يمانيون – متابعات
على الرغم من محاولات الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا تصويرَ عدوانهما على اليمن كضربة كبيرة للقدرات اليمنية ومؤثرة على مسار الموقف اليمني المساند للشعب الفلسطيني، فَــإنَّ هذه الصورة المزيَّفة لم تبد قابلة للتسويق، وقد بدأت تتلاشى بسرعةِ؛ بفعل حقيقة الوضع على الميدان، والذي يؤكّـد أنّ القوات المسلحة اليمنية قادرة على مواجهة ما هو أكبر بكثير من الضربات الأمريكية البريطانية الأخيرة، وأنّ الحسابات التي يعتمد عليها الأمريكيون والبريطانيون في عدوانهم، قد أثبتت بالفعل فشلها في اليمن خلال أكثر من تسع سنوات؛ لأَنَّهم هم من كانوا يديرون عمليات العدوان السعوديّ الإماراتي.

في تقرير حول الضربات العدوانية على اليمن، نقلت صحيفةُ “نيويورك تايمز” عن مسؤولين أمريكيين قولهم: إنّ العثور على أهداف للقوات المسلحة اليمنية اتضح أنه “أكثر صعوبة مما كان متوقَّعاً”، متذرِّعين بأنّ “المخابرات الأمريكية والغربية الأُخرى لم تنفق وقتًا أَو مواردَ كبيرةً في السنوات الأخيرة لجمع بيانات حول موقع الدفاعات الجوية ومراكز القيادة ومستودعات الذخيرة ومرافق التخزين والإنتاج للطائرات بدون طيار والصواريخ”.

هذه التصريحاتُ تأتي بعدَ الكثيرِ من التقارير التي سرَّبتها الحكومتان الأمريكية والبريطانية خلال الأيّام الماضية حول وجود خطط مسبقة لاستهداف اليمن وضرب القدرات اليمنية، وهو ما يعني أنّ هذه الخطط كانت كلها مبنية على حسابات خاطئة تماماً مثل قرار شن العدوان على اليمن نفسه، وهو ما ينطبق بدوره على حجّـة عدم إنفاق موارد كبيرة على جمع معلومات استخباراتية حول اليمن، فالولايات المتحدة وبريطانيا انخرطتا بشكل قيادي ومباشر في الحرب السعوديّة الإماراتية الإجرامية على اليمن طيلة أكثر من تسع سنوات، وهناك أكوام من التقارير والتحقيقات والاعترافات التي أكّـدت بشكل واضح على أنّ الأمريكيين والبريطانيين كانوا هم من يتولى تحديد الأهداف وجمع المعلومات الاستخباراتية إلى جانب التزويد بالسلاح والصيانة وتشغيل المقاتلات.

والحقيقة أنّ الكثيرَ من المناطق التي استهدفها الاعتداء الأمريكي البريطاني الأخير قد تم استهدافها سابقًا عدة مرات خلال السنوات الماضية، وهو ما يؤكّـد بوضوح على أنّ المسألة لم تختلف كَثيراً ولا تتعلق بإنفاق المزيد من الموارد على جمع المعلومات بل بصعوبة المهمة نفسها.

وللدلالة على ذلك فَــإنَّ الضربة التي نفذها العدوّ الأمريكي على قاعدة الديلمي فجر السبت، كانت هي أَيْـضاً وباعتراف “مسؤول كبير” بوزارة الحرب الأمريكية تحدث لـ “نيويورك تايمز”، كانت “هجوماً معاداً على هدف تم ضربه في الهجوم السابق” بحسب ما نقلت الصحيفة؛ وهو ما يعني أنّ الأمريكيين لا يعرفون ما إذَا كانت هجماتهم تحقّق أهدافها أم لا، وبالتالي لا يعرفون بالضبط طبيعة تلك الأهداف.

هذا أَيْـضاً ما أوضحه المسؤولون الذين تحدثوا لـ “نيويورك تايمز” والذين أكّـدوا أنّ قدرات صنعاء لا زالت سليمة وأن منصات الإطلاق في اليمن يمكن نقلها وإخفاؤها بسهولة؛ وهو ما يعني بوضوح أنّ الأمريكيين والبريطانيين كالعُمْي أمام قدرة القوات المسلحة على التكيف مع كُـلّ الظروف واستعدادها المسبق لمختلف أوضاع الحرب التي لم تتوقف أصلاً منذ تسع سنوات حتى يتغير الوضع وتتوفر أية ثغرات لم تكن موجودة في السابق.

وفي هذا السياق أَيْـضاً تقولُ صحيفة “الغارديان” البريطانية: إنّ الهجوم على اليمن جاء مفتقراً إلى “عنصر المفاجأة”؛ لأَنَّ القوات المسلحة اليمنية -وبحسب تعبير الصحيفة- “ليست جيشاً كلاسيكياً بقواعدَ عسكرية ثابتة، بل تغير قواعدها، وقد أمضت سنوات في قتال السعوديّين.. وأصبح لديها الآن القدرة والخبرة اللازمة لتصنيع طائرات بدون طيار داخل البلاد”.

وتطرح العديد من وسائل الإعلام الأجنبية الأُخرى مثل “وول ستريت جورنال” و”رويترز” افتراضات تقول: إنّ الاعتداء الأمريكي البريطاني على اليمن يمنح اليمنيين “ما يريدونه بالضبط وهو القتال المباشر معهما”، الأمر الذي يجعل مبدأ “الردع” الذي حاولت واشنطن ولندن إرساءه من خلال الاعتداء، غير موجود أصلاً، بل إنه كان في الحقيقة أشبه بـ”فخ” وهو ما يعني بالضرورة أنّ كُـلّ الحسابات التي يعتمد عليها هذا الاعتداء خاطئة، وبالتالي فَــإنَّ النتائج العكسية المفاجئة واردة بشكل كبير.

وتعكسُ هذه التناولاتُ من وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية أنّ هشاشةَ التحَرُّك العدائي ضد اليمن واضحةٌ منذ البداية وبشكل جلي للجميع، حتى مع وجود الحملة الدعائية المكثّـفة لتهويل هذا التحَرّك وتضخيمه، وهو ما يعني بوضوح أنّ احتمالات فشل هذا التحَرّك وارتداده بنتائجَ عكسيةٍ هي الأكثر حُضُوراً في المشهد.

– المسيرة

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: على الیمن

إقرأ أيضاً:

ما تأثير القضية الفلسطينية على الانتخابات الأمريكية؟.. خبراء يجيبون

في ظل التحضيرات للانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، تتعدد الآراء حول تأثير نتائج هذه الانتخابات على القضية الفلسطينية. ومع دخول الحزبين الجمهوري والديمقراطي في سباق محموم على الرئاسة، يتساءل العديد من المراقبين عما إذا كانت الإدارة القادمة، سواء بقيادة الجمهوريين أو الديمقراطيين، ستحقق تقدمًا ملموسًا نحو حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، أم أن الوضع سيبقى كما كان عليه طوال العقود الماضية.

أزمة محتملة داخل الديمقراطيين وضغوط على إسرائيل في حال فوز الجمهوريين

قال الدكتور أيمن الرقب، القيادي في حركة فتح، إن فوز الجمهوريين من شأنه أن يُعقد الوضع السياسي للحزب الديمقراطي، ويضعه أمام تحديات داخلية مشيرًا إلى أن التجارب السابقة، مثل انتخابات عامي 2000 و2016، حينما واجه الديمقراطيون أزمات دفعتهم لفرض ضغوط على حكومات خارجية، ومنها فرض تمديد قرار مجلس الأمن رقم 2334 لإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأضاف الرقب في تصريحات خاصة "الفجر"،أن الرئيس السابق دونالد ترامب يمتلك رؤية واضحة لحل النزاعات الإقليمية، تتركز على إنهاء الحروب التي تستنزف الولايات المتحدة، وفي حال عودته إلى السلطة، فقد يسعى لإنهاء النزاعات المتواصلة بما فيها الصراع في الشرق الأوسط، بينما إذا فازت كامالا هاريس والديمقراطيون، من المحتمل أن تواصل الإدارة سياسة المماطلة في حل القضية الفلسطينية.

وبحسب الرقب، فإن الوضع الراهن يتطلب تحركًا أمريكيًا جادًا نحو وقف الحرب وحل الصراع عبر مبدأ حل الدولتين.

 

الدكتور أيمن الرقب 


وأشار إلى أن هناك دعمًا عربيًا قويًا، خاصة من المملكة العربية السعودية، التي تضع شرطًا للتطبيع مع إسرائيل يتمثل في ضمانات جادة لإقامة دولة فلسطينية، وهو ما يفرض تحديات إضافية على السياسة الإسرائيلية التي تتعارض مع بعض قرارات الكنيست حول الاستيطان.

ثائر أبو عطيوي: الانتخابات الأمريكية لن تغير من الدعم الثابت لإسرائيل

من جهته، يؤكد الكاتب الصحفي الفلسطيني ثائر أبو عطيوي، مدير مركز العرب للأبحاث والدراسات، أن الانتخابات الأمريكية المقبلة، سواء أفرزت فوز الديمقراطيين أو الجمهوريين، لن تسفر عن أي تغيير جوهري في الموقف الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية.

 

 ويشدد أبو عطيوي على أن الإدارات الأمريكية، على مدى عقود، لم تتجاوز الوعود الإعلامية والدعائية التي تخدم أغراضها الانتخابية وتستهدف أصوات العرب الأمريكيين.

وأشار أبو عطيوي في تصريحات خاصة لـ«الفجر» إلى أن هذه الوعود لا تُترجم على الأرض، وأن الولايات المتحدة تستمر في دعم سياسات الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر. 

 

ويرى أن استمرار الحرب على قطاع غزة، التي دخلت شهرها الثالث عشر، يعد دليلًا على ازدواجية الموقف الأمريكي. وبينما تعلن واشنطن وساطتها، فإنها تقدم دعمًا عسكريًا ولوجستيًا لإسرائيل، متجاهلة الظروف الإنسانية القاسية التي يمر بها الفلسطينيون.

 

الكاتب الصحفي الفلسطيني ثائر أبو عطيوي

أبو عطيوي يشير إلى ضرورة توحد الموقف العربي عبر جامعة الدول العربية، مؤكدًا على أهمية تطوير مشروع عربي يطالب الرئيس الأمريكي القادم بإنهاء العدوان على غزة، ويدفع إسرائيل للتفاوض بجدية لتحقيق الاستقرار وضمان أمن الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولة مستقلة.

نزار نزال: الانتخابات الأمريكية تثبت عدم الحياد تجاه الصراع الفلسطيني

وفي السياق ذاته، أوضح المحلل السياسي الفلسطيني نزار نزال أن سياسة الولايات المتحدة تجاه القضية الفلسطينية ثابتة، سواء في ظل الديمقراطيين أو الجمهوريين.

 

 وأكد نزال لـ«الفجر» أن مشروعًا أمريكيًا-إسرائيليًا طويل الأمد ينفذ على أرض الواقع في الضفة الغربية وقطاع غزة، وأن الانتخابات الأمريكية ليست سوى استمرارية لدعم هذا المشروع دون تغيير حقيقي.

المحلل السياسي الفلسطيني نزار نزال

نزال يرى أن الجمهوريين عادةً ما يتيحون لإسرائيل حرية أكبر لتنفيذ سياساتها، في حين أن الديمقراطيين قد يضعون بعض القيود النسبية. وأوضح أن السياسة الأمريكية، رغم تغيير الرؤساء، لم تسهم إلا في تعزيز الاحتلال وفرض واقع استيطاني جديد، مؤكدًا أن الشعب الفلسطيني يدفع ثمن هذا الانحياز الأمريكي الدائم لدولة الاحتلال، على حساب حقوقه المشروعة.

الدور العربي المطلوب والآمال المستقبلية

مع تصاعد الآمال في تحرك عربي فاعل يقوده موقف مشترك من الدول العربية، تشدد عدة أصوات فلسطينية على ضرورة مطالبة الإدارة الأمريكية الجديدة بوقف الحرب على غزة، وفتح باب المساعدات الإنسانية دون قيود. ويأتي ذلك في وقت تشهد فيه غزة كارثة إنسانية، حيث يعاني الفلسطينيون من نزوح جماعي، وسط نقص في الإمدادات الضرورية، واستمرار القصف الذي يحرمهم من الاستقرار والأمان.

المسؤولية الدولية لحل عادل ودائم

في ظل هذه المواقف المتباينة من المحللين والخبراء، يبقى التساؤل الأهم: هل ستتحمل الولايات المتحدة، بغض النظر عن الحزب الفائز، مسؤوليتها الأخلاقية تجاه القضية الفلسطينية، وتضغط على إسرائيل لتحقيق حل سياسي يعيد للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة في ظل سلام شامل وعادل؟.

مقالات مشابهة

  • ”أم عايض” السعودية تشد أنظار الجماهير اليمنية في مهرجان ”أيام اليمن الثقافية” ضمن موسم الرياض
  • تعزيزات عسكرية سعودية تصل اليمن تمهيداً لتصعيد عسكري في الحديدة ضد قوات صنعاء
  • عضو الحزب الجمهوري: فوز ترامب بالانتخابات الأمريكية سيكون له تأثير جيد لإسرائيل
  • لا حياةَ لمن يؤوي أمريكا ولا جبل يعصمُها من رجال اليمن!!
  • ما تأثير القضية الفلسطينية على الانتخابات الأمريكية؟.. خبراء يجيبون
  • دفعات جديدة تنضم للقوات المسلحة اليمنية.. ورئيس الأركان: المعركة مستمرة حتى استعادة صنعاء
  • دعمًا للشباب وتنمية قدراتهم.. “إعمار اليمن” يواصل أعماله الإنشائية في دعم القطاع الرياضي 
  • بعد قرابة 5 أشهر.. أصداءُ الضربات اليمنية على “أيزنهاور” تواصلُ كسرَ حواجز الكتمان الأمريكي
  • ما هي أسلحة القوة التي يستعين بها مرشحو الانتخابات الأمريكية؟.. تعرّف على التفاصيل
  • وفاة أحد الكوادر الطبية اليمنية بحادث دهس في شارع الستين بالعاصمة صنعاء