مع بداية العام الجاري 2024، شهدت الساحة الجيوسياسية تحولا، مع توسع مجموعة "بريكس"، لتشمل السعودية والإمارات ومصر إيران وإثيوبيا، وهو تطور يجلب اهتماما جديدا لمسألة إعادة تشكيل النظام العالمي، وصعود التعددية القطبية، والدور المؤثر بشكل متزايد الذي تلعبه القوى المتوسطة.

ذلك ما خلص إليه علي محمدوف، في تحليل بمجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية (National Interest) ترجمه "الخليج الجديد".

وبريكس كتلة اقتصادية وجيوسياسية أُسست في عام 2006، وكانت الدول المؤسسة هي الصين وروسيا وجنوب أفريقيا والهند والبرازيل، وتمثل أكثر من 30% من حجم الاقتصاد العالمي.

وأضاف محمدوف أنه "على الرغم من قدراتها المحدودة مقارنة بالقوى العظمى، فإن القوى المتوسطة تستفيد تدريحيا من توزيع القوة العالمية لتأمين الفرص لنفسها".

وتابع: "مع الاعتراف بأن القوى العظمى تعتمد عليها لتحقيق النفوذ العالمي، تنخرط القوى المتوسطة في ألعاب القوة، وتتأرجح بين التعاون والمعارضة لتعزيز مصالحها الخاصة. وتوفر المنافسة الشديدة عالية المخاطر بين القوى العظمى والتعاون المتقطع، أرضا خصبة للقوى المتوسطة لتأكيد نفوذها".

وزاد بأنه "في أعقاب الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، انقسم العالم إلى قطبين للقوة؛ مما اضطر القوى المتوسطة إلى التحالف إما مع الولايات المتحدة أو الاتحاد السوفييتي، وكانت السياسة الخارجية المستقلة للقوى المتوسطة معدومة تقريبا".

و"قدم انهيار الاتحاد السوفييتي (عام 1991) خيارا أقل ثنائية، فإما الانضمام إلى النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة أو اتباع مسار مستقل"، كما تابع محمدوف.

وأوضح "الاختيار ضد القوة العظمى العالمية الوحيدة يخاطر بالتخلي عن الضمانات الأمنية والفوائد الاقتصادية، ولذلك، انضمت العديد من القوى المتوسطة إلى النظام الذي تقوده الولايات المتحدة".

اقرأ أيضاً

أكدوا عدائية إسرائيل.. قادة مجموعة بريكس يدعون إلى هدنة إنسانية طويلة في غزة

تراجع القطب الواحد

محمدوف قال إن "لحظة القطب الواحد تضاءلت تدريجيا مع تضاؤل النفوذ العالمي النسبي للولايات المتحدة.. وساهمت عوامل مثل صعود القوة الاقتصادية للصين وقدرتها على جذب الحلفاء، والأزمة المالية العالمية عام 2008، والتكاليف الباهظة التي تكبدتها واشنطن خلال حربي العراق وأفغانستان، في هذا التحول النموذجي".

وأردف أن "هذا النفوذ المتضائل فرض تحديات على الولايات المتحدة وحلفائها في تعزيز المصالح الجماعية في جميع أنحاء العالم؛ مما أدى إلى ظهور قوى متوسطة أكثر ميلا إلى اتخاذ إجراءات جريئة".

و"تدل الأهمية المتزايدة للقوى المتوسطة وثقتها على التحول نحو التعددية القطبية، فالكتلة الصاعدة، التي تقودها الصين، توفر للقوى المتوسطة بدائل، مما يقلل من اعتمادها على الولايات المتحدة"، وفقا لمحمدوف.

وأضاف أنه "في عالم متعدد الأقطاب، تكتسب القوى المتوسطة المزيد من الخيارات والاستقلال، وبالتالي المزيد من النفوذ، وتُظهِر في مختلف المناطق اهتماما متزايدا بالهيمنة الإقليمية".

اقرأ أيضاً

هل يحدث انضمام السعودية والإمارات إلى بريكس تغيرًا في التكتل؟

سلوك القوة المتوسطة

و"التحول الاستراتيجي الذي شهدته تركيا، وتحولها إلى لاعب أكثر استقلالية وحزما في الشرق الأوسط، يوضح تماما تأثير أقطاب القوة المتعددة على سلوك القوة المتوسطة"، بحسب محمدوف.

وأردف: "نظريا، ساهم التراجع النسبي للهيمنة في زيادة النزعات القومية والأزمات الإقليمية وإضعاف المؤسسات العالمية وسعي القوى المتوسطة إلى سياسات خارجية أكثر استقلالية".

واعتبر أنه "بدلا من الإفراط في الانتقائية في اختيار الشركاء الإقليميين، ينبغي أن ينصب تركيز القوى الكبرى على تحديد القوى الإقليمية النشطة الراغبة في التعاون بشأن قضايا محددة، أما النظر إلى كل طموحات الهيمنة الإقليمية باعتبارها تهديدات، فسيهدد بتنفير القوى المتوسطة وتحويل مناطق بأكملها ضد الغرب".

محمدوف شدد على أن "الدور المتوسع الذي تلعبه القوى المتوسطة في عالم متعدد الأقطاب يفرض تحديات وفرصا على اللاعبين العالميين، ومع استمرار تحول الديناميكيات، يصبح تكييف الاستراتيجيات للتعامل مع القوى المتوسطة أمرا ضروريا".

اقرأ أيضاً

هل ينشئ بريكس عملة تكسر هيمنة الدولار بعد توسعه؟ وما التحديات القادمة؟

المصدر | علي محمدوف/ ناشونال إنترست- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة: أزمة سياسية أم ورقة ضغط؟

ديسمبر 21, 2024آخر تحديث: ديسمبر 21, 2024

المستقلة/- في مشهد متكرر يعكس التوترات السياسية داخل الولايات المتحدة، أُعلنت الحكومة الفيدرالية الإغلاق رسميًا بعد فشل التوصل إلى اتفاق على قانون تمويل مؤقت في الوقت المناسب. ويأتي هذا الإغلاق، الذي بدأ في منتصف الليل بتوقيت واشنطن، ليضيف حلقة جديدة إلى سلسلة الأزمات التي هزت الإدارة الفيدرالية الأمريكية منذ عام 1976.

الإغلاق الحالي يُعد نتيجة مباشرة للخلافات السياسية الحادة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، حيث يشترط الرئيس السابق دونالد ترامب على الديمقراطيين إلغاء سقف الدين الوطني أو زيادته بشكل كبير مقابل تمرير قانون الميزانية المؤقتة. هذه المطالب، التي وصفتها الإدارة الحالية بأنها محاولة من الجمهوريين لفرض الإغلاق الحكومي، تعكس عمق الانقسام السياسي في البلاد.

الإغلاق الحكومي له تأثيرات واسعة النطاق على المواطنين الأمريكيين، حيث يتوقف العمل في العديد من المؤسسات الفيدرالية، مما يعطل الخدمات الأساسية ويؤثر على ملايين الموظفين الفيدراليين الذين قد يُجبرون على العمل دون أجر أو يأخذون إجازات غير مدفوعة.

ومن اللافت أن الإغلاق الحالي ليس الأول من نوعه، فقد شهدت الولايات المتحدة 21 حالة إغلاق حكومي منذ عام 1976. أطول هذه الإغلاقات كان في عهد دونالد ترامب خلال عامي 2018 و2019، واستمر 35 يومًا، مما تسبب في شلل كبير في القطاعات الحكومية وأثار جدلًا واسعًا حول فعالية هذا النوع من الضغوط السياسية.

السؤال المطروح الآن: هل سيوقع الرئيس جو بايدن على مشروع قانون الميزانية المؤقتة لإنهاء الإغلاق قبل يوم الاثنين؟ أم أن الأزمة ستستمر، مما يزيد من معاناة المواطنين الأمريكيين؟

في خضم هذه الأزمة، يبقى الإغلاق الحكومي رمزًا للتجاذبات السياسية التي غالبًا ما تكون تكلفتها باهظة على الشعب الأمريكي، سواء من حيث الاقتصاد أو الثقة في أداء الحكومة.

مقالات مشابهة

  • الحوثي تكذّب الولايات المتحدة.. هكذا سقطت إف 18 فوق البحر الأحمر
  • خطط مجموعة BKN301 لعام 2025.. تعزيز خدماتها وتوسيع انتشارها العالمي
  • “الأحوال المدنية المتنقلة” تقدّم خدماتها في 43 موقعًا بالمملكة
  • الحرب بين الولايات المتحدة والصين تتجه نحو التوسع
  • QNB: التضخم في الولايات المتحدة الأميركية يتباطأ في عام 2025
  • الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة: أزمة سياسية أم ورقة ضغط؟
  • مجلس الأمن يمدد تواجد القوة الأممية في الجولان 6 أشهر
  • كيف تمددت الصين وكسبت نفوذها في أميركا اللاتينية؟
  • الدورة الثالثة من أسبوع أبوظبي المالي تعزز سُبل دعم التمويل العالمي المستدام
  • سيارتو يوضح سبب استثناء الولايات المتحدة لـ "غازبروم بنك" من العقوبات