عربي21:
2025-04-10@09:48:54 GMT

تونس تعيش في الوقت الضائع

تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT

من لا يزال يتذكر ذلك الشاب الذي أشعل النار في جسده بعد أن منعته عون البلدية من بيع بضاعته في السوق بدون رخصة، وقامت بمصادرة عربته الخشبية؟ تلك الحادثة التي غيرت وجه المنطقة وفتحت المجال أمام مرحلة جديدة عرفت بـ"الربيع العربي". لكن بعد أربعة عشر عاما نسي الجميع محمد البوعزيزي، لم يعد يذكره أحد تقريبا، الأهم من ذلك أن عيد الثورة في الرابع عشر من كانون الثاني/ يناير مر بدون احتفال رسمي، ولولا المسيرة التي نظمتها جبهة الخلاص المعارضة في شارع الحبيب بورقيبة لضاعت الذكرى ومُسحت من الذاكرة الجماعية.



تونس اليوم مختلفة تماما عما كانت عليه تونس من قبل؛ عزوف كبير عن السياسة والسياسيين، وتغير مزاج التونسيين.. أصبحوا أكثر تشاؤما وأكثر قلقا وحيرة وأقل ثقة في المستقبل. حتى شعبية الرئيس سعيد تراجعت رغم بقائه في الطليعة، وذلك حسب ما أشار إليه استطلاع للرأي تم في شهر شباط/ فبراير الماضي. فالخطاب السياسي لم يعد مغريا نظرا لكون الإنجازات العملية بقيت محدودة جدا مقارنة بالوعود وانتظارات التونسيين.

تونس اليوم مختلفة تماما عما كانت عليه تونس من قبل؛ عزوف كبير عن السياسة والسياسيين، وتغير مزاج التونسيين.. أصبحوا أكثر تشاؤما وأكثر قلقا وحيرة وأقل ثقة في المستقبل
أما المعارضة بمختلف أحزابها وتياراته فلم تنهض من كبوتها، ووجدت نفسها تعيش في عزلة واضحة وحصار على أكثر من صعيد. إذ لا تزال قضية المساجين السياسيين تراوح مكانها وتحتفظ بأسرارها، حيث لم يكشف القضاء حتى الآن عن المستندات والأدلة التي تثبت تآمر هؤلاء السياسيين على أمن الدولة الداخلي والخارجي، ومنهم من لا يزال ينتظر سماعه من قبل القضاء ليرد على التهم الموجهة إليه. كما أن إضرابات الجوع التي لجأ إليها بعضهم احتجاجا على وضعهم داخل السجن لم تغير شيئا من أحوالهم، وبقيت دون جدوى، حتى البيانات المنددة بطول فترة الإيقاف وظروف الموقوفين الصادرة عن هيئات الدفاع ومنظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية لم يلتفت لها رئيس الجمهورية، واكتفى بالتعقيب على بعضها عرضيا في إحدى كلماته الموجهة لبعض المسؤولين.

المسألة الرئيسية التي بقيت تشغل الرئيس سعيد هي غلاء الأسعار من جهة وملاحقة من يعتبرهم فاسدين، إذ لا يكاد يمر أسبوع دون فتح ملفات ضد مسؤولين سابقين أو إداريين أو رجال أعمال. وبعد اعتقال العديد منهم يُطرح عليهم اللجوء إلى الصلح الجزائي، وهو عبارة عن دفع مقادير مالية هامة مقابل مغادرة السجن، وفي حال رفضهم لذلك لاعتبارات متعددة يتم الإبقاء عليهم في حالة إيقاف.

تعتبر سنة 2024 سنة الانتخابات الرئاسية، والتي يفترض أن تجري في شهر تشرين الأول/ أكتوبر القادم، ولا شك في أن هذا الموعد سيكون محطة فاصلة في عملية التداول على السلطة. ورغم أن الرئيس سعيد لم يُفصح إلى حد الآن عن رغبته في الترشح لدورة ثانية، إلا أن عديد المؤشرات تدل على أنه سيكون أكثر المعنيين بهذه المحطة الهامة. فبرنامجه السياسي لم يكتمل تنفيذه، كما أن الأجزاء التي طبقت على أرض الواقع لم تبرز جدواها بشكل ملموس من قبل المواطنين مثل البرلمان ومجلس الجهات والأقاليم الذي تم الشروع في التهيئة له عبر الانتخابات المحلية. وكما حدث مع الانتخابات التشريعية لم تحظ بقية الانتخابات التي تمت أو التي ستجري في المستقبل بأي اهتمام شعبي، وهو ما تشهد عليه النتائج الرسمية. لكن ذلك لن يمنع رئاسة الجمهورية من الاستمرار في حرصها على تشكيل هذه الهيئات، بقطع النظر عن تمثيليتها ومدى قدرتها على تحقيق الإضافة للمواطنين وللبلاد.

يعتقد الكثيرون بأن الاعتقالات التي حصلت هي جزء من خطة تهدف الى إقصاء كل من لهم حظوظ في أن يكونوا مرشحين جديين في الانتخابات الرئاسية القادمة. وتتهم هذه الأوساط رئاسة الجمهورية بتفريغ الساحة ممن لهم وزن ما
في هذا السياق، يعتقد الكثيرون بأن الاعتقالات التي حصلت هي جزء من خطة تهدف الى إقصاء كل من لهم حظوظ في أن يكونوا مرشحين جديين في الانتخابات الرئاسية القادمة. وتتهم هذه الأوساط رئاسة الجمهورية بتفريغ الساحة ممن لهم وزن ما، مثل حركة النهضة والحزب الدستوري الحر.

رغم هذه الأجواء غير المشجعة سياسيا، إلا أن أطرافا من المعارضة لم ترفع الراية البيضاء، وبقيت متمسكة بحقها في النشاط واستعدادها لخوض الانتخابات الرئاسية بعد مقاطعتها للمسلسل الانتخابي الذي ينفذه قيس سعيد. لقد أكد أحمد نجيب الشابي، الناطق باسم جبهة الخلاص، أن الانتخابات الرئاسية هي "استحقاق دستوري لا يمكن التفريط فيه"، لكنه اشترط أن تتم حسب دستور 2014، مع ضرورة إطلاق سراح المعتقلين وضمان حرية الصحافيين وعودة نشاط الهيئات الدستورية. وهي شروط لا يمكن أن يقبلها قيس سعيد، مما يعني عمليا مقاطعة الانتخابات ومواصلة تحرك المعارضة في سياق مضاد لسياسة السلطة الحالية. أي سيتواصل حوار الطرشان، وبقاء الحالة التونسية خارج دائرة الفعل.. رئيس يقرر، ومعارضة ترفض، ورأي عام لا مبالي، ونخبة مستقيلة حتى يأتي ما يخالف ذلك.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الثورة تونس قيس سعيد تونس الثورة قيس سعيد سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتخابات الرئاسیة من قبل من لهم

إقرأ أيضاً:

الساعة

من العايدين. وهذان موقفان متباينان في الظاهر لكن وجهة النظر في الموقفين واحدة. أولهما قبل 250 عاما والثاني قبل سبعين عاما. الأول مع سيد من سادة حضرموت والثاني موقف مع الداعية الأمريكي الأسود الشهير مالكولم إكس الذي نال الشهادة بطلقات الرصاص في فبراير 1965م ـ وهو يلقي خطابا في جموع المسلمين في مانهاتن بالولايات المتحدة الأمريكية.
فقد أهدى رجل ساعة إلى الداعية السيد عبد الله بن حسين بن طاهر المتوفي عام 1220 هـ فامتنع عن استلامها وقال للمهدي: أنا لا أحتاج ساعة لأن وقتي مرتب على قراءة القرآن وأداء الفرائض والرواتب والأذكار فالساعة سوف تشغل بالي وتبلبل أوقاتي. وقد نظم السيد بن طاهر أنشودة تسمعها في حضرموت في الأعياد وفيها التضرع إلى الله كما أن فيها الاهتمام بالوقت والحرص على استغلاله في الطاعات لله سبحانه، حتى إذا جاء الموت، كنا راضين ومستعدين له بما قدمنا في حياتنا الدنيا.
قال رحمه الله:
يا معيد الأعياد
عِد علينا الأعياد
بالرضا والإمداد فوق ما له نعتاد
والتزام الطاعات في جميع الأوقات
حافظين الأعمار مقتــــــفين الآثار
أما مالكولم إكس، فقد اشتهر عنه قوله إنه لا يطيق مقابلة أي إنسان بدون ساعة. فمن شدة حرصه على الوقت كان يعتبر من يقابلهم وهم لا يلبسون ساعة، أنهم غير جديرين بالتحدث معه باعتبار أن الأيدي العاطلة عن الساعة، دليل على عدم التزامهم المحافظة على الأوقات التي هي أثمن ما في الحياة الدنيا. وإذن فقد كان الحبيب بن طاهر قدوة حين رفض الهدية الساعة لأنه تشغله عن ترتيب أوقاته كما كان مالكولم إكس قدوة وهو يصرّ على وجود الساعة حرصا على عدم تضييع أوقاته.
وفي جدة، حضرت محاضرة للدكتور أحمد محمد علي رئيس البنك الإسلامي حوالي عام 1996م. وكان متوقعا وصوله الساعة الثامنة مساء في قاعة المحاضرات. وأذكر وقتئذ أنه كان بجانبي الأستاذ علي الحسون رئيس تحرير البلاد الأسبق الذي قال لي ونحن في انتظار المحاضر الآن سوف نتحقق من الأسطورة. ويقصد أن الدكتور أسطورة لأنه لا يمكن أن يتخلف عن موعد قط. وفعلاً ما أن دقت الساعة الثامنة إلا والأسطورة قد ظهرت أمام عيني وها هو صاحبها يسحب الكرسي الذي سيجلس عليه أمام الجمهور لإلقاء محاضرته.
لقد كان اختراع الساعة عملاً عظيما قدمته الحضارة الإسلامية للعالم قبل إثني عشر قرنا، وظهرت حسب علمي في قصة إهداء الخليفة هارون الرشيد ساعة إلى ملك فرنسا شارلمان الذي اندهش حين وصلته الهدية العجيبة.
إننا بحاجة أكيدة وماسة إلى حفظ الوقت والحرص على شغل الوقت لأنه جوهر الحياة.

مقالات مشابهة

  • عطاف: العلاقات “الجزائرية-التونسية” تعيش أبهى عصورها
  • موعد مباراة الاتحاد ضد العروبة في الدوري السعودي والقنوات الناقلة
  • ممثلا لرئيس الجمهورية .. عطاف يُستقبَل من طرف قيس سعيد 
  • شهيد تونس!
  • استهداف الجنجويد لقوات حجر والهادي ادريس
  • مدبولي يتابع مستجدات مشروعات المبادرة الرئاسية حياة كريمة لتطوير قرى الريف المصري
  • كوريا الجنوبية تحدد موعد الانتخابات الرئاسية
  • الساعة
  • الوصل يقسو على الجزيرة بـ «خماسية»
  • كوريا الجنوبية تحدد موعد «الانتخابات الرئاسية» المبكّرة