منذ بدء عملية "طوفان الأقصى" في قطاع غزة، وشن قوات الاحتلال الإسرائيلية هجومًا -لا مثيل له- علي قطاع غزة بهدف الانتقام من حركات المقاومة الفلسطينية في غزة، زادت العمليات الهجومية والعداء تجاه القواعد الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط من جانب التيارات والأحزاب الموجودة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، والتي تصنفها أمريكا من التيارات المحسوبة على إيران و المعادية لها في دول المنطقة، وبالفعل ومنذ السابع من شهر أكتوبر الماضي ٢٠٢٣ وبسبب ما قامت به إسرائيل من قتل ودمار وتخريب وتهجير بمساعدة أمريكا ودول الغرب، ما أدي إلى ردات فعل معادية من جانب الكثير من الفصائل والأحزاب والميليشيات المسلحة، والقيام بالمزيد من العمليات العسكرية ضد القواعد الأمريكية في دول المنطقة، انتقامًا منها لمساندتها "اللامحدودة" لإسرائيل، ووقوفها حجر عثرة في مجلس الأمن بعد استخدامها حق النقض "الفيتو" لمنع وقف إطلاق النار في غزة، فمن قيامها بإنشاء تحالف عسكري في البحر الأحمر لضرب واستهداف الحوثيين بسبب قصفهم للسفن الداعمة لإسرائيل، ثم مقاومة حزب الله في جنوب لبنان وقيامه بعمليات ضد إسرائيل في جنوب لبنان، وصولاً إلى قيام الميليشيات والفصائل العراقية المسلحة وعلى رأسها الحشد الشعبي في استهداف القواعد والمصالح الأمريكية في العراق وسوريا، ما دفع أمريكا مؤخرا إلى القيام بالكثير من العمليات العسكرية، لاستهداف الأماكن والمؤسسات الأمنية والعسكرية العراقية، ومنها مؤخرا استهداف قواعد وأماكن تجمعات قوات الحشد الشعبي، واغتيال أحد قادتها البارزين مشتاق طالب السعيدي "أبو تقوى"، ما أدي إلي ازدياد غضب الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني، وغضب الكثير من المؤسسات والأحزاب العراقية، وازدياد غضب الشارع العراقي الذي طالب الحكومة بخروج قوات التحالف الدولي وعلى رأسها القوات الأمريكية من العراق، وقد وصف رئيس الوزراء العراقي وجود قوات التحالف الدولي بالعراق بأنه وجود أصبح مزعزعا للاستقرار في العراق ودول المنطقة، وخاصة في ظل تداعيات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ومناصرة شعوب المنطقة لأبناء غزة وللشعب الفلسطيني.
ومع كل تلك السنوات على وجود أمريكا بالعراق، فإن الأمريكيين بالرغم من مساندتهم مع قوات التحالف للعراق في الحرب علي داعش منذ العام ٢٠١٣ فإنهم لا يمتلكون الشعبية في الشارع العراقي، بل يقابل وجودهم من جانب الشعب العراقي بالازدراء والسخط والمطالبة بخروجهم، وذلك بعد أن غزوا ودمروا العراق عام ٢٠٠٣ دون أن يسهموا في بنائه وإعماره، ودون أن ينشروا الديموقراطية "المزيفة" كما كانوا يروجون لها، ولا حتي بخلق شراكات حقيقية بين البلدين، ما تسبب في خلق عراق فقير ومهمش، ومنقسم طائفيا، وبه الكثير من المشكلات المتفاقمة التي سببها الأمريكيون للعراق، وقد كان وجودهم خلال تلك الفترة لحماية بعض الرموز والقيادات السياسية الفاسدة من أجل ضمان مصالح أمريكا في العراق والمنطقة، ما جعل المكوِّن الوطني العراقي الحر يطالب الآن بخروج القوات الأمريكية وغيرها من العراق، حفاظا علي سيادة العراق واستقلاله، واستعادة مكانته الدولية بعيدا عن التواجدات والمصالح الخارجية.
ولهذا فإن الحكومة العراقية جادة هذه المرة برئاسة محمد شياع السوداني بشأن المطالبة بخروج أمريكا وقوات التحالف من العراق، وقد جهزوا لذلك وفدا عراقيا للتفاوض مع أمريكا علي الخروج من العراق، ما جعل المتحدث باسم البنتاغون يعلن مؤخرا بأن أمريكا لا تخطط في الوقت الحالي لسحب قواتها من العراق، وبهذا تكون أمريكا قد أعلنت علي الملأ بأنها تماطل في الخروج من العراق لعدد من الأسباب التي ترفضها الحكومة العراقية، ولهذا يري بعض الخبراء والمحللين أنه سيكون من الصعب إخراج أمريكا من العراق بشكل كامل، بسبب تخوف أمريكا من المد الإيراني في العراق والمنطقة من جهة، ومساندة أمريكا لقوات الشعوب الديموقراطية في سوريا من أجل إقامة دولة كردية في شمال سوريا، ومع ذلك يمكن للضغط العراقي على أمريكا أن يتسبب في إضعاف نفوذها والتقليل من عملياتها ومصالحها في المنطقة، ما قد يؤثر سلبا في حالة حدوثه في توتر العلاقات بين البلدين، وربما طلب خروج أمريكا من المنطقة دافعا لأمريكا وحلفائها في مضايقة العراق، وهذا هو ثمن السماح بالتدخلات الأجنبية في دول المنطقة، فهل ستخرج أمريكا من العراق كما خرجت فرنسا من دول غرب إفريقيا؟ أم أنها ستماطل في الخروج لتزيد من قواعدها العسكرية وتوسيع نفوذها في العراق وسوريا ودول المنطقة؟
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الحکومة العراقیة الحشد الشعبی قوات التحالف دول المنطقة الکثیر من أمریکا من فی العراق من العراق
إقرأ أيضاً:
ارتفاع جديد في سعر الدولار مقابل الدينار العراقي: ما هي التوقعات المستقبلية؟
ديسمبر 25, 2024آخر تحديث: ديسمبر 25, 2024
المستقلة/ – في تطور جديد شهدته أسواق العراق المحلية، ارتفعت أسعار صرف الدولار الأميركي مقابل الدينار العراقي، حيث بلغ سعر البيع 152.500 دينار لكل 100 دولار، في حين استقر سعر الشراء عند 150.500 دينار لكل 100 دولار. هذه الزيادة في سعر الصرف تأتي في وقت حساس بالنسبة للاقتصاد العراقي، الذي يواجه تحديات عدة منها التضخم وأزمة السيولة.
تعد أسعار الصرف المتقلبة أحد أبرز المواضيع التي تؤثر على قدرة المواطنين العراقيين على شراء السلع الأساسية، حيث يعتبر الدولار العملة الرئيسية في العديد من المعاملات التجارية في العراق. وبالتالي، أي زيادة في سعر صرف الدولار يؤدي إلى زيادة كبيرة في تكلفة الاستيراد، مما ينعكس سلباً على أسعار السلع والخدمات المحلية.
أسباب زيادة سعر صرف الدولار تتعدد الأسباب التي قد تساهم في زيادة أسعار الدولار، منها العوامل الاقتصادية المحلية والعالمية. من بين هذه العوامل:
العجز المالي في العراق: يعاني العراق من عجز في موازنته المالية نتيجة انخفاض أسعار النفط العالمية وارتفاع النفقات الحكومية، وهو ما يجبر الحكومة على اللجوء إلى زيادة الدولار في السوق المحلية. ضعف الدينار العراقي: يعاني الدينار من تذبذب مستمر في قيمته بسبب الأزمات المالية والسياسية التي يشهدها العراق. العوامل الإقليمية والعالمية: مثل ارتفاع الطلب على الدولار في السوق العالمية، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية وتأثيرها على الأسعار.تأثير الزيادة على المواطن العراقي الزيادة المستمرة في سعر صرف الدولار لها تأثيرات مباشرة على المواطن العراقي. من أبرز هذه التأثيرات:
ارتفاع الأسعار: أسعار السلع الأساسية ستشهد زيادة، ما يعني عبئاً إضافياً على المواطنين الذين يعانون أصلاً من ارتفاع الأسعار بسبب التضخم. انخفاض القدرة الشرائية: مع تزايد الأسعار، سينخفض الدخل الفعلي للأفراد، مما يزيد من التحديات الاجتماعية والاقتصادية. تأثير على الفئات الضعيفة: الفئات الفقيرة في المجتمع هي الأكثر تأثراً بهذه الزيادات، حيث أن معظم دخلهم يعتمد على استهلاك السلع المستوردة أو المرتبطة بأسعار الدولار.التوقعات المستقبلية من المتوقع أن تظل أسعار الدولار في العراق متقلبة بسبب عدم استقرار الأوضاع الاقتصادية والسياسية. كما أن حجم الاحتياطي النقدي وسياستها المالية قد يكون له دور في الحفاظ على استقرار الدينار. الحكومة العراقية أمام تحدي كبير في السيطرة على هذه التقلبات واحتواء تأثيراتها على السوق المحلية.
الخاتمة في ظل هذه الزيادة الملحوظة في سعر الدولار، يتعين على الحكومة العراقية اتخاذ تدابير عاجلة للتعامل مع هذا التحدي، سواء من خلال تحسين الاقتصاد المحلي أو عبر تعزيز قدرة الدينار العراقي على الصمود أمام العملات الأجنبية.