الأسبوع:
2024-09-17@10:46:10 GMT

الرهانات الخاسرة

تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT

الرهانات الخاسرة

راهن العرب منذ فترة طويلة على مجموعة من الاحتمالات التي تستند إلى القانون الدولي، وللقيم الحضارية من ناحية، وإلى ضرورات المصالح وحمايتها من ناحية ثانية، إضافة إلى احتمالات الحماية من المحور المخالف بقصد إعادة التوازن، أو سباق النفوذ والمصالح.

وتفصيلًا راهن العرب على أن القوانين الدولية التي وضعتها الأمم المتحدة، وأقرها العالم كله، والخاصة بحماية المدنيين، وتجريم إبادتهم، أو تجويعهم، أو حصارهم، أو قتل الأسرى، أو تعذيبهم، أو استخدام الأسلحة المحرمة دوليًا، وتجريم تدمير المنازل والمؤسسات الخدمية، والمناطق الأثرية، وكل هذه الجرائم التي أسسوا لها نظامًا دوليًا، من مجلس أمن يملك التدخل العسكري لمنعها، إلى محكمة عدل دولية لتجريم وعقاب من يفعلها، كانت أحد الرهانات الخاسرة التي اعتمد عليها العرب عندما بدأ أول صدام عربي مع الإمبراطورية الأمريكية التي تقود العالم، وتجره خلفها.

وكان الصومال هو الميدان الذي جرب فيه العرب اختبارهم الأول مع التزام أمريكا وأوروبا بتلك القوانين، وانتهى الصومال إلى دولة فاشلة منذ العام 1992، وحتى الآن، بفعل ارتكاب أمريكا وخلفائها الغربيين لجرائم الحصار، والتجويع، والألعاب الاستخبارية التي تنتقم من الصومال لأنه سحل على الأرض جنودًا أمريكيين في عملية إعادة الأمل التي كانت تحاول بها أمريكا استعمار الصومال.

وجدد العرب رهانهم الخاسر مرة أخرى مع غزو العراق في العام 2003، عندما أوهمهم الأمريكان أنهم جاءوا إلى بلاد الرافدين فقط لتخليص العراق من نظام صدام حسين الإرهابي، ولكنهم عندما دخلوا بتحالف من 60 دولة أوروبية، وعربية، وآسيوية، واعتبروا أن شعب العرق كله إرهابي، وأن حضارته، وتاريخه، وأرضه، وفراته، ونخيله إرهابيون يجب القضاء عليهم.

وكان يجب أن يسقط رهان العرب على ما يسمى بالقوانين الدولية، وقيم الحضارة الأمريكية، والأوروبية، ولكنهم ظلوا يتمسكون بتلك الرهانات الخاسرة.

وجاءت الحرب الأمريكية - الإسرائيلية على غزة أصغر وأفقر قطاع عربي في أمتنا، وأيضًا راهن العرب على أن أمريكا، وإسرائيل، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، وإيطاليا، إنما جاءوا واشتركوا في الحرب فقط لضرب ما يسمى بإرهاب حماس.

واستمتع وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، بالضحك على العرب، والسخرية منهم عندما تجول في عواصمهم ويقنعهم أن الحرب هي أسبوع أو أسبوعان سيتم التخلص فيهما من قيادات حماس الإرهابية، ثم نجلس سويًا على منضدة الحوار، لنعيد إعمار غزة، ونبدأ سلامًا مع الفلسطينيين، تمهيدًا لإعلان دولة فلسطين، التي تضم غزة والضفة الغربية.

كان الرجل فرحًا وسعيدًا، وهو يحصل على الدعم والموافقة، بل ويشاهد هذا التسابق المحموم، وهم يتسابقون على تجرع كؤوس الوهم الكاذبة، وبدلًا من أسبوع أو أسبوعين يسمح فيها لإسرائيل بتصفية الإرهاب المزعوم، دخلت الحرب الآن شهرها الرابع، وبدلًا من ترك الأمر لإسرائيل، حاربت كل جيوشهم إلى جانبها، وكأنها حرب عالمية ثالثة، وبدلًا من قتل وملاحقة قيادات حماس، سحقوا رؤوس آلاف الأطفال، والناس، والعجائز، ولم يتركوا شيئًا حيا على الأرض إلا ودهسوه، وكما فعلوا في العراق سحقوا المنازل والمؤسسات، والأبراج، ونهبوا الوثائق، والآثار، واستخدموا كل أنواع الأسلحة المحرمة دوليًا، ومنعوا الماء والغذاء والدواء والكهرباء والاتصالات، ولم يتركوا فعلًا نص القانون الدولي على تجريمه إلا وفعلوه مجتمعين ومتحدين في حرب عالمية ثالثة مذهلة، وهم كانوا يواجهون في الحربين الأولى والثانية دولا وجيوشا وطائرات وصواريخ ودبابات، وخططا عسكرية، واستخبارات، ولكنهم جاءوا الآن يواجهون مجموعات بشرية بسيطة لا تجد دعمًا أو مساندة من أي دولة من دول العالم، صنعوا بأيديهم أسلحتهم البدائية للدفاع عن أنفسهم ووطنهم وكرامتهم، في مواجهة هذا الطغيان الأسود، الذي لا يبدو أبدا أنه سوف يتوقف عند غزة، ولكنه ضرب في اليمن، وفي لبنان، وفي العراق، وسوريا ضربات أولية تشير إلى أن رهانا آخر خسره العرب، وهو وهْم أن الحرب ستقف عند غزة.

وكان أحد الرهانات الخاسرة، هو ظن العرب أن أمريكا وروسيا سوف تتدخلان حتمًا في الحرب ضد هذا التحالف الذي يذيقهما الويلات في أوكرانيا، وتايوان، وأن فرصة تاريخية لجرجرة هذه العصابات الإجرامية بعيدًا عن عواصمهم وإدخالهم في بئر سحيقة بالشرق الأوسط لا يخرجون منها، ولكن حتى هذا الرهان قد سقط، واتضح أن كلا البلدين يحاول بيع موقفه في الشرق الأوسط للحصول على تخفيف المواجهة مع الإمبراطورية الكونية التي تديرها عصابات اليهود.

وأخيرًا، لا يجب أبدًا أن يراهن العرب بعد اليوم إلا على أنفسهم، وقوتهم، وسلاحهم، ووحدتهم، ولا يُعقل أن يحاربونا جماعات، وهم الأقوياء، ونحاربهم فرادى ونحن الضعفاء.

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

الصومال يحتج على دعم إثيوبيا الانفصاليين

حذرت الصومال نظيرتها إثيوبيا من مواصلة دعم الانفصاليين في البلاد، داعية الأخيرة للانسحاب من الاتفاقية التي أبرمتها مع إقليم أرض الصومال مطلع العام الجاري.

 وقال وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي،إنه “إذا واصلت إثيوبيا اتفاقها مع من وصفهم بانفصاليين صوماليين، فستعاملها بلاده بالمثل وتقيم علاقات مع متمردين إثيوبيين”.

وأضاف فقي، في تصريحات نشرها موقع “الصومال الجديد” الإخباري اليوم السبت، أن “على إثيوبيا أن تنسحب فورا من الاتفاقية التي أبرمتها مع إقليم أرض الصومال مطلع العام الجاري”.

وتمنح الاتفاقية إثيوبيا الوصول إلى ميناء على البحر الأحمر من خلال استئجار شريط ساحلي بطول 20 كيلومترا مقابل اعترافها بالإقليم دولة مستقلة.

وتابع الوزير الصومالي أن “الصومال لا يريد تدمير إثيوبيا، وليس في ذلك مصلحة للصومال والقرن الأفريقي، لكن إذا استمر التدخل فإن لديه الفرصة لإقامة علاقات مع المتمردين الإثيوبيين”.

واتهم فقي إثيوبيا بأنها “لا تريد استخدام ميناء بحري في الصومال، بل تسعى في الواقع لأخذ جزء من الأراضي الصومالية”، مشيرا إلى أن “أديس أبابا حصلت على وعد من جيبوتي باستخدام ميناء يعتبر الأقرب للأراضي الإثيوبية، لكنها لم ترد على ذلك الوعد، مما يدل على أنها تريد أخذ إرث الأجيال القادمة من الصوماليين”، حسب تعبيره.

وقال وزير الخارجية الصومالي إن إثيوبيا أنشأت قوة بحرية هدفها الاستيلاء على بعض الأراضي الصومالية الواقعة ضمن ما سماها المناطق ذات الأهمية الإستراتيجية الكبرى في العالم.

وقبل أسبوعين، أرسلت إثيوبيا مندوبا جديدا بدرجة سفير إلى هرغيسا عاصمة أرض الصومال، وذلك لأول مرة منذ بدء العلاقات بين أديس أبابا والإقليم.

وتقود تركيا وساطة بين إثيوبيا والصومال من أجل تسوية النزاع، ومن المقرر عقد جولة محادثات ثانية بين الطرفين خلال الشهر الجاري.

مقالات مشابهة

  • جبريل يتهم أمريكا بالتورط في الحرب السودانية
  • عندما تتخلي الحركات عن انسانها..
  • الحرب التجارية تعود بين أمريكا والصين.. كيف ستتأثر السيارات الكهربائية؟
  • فاتورة غرور إثيوبيا
  • عاجل | أبو عبيدة: نبارك العملية النوعية التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية واستهدفت موقعا عسكريا قرب تل أبيب
  • بيان أميركي بريطاني: دعم سيادة الصومال وسلامة أراضيه واستقراره على المدى الطويل
  • مصر لا تريد الحرب.. الديهي: تواجدنا في الصومال وفقًا للقانون الدولي
  • أستاذ إعلام: أمريكا تمنح إسرائيل غطاء حماية كامل لجرائمها
  • الحرب ستقف عندما يسترد المواطن السوداني بيته وكرامته
  • الصومال يحتج على دعم إثيوبيا الانفصاليين