أسطورة “الميودسا” في الدستور اليمني
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
الميودسا تمثال يوناني مصنوع من الرخام للتعبير عن الشؤم والخوف في البلاد، تُدار حوله أسطورة أفريقية قديمة، تقول إن الميودسا تمثال لفتاة فاتنة في غاية الجمال تم اغتصابها في المعبد، فعاقبتها آلهة اليونان الشهيرة “أثينا”، إذ مسختها إلى امرأة مرعبة، و حولت شعرها إلى ثعابين وسحرتها بحيث أي إنسان ينظر إلى عينيها يتحول الى تمثال صخري.
تحولت هذه الفتاة إلى وحش مخيف ينشر الرعب في أرجاء اليونان إلى أن استطاع البطل “بيرسيوس” قتلها وفصل رأسها عن جسدها بوساطة أسلحته الخاصة التي حمته من سحر عينيها.
وعلى الرغم من كون هذه الخرافة عبارة عن أسطورة يونانية ضمن عدة اساطير مشابهة، لكنها في الواقع انعكاس لثقافة الشعوب والمجتمعات.
هذه الأسطورة تثير التفكير حول مكانة المرأة الوضيعة قديمًا وما عانته في مثل هذه البلدان التي منحت المرأة الآن حقوقها بشكل شبه كامل.
منذُ ذلك الزمان والفتاة هي المذنب الوحيد في كل شيء، يصوب المجتمع سهام اللوم عليها ويحملها المسؤولية مباشرة بعد كل حادثة اعتداء تتعرض لها باعتبارها أصلًا لكل الشرور والمصائب.
بالرغم من كل التقدم الثقافي والحضاري في اليونان إلا أن المجتمع كان ينظر للمرأة بنوع من الدونية، وهي النظرة ذاتها التي تمنحها أغلبية المجتمعات العربية واليمن على وجه الخصوص للمرأة حاليًا.
ففي اليونان قديمًا منعوا الفتيات من التعليم، ولا يحق لأي امرأة أن تصبح شاعرة أو كاتبة أو تاجرة أو فيلسوفة، لذا انحصرت الإنجازات القديمة على الرجال، ثم يسألون أصحاب السلطة الذكورية ” لمَ لم يكن في الفلسفة والشعر امرأة عريقة، ليثبتوا العراقة التاريخية للأبوية الذكورية، وعدم جدراة المرأة من تحقيق نفسها كما فعل الرجل.
العادات والتقاليد المتوارثة من قديم الزمان تُسلب المرأة حقوقها بالدرجة الأولى وتُأثر بنظرة الذكور إليها مهما كانت ثقافتهم، حيثُ تركت هذه الأفكار بصمتها على الفلسفة والأدب الذي يتوارث مع مر الأزمان، ” أرسطو” الفيلسوف الإغريقي الشهير أول فيلسوف أثيني، كان من أكبر المنظرين لدونية المرأة في المجتمع حيث أعتقد أن المرأة تُجلب الفوضى والشر للمجتمع، وانها عبارة عن نصف رجل، وأن النساء بالمجمل عديمات الفائدة تمامًا وأنهن يسببن ارتباكًا للمجتمع أكثر من الأعداء.
يُسعدني بأن تلك المجتمعات تطورت في الوقت الحالي على العكس من ماضيها السيء، وظهرت المرأة أكبر قيمة من السابق، وتلقت التعليم وتولت المناصب ولو أنها لم تصل إلى مكانة الرجل تمامًا بعد، إلا أنه تقدم مرضي نوعًا ما.
وعلى غرار ذلك المرأة اليمنية تولت المناصب ومقاليد الحكم منذ قديم الزمان، وحفرت اسمها في التاريخ اليمني، وتدل الكثير من التماثيل الخاصة بالمرأة اليمنية من قبل الميلاد على شأن المرأة وتقديرها عكس الإغريق وغيرها من البلدان.
إلا أن مكانة المرأة اليمينة انحدر تدريجيًا إلى أن وصلت إلى ما هي عليه، وتسربت نظرة البلدان تلك للمرأة في اليمن، وشاع التسلط الذكوري وقمعت حرية المرأة واقصيت من الكثير من المناصب ووضعت القوانين الدستورية التمييزية ضد المرأة اليمنية، في حين شرع زواج القاصرات ولم تمنحها حقها الكامل في الزواج والطلاق والمساواة وقُنن عددهن في المشاركة السياسية.
انتشرت العادات والتقاليد لتمثل عائقا أمام حقوق اليمنيات بالإضافة إلى القوانين التي تسلب المرأة حقها الطبيعي كإنسان كامل مثل شقيقها الرجل.
فالقانون رقم (59) ينص على أن يجوز للرجل أن يطلق زوجته بناءً على رغبته ومن دون الحاجة إلى إبداء الأسباب.. بيد أن المرأة التي تطلب الطلاق يجب أن تلتمس ذلك في المحكمة ولكنها لا تستطيع الحصول على ذلك إلا لأسباب محدودة.
بينما القانو رقم (24) حذف السن المحدد لزواج الفتيات بعد قانون صُدر سابقًا وحدد سن الخامس عشر إلا أنه تم حذفه وشرع زواج الفتيات بأي سن كان شريطة أن يوافق ولي أمر الفتاة، وهذا ما شجع انتشار زواج القاصرات بشكل كبير خصوصًا في الأرياف.
وقانون آخر رقم(26) يسمى قانون الأسرة الذي يغطي المسائل المتعلقة بالزواج والطلاق وحضانة الأطفال والميراث ويحتوي القانون على عِدة أحكام قانونية تمييزية تفرض قيود شديدة على حياة النساء وتعرضهن لخطر إساءة المعاملة.
ما هذه القوانين إلا نموذجًا للكثير من القوانين الأخرى التي أقامت مجزرة بحق المرأة اليمنية وجعلت النساء في اليمن يتعرضن للتمييز المنهجي والعنف المتفشي، وتتعرض حقوقهن للانتهاك بشكل اعتيادي لأن القوانين اليمنية والممارسات القبلية والعرفية تعاملهن على أنهن مواطنات من الدرجة الثانية.
فمتى ستعود المرأة اليمنية إلى مكانتها الطبيعية كقديم الزمان وتتولى المناصب وتحفر اسمها في التاريخ الجديد، وهل سيحدث شغف الفتيات وارداتهن و وجهود أبطال المجتمع تأثيرًا إيجابيًا بخصوص المرأة، وهل الدستور اليمني سيقر لتعديله ويفك القيد الذي يضعه على عنقها؟!
هبة التبعي15 يناير، 2024 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام عدن في فكر لقمان مقالات ذات صلة عدن في فكر لقمان 14 يناير، 2024 بريطانيا مستعدة لإرسال “حاملة طائرات” لمواجهة الحوثيين 14 يناير، 2024 تدشين برنامج لتأهيل وتدريب خريجي جامعة مأرب لسوق العمل 14 يناير، 2024 مسؤولان: لم تنفذ امريكا وبريطانيا غارات في الحديدة 14 يناير، 2024 اترك تعليقاً إلغاء الردلن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
شاهد أيضاً إغلاق كتابات خاصة عقدة النقص 5 يناير، 2024 الأخبار الرئيسية بريطانيا مستعدة لإرسال “حاملة طائرات” لمواجهة الحوثيين 14 يناير، 2024 مسؤولان: لم تنفذ امريكا وبريطانيا غارات في الحديدة 14 يناير، 2024 الحوثيون يشيعون ستة من قتلى القصف الامريكي 14 يناير، 2024 ضربات جوية أمريكية جديدة على الحديدة غربي اليمن 14 يناير، 2024 الشحنات الكهربائية.. تحدٍّ جديد لأطفال اليمن (تقرير خاص) 14 يناير، 2024 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 اخترنا لكم عدن في فكر لقمان 14 يناير، 2024 عقدة النقص 5 يناير، 2024 كل عام وأنتِ بخير يا غزة 3 يناير، 2024 الذات وسياسة القطيع 2 يناير، 2024 واشنطن.. سياسة الديناصورات 31 ديسمبر، 2023 الطقس صنعاء سماء صافية 14 ℃ 23º - 12º 35% 0.74 كيلومتر/ساعة 23℃ الأثنين 23℃ الثلاثاء 23℃ الأربعاء 21℃ الخميس 20℃ الجمعة تصفح إيضاً أسطورة “الميودسا” في الدستور اليمني 15 يناير، 2024 عدن في فكر لقمان 14 يناير، 2024 الأقسام أخبار محلية 25٬402 غير مصنف 24٬149 الأخبار الرئيسية 12٬537 اخترنا لكم 6٬688 عربي ودولي 6٬029 رياضة 2٬089 كأس العالم 2022 72 كتابات خاصة 2٬006 اقتصاد 1٬984 منوعات 1٬828 مجتمع 1٬753 تراجم وتحليلات 1٬503 صحافة 1٬453 تقارير 1٬448 آراء ومواقف 1٬414 ميديا 1٬243 حقوق وحريات 1٬218 فكر وثقافة 845 تفاعل 756 فنون 460 الأرصاد 176 بورتريه 62 كاريكاتير 27 صورة وخبر 20 أخبار محلية 16 اخترنا لكم 6 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل © حقوق النشر 2024، جميع الحقوق محفوظة | يمن مونيتورفيسبوكتويتريوتيوبتيلقرامملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويتريوتيوبتيلقرامملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 أكثر المقالات تعليقاً 30 ديسمبر، 2023 انفراد- مدمرة صواريخ هندية تظهر قبالة مناطق الحوثيين 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 19 يوليو، 2022 تامر حسني يثير جدل المصريين وسخرية اليمنيين.. هل توجد دور سينما في اليمن! 27 سبتمبر، 2023 “الحوثي” يستفرد بالسلطة كليا في صنعاء ويعلن عن تغييرات لا تشمل شركائه من المؤتمر 27 سبتمبر، 2023 وفاة رجل الأعمال اليمني محمد حسن الكبوس 15 ديسمبر، 2021 الأمم المتحدة: نشعر بخيبة أمل إزاء استمرا الحوثي في اعتقال اثنين من موظفينا أخر التعليقات Fathi Ali Alfaqeeh
الهند عندها قوة نووية ماهي كبسة ولا برياني ولا سلته...
راي ااخرما بقى على الخم غير ممعوط الذنب ... لاي مكانه وصلنا يا عرب و...
رانيا محمدعملية عسكري او سياسية اتمنى مراجعة النص الاول...
الصفحة العربيةانا لله وانا اليه راجعون ربنا يتقبله ويرحمه...
رانيا محمدان عملية الاحتقان الشعبي و القبلي الذين ينتمون اغلبيتهم الى...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: المرأة الیمنیة فی الیمن قدیم ا إلا أن
إقرأ أيضاً:
“الرئاسي اليمني” يوجه باتخاذ الإجراءات القانونية حيال الأوضاع في حضرموت
يمن مونيتور/ قسم الأخبار
عقد مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، يوم السبت، اجتماعا كرس لمناقشة عدد من الاستحقاقات، والقضايا والتطورات المحلية، بما في ذلك الأوضاع في محافظة حضرموت واتخذ حيالها الإجراءات والقرارات اللازمة.
كما ناقش اللقاء، وفق وكالة الأنباء اليمنية الرسمية، المتغيرات المتعلقة بتقلبات أسعار الصرف، والسلع الأساسية، والشحن التجاري، وتداعياتها الإنسانية التي فاقمتها هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية، وخطوط الملاحة الدولية.
وجدد المجلس، وفق الوكالة، “حرص الدولة على تحمل كامل المسؤولية في التخفيف من وطأة الأوضاع المعيشية، مع التزامها المطلق بتعزيز وحدة الصف والتركيز على المعركة المصيرية لاستعادة مؤسسات الدولة وانهاء انقلاب الحوثيين”.
ونهاية الشهر الماضي، اعتبر حلف قبائل حضرموت، الذي يقود تصعيدًا ضد السلطة المحلية والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا منذ ثلاثة شهور على خلفية مطالب خدمية وسياسية، أن تحقيق الحكم الذاتي كامل الصلاحيات و ”الذي تنادي به الجماهير”، ويحفظ لحضرموت الاستقلالية، بات “حاجة ملحة”.
وأوضح، في بيان الاجتماع الاستثنائي لقيادات الحلف، الذي انعقد في منطقة عليب بمديرية غيل با يمين، الأحد الماضي، أن تحقيق الحكم الذاتي “يمثل إنقاذًا للمجتمع الحضرمي من الوضع المتردي والمنهار والواقع على حافة المجاعة”، قائلًا: “سيظل الحلف مدافعًا عن تلك المبادئ حتى تحقيقها واقعًا ملموسًا”.
وأكدَّ البيان على “التمسك بتحقيق مطالب حضرموت المعلن عنها في بياني مؤتمر حضرموت الجامع في 13 يوليو/ تموز الماضي، وحلف قبائل حضرموت في 31 يوليو”.
وطالب البيانان، اللذان نوه بهما الاجتماع الأخير لقيادات الحلف، بتحقيق مطالب خدمية، وتثبيت حق حضرموت في ثرواتها ونفطها وعدم التصرف بمخزونها من النفط الخام، واعتماد مؤتمر حضرموت الجامع ممثلًا لحضرموت في مشاورات التسوية اليمنية المقبلة. وأكدَّ بيان الاجتماع على “استمرار الضغط والتصعيد المجتمعي” حتى تحقيق الحقوق والمطالب الواردة في البيانين اللذين سبق ونوه بهما.
ورحب بقرار المحافظ الخاص بتغطية السوق المحلية بمادة الديزل المنتج من بترومسيلة بسعر 800 ريال للتر الواحد، مؤكدًا على “تغطية السوق المحلية من مادة البترول عالي الجودة، بحيث تتساوى في القيمة مع سعر الديزل للسوق المحلية”.
وطالب البيان “بتسخير قيمة كامل المخزون من مادة الديزل المتوفر في خزانات بترومسيلة منذ 31 يوليو لصالح إنشاء مستشفى عام بالهضبة منطقة عليب”.
كما طالب الحكومة “بدفع قيمة كميات الديزل التي يتم صرفها على الكهرباء في حضرموت بالسعر التجاري، وانتظام ذلك نهاية كل شهر كون حضرموت بحاجة ماسة لذلك لسد الكثير من المتطلبات وبسبب الظروف التي تمر بها البلاد”.
وشهد عدد من مدن حضرموت، خلال الأيام الماضية، مسيرات ووقفات منددة بتدهور الأوضاع المعيشية وتردي الخدمات، بما فيها الكهرباء.