من التصرفات الذميمة التى نهى عنها الدين وجرَّمها القانون هى أي تصرفات تندرج تحت مسمى الغش أو النصب أو الاحتيال، وهى كلمات وإن اختلفت مسمياتها ولكن معانيها تؤدي لنفس النتائج وهى إلحاق الأذى والضرر بالغير أو بالمجتمع، من أجل الحصول على مكاسب شخصية، سواء مكاسب مادية أو معنوية دون وجه حق، ودون بذل تعب أو مجهود مقابل الحصول على تلك المزايا.
ولاشك أن الغشاشين والنصابين والمحتالين يتواجدون بكل المجتمعات على اختلاف تصنيفاتها، شأنها شأن أي ظواهر أو جرائم أخرى كالسرقة والقتل وغيرهما، ولكن ربما هناك بعض العوامل والمتغيرات التي تساعد في انتشار ظاهرة الغش والنصب والاحتيال وهو ما يدفع علماء وباحثي علم النفس والاجتماع لمحاولة فهم وتفسير انتشار هذه الظاهرة وقراءتها في إطار الظروف المجتمعية والنفسية والشخصية. فمثلا تقول إحدى الدراسات في هذا الموضوع أنه يوجد هناك ما يسمى بـ (مثلث الاحتيال) وهو عبارة عن نموذج طوره الباحثون لتفسير سبب إقدام الشخص على الغش أو النصب أو الاحتيال، وأضلاع هذا المثلث هى: الضغوط والفرصة والتبرير، والتي يرى الباحثون أن اجتماعها في وقت واحد لدى الشخص ضعيف النفس ربما تشكل ظروفا مواتية لارتكاب الشخص للغش أو النصب أو الاحتيال، فعندما تتزايد الضغوط المالية أو النفسية على الشخص يبدأ في محاولة التخلص من هذه الضغوط بالبحث عن فرصة أو ثغرة، ثم وضع التبرير المناسب لنفسه لارتكاب هذا التصرف كأن يقول مثلا على ضحيته سواء فردا أو مجتمعا "يستاهل هو اللي أعطاني الفرصة لذلك.. حالة مثلا أن الضحية غير واع أو المجتمع لا توجد به من وسائل الضبط الكافية للحد من الغش".
ولكن بعض الباحثين أضافوا ضلعا رابعا لمثلث الاحتيال وهو عامل شخصية المحتال أو النصاب أو الغشاش نفسه، بحيث مثلا كلما كان الشخص ضعيف المهارات الشخصية فإن درجة إقدامه على النصب والاحتيال والغش تقل بالرغم من توافر العوامل الأخرى، والعكس بالنسبة للشخص قوي الشخصية والذي يمتلك مهارات شخصية أعلى، ومع تواجد عوامل الضغط والفرصة والتبرير يجعل الشخص الماهر أكثر إقداما لارتكاب جريمة النصب والاحتيال والغش، مثل الشخص الذي يجيد مهارة التمثيل أو من يتميز بالثبات الانفعالي أو الماهر بالتكنولوجيا واختراق الحسابات البنكية، هؤلاء أكثر ميلا للاحتيال والنصب من غيرهم مع ثبات العوامل الأخرى كما ذكرنا سابقا.
ويرى العلماء أن عامل ضغط "الأنا" على الشخص هو من أهم العوامل التي تجعل منه شخصا محتالا أو نصابا أو غشاشا، وهناك العديد من الأعمال الفنية الدرامية والسينمائية التي ناقشت هذه الظاهرة خاصة من الناحية النفسية والاجتماعية مثل فيلم لا أكذب ولكني أتجمل وغيرها. وهناك حملات توعية مكثفة في الفترة الأخيرة للتحذير من الوقوع ضحية محتالي البطاقات البنكية، ورغم وجود القوانين التي تجرم النصب والاحتيال، وإنفاق البنوك والتجار عبر الإنترنت لمليارات الدولارات سنويا لتأمين العملاء، ولكن تظل الحلقة الأضعف التي يلعب عليها المحتال هى ضعف الوعي لدى ضحاياه، مما يجعلهم فريسة سهلة للوقوع في فخ الاحتيال.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: النصب والاحتیال
إقرأ أيضاً:
الأمن الوطني يعلن تنفيذ 29 عملية نوعية لمكافحة الاحتيال المالي
بغداد اليوم -