عبد الناصر.

وتمثل الحضور العربي بمشاركة مصر والسعودية والعراق وسوريا والسودان ولبنان واليمن والأردن وليبيا، إضافة لدول إقليمية وآسيوية من بينها إيران وتركيا والصين وأفغانستان واليابان.

المؤتمر الأول لباندونغ يرجع تاريخه إلى عام 1955 (غيتي) كيف نظرت واشنطن إلى حركة عدم الانحياز؟

نظرت الولايات المتحدة إلى حركة عدم الانحياز بحذر، وتمثلت خشية واشنطن من أن تتبنى الدول المستقلة الأيديولوجيا اليسارية لا سيما في آسيا وأفريقيا والتي عززتها الخطابات الثورية السائدة في تلك الدول آنذاك، ناهيك عن نشاط الأحزاب الشيوعية فيها والتي مثلت طلائع النفوذ السوفياتي في تلك القارات.

ووجدت حكومة الولايات المتحدة نفسها عالقة بين رغبتها في دعم إنهاء الاستعمار، وفق مبادئها المؤسسة للولايات المتحدة، واعتمادها على القوى الاستعمارية الأوروبية كحلفاء ضد الكتلة الشرقية الشيوعية، بحسب ما تظهر وثائق وزارة الخارجية الأميركية، وشعر قادة الولايات المتحدة منذ مؤتمر باندونغ بالقلق من أن الدول التي تعادي الاستعمار يمكن أن تعادي الولايات المتحدة والغرب.

ما الفرص والتحديات أمام الحركة اليوم؟

تنعقد قمة دول عدم الانحياز اليوم في أوغندا على وقع الحرب العدوانية على غزة، وقد شُكّلت للملف الفلسطيني لجنة مختصة في حركة عدم الانحياز.

كما أن القمة تُعقد في قارة باتت ساحة للصراع الدولي، وفي لحظة من التاريخ يبلغ الاقتتال على ثروات باطن الأرض ذروته، والتغير المناخي من أكبر تحدياته.

فهل سترقى القمة إلى مستوى آلام الشعب الفلسطيني والضحايا الذين يتساقطون يوميا؟

أين أخفقت الحركة خلال مسيرتها؟

رغم أنها كانت فتية، فإن الخلافات بدأت تظهر بين أعضاء الحركة مع طرح فكرة التحول إلى كتلة ضاغطة عبر توحيد مسارات التصويت واتجاهاته في الأمم المتحدة، وذلك كان أعلى سقف لها في كشف حساب الحركة منذ تأسيسها.

كما أن مفهوم عدم الانحياز ذاته ومع مرور الوقت بات رمزيا في بعض المواقف، خاصة مع دخول غالبية أعضاء الحركة في تحالفات جانبية مع الدول الكبرى على الصعيد الاقتصادي والتنموي والتي، وإن لم تكن ذات عناوين سياسية، ستربك المواقف الموحدة أمام حسابات المصالح الفردية للأعضاء.

أثرت الخلافات ومراعاة المصالح في ضعف مواقف الحركة ومدى فاعليتها، وظهرت عاجزة أمام تحديات كبرى، بدءا بالقضية الفلسطينية ومرورا بأزمات أفريقيا والصراعات العربية العربية والحرب الأهلية في لبنان وصولا إلى العجز عن لعب دور في منع الحرب بين العراق وإيران وهما عضوان مؤسسان.

وكان موقف الحركة مرتبكا أمام غزو الكويت وحرب الخليج، حتى احتلال العراق، أزمات كثيرة بشريط زمني طويل، لم تفلح الحركة حتى بالوساطات فيها، رغم حفاظها على انعقاد مؤتمراتها وتولية زعماء رئاسة دوراتها، فإنها لم تتجاوز في حصيلتها سقف البيانات والدعوات التي لم تلق أصداء لا عند الدول الأعضاء ولا المنظمات الدولية.

سجل معهد السلام الأميركي أن حركة عدم الانحياز لم تعد لاعبا تجدر ملاحظته على ساحة التكتلات السياسية منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي، حيث جربت في أكثر من مفصل في حرب العراق التي أظهرتها "معارضة صوتية" لا يمكنها اتخاذ قرار على مستوى التعاون في مجال المساعدات الإنسانية، أو حتى التعاون البيني الإنمائي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حرکة عدم الانحیاز الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

ماكرون: أميركا لا تستطيع محاربة الصين وأوروبا في نفس الوقت

نوه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه حاول، خلال لقائه نظيره الأميركي دونالد ترامب في واشنطن، إقناعه بأن أميركا لا تستطيع خوض حرب تجارية ضد الصين وأوروبا في الوقت نفسه.
وأوضح ماكرون في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز": "أتفهم أن الأولوية بالنسبة لكم (للولايات المتحدة) هي الرسوم الجمركية ضد الصين، لأن الصين، كما قال الرئيس ترامب، تتصرف بشكل غير عادل. لكن، اسمعوا، لا يمكنكم شن حرب تجارية ضد الصين وأوروبا في الوقت ذاته."
 وأعرب ماكرون عن أمله في أنه قد نجح في إقناع ترامب بذلك، مشيرًا إلى أن الاقتصادين الأميركي والفرنسي مترابطان بشكل وثيق، وأن فرض الرسوم الجمركية الأميركية سيُعيق كلًا من فرنسا والدول الأوروبية الأخرى عن زيادة الإنفاق الدفاعي.
وأضاف الرئيس الفرنسي: "لا أعتقد أن هناك حاجة حاليًا لزيادة الرسوم الجمركية، لكن هناك حاجة ملحة لزيادة إنفاقنا (الدول الأوروبية) على الدفاع والأمن. كيف يمكنكم أن تطلبوا منا تعزيز الأمن وزيادة الإنفاق الدفاعي بينما نحن في خضم حرب تجارية؟"
 وتابع: "نحن لسنا بحاجة إلى حرب تجارية، بل إلى رخاء مشترك. لقد أعلنت عن استثمارات في الذكاء الاصطناعي في فرنسا بقيمة 120 مليار دولار، ويشمل ذلك العديد من الشركات والمستثمرين الأميركيين. فرنسا هي خامس أكبر مستثمر في الولايات المتحدة، لذا علينا أن نتعاون."
اذ اعلن ترامب  في وقت سابق أن الولايات المتحدة ستفرض رسومًا جمركية بنسبة 25% على السيارات الأجنبية، بالإضافة إلى رسوم مماثلة على الأدوية. كما صرّح للصحافيين في البيت الأبيض أن هذه الرسوم ستُنفَّذ اعتبارًا من 2 أبريل.

وفي 31 يناير، أعلن الرئيس الأميركي اعتزام بلاده فرض تعريفات جمركية على استيراد الرقائق والمنتجات ذات الصلة، وكذلك النفط والغاز والصلب والألمنيوم والنحاس، دون تحديد الدول المستهدفة. وفي 10 فبراير، أمر ترامب بفرض تعريفات بنسبة 25% على جميع واردات الصلب والألمنيوم.

كما وقع في 13 فبراير على أمر تنفيذي بفرض رسوم جمركية انتقامية على الدول التي تفرض تعريفات على المنتجات الأميركية، مؤكدًا أن واشنطن ستلتزم بمبدأ المعاملة بالمثل في التجارة مع جميع الدول.
  كلمات دالة:ايمانويل ماكروندونالد ترامبالولايات المتحدة الأمريكيةفرنساالصينحرب اقتصادياقتصاد دوليتصديرتجارة عالمية

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

زين حجازي شابة صحفية انضمت مؤخراً لعائلة " موقع البوابة"..بكل إخلاص وحماس.. سأنقل لكم كل ما هو مهم وحصري, وبكل حب وشغف.، سأقدم لكم في رحلتي القادمة محتوى مبهر ..أتمنى أن ينال إعجابكم. الأحدثترند ماكرون: أميركا لا تستطيع محاربة الصين وأوروبا في نفس الوقت صلاح أمام فرصة ذهبية لتحطيم رقمين تاريخيين في الدوري الإنجليزي الداخلية العراقية تطلق حملة لزراعة 40 ألف شجرة تشكيلة الهلال المتوقعة اليوم ضد الخلود في دوري روشن السعودي 2024-25 عودة شخصية قديمة إلى طائر الرفراف في الحلقات الأخيرة Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • سلطان الجمّالي: الولايات المتحدة لم تكن وسيطًا محايدًا بين العرب والاحتلال
  • تركيا: الدول العربية مطالبة بموقف حازم ضد إسرائيل لوقف الحرب على غزة
  • وزير التعليم العالي بمجلس «الإيسيسكو»: يجب توحيد الصف لمواجهة التحديات الإقليمية
  • لستم وحدكم..عشرات الدول تدعم أوكرانيا بع قرار مجلس الأمن
  • إستجابة لـ غرف السياحة..غدا فتح طريق طيبة أمام حركة السياحة
  • وزير السياحة: 7% نموا في الحركة السياحية لمصر رغم التحديات الجيوسياسية
  • الشرع: الحوار الوطني فرصة تاريخية لسوريا
  • الشركات الأوروبية تواجه خطر ارتفاع الرسوم الأمريكية
  • ماكرون: أميركا لا تستطيع محاربة الصين وأوروبا في نفس الوقت
  • مسؤولية بريطانيا التاريخية أمام الدولة الفلسطينية!