يسرى عبدالله لـ«الشاهد»: الجين المصري الحضاري رفض التطرف في 2013
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
كشف الدكتور يسري عبدالله، أستاذ الأدب والنقد الحديث بجامعة حلوان، عن أبرز ما يزعجه في سمات الشخصية المصرية، قائلا: الإجابة تعيدني إلى فكرة التراكم الحضاري المصري، والحضارة المصرية واحد من أهم مميزاتها إنها متعددة لجذور والهويات، نحن لسنا هوية أحادية.
الجين المصري يعتمد على جذور الهوية المصريةوأضاف «عبد الله» في حواره لبرنامج «الشاهد» مع الإعلامي الدكتور محمد الباز على قناة «إكسترا نيوز»، أن الجين الحضاري هو من نجح في عام 2012 و2013، في مواجهة البراري وعصابات التطرف ممثلة في الإخوان، مكملاً: «الجين المصري يعتمد على جذور الهوية المصرية المتعدددة، فرعوني وقبطي وإسلامي وحديث، وصولا إلى جماع ما يمسى بالشخصية المصرية التي تكون قادرة على رصد كل هذه المؤثرات والكيانات في سبيكة واحدة، ورغم أنها متنوعة إلا أنها متناغمة».
وواصل: «والهويات المتعددة للإنسان الفرد، تعني أنه ليس له هوية واحدة بل ينهض بأدوار متعددة، فنحن نمارس أدوارا مختلفة، ومتعددة، فنحن كتاب وأزواج وآباء، ونمارس عدة أدوار، وفكرة الهويات المتعددة هي فكرة أصيلة في العالم الحر، وفي مايسمى باللحظة الحاضرة، مستطردًا: «كلامي عن الهوية محاولة للإجابة عن سؤال ما أكثر ما يزعجني في الشخصية المصرية، هو اختزال هذه الهوية الحضارية المتنوعة في هوية أحادية في محاولة قولبة الشخصية المصرية ودفعها في اتجاه أحادي متميز معادي للتنوير والحداثة والتقدم، وهي كلها أفكار حملتها الجماعات المتطرفة، التي شكلت وباء على الوطن العربي كافة، وليس مصر فقط».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الحضارة المصرية جامعة حلوان
إقرأ أيضاً:
الأبيض والأسود الوطني
د. نبيل الكوفحي
التطرف حالة مدمرة للمجتمعات والدول اياً كان شكله وسببه، وهو ليس حالة مقتصرة على السبب الديني كما يريد الغرب وغيرهم إشاعته، فالتطرف العلماني يشكل خطرا كبيرا ايضا، اذ عانت بعض دول العالم الإسلامي ملايين الضحايا والتخلف والمرض والفقر والفساد. وقد يكون التطرف عرقيا او اثنيا او بدعاوى وطنية، كما شاهدنا ما حصل في البوسنة والهرسك وبعض دول أفريقيا كرواندا.
التطرف صفة فرعونية تهدف إلى احتكار الفهم والمسار (قالَ فِرْعَوْنُ ما أُرِيكُمْ إِلَّا ما أَرى)، وهي بهذه الحالة قطبية واحدة تفرض على الآخرين ان يدوروا في رحاها ويأتمروا بأمرها. وتصادر حق الآخرين في الاختيار والحياة الحرة معا.
و التطرف صفة صهيونية ايضا، اذ تحتكر الانسانية وقدسيتها لليهود، وتستبيح دماء واعراض وأموال غيرهم من الامم دون أدنى حس إنساني، وجرائمهم في فلسطين على مدار قرن وما عاناه اهل غزة اخيرا خير دليل.
التطرف قد يكون على شكل احتكار لمفهوم المواطنة لاشخاص او منطقة دون الآخرين، يترجم على شكل منح صكوك الوطنية لمن يشاؤوا وإسقاطها عمن شاؤوا لمخالفة راي او اجتهاد او اختلاف على تقدير مصلحة وطنية هي حمالة اوجه متعددة. هذا السلوك مدمر يفت في عضد الوحدة الوطنية، ويفكك النسيج الاجتماعي، ويشكل اعاقة لعمليات البناء الوطني.
الممارسات التي تحتكر المواطنة لاشخاص او مناطق دون اخرى، او تسقط المواطنة على مستويات متباينة لهي نذير فوضى أدت بكثير من المجتمعات والدول لاختلاف واضطراب، يقول الشاعر ابي الأسود الدؤلي:
لا يَصلُحُ الناسُ فَوضى لا سَراةَ لَهُم …. وَلا سَراةَ إِذا جُهّالُهُم سادوا.
ممارسة العصبية حذر منها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ» وإن كثيرًا من شراح الحديث ليرجعون القول الى هُتافُ الغلامين: يا لَلْمهاجرين، و: يا لَلأنصار..
حالة الاختلاف في الرأي حالة مستمرة وليست محصورة في مكان دون آخر، والحل الوحيد لها هو الحوار والحوار فقط. يسجل الله جل وعلى على ذاته العليه انه حاور ابليس حيث ذكر ذلك في القران الكريم (قال يا ابليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي استكبرت ام كنت من العالين). اي رسالة أبلغ من تلك الاية لنتعلم منها؟!.
المتتبع لممارسة قيادة المملكة على مدى قرن من الزمان يجد انها كانت الاطار الجامع للهوية الوطنية، تجمع ولا تفرق، واستوعبت الكثير من الأصوات التي صنفها اخرون خارج السياق الوطني بقبول ودفء احيانا، ادراكا منها وحكمة لخطورة مزالق الفوضى بخلاف ذلك.
من يتابع يجد فارقا بين جيلين؛ عاش الاول مجموعة من القيم الوطنية الجامعة تدفعه وتضبطه، بل يتمتع بطيف الوان الوطن الجميلة. وجيل لاحق؛ بعض أبنائه يرى الأمور من زاوية واحدة فقط، ولا يرى إلا بلونين فقط؛ هما الأسود والأبيض. برغم وفرة التكنولوجيا وسيولة المعلومات.
ادعو الجميع وخاصة قادة الرأي والنخب السياسية والإعلاميين والمعلمين والخطباء والوجهاء ان يقوموا بواجبهم لإزالة الشوائب والعوائق والحجب لتثبيت بقية الألوان الجميلة في وطن الجميع، وبغير ذلك؛ فليس حديث أصحاب السفينة عنكم ببعيد.