يمانيون – متابعات
على الرغم من محاولات الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا تصويرَ عدوانهما على اليمن كضربة كبيرة للقدرات اليمنية ومؤثرة على مسار الموقف اليمني المساند للشعب الفلسطيني، فَــإنَّ هذه الصورة المزيَّفة لم تبد قابلة للتسويق، وقد بدأت تتلاشى بسرعةِ؛ بفعل حقيقة الوضع على الميدان، والذي يؤكّـد أنّ القوات المسلحة اليمنية قادرة على مواجهة ما هو أكبر بكثير من الضربات الأمريكية البريطانية الأخيرة، وأنّ الحسابات التي يعتمد عليها الأمريكيون والبريطانيون في عدوانهم، قد أثبتت بالفعل فشلها في اليمن خلال أكثر من تسع سنوات؛ لأَنَّهم هم من كانوا يديرون عمليات العدوان السعوديّ الإماراتي.

في تقرير حول الضربات العدوانية على اليمن، نقلت صحيفةُ “نيويورك تايمز” عن مسؤولين أمريكيين قولهم: إنّ العثور على أهداف للقوات المسلحة اليمنية اتضح أنه “أكثر صعوبة مما كان متوقَّعاً”، متذرِّعين بأنّ “المخابرات الأمريكية والغربية الأُخرى لم تنفق وقتًا أَو مواردَ كبيرةً في السنوات الأخيرة لجمع بيانات حول موقع الدفاعات الجوية ومراكز القيادة ومستودعات الذخيرة ومرافق التخزين والإنتاج للطائرات بدون طيار والصواريخ”.

هذه التصريحاتُ تأتي بعدَ الكثيرِ من التقارير التي سرَّبتها الحكومتان الأمريكية والبريطانية خلال الأيّام الماضية حول وجود خطط مسبقة لاستهداف اليمن وضرب القدرات اليمنية، وهو ما يعني أنّ هذه الخطط كانت كلها مبنية على حسابات خاطئة تماماً مثل قرار شن العدوان على اليمن نفسه، وهو ما ينطبق بدوره على حجّـة عدم إنفاق موارد كبيرة على جمع معلومات استخباراتية حول اليمن، فالولايات المتحدة وبريطانيا انخرطتا بشكل قيادي ومباشر في الحرب السعوديّة الإماراتية الإجرامية على اليمن طيلة أكثر من تسع سنوات، وهناك أكوام من التقارير والتحقيقات والاعترافات التي أكّـدت بشكل واضح على أنّ الأمريكيين والبريطانيين كانوا هم من يتولى تحديد الأهداف وجمع المعلومات الاستخباراتية إلى جانب التزويد بالسلاح والصيانة وتشغيل المقاتلات.

والحقيقة أنّ الكثيرَ من المناطق التي استهدفها الاعتداء الأمريكي البريطاني الأخير قد تم استهدافها سابقًا عدة مرات خلال السنوات الماضية، وهو ما يؤكّـد بوضوح على أنّ المسألة لم تختلف كَثيراً ولا تتعلق بإنفاق المزيد من الموارد على جمع المعلومات بل بصعوبة المهمة نفسها.

وللدلالة على ذلك فَــإنَّ الضربة التي نفذها العدوّ الأمريكي على قاعدة الديلمي فجر السبت، كانت هي أَيْـضاً وباعتراف “مسؤول كبير” بوزارة الحرب الأمريكية تحدث لـ “نيويورك تايمز”، كانت “هجوماً معاداً على هدف تم ضربه في الهجوم السابق” بحسب ما نقلت الصحيفة؛ وهو ما يعني أنّ الأمريكيين لا يعرفون ما إذَا كانت هجماتهم تحقّق أهدافها أم لا، وبالتالي لا يعرفون بالضبط طبيعة تلك الأهداف.

هذا أَيْـضاً ما أوضحه المسؤولون الذين تحدثوا لـ “نيويورك تايمز” والذين أكّـدوا أنّ قدرات صنعاء لا زالت سليمة وأن منصات الإطلاق في اليمن يمكن نقلها وإخفاؤها بسهولة؛ وهو ما يعني بوضوح أنّ الأمريكيين والبريطانيين كالعُمْي أمام قدرة القوات المسلحة على التكيف مع كُـلّ الظروف واستعدادها المسبق لمختلف أوضاع الحرب التي لم تتوقف أصلاً منذ تسع سنوات حتى يتغير الوضع وتتوفر أية ثغرات لم تكن موجودة في السابق.

وفي هذا السياق أَيْـضاً تقولُ صحيفة “الغارديان” البريطانية: إنّ الهجوم على اليمن جاء مفتقراً إلى “عنصر المفاجأة”؛ لأَنَّ القوات المسلحة اليمنية -وبحسب تعبير الصحيفة- “ليست جيشاً كلاسيكياً بقواعدَ عسكرية ثابتة، بل تغير قواعدها، وقد أمضت سنوات في قتال السعوديّين.. وأصبح لديها الآن القدرة والخبرة اللازمة لتصنيع طائرات بدون طيار داخل البلاد”.

وتطرح العديد من وسائل الإعلام الأجنبية الأُخرى مثل “وول ستريت جورنال” و”رويترز” افتراضات تقول: إنّ الاعتداء الأمريكي البريطاني على اليمن يمنح اليمنيين “ما يريدونه بالضبط وهو القتال المباشر معهما”، الأمر الذي يجعل مبدأ “الردع” الذي حاولت واشنطن ولندن إرساءه من خلال الاعتداء، غير موجود أصلاً، بل إنه كان في الحقيقة أشبه بـ”فخ” وهو ما يعني بالضرورة أنّ كُـلّ الحسابات التي يعتمد عليها هذا الاعتداء خاطئة، وبالتالي فَــإنَّ النتائج العكسية المفاجئة واردة بشكل كبير.

وتعكسُ هذه التناولاتُ من وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية أنّ هشاشةَ التحَرُّك العدائي ضد اليمن واضحةٌ منذ البداية وبشكل جلي للجميع، حتى مع وجود الحملة الدعائية المكثّـفة لتهويل هذا التحَرّك وتضخيمه، وهو ما يعني بوضوح أنّ احتمالات فشل هذا التحَرّك وارتداده بنتائجَ عكسيةٍ هي الأكثر حُضُوراً في المشهد.

– المسيرة

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: على الیمن

إقرأ أيضاً:

اليمن يصعِّد في “يافا” ويرفع الجهوزية لأي تصعيد

يمانيون../
في قلب المأساة الفلسطينية في غزة حيث تتراكم الأوجاع فوق جراح لم تندمل، يتضح مدى تواطؤ العالم في شرعنة وحشية العدو الإسرائيلي، الذي يعيث فساداً في الأرواح والممتلكات دون أدنى مراعاة للإنسانية. فبين صرخات الأطفال النائمين وأمهاتٍ يحتضن أطفالهن الرضع، يشير الواقع المأساوي إلى حقيقة مؤلمة: الموت هنا لا يميز بين براءة الطفولة وحب الأم. الأحياء يجتمعون على الهرب من صواريخ المحتل، ليجدوا أنفسهم في مواجهة قذائف جديدة في العراء، لتبقى جثث الفلسطينيين المتناثرة بمرمى الإهمال، طعاماً للكلاب الضالة.

ومع استمرار القصف العشوائي، يطال الأذى المستشفيات التي تعاني تحت وطأة الضغوط، حيث تتحول سيارات الإسعاف إلى أهداف، والطواقم الطبية تُستهدف في محاولة واضحة لإبادة معالم الحياة. ورغم صدور مذكرة اعتقال دولية بحق بعض مجرمي الحرب الإسرائيليين، يبدو أن الكيان الإسرائيلي مُمعن في جرائمه، مدعوماً بتأييد أمريكا المطلق وتحدٍ صارخ للقرارات الدولية التي فقدت معناها في وجه القوة.

بطائق أمريكية للتعارف

في هذا السياق وفي الوقت الذي يصر فيه البيت الأبيض على دعم المجازر الإسرائيلية بكل الوسائل، يسارع أحد القادة العرب لتبني الرواية الإسرائيلية وموجها اللوم لـ”إسرائيل” عبْر وزير خارجية الولايات المتحدة بلينكن، ويذهب هذا القائد العربي -في الكواليس- إلى ما هو أبعد من توجيه اللوم، حيث أكد على ضرورة “هزيمة حماس”، مسرّاً لبلينكن: “لن نقول ذلك علناً، لكننا ندعم هزيمة حماس، ويجب على “إسرائيل” هزيمة حماس”.

يحكي القصةَ الكاتب الأمريكي بوب وود ورد في كتابه “الحرب” مضيفا: “وهناك قائد عربي آخر تتبّع خطواتِ القائد الناصح ولكن بالتأكيد لبلينكن: “لا أحتاج إلى حماس بعد الآن، لا أريد عقبات مع أمريكا”. مشيرا إلى أن ذلك جاء على هيئة تأكيد من هذا القائد خلال استقباله توجيهات صريحة حملها بلينكن عن الإدارة الأمريكية مفادها أن “هناك أمرين باسم الرئيس بايدن: أنتم تتعاملون مع حماس بخصوص الرهائن، ونحن نقدّر أهمية وجود قناة للتفاوض”. وأوضح بلينكن في نهاية لقائه به “عندما ينتهي هذا، لا يمكن أن يستمر الوضع كالمعتاد مع حماس. هذا غير مقبول”. في المقابل، لم يكن أمام ذلك القائد العربي من بد إلا أن يؤكد: “أفهم ولن يحدث ذلك. سنبقي القناة مفتوحة الآن لأنكم تجدونها مفيدة. علاقتنا مع أمريكا مهمة جدًا”.

الحوار يكشف عمق الانصياع والولاء الذي يتمتع به هؤلاء القادة للسياسات الأمريكية، حيث يتحولون إلى أدوات لتنفيذ رغباتها. وعلى الرغم من محاولات بعضهم لترويج صورة إيجابية عن موقفهم، إلا أن الواقع يُظهر أنهم يمهدون الطريق للاحتلال ويعمقون معاناة الفلسطينيين.

تصفية القضية الفلسطينية

مع اتساع الفجوة بين القادة الرسميين وإرادة القواعد الشعبية العربية، يظل السؤال عن موقف الأمة العربية ومتى ستستيقظ من غفوتها، يطرق أبواب تلك الإدارات العربية خصوصا التي تُعد نفسها بحذر -من خلال التفاهمات مع الكيان الصهيوني- لتخاطر بفقدان شرعيتها في نظر شعوبها التي تحتج وتُظهر تأييدها للمقاومة بكل أشكالها.

وفي صباح يوم جديد، يقول الكاتب الأمريكي وود ورد- في ذات المصدر- إنه شهد لقاءً جمع وزير الخارجية الأمريكي بلينكن بوزير خارجية إحدى الدول العربية التي تفضل التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، خلال هذا اللقاء أكد الوزير العربي لبلينكن أنه “كان ينبغي على ‘…’ أن يعرف أفضل من ذلك. لقد أخبره الجميع بعدم التعامل مع حماس، وكنا جميعاً إلى جانبه في هذا التحذير”. مضيفاً: “حماس هي جماعة الإخوان المسلمين”.

الفزع الحقيقي

في سياق متصل، وفي الوقت الذي تبحث فيه شعوب المنطقة عن إجابة عن السؤال المحير: متى ستستيقظ الأمة العربية من سباتها؟ متى سيتحرك الضمير العربي ليواجه بشاعة الجرائم الصهيونية المرتكبة في غزة وغيرها من الأراضي الفلسطينية؟ وفيما يتضح أن البقاء على الهامش ليس خيارا، فالمقاومة في غزة تستحق الوقوف معها، والتضامن الحقيقي يجب أن يكون بمستوى المعاناة التي يتعرض لها الفلسطينيون، تظهر على السطح تساؤلات خطيرة تتعارض مع موقف قوى الإسناد لدعم غزة، كمثل: هل يُعَدُّ إسناد غزة إرهابا؟

هذا السؤال، على الرغم من أنه قد يبدو عابرا بالنسبة للبعض، إلا أن الإجابة عنه تُظهر الفزع الحقيقي، خصوصا عندما تأتي من أحزاب تدّعي أنها تحمل صبغة إسلامية. بل، وتبدو الفاجعة أكبر حين يأتي الجواب من حزب يمني كان يُعَدُّ -حتى وقت قريب- من كبار المستثمرين في قضايا الجهاد لتحرير المقدسات.

قبل انكشاف الأصول المرجعية لذلك المزيج المتناقض من الأفكار والممارسات المستندة إلى السلفية، والانفتاح، والإسلام السياسي، والإخوانية، والدعشنة، وطالبان، وهو ما روج له هذا الحزب في الأوساط اليمنية لعشرات السنين. الحزب نفسه أصبح اليوم يكشف النقاب عن أصول هذا اللفيف المسمى بـ”التجمع” بأنه يتبع إرادة القوى الأمريكية والبريطانية والفرنسية، بل ويظهر وكأنه أحد مخرجات ما يُسمى “الجامعة الإسلامية الكبرى” في “تل أبيب”.

ولماذا لا يكون كذلك؟ خصوصا، وقد أصبح بلا قناع، أداة رخيصة تعمل في فلك أمريكا، يرى ما تراه ويفعل ما تأمره، معبراً بكل حرص عن سلامة سفن الكيان المحتل. وبجل تصرفاته التي تسير وفق ما يملى عليه، يصرخ الخائن العرادة -وهو أحد قيادات هذه الحزب- قائلاً: “أمريكا لم تدمر بلدنا بما فيه الكفاية”!، متوسلاً منها مزيدا من الغارات والدمار. نعم، هذا هو “العرادة” الذي لم يتورع في وصف قصف أمريكا وبريطانيا و”إسرائيل” لموانئ بلده بـ “الضربات الناعمة”، في الوقت الذي يتغنى فيه على الجانب الآخر من البلد -وأعنى المحافظات اليمنية التي ترضخ تحت الاحتلال السعو-اماراتي- بالوطنية!!!.

هذا النفاق المكشوف والولاء الواضح للصهيونية لا يعكس خيانة فردية فحسب، بل يُنبئ عن سياسة عمالة ممنهجة امتدت من “سلطان العرادة” مرورا بـ”عيدروس الزبيدي”، لتعبر عن خيانة عظمى صار لها مشرعون يرددون ذات النداء: “المزيد من الحروب”!، كالخائن “طارق عفاش” الذي لم يكن أقل مرتبة من رفيقيه في مجلس الخيانة، المشكل بتوافق سعو-إماراتي ومباركة صهيو-أمريكية وبريطانية، حيث تعهد بتأمين سفن الكيان الصهيوني.

هذه الدمى المصطنعة والمملوكة كعلامات تجارية حصرية على أربابها، أعلنت أنها على أتم الاستعداد لتقديم العون المطلق للأمريكان والإسرائيليين والبريطانيين في ما يخططون له من توجيه الضربات القاسية بالقوات المسلحة اليمنية قيادة صنعاء. وبالتالي ستبقى تتحرك وفق برامج صانعيها، ولن تمثل اليمن على أي حال.

صنعاء ماضية في دعمها لغزة

في المقابل، ووسط كل هذا الظلام، يَبرُز الموقف اليمني صوتاً استثنائياً في معركة الكرامة. رغم الحصار والعدوان المستمر على اليمن، يواصل اليمنيون -بقيادة صنعاء- تأكيدهم على إسناد فلسطين غير آبهين بالتحديات أو التهديدات. وبرغم المتغيرات، فإن صنعاء ماضية في دعمها لمظلومية الشعب الفلسطيني، في رسالة واضحة أن فلسطين ستبقى بوصلة الأحرار في اليمن مهما تخاذل الآخرون.

في الوقت ذاته، تتزايد التحركات الدبلوماسية والعسكرية الأمريكية والبريطانية في المنطقة، حيث يبدو أن واشنطن ولندن تسعيان لتعزيز نفوذهما في اليمن، مع التركيز على تعطيل أي دور يمكن أن تقدمه صنعاء لدعم المقاومة الفلسطينية في غزة. زيارة السفير الأمريكي ستيفن فاجن إلى قيادات المرتزقة اليمنيين، تزامنا مع زيارة قائد القيادة الوسطى الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا للمنطقة، تكشف عن تصعيد دبلوماسي وعسكري يهدف إلى إعادة ترتيب أوراق الحرب في اليمن وتحويلها إلى ساحة مواجهة تخدم المصالح الإسرائيلية.

لم تكن زيارات السفير الأمريكي إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المرتزقة مجرد لقاءات بروتوكولية بقدر ما تحمل في طياتها رسائل واضحة لصنعاء. حيث تركزت اللقاءات المتكررة مع قيادات المرتزقة على إعادة إحياء الجبهات الداخلية ضد “أنصار الله”، في محاولة لتشتيت الجهود اليمنية التي باتت تشكل تهديدا فعليا للهيمنة الإسرائيلية في البحر الأحمر، ولتقويض أي دعم عسكري أو لوجستي تقدمه صنعاء لفلسطين.

خلال لقاءاته الأخيرة، أشار السفير الأمريكي فاجن بشكل مباشر إلى “ضرورة العمل على مواجهة التهديدات الحوثية”، ووصف عمليات صنعاء الأخيرة في البحر الأحمر بأنها “تعطيل للأمن الدولي”.

هذا الخطاب يتماهى مع التوجهات الإسرائيلية التي تطالب الولايات المتحدة بمزيد من الضغط على صنعاء، وصولا إلى توجيه ضربات عسكرية مباشرة. وهو ما بات يحدث منذ عملية إسناد اليمن للمقاومة الفلسطينية ضمن معركة طوفان الأقصى. وقد تبادلت أمريكا وبريطانيا الأدوار في قصف المدن اليمنية، كما حدث في الحديدة وصنعاء وصعدة، حيث قاربت الغارات الأمريكية والبريطانية على اليمن ٨٠٠ غارة منذ أكتوبر 2023م.

الجنرال مايكل كوريلا قائد القيادة الوسطى الأمريكية -المعروف بدوره في إدارة العمليات العسكرية الأمريكية في “الشرق الأوسط”- التقى بمسؤولين في السعودية والإمارات لمناقشة “تعزيز التنسيق الأمني”، مع تركيز خاص على الملف اليمني.

ووفقا لتقارير إعلامية، فإن كوريلا ناقش سيناريوهاتٍ لتصعيد المواجهة مع صنعاء، بما في ذلك توفير دعم عسكري واستخباراتي مباشر للمرتزقة، والتنسيق مع “إسرائيل” لضمان تحييد الدور اليمني عن دعم المقاومة الفلسطينية. هذه التحركات تكشف عن مساعٍ أمريكية لإشعال حرب إقليمية تستهدف اليمن تحت ذريعة ما تسميه “مواجهة التهديد الحوثي”، بينما الهدف الحقيقي يتمثل في تأمين المصالح الإسرائيلية، خاصة في البحر الأحمر والممرات البحرية الاستراتيجية.

“إسرائيل” تطالب بدعم غربي عاجل

مع تصاعد الدعم اليمني لغزة، خرجت أصوات صهيونية تطالب بتوجيه ضربة عسكرية “قاضية” ضد “أنصار الله”. التصريحات الإسرائيلية الأخيرة، ركزت على ضرورة “تحييد الحوثيين” بشكل كامل، تزامنت مع تحركات عسكرية أمريكية وبريطانية في المنطقة.

“إسرائيل” -التي تخشى من تطور القدرات العسكرية اليمنية- ترى في صنعاء تهديدا استراتيجيا طويل المدى، خاصة مع إعلان يمني عن استعداد اليمن لتوسيع نطاق العمليات العسكرية إذا استمرت الجرائم الصهيونية في غزة. وقد نفذت تهديداته بضرب عمق الكيان بأربعة صواريخ خلال أيام أدت لإصابة 30 مستوطنا صهيونيا.

الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة التي استهدفت أهدافا إسرائيلية خلال الأيام الماضية كانت مؤشرا على القدرات المتطورة التي تمتلكها اليمن، ما دفع “إسرائيل” للمطالبة بدعم غربي عاجل لتجنب سيناريوهات أكثر تعقيدا.

تحضيرات أمريكية واسعة

وفي ظل التحركات الأمريكية والبريطانية المدعومة بالتصعيد الإسرائيلي، يجتمع المرتزقة في الرياض للمرة الثانية خلال أقل من شهر، وسط تحضيرات أمريكية واسعة تحمل إشارات واضحة لحرب إقليمية قد تندلع في أي لحظة. ولكن يظل السؤال الأهم: إلى أين ستصل هذه الحرب؟ خصوصا وأن التصعيد يأتي في وقت تشير فيه التقارير إلى نية واشنطن ولندن تعزيز الدعم العسكري للمرتزقة، بما في ذلك تسليم معدات وأسلحة متطورة.

اللافت في هذا السياق، أن التصعيد والصمود، يُظهران المشهد اليمني كمسرح لتطورات قد تعيد تشكيل المنطقة ، ولكن على العكس تماما لمسار ما رسم له أمريكيا وإسرائيليا في ما أسمي بخارطة “الشرق الأوسط الجديد”.

رغم التصعيد المستمر، تؤكد صنعاء أن أي تحرك أمريكي أو إسرائيلي أو بريطاني -سواء كان مباشرا أم عبر وكلائهم- لن يمر دون رد. إذ يمتلك اليمن أوراق ضغط كثيرة، تشمل التطور التقني العسكري في صناعة الصواريخ والطائرات المسيرة، بالإضافة إلى موقعه الاستراتيجي بالقرب من المصالح الغربية. ما يعني أن التصعيد ضد اليمن قد يدفع الأخيرة إلى إغلاق الممرات البحرية الاستراتيجية، ما يُلحِق خسائر كبيرة بالمصالح الغربية.

تحفة الخاتمة

تتجلى إرادة اليمن القوية في مواجهة العدوان رغم التحديات الجسيمة التي يواجهها اليمن. إذ تؤكد القوات المسلحة من خلال مواقفها أن اليمن لن يكون ساحة مفتوحة للهيمنة الأمريكية والإسرائيلية. وفي ظل استمرار العدوان على غزة، يبرز دعم صنعاء للمقاومة الفلسطينية كونه دليلاً على مبدئية موقفها، في وقت يختار فيه كثير من الأنظمة العربية التخلي عن مسؤولياتها.

تشير المؤشرات إلى تصاعد التوتر في المنطقة، ما ينبئ بأيام حاسمة قد تفصلنا عن مستجدات كبيرة. إن مستقبل اليمن والمنطقة يظل ضمن دائرة اهتمام العالم، في ظل صراع يتجاوز القضايا التقليدية ليصل إلى مسألة الكرامة والمبادئ.

من مواقف القيادة في صنعاء، يتضح أن الاستعدادات تكتسب زخماً كبيراً، حيث أكد قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي أن الجهوزية في أعلى مستوياتها، وأننا حاضرون لمواجهة أي عدو سواء أمريكا أو بريطانيا أو أي جهة أخرى، كما أكد أنه تم تجنيد أكثر من 600 ألف مقاتل خلال معركة طوفان الأقصى فقط. هذه التأكيدات لا تترك مجالاً للشك في استعداد اليمن لمواجهة أي تهديد، مع وعي تام بألاعيب الأعداء المتربصين.

وفي الوقت الذي تكون فيه الأعين مشدودة نحو الرياض، تأتي الرسائل واضحة بأن التحركات تُراقَب بدقة وأن اليد على الزناد. وتبقى النصيحة التي لا تنقطع من صنعاء هي ضرورة التقدم في خارطة الطريق، وترجيح المصالح المشتركة لشعوب المنطقة، مع التحذير من الانجراف وراء التحريض الأمريكي. فبعد عشرة أعوام من العدوان، تظل الدروس حاضرة، مُنبّهة من مغبة التمسك بسياسات لا تخدم سوى مصالح القوى الاستعمارية.

بكل ثقة، يؤكد اليمن أن النصر قريب، مستعداً لمواجهة أي نكوص قد يحدث من الرياض عن التفاهمات، ما قد يُحدث تغييرات جذرية تصب في مصلحة الشعب اليمني.

موقع أنصار الله

مقالات مشابهة

  • هل يؤثر القصف الأمريكي الذي استهدف صنعاء على قدرات أنصار الله؟
  • مدير معهد أبحاث صهيوني: المعركة مع اليمن تتطلب قدرات استخباراتية دقيقة
  • حالةٌ من اليأس والقلق تخيّمُ على كيان العدوّ بعد الضربات اليمنية الكبرى
  • أميركا تقصف صنعاء والحديدة والمنصات تشكك في دقة الضربات وأهدافها
  • ما تأثير العقوبات الأمريكية على رئيس البنك المركزي بصنعاء على القطاع المصرفي؟
  • الجيش الأميركي ينفذ ضربات ضد أهداف للحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء
  • سنتكوم: ضربات أمريكية على صنعاء لـتعطيل قدرات الحوثيين
  • اليمن يصعِّد في “يافا” ويرفع الجهوزية لأي تصعيد
  • ما تداعيات الغارات الإسرائيلية على اليمن اقتصاديا؟
  • حركة المسار الفلسطيني الثوري: الضربات اليمنية لكيان العدو حولته إلى عبء على داعميه وستسرع من وقف العدوان على غزة