طوفان الأقصى.. حقائق الواقع وسيناريوهات المستقبل.. الحلقة الرابعة: الحرب البرية
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
- "نتنياهو" يؤكد: القضاء على حماس هو تحدٍ وجوديّ.. وحماس تعلن: إما النصر وإما الشهادة
- أعداد الشهداء تتزايد.. والشعب الفلسطيني يرفض محاولات التهجير
في الرابع والعشرين من أكتوبر 2023 أصدرت الخارجية الأمريكية بيانًا مناوئًا لكل الجهود التي تبذلها مصر والعديد من البلدان الأخرى، عندما رفضت المطالب بهدنة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وقالت: إن أي هدنة ستجعل حماس تستأنف هجماتها ضد إسرائيل.
كانت إيران تتابع الموقف عن كثب، وفي هذا الوقت الذي تصاعدت فيه لغة الغزو البري قالت: إن غزة ستصبح مستنقعًا للجيش الإسرائيلي إذا قام بالغزو البري.
وفي هذا اليوم أعلن عن ارتفاع عدد الشهداء إلى 5300 شخص، والمصابين إلى 18 ألف شخص، بينما كانت المؤسسات المختلفة تتعرض للقصف والحصار. وفي هذا اليوم تم قطع الكهرباء نهائيًا عن مجمع الشفاء في قطاع غزة، كما تلقت مدارس «الأونروا» التي احتمى فيها آلاف النازحين تحذيرًا بضرورة الإخلاء السريع، بينما حذر المبعوث الأوروبي للسلام من أن رفض إدخال الوقود يسبب كارثة إنسانية. كانت القوات الإسرائيلية تداوم بشكل مستمر على اقتحام العديد من المناطق في الضفة الغربية وتقتل العديد من الشباب بحجة أنهم مقاتلون منتمون إلى حركة حماس.
وفي السادس والعشرين من أكتوبر 2023 كشف الصحفي الأمريكي المعروف «سيمون هيرش» عن خطة إسرائيلية لإغراق الأنفاق دون مراعاة لحياة الرهائن الإسرائيليين.
وكانت هيئة البث الإسرائيلية قد كشفت، في وقت سابق، عن الخدعة التي مارستها حركة حماس على رئيس الوزراء "نتنياهو"، إذ بعثت إليه برسالة في الأسابيع التي سبقت طوفان الأقصى في 7من أكتوبر أعلنت من خلالها استعدادها للمضيّ قدمًا في صفقة تبادل أسرى تفرج من خلالها عن الجنديين الإسرائيليين «هدار غولدين وشاؤول أورون» المحتجزيْن لدى الحركة منذ 2014. حيث اعتبرت هيئة البث أن حركة حماس حاولت من خلال هذه الرسالة صرف نظر المسئولين الإسرائيليين عن الأوضاع الميدانية، وشغلهم بمفاوضات مكثفة غير مباشرة جرت عبر عدد من الوسطاء على مستوى سياسي في إسرائيل وأدارها المسئولون في مكتب "نتنياهو". بينما كانت حماس تعد للهجوم الأكبر الذي نفذته في السابع من أكتوبر كانت الإدارة الأمريكية على تواصل مستمر لمتابعة المناقشات الإسرائيلية حول أبعاد العملية البرية والسيناريوهات المطروحة. وفي هذا الوقت وجّه الرئيس الأمريكي «بايدن» إلى الكونجرس طلبًا للموافقة على اعتمادات مالية إضافية بقيمة 106 مليارات دولار لأغراض حماية الأمن القومي الأمريكي ومساعدة إسرائيل وأوكرانيا.
ويقترح الطلب اعتماد مبلغ 3 مليارات و495 مليون دولار لبرامج وزارة الخارجية الأمريكية للمساعدة في مجالات الهجرة واللجوء، حيث أشار إلى الأوضاع الإنسانية في «إسرائيل» والأراضي الفلسطينية وذكر الطلب: أن الاعتمادات الإضافية للهجرة واللجوء ستستخدم لدعم المدنيين المهاجرين والمضارين من الصراع الحالي ومن ضمنهم اللاجئون الفلسطينيون في غزة، وكذلك التعامل مع الاحتياجات المحتملة لأهل غزة الذين سيفرون إلى بلدان مجاورة، حيث يقول التقرير المقدم: إن هذه الأزمة قد تؤدي إلى تهجير عابر للحدود واحتياجات إنسانية متصاعدة في الإقليم، وإن التمويل المطلوب يمكن أن يستخدم للتعامل مع الاحتياجات خارج غزة. لقد تساءل الكثيرون عن دلالات التقرير المقدم، وعما إذا كانت واشنطن تدعم التهجير القسري في هذا الوقت، ولكن الإدارة الأمريكية قالت إنها تنفي ذلك الأمر!!
وقد أعلن "نتنياهو" في هذا الوقت مجددًا أن إسرائيل تستعد لعملية برية كبرى، وقال: لن أحدد موعدها من أجل الحفاظ على جنودنا. وأضاف: سوف ندخل إلى غزة وسيدفع هؤلاء «القتلة» الثمن كبيرًا.
وفي وقت لاحق ذكرت مصادر عليمة أن إسرائيل وافقت على تأجيل الغزو البري حتى تنشر أمريكا منظومتها الصاروخية في هذا الأسبوع.. لقد أعلنت إسرائيل في اليوم نفسه 26 من أكتوبر 2023 أنها قامت بإجلاء 19 ألفًا من سكان بلدة «كريات شمونه» قرب الحدود مع جنوب لبنان بسبب صواريخ حزب الله، بينما قال وزير الهجرة البريطاني: نحن لا نطالب بوقف إطلاق النار ولا نعتقد أن إسرائيل انتهكت القانون الدولي.
كان "نتنياهو" مصممًا على الغزو البري لقطاع غزة، وقد رفض كافة المطالب الأمريكية والدولية، ومن بينها الرئيس الفرنسي "ماكرون" الذي زار إسرائيل في هذا الوقت. وقد خرجت إلى العلن أسرار الخلاف بين الحكومة الإسرائيلية والجيش حول قرار الاجتياح البري، إذ حذرت مجموعة من الخبراء والمسئولين المقربين من "نتنياهو" من أن الاجتياح البري سيضع جنود الجيش الإسرائيلي في خطر شديد ويتسبب في حرب إقليمية واسعة، ويهدد حياة الأسرى الموجودين لدى «حماس».
ظلت حكومة الحرب التي يترأسها نتنياهو على موقفها، وبدأت التحضير جديًا للحرب البرية، وفي السابع والعشرين من أكتوبر 2023 تم قطع الاتصالات وإظلام مناطق غزة، وبعدها بدأت طلائع الجيش عملية غزو بري، ولكن قيادة الجيش عادت لتؤكد أن هذا ليس هو الاجتياح البري.
في هذا الوقت تواصلتُ مع السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس مستفسرًا منه عن خطورة ما يجري، ثم اتصلتُ بالسيد إسماعيل هنية ـ رئيس حركة حماس بالخارج - ودار بيننا حوار حول آفاق المرحلة المقبلة. وفي هذا اليوم صدر قرار من الأمم المتحدة يقضي بالهدنة، وهو مشروع مقدم من المجموعة العربية وكانت مصر طرفًا فاعلًا وراء صدوره مع الآخرين، وفي الوقت الذي شنت فيه إسرائيل العديد من الغارات على مناطق في سوريا، أعلن "نتنياهو" أن إسرائيل لا تنوي البقاء في غزة للأبد، ولكن ستبقي لفترة من الوقت حتى تتمكن من القضاء على حماس.
ومع استمرار تصاعد حدة العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية حذر الرئيس عبد الفتاح السيسي من توسعة الصراع إقليميًا في المنطقة، وذلك بعدما أعلنت مصر عن إسقاط مسيّرات على مدينتين مصريتين تطلان على البحر الأحمر.
وقد دعا الرئيس السيسي خلال المعرض الدولي الصناعي المنعقد في القاهرة، إلى احترام سيادة مصر، وقال: إن الجيش قادر على حماية البلاد.مشددًا على أن مصر ستواصل لعب دورها الإيجابي لتهدئة الاقتتال في قطاع غزة ودخول المساعدات الإنسانية (1).
كانت مصر تواصل تقديم المساعدات الغذائية والدوائية إلى داخل قطاع غزة، حيث بلغت نسبة المساهمة المصرية من الحكومة ومنظمات المجتمع المدني أكثر من 75% من مجموع المساعدات.
في هذا الوقت وجهت إيران المزيد من التحذيرات إلى الولايات المتحدة، مع تصاعد الحرب في غزة وسط تحذيرات من دخول طهران إلى مواجهة مباشرة مع واشنطن تعرضها لضربة عسكرية.
وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان: إن العملية البرية في قطاع غزة سيكون لها عواقب وخيمة على إسرائيل. وحذر واشطن من فتح جبهات جديدة ضدها.
وفي هذا الوقت جرت مفاوضات مهمة بين حماس وإسرائيل بوساطة مصرية-قطرية مشتركة تركزت حول الرهائن لدى حماس، وهو الاتفاق الذي نجح في إيجاد تهدئة مؤقتة والإفراج عن بعض الرهائن لدى حماس والأسرى لدى إسرائيل ومع تزايد خطورة الحصار المفروض على المواطنين في غزة حذرت الأمم المتحدة في 27 من أكتوبر من أن العديد من الأشخاص سيموتون من جراء الحصار الإسرائيلي المحكم. مشيرة إلى أن الخدمات الأساسية في القطاع تنهار. (2)
وفي اليوم نفسه قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي «أفيخاي أدرعي»: إن مقر القيادة الرئيسي لحركة حماس يوجد تحت مجمع الشفاء الفلسطيني في غزة، وإن محور نشاطات حماس في القطاع يكمن في هذا المستشفى الذي يعد أهم وأكبر مستشفى في قطاع غزة، وبعد أن تم حصار المستشفى واقتحامه ثبت كذب هذه الادعاءات (3).
كانت قمة القادة الأوروبيين الـ 27 قد عقدت اجتماعًا في بروكسل للوصول إلى صيغة توافقية بالنسبة للحرب الدائرة في غزة. وقد تمثلت نقطة الخلاف الرئيسية بعد سقوط أكثر من سبعة آلاف شهيد حتى هذا الوقت وضعف هذا العدد من الجرحى جاء البيان النهائي للقمة ليعلن انحيازه لإسرائيل واستمرار عدوانها على المدنيين في قطاع غزة حيث قال البيان: إن المجلس الأوروبي يعبر عن قلقه العميق إزاء تدهور الوضع الإنساني في غزة، ويدعو لأن يكون وصول المساعدات الإنسانية متواصلًا سريعًا ومن غير عوائق (4).
تلك هي الصيغة التوافقية التي تم التوصل إليها، دون حديث عن وقف إطلاق النار أو إدانة للقصف الإسرائيلي الذي يتنافى مع قواعد القانون الدولي الإنساني، مما يكشف مجددًا عن ازدواجية المعايير لدى الغرب الذي يتباهى بمواقفه المدافعة عن حقوق الإنسان!!
كانت المواقف الغربية تنطلق من المقولة التي رددتها الإدارة الأمريكية من أن وقف إطلاق النار لن يستفيد منه في هذه المرحلة سوى حركة «حماس». وهذه الرؤية تبنتها أربع دول أوروبية كان لها تأثيرها على مسارات القمة وهي: ألمانيا والنمسا والتشيك والمجر. بل إن المستشار الألماني «أولاف شولتس» لم يخجل من نفسه عندما قال: «إسرائيل دولة ديمقراطية تعمل بوحي قوة المبادئ الإنسانية، ويمكننا أن نكون متأكدين من أن الجيش الإسرائيلي سيحترم القواعد المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني في كل ما يقوم به».
كانت إسرائيل تواصل عدوانها وقصفها للأماكن السكنية والمستشفيات ومدارس "الأونروا"، حيث حذرت منظمة العفو الدولية من أن المدنيين في قطاع غزة يتعرضون لخطر غير مسبوق مع قطع إسرائيل وسائل الاتصال وتوسعة الهجمات البرية.
وقالت المنظمة عبر منصة "إكس": «فقدنا الاتصال بزملائنا في غزة، وتواجه منظمات حقوق الإنسان عقبات متزايدة من شأنها أن تُصعب توثيق الانتهاكات بسبب كثافة الهجمات الإسرائيلية وقطع الاتصالات. وأضافت: يجب على إسرائيل أن توقف فورًا هجماتها العشوائية وغير المتناسبة التي تسببت في مقتل وإصابة آلاف المدنيين، بما في ذلك أكثر من 3000 طفل (5).
ومجددًا ندد الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو جوتيريش» بالتصعيد غير المسبوق في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة مجددًا دعوته إلى وقف إطلاق نار إنساني فورًا محذرًا بالقول: «إن كارثة إنسانية تقع أمام أنظارنا»(6).
كانت إسرائيل قد أعلنت عن دخول مرحلة جديدة في الحرب مع حركة حماس مصعدة قصفها المتواصل للقطاع مع مرور ثلاثة أسابيع على اندلاع الحرب، حيث وصل عدد الشهداء إلى 7703 شهداء بينهم 3500 طفل وفق آخر حصيلة أعلنتها وزارة الصحة في غزة في هذا الوقت.
كان أهالي غزة قد عاشوا ليلة من «الرعب» استمرت فيها الغارات الإسرائيلية على كل مناحي الحياة في غزة حيث وصفت غارات اليوم بأنها الأعنف منذ بداية الحرب قبل ثلاثة أسابيع، مخلفة مئات الضحايا بين شهيد ومصاب، بالإضافة إلى تدمير الكثير من المباني السكنية وقصف المستشفيات. وقد أدلى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بتصريحات في هذا اليوم أشار فيها إلى أنه تقدم في محاور في شمال قطاع غزة، وأنه يقوم بتوسيع نطاق عمليته البرية، وأنه تمكن من قتل مسئول القوة الجوية في كتائب القسام، كما هاجم مواقع في جنوب لبنان ويعمل بنشاط في الضفة الغربية.
وبحسب المتحدث الإسرائيلي «دانيال هاجاري» فإن الجيش الإسرائيلي يسير قدمًا تماشيًا مع مراحل القتال، كما يواصل شن هجمات مكثفة وواسعة النطاق برًا وجوًا وبحرًا، وكانت وزارة الخارجية المصرية قد حذرت في بيان صادر يوم السبت 28 من أكتوبر 2023 من المخاطر الجسيمة والتداعيات الإنسانية والأمنية غير المسبوقة التي ستنجم عن الهجوم البري واسع النطاق على قطاع غزة.
وحمّلت مصر الحكومة الإسرائيلية مسئولية انتهاك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر يوم الجمعة 27 من أكتوبر 2023، والذي يطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار وإنفاذ هدنة إنسانية تحفظ أرواح المدنيين، وتسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع بشكل فوري وبدون انقطاع. وأعربت مصر عن قلقها البالغ من التداعيات الخطيرة المحتملة للعملية العسكرية البرية، وما يُتوقع أن ينجم عنها من تزايد أعداد الضحايا والمصابين من الأطفال والنساء والمدنيين العزل.
وقال البيان: إن ما يجري هو انتهاك صارخ جديد لأحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وسط حالة عجز كاملة من المجتمع الدولي من وضع حد لتلك الانتهاكات ووقف نزيف الدماء في القطاع. وحذرت مصر من أن عدم التعامل الفوري مع المطالب الخاصة بالهدنة الإنسانية وتسهيل نفاذ المساعدات إلى القطاع، سيؤدي إلى كارثة إنسانية لا محالة وزعزعة الأمن الإقليمي بشكل يمثل تهديدًا لاستقرار المنطقة.
في هذه الوقت أعلنت لجنة حماية الصحفيين أن الحرب بين إسرائيل وحركة حماس أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 29 صحفيًا وإعلامية.
وقالت المنظمة الحقوقية في بيان نشرته يوم الجمعة 27 من أكتوبر «خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، وثقت لجنة حماية الصحفيين الفترة الأكثر دموية بالنسبة للصحافيين الذين يغطون الصراعات منذ أن بدأت لجنة حماية الصحفيين في التتبع لوفيات الصحفيين في عام 1992 (7).
في هذا الوقت قال رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو: «إن الحرب في غزة ستكون طويلة وصعبة ونحن جاهزون لها، وإن الجيش سيدمر العدو على الأرض وتحتها».
وقال: إن إلحاق الهزيمة بحركة «حماس» هو تحدٍ وجودي لإسرائيل يطال أيضًا الحضارة الغربية بكاملها. وأكد أن حماس تستخدم المستشفيات في غزة مراكز قيادة(8).
أما واشنطن فقد أعلنت في هذا الوقت أن الضربات التي نفذتها يوم الخميس 26 من أكتوبر في سوريا استهدفت مخزونات ذخيرة مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني. هذا في الوقت الذي أكد فيه الرئيس "بايدن" أن بلاده مستعدة لاتخاذ المزيد من الأفعال لردع إيران. واعتبر البيت الأبيض أن هذه العملية سيكون لها تأثير كبير على القدرات الهجومية للمجموعات القريبة من طهران في المنطقة (9).
وأمام هذه التطورات وتداعياتها تواصل وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان مع وزير الخارجية المصري سامح شكري، حيث جرى خلال الاتصال الهاتفي بحث مستجدات تطورات الأوضاع في قطاع غزة ومحيطها، وسبل تكثيف العمل المشترك لوقف التصعيد العسكري وعمليات التهجير القسري لسكان غزة.
وشدد الوزيران خلال الاتصال على ضرورة أن يضطلع المجتمع الدولي بدوره لرفع الحصار عن غزة، وأن يلتزم الاحتلال الإسرائيلي بالقانون الإنساني الدولي بما فيه السماح بوصول المواد الغذائية والإغاثية إلى غزة، وضرورة العمل على إيجاد حل سياسي عادل وشامل للقضية، بما يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني، ويضمن الأمن والاستقرار للمنطقة وللعالم.
وأجرى الوزير السعودي اتصالًا مماثلًا مع وزير الخارجية الأردني واتفقا على أهمية أن يضطلع المجتمع الدولي بدوره لمنع التهجير القسري لسكان غزة، ووقف التصعيد العسكري (10).
وفي الوقت نفسه تقريبًا أجرى وزير الجيش الإسرائيلي «يوآف غالانت» اتصالًا هاتفيًا بنظيره الأمريكي «لويد أوستن» حيث ناقشا العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة.
ونقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن بيان لوزارة الدفاع الإسرائيلية قوله: إن "أوستن" أكد أهمية حماية المدنيين خلال عمليات الجيش الإسرائيلي وركز على الحاجة الملحة لإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة (11).
كانت العمليات العسكرية الإسرائيلية تمضي غير عابئة بأية نداءات دولية أو إقليمية. وقد قال الهلال الأحمر الفلسطيني: إنه تلقى تهديدات شديدة اللهجة بالإخلاء الفوري لمستشفى القدس تمهيدًا لقصفه. وجاء في البيان: إنه ومنذ ساعات الصباح يشهد محيط مستشفى القدس غارات متواصلة أدت إلى تدميرها بالكامل (12).
وفي هذا الوقت نقلت شبكة «سي إن إن» الأمريكية عن مسئوليْن أمريكييْن قولهما: إن قوة الرد السريع التابعة لمشاة البحرية الأمريكية (المارينز) تتحرك باتجاه شرق المتوسط.
وقال المسئولان: إن الوحدة السادسة والعشرين لمشاة البحرية الموجودة على متن سفينة الهجوم البرمائية «يو إس إس باتان» كانت تعمل في البحر الأحمر في الأسابيع الأخيرة، لكنها بدأت تتحرك نحو قناة السويس أواخر الأسبوع الماضي (13).
وأمام التحركات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية أعلنت كتائب عز الدين القسام أن مقاتليها يخوضون «اشتباكات عنيفة» مع الجيش الإسرائيلي المتوغل في شمال غربي قطاع غزة. (14)
أما الجنرال «دانيال هاجاري» المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي فقد قال: «لقد قمنا خلال السبت- الأحد 28، 29 أكتوبر بزيادة دخول قوات الجيش الإسرائيلي إلى غزة، وانضمت إلى القوات التي تقاتل هناك(15).
وفي وقت لاحق أعلنت كتائب القسام تنفيذ عملية إنزال خلف الخطوط الإسرائيلية غرب معبر «إيرز» والإجهاز على عدد من الجنود الإسرائيليين داخل الآليات المستهدفة. (16)
ومع تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد المدنيين في غزة اقتحم عشرات المحتجين الداغستانيين مطار «محج قلعة» في عاصمة جمهورية داغستان الروسية بعد سريان أنباء على هبوط طائرة قادمة من إسرائيل، مما أدى لإغلاقه أمام حركة الملاحة الجوية تعاطفًا مع الفلسطينيين. مما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى (17).
وقد دعا البابا «فرنسيس»، من جانب آخر، إلى وقت إطلاق النار في الحرب بين حماس وإسرائيل. وقال: لا ينبغي لأحد أن يتخلى عن إمكانية وقف النار. وقال: في غزة على وجه الخصوص، يجب أن يكون هناك مجال لضمان المساعدات الإنسانية، وربما يطلق سراح الرهائن فورًا.. وكان من المثير في هذا الوقت صدور تصريح عن الرئيس الإيراني «إبراهيم رئيس» قال فيه: إن إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء بتكثيف هجومها على قطاع غزة، الأمر الذي قد يدفع أطرافًا أخرى إلى التحرك!!(18).
وأمام الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني في غزة، كتب السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية على موقع «إكس» قائلًا: «إن مصر لم ولن تدخر جهدًا في إنفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة». وأشار إلى أن «الإجراءات الإسرائيلية المتشددة تعوق تدفق تلك المساعدات». وقال: «ليس معقولًا أن يُعاد تفتيش الحافلات بمعبر (نتسانا) الإسرائيلي وأن تقطع كل حافلة مسافة 100كم إضافية قبل دخولها إلى القطاع عبر معبر رفح»(19).
ومع توسع المعارك البرية في قطاع غزة وتصاعد الاشتباكات بين الجيش الإسرائيلي وكتائب القسام، سعت "حماس" إلى إحراج رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بنشر فيديو لثلاثٍ من الأسيرات الإسرائيليات طالبن "نتنياهو" بالإفراج عنهن فورًا، حيث اتهمت إحداهن "نتنياهو" بالفشل. وقالت: إنهن يتحملن فشله السياسي والأمني والعسكري. ووجهت حديثها لنتنياهو قائلة: أنت تريد أن تقتلنا، أنت تريد أن تقتل الجميع. وقالت: ألا يكفي أنك ذبحت الجميع؟ أطلق سراحنا، اسمح لنا بالعودة إلى عائلاتنا الآن، الآن، الآن.
كانت وسائل الإعلام الإسرائيلية قد نشرت أن وحدة خاصة تشكلت من عناصر أمنية واستخباراتية لتعقب وقتل عناصر «حماس» المسئولين عن عملية «طوفان الأقصى».
وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن «الشين بيت» جهاز الأمن الداخلي والموساد أقاما وحدة خاصة مشتركة لتعقب عناصر حماس الذين نظموا الهجوم الذي أسفر عن مقتل 1400 إسرائيلي، وقد أطلق على هذه الوحدة اسم" نيلي" وهو اختصار عبري لعبارة في «الكتاب المقدس».
وفي 30 من أكتوبر 2023 أعلن «أفيخاي أدرعي» المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في منشور على منصة «إكس» أنه تم تحرير جندية في الجيش الإسرائيلي تُدعى «أورى مجيديش» بعد أن تم اختطافها من قبل كتائب القسام (20).
وفي مواجهة ما تردد من أن إسرائيل قد تسلم القطاع بعد انتهاء المعارك إلى السلطة الفلسطينية قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية: «إن السلطة الفلسطينية لن تعود إلى حكم غزة دون اتفاق شامل يتضمن ضم الضفة الغربية في دولة فلسطينية موحدة، وإلا فإننا سنبدو وكأننا ندخل القطاع على متن طائرة «إف 16» أو دبابة إسرائيلية (21).
ومع اشتعال المعارك على الأرض بين المقاومة وجيش الاحتلال الإسرائيلي قال مسئول في منظمة الصحة العالمية: إن غزة تواجه كارثة وشيكة في الصحة العامة وسط الاكتظاظ والنزوح الجماعي، والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للمياه والصرف الصحي. (22)
وثيقة ليبرمان:
في يوم الاثنين 30 من أكتوبر 2013 نشر وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق «أفيجدور ليبرمان» وثيقة سابقة حذر فيها بشكل واضح من خطر هجوم قد تشنه حماس، عندما كان وزير الدفاع عام 2016. وقال ليبرمان: إن هذه الوثيقة يجب أن تكون «آخر الضربات المنهكة لرئيس الوزراء الذي بات يترنح بقوى خائرة»، ولكن نتنياهو لا يستسلم بهذه السهولة، ويسعى للتغلب أيضًا على هذه الأزمة. ويتوجه المسؤولون والخبراء والصحافة إلى حزبه (الليكود) لتجنيد 5 نواب يوافقون على الإطاحة به.
وقال ليبرمان: «لقد فشلنا في الإطاحة به عندما وُجهت لائحة اتهام بالفساد ضده، سنة 2020، وفشلنا خلال الأشهر العشرة الماضية بعدما جاء بخطة انقلابية ضد منظومة الحكم والجهاز القضائي، وفشلنا حتى عندما اجتاحت (حماس) إسرائيل، واحتلت 22 قرية، و11 ثكنة عسكرية، ولا يعقل أن نفشل أيضًا هذه المرة».
وقال: الرجل: (أي نتنياهو) يُثبت أن «ما يقلقه ليس مئات الألوف من الجنود الذين جندوا في الاحتياط ولا الأسرى المحتجزين لدى (حماس) ولا ملايين الإسرائيليين واليهود القلقين على أقربائهم وأحبائهم، بل هو مشغول في تبرئة نفسه من تهمة الإخفاق في مواجهة هجوم (حماس)، وكيف سيتمكن من إبعاد النار عن وجهه، وتوجيههًا إلى الآخرين، ولا يكترث أن يُدير السهام باتجاه رؤساء الجيش والمخابرات، وهم يحاربون في غزة»، وفق ليبرمان الذي يعد ذلك جريمة لا تُغتفر، لذلك كشف الوثيقة المتعلقة بالخطط الحربية لـ «حماس».
ووفق الوثيقة التي صُنفت على أنها «سرية جدًا»، فإن ليبرمان عندما كان وزيرًا للدفاع في حكومة نتنياهو وجه إليه مذكرة مفصلة من 11 صفحة يشرح فيها بالتفصيل أن «حماس» باتت قوة عسكرية طموحة تخطط لهجوم هدفه «القضاء على إسرائيل حتى عام 2022، وتحرير جميع أراضي فلسطين».
وتنص الوثيقة التي نشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» على أن «حماس» تعتزم نقل المواجهة المقبلة إلى الأراضي الإسرائيلية من خلال ضخ قوات كبيرة ومدرَّبة جيدًا، مثل قوات النخبة، إلى الأراضي الإسرائيلية، واحتلال بلدة إسرائيلية، وربما بلدات عدة في غلاف غزة واحتجاز رهائن، وعدا استهدافهم جسديًا، سيؤدي ذلك إلى استهداف شديد لوعي ومعنويات مواطني إسرائيل».
ورأت الوثيقة أن «حماس» وضعت لنفسها غاية صريحة هي القضاء على إسرائيل حتى عام 2022». وخلال سلسلة مداولات في إطار اجتماعات (اللجنة التنفيذية) للحركة التي أقيمت في قطر في 25-27 سبتمبر (أيلول) عام 2016، أوضحت أنها بحاجة إلى «فترة تهدئة» من أجل استكمال بناء قوتها وجاهزيتها».
ووفق الوثيقة التي تعود لعام 2016 فإن «حماس» معنية بأن تكون الحرب المقبلة ضد إسرائيل متعددة الجبهات، بواسطة بناء جبهات أخرى إضافة لقطاع غزة- لبنان، سوريا، الأردن، سيناء- وحتى ضد أهداف يهودية في أنحاء العالم». وأضاف أن «حماس» تسعى لتوسيع صفوف مقاتليها إلى 40 ألف ناشط حتى عام 2020، وتعزيز قوتها سيكون في المنظومة البرية المقاتلة»، وأنه «في أعقاب ضائقتها الاقتصادية المتنامية طلبت الحركة من إيران مساعدة بمبلغ 50-60 مليون دولار».
وجاء في وثيقة ليبرمان أن «العائق الدفاعي الذي يقوم الجيش الإسرائيلي ببنائه على طول الحدود مع غزة وبمجمل وسائلة وقدراته هو عنصر مهم في استراتيجية الأمن الحالية مقابل غزة، لكن لا يمكنه أن يشكل بحد ذاته استراتيجية، والتاريخ المعاصر وسوابق الماضي - خط ماجينو، خط مانر هايم وخط بارليف- أثبتت أن الجدران والتحصينات لا تمنع الحرب ولا تشكل ضمانًا للهدوء والأمن». وتابعت الوثيقة: «إذا انتظرت إسرائيل حتى تحقيق سيطرة استخباراتية وإقامة جدار أمني، فإن هذا التفوق كله سيختزل بالكامل مقابل ازدياد قوة (حماس) خلال هذه الفترة».
وخلصت الوثيقة إلى أن «عدم القيام بمبادرة إسرائيلية حتى منتصف عام 2017، سيكون خطأ خطيرًا من شأنه أن يقود إسرائيل إلى وضع إستراتيجي صعب، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى تدهور ليس مخططًا له، وبينما لن تتمكن إسرائيل في سيناريو مثل هذا من اغتيال قيادة الذراع العسكرية لـ «حماس»، أو أسوأ من ذلك - أن تفتح (حماس) مواجهة في توقيت مريح لها». وكتب ليبرمان في المذكرة: «أعتقد أن عواقب عملية كهذه من جانب (حماس) من شأنها أن تكون بعيدة المدى، ومن نواحٍ معينة ستكون العواقب أشد من نتائج حرب يوم الغفران (أكتوبر 1973)».
وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»: إن «من الواضح تمامًا أن ليبرمان تنبأ بهجوم «حماس» في 7 من أكتوبر، واستند في ذلك إلى معلومات دقيقة، ووضع تصورًا ثبتت صحته بشكل مذهل»، لكن «نتنياهو تقاعس ولم ينظر بجدية إلى التحذير، وبدلًا من ذلك راح يدير سياسة منحت (حماس) كل ما يلزم من وقت وأموال تقدر بمئات ملايين الدولارات لتنفيذ مخططها».
وأضافت الصحيفة أن: «لا أحد من المسؤولين الذين أطلعوا على هذه الوثيقة تعامل معها بجدية، ومن ضمنهم رئيس الحكومة "بنيامين نتنياهو"، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي في حينه، "غادي آيزنكوت"، ولكنها وضعت المسؤولية الأولى على "نتنياهو" بصفته رئيس الحكومة التي تعد في إسرائيل القائد الأعلى للجيش فوق رئيس الأركان وأهم منه».
وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن «ليبرمان استقال من منصبه وزيرًا للدفاع في نهاية عام 2018، وبرر ذلك بموافقة إسرائيل على وقف إطلاق نار مع (حماس)، وعلى إدخال مساعدات مالية من قطر لقطاع غزة بمبلغ 15 مليون دولار شهريًا».
ووضعت الوثيقة "نتنياهو" في قفص الاتهام كمن يتحمل مسؤولية أولى قبل الجميع وأكثر من الجميع عن هجوم «حماس». وعلقت: «في وضع دولة طبيعية، كان نتنياهو سيظهر على الملأ، ويعلن استقالته. لكن إسرائيل ليست تلك الدولة، و"نتنياهو" ليس ذلك القائد المسؤول، فهو أولًا صمت ولم يعقب، لا هو ولا مكتبه، على وثيقة ليبرمان»، لذلك أطلقت الصحيفة نداءً لأن يستقيل أو يُقال فهل هذا ممكن؟ (23)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
(1) وكالة أنباء الشرق الأوسط: 28/10/2023.
(2) وكالة الصحافة الفرنسية: 27/10/2023.
(3) وكالة أنباء العالم العربي: 27/10/2023.
(4) جريدة الشرق الأوسط: 28/10/2023.
(5) منصة (إكس): 28/10/2023.
(6) وكالة الصحافة الفرنسية: 28/10/2021.
(7) وكالة الأنباء الألمانية: 27/10/2023.
(8) وكالة رويترز: 28/10/2023.
(9) وكالة الصحافة الفرنسية: 28/10/2023.
(10) جريدة الشرق الأوسط: 28/10/2023.
(11) جريدة تايمز أوف إسرائيل: 28/10/2023.
(12) وكالة أبناء العام العربي: 29/10/2023.
(13) شبكة «س إن إن»: 29/10/2023.
(14) وكالة الصحافة الفرنسية: 29/10/2023.
(15) وكالة الصحافة الفرنسية: 29/10/2023.
(16) وكالة شهاب للأنباء: 29/10/2023.
(17) وكالة الصحافة الفرنسية: 29/10/2023.
(18) موقع «إكس»: 29/10/2023.
(19) الوكالات: 30/10/2023.
(20) منصة «إكس»: 30/10/2023.
(21) صحيفة الجارديان البريطانية
(22) وكالة رويترز: 31/10/2023.
(23) نظير مجلى، مراسل الشرق الأوسط - تل أبيب: 31/10/2023.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: وکالة الصحافة الفرنسیة المساعدات الإنسانیة الجیش الإسرائیلی الاجتیاح البری القانون الدولی وزیر الخارجیة وفی هذا الوقت رئیس الوزراء الشرق الأوسط کتائب القسام المتحدث باسم من أکتوبر 2023 فی هذا الیوم فی هذا الوقت على إسرائیل إطلاق النار فی قطاع غزة القضاء على أن إسرائیل وقف إطلاق حرکة حماس العدید من من خلال عدد من فی غزة إلى أن وزیر ا
إقرأ أيضاً:
تفاصيل قضية التسريبات في الجيش الإسرائيلي
فجر الإعلان عن اعتقال ضابط إسرائيلي كبير في الجيش في قضية التسريبات، مزيداً من الجدل بشأنها، وحسب ما أفادت وسائل إعلام عبرية، كان الضابط يستجم مع زوجته وولديه في أحد الفنادق بمدينة إيلات الجنوبية، عندما داهمته قوة من رجال الشرطة الملثمين واعتقلته، ونقلته إلى غرفة التحقيق في منطقة تل أبيب، وأبلغوه بأنه مطلوب للتحقيق من دون إعطاء تفاصيل.
وحسب الشرق الأوسط، يتوقع المراقبون أن يكون هذا الضابط أحد عناصر الأمن الذين سربوا وثائق من الجيش وزوروا بعضها، حتى تلائم سياسة نتنياهو، وإصراره على إفشال صفقة تبادل أسرى مع «حماس».
وبهذا الاعتقال الأحدث، يصبح هناك 5 معتقلين، المتهم الرئيسي وهو مدني كان يعمل ناطقاً بلسان نتنياهو، و4 ضباط وموظفين في أجهزة الأمن تعاونوا مع نتنياهو في خططه.
إيلي فيلدشتاين
وكشفت وسائل إعلام عبرية، الاثنين، معطيات جديدة عن المتهم الرئيسي، إيلي فيلدشتاين، وهو الوحيد الذي سمحت المحكمة بنشر اسمه، واتضح منها أنه كان يعمل ناطقاً بلسان وزير الأمن الداخلي، إيتمار بن غفير، وقد أهداه إلى نتنياهو في 7 أكتوبر 2023، ليكون ناطقاً بلسانه في القضايا العسكرية.
وبحسب مقربين من التحقيق، فإن إحدى المهام التي كلف بها فيلدشتاين في مكتب نتنياهو، كانت أن يدس في وسائل الإعلام المختلفة، «معلومات أمنية تخدم السيد (نتنياهو)».
وفيلدشتاين مشتبه به بالتآمر مع ضباط في الجيش، إذ تلقى منهم وثائق سرية ووزعها بتفسير زائف على كل من صحيفة «بيلد» الألمانية، وصحيفة «جويش كرونيكل» البريطانية، التي سارع نتنياهو وزوجته ليستخدماها لأغراضهما السياسية، علماً بأن الصحيفتين معروفتان بقربهما منه.
وبداية تلك الفضيحة تعود إلى ما نشرته صحيفة «بيلد» الألمانية، في 6 سبتمبر الماضي، إذ ادعت وجود وثيقة سرية لحركة «حماس»، تحدِّد استراتيجية التفاوض التي تتبعها الحركة مع إسرائيل.
وزعمت الصحيفة، آنذاك، أن الوثيقة تابعة لمكتب يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» حينها، ويعود تاريخها إلى ربيع 2024، عن «المبادئ التوجيهية لمحادثات وقف إطلاق النار».
وبحسب «الوثيقة المزعومة»، فإن «حماس» لا تسعى إلى نهاية سريعة للصراع، بل «تفضِّل تحسين شروط الاتفاق، حتى لو أدى ذلك إلى إطالة أمد الحرب»، كما أن «استراتيجية (حماس) ترتكز على نقاط أساسية: أولاً، مواصلة الضغط النفسي على عائلات الرهائن لزيادة الضغط الشعبي على الحكومة الإسرائيلية. وثانياً، استنفاد الآليات السياسية والعسكرية الإسرائيلية، وتكثيف الضغوط الدولية على إسرائيل».
وبالتزامن مع تقرير الصحيفة الألمانية، نقلت صحيفة «جويش كرونيكل»، عن مصادر وصفتها بـ«استخباراتية»، أن «خطة زعيم (حماس) السنوار، كانت تتمثل في الهرب مع قادة الحركة المتبقين، وكذلك مع الرهائن الإسرائيليين، عبر محور فيلادلفيا إلى سيناء في مصر، والطيران من هناك إلى إيران».
وعقب بث تلك المعلومات عبر الصحيفتين أدلى نتنياهو بتصريحات صاخبة، ادعى فيها أنه يسعى لمنع السنوار من الهرب مع الرهائن، وفي مؤتمر صحافي لوسائل الإعلام الأجنبية في القدس، قال إن «(حماس) تخطط لتهريب رهائن إلى خارج غزة عبر محور فيلادلفيا»، واستخدم نتنياهو هذه المسألة لتبرير احتلاله رفح وتمسكه بمحور فيلادلفيا (على الحدود بين مصر وقطاع غزة) ونسفه مفاوضات الصفقة.
أخبار الفضيحة
وسيطرت هذه الفضيحة على الحوار في المجتمع الإسرائيلي، لدرجة أنها تُغطي على أنباء الحرب، وفي حين يهاجم اليمين الجهاز القضائي على تنفيذه الاعتقالات، والجيش على تولي قيادة هذه الحرب ضد نتنياهو، أبرزت وسائل الإعلام المستقلة «الفساد الذي لا يعرف حدوداً» في حكومة نتنياهو.
وكتب يوسي فيرتر في صحيفة «هآرتس»، أن «مجموعة المقربين من نتنياهو عبارة عن تنظيم إجرامي يضعه فوق الدولة ومصالح الأمن الوطني، لكن السمكة فاسدة من الرأس».
وتابع الكاتب الإسرائيلي متحدثاً عن المتهم الرئيسي في القضية: «النجم الجديد فيلدشتاين، جاء من مكتب بن غفير، متحمساً جداً كي يثبت نفسه، وبالفعل اندمج بسرعة في الأجواء الفاسدة وشبه الإجرامية في مكتب رئيس الحكومة، (حيث) الفساد الأخلاقي والقيمي المتفشي هناك، وفي ثقافة الكذب والتلاعب والمعلومات الكاذبة، وقد أغرق ممثلي وسائل الإعلام بالأنباء، هذا مقبول لدينا».
وسائل الإعلام في إسرائيل
وشرح فيرتر أن «وسائل الإعلام في إسرائيل أصلاً تخضع للرقابة، أما وسائل الإعلام الأجنبية، مثل (بيلد) و(جويش كرونيكل) فهي غير مراقبة، وعندما نشرت في هذه الصحف مواد استخبارية حساسة جداً، فقد فهموا في الجيش الإسرائيلي أنهم يتعاملون مع مسرب كبير، ليس فقط خطيراً وعديم المسؤولية والكوابح؛ بل هو أيضاً يعمل على مساعدة رئيس الحكومة في أهدافه السياسية».
ورأى فيرتر أن المتهم الرئيسي فيلدشتاين «خدم نتنياهو في سلوكه الكاذب والمتعمد مع عائلات المخطوفين، إذ استخدم منظومة نشر الأنباء الكاذبة، ليس ضد (حماس)؛ بل ضد الجمهور الإسرائيلي وعائلات المخطوفين، وهذه هي السخرية في أبهى صورها».
وفي صحيفة «معاريف»، استغل شمعون حيفتس، وهو عميد في جيش الاحتياط وعمل سكرتيراً عسكرياً لـ3 رؤساء إسرائيليين، ذكرى مرور 29 عاماً على اغتيال رئيس الوزراء إسحق رابين، لإجراء مقاربة مع الأوضاع الراهنة، وقال: «سيكون إلى الأبد (اغتيال رابين) يوماً صادماً للديمقراطية الإسرائيلية، كما يحدث في مكتب رئيس الحكومة اليوم، ويؤكد كم تحتاج إسرائيل اليوم لزعيم شجاع وأخلاقي ويتحمل المسؤولية ويعمل لصالح الجمهور مثل رابين، وعندما أقف أمام قبره، أتذكر وعده بالسلام ورغبته في إنهاء الحروب، وأنا أنتظر مستقبلاً بالفعل تكون لنا فيه حياة آمنة وسلام حقيقي».