شاهد.. القسام تدك أسدود بالصواريخ في اليوم الـ100 للحرب
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
نشرت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، اليوم الأحد مقاطع فيديو لقصف بلدة أسدود في غلاف غزة برشقة صاروخية، وذلك في اليوم الـ100 لبدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وقالت كتائب القسام إنها قصفت أسدود برشقة صاروخية من طراز "مقادمة إم 75" (M75) ردا على المجازر الإسرائيلية بحق المدنيين.
كما حمل الفيديو عنوانا يقول: "100 يوم من المعركة، أسدود تحت خط النار ولدينا مزيد"، وصورا للصواريخ قبل وبعد إطلاقها من منصاتها باتجاه مستوطنة أسدود.
من جهته قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن صفارات الإنذار دوت في مدينة أسدود الساحلية، ولم يتطرق جيش الاحتلال إلى تفاصيل عن الأضرار أو الإصابات.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن صفارات الإنذار دوت أيضا من هجمات الصواريخ في بلدتي جافني وبن ساكاي القريبتين. وذكرت الأنباء أن حطام أحد الصواريخ سقط فوق مدينة أسدود، ولم تقع إصابات.
وفي السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أطلقت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وفصائل فلسطينية أخرى عملية طوفان الأقصى، ردا على الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة بحق الشعب الفلسطيني، وشنت فيها هجوما على المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، أسفرت عن مقتل نحو 1500 إسرائيلي في بداية المعركة، وأسر نحو 250 آخرين.
وردت إسرائيل بحرب مدمرة على قطاع غزة، خلّفت 23 ألفا و968 شهيدا، و60 ألفا و582 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
ترامب نطق بالحقيقة.. وصنعاء نطقت بالصواريخ
في لحظة بدا وكأنها اختيرت بعناية لإذلال الغطرسة، خرج دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابق، المعروف بكثرة كلامه وقلّة درايته، ليفجر اعترافا نادرا أصاب كبد الحقيقة: “الحوثيون يصنعون الصواريخ بالفعل”.
لم يكن في الحسبان! لا في خيال ترامب، ولا في حسابات البنتاغون، ولا حتى تحت أعين أقمارهم الصناعية أو تقارير جواسيسهم المتخمّة بالغباء، أن اليمن — هذا البلد الجريح المحاصر، الممزق بالحرب والغارات، الباحث عن لقمة خبز مدعومة —بلد الإيمان والحكمة، قد بدأ منذ سنوات طويلة في بناء قوة عسكرية محلية، متطورة، رادعة، وموجعة.
لم يتخيل ترامب – الذي لا يُعرف إن كان يتحدث كرئيس أو كضحية تلفزيونية – أن الصواريخ التي تطلق من اليمن ليست صدى لغضبٍ مستعار، بل ردٌّ مباشر على القنابل التي تُمطر المدنيين. لم يدرك أن خلف كل غارة هناك “يافا” تنتظر، وطائرات مسيّرة تُحلّق فوق الأساطيل وتخترق كل الحواجز الجوية.
لطالما ظنت وروجت واشنطن وأدواتها أن اليمن مجرد حديقة خلفية لإيران، وأن كل صاروخ ينطلق من صنعاء يحمل ختم “صُنع في طهران”. لكن حين تحوّلت قواعدهم العسكرية إلى أهداف مشروعة، وطائراتهم الحديثة إلى خردة تتساقط في سماء الجوف وصعدة ومأرب، حينها فقط بدأت الحقيقة تتسلل إليهم… الحقيقة التي لطالما كانت واضحة لليمني منذ اليوم الأول “أن الإرادة حين تملك قرارها، تصنع السلاح، وتصنع النصر… وتصنع التاريخ”.
في استعراض فارغ لا يليق إلا بالعاجزين، دفعت الولايات المتحدة بكامل ترسانتها البحرية إلى مياه البحر الأحمر “بوارج، مدمرات، طائرات شبح… في محاولة يائسة لترويع الخصم، أو ربما لتخدير الداخل الأمريكي، عله يصدّق أن المليارات لم تذهب هباء”.
لكن الحملة انهارت قبل أن تبدأ فعليا. فخلال أقل من شهر، مُنيت بفشل عسكري، سياسي، وميداني. إسقاط أكثر من 18 طائرة مسيّرة من طراز MQ-9، تدمير قطع بحرية، استهداف حاملة الطائرات “ترومان”، وشل الملاحة الإسرائيلية في خليج السويس وميناء إيلات… لم تكن إلا ملامح أولى لمعركة يتغيّر فيها ميزان القوة، وتتغير معها قواعد اللعبة.
الإعلام الأمريكي، بكل ما فيه من دهاء تضليلي، لم يتمكن من تغطية الفشل، فبدأ يعترف، على استحياء، بأن الحملة الأمريكية في اليمن تستنزف الذخائر، وتُكلف أكثر من مليار دولار خلال أسابيع فقط، وتُفقد واشنطن جاهزيتها الاستراتيجية في المحيط الهادئ.
قائد العمليات الأوروبية في البحر الأحمر قالها بصراحة خالية من الدبلوماسية: “لا ندعم الهجمات على اليمن، ولا نؤمن بالحل العسكري، ولا نستطيع ضمان عبور آمن لأي سفينة.” إنه اعتراف قاريّ بفشل قاريّ. الأوروبيون الذين دخلوا البحر الأحمر لتثبيت أمن الملاحة، خرجوا منه يبحثون عن أمنهم الشخصي من تداعيات التحالف الأمريكي الأهوج.
أما اليمن، فلم يتراجع، بل استمر في خروجه الأسبوعي المليوني تضامنا مع غزة وتطوير قدراته، في تنفيذ عملياته، في إرسال طائراته المسيّرة إلى “يافا” وتل أبيب، بل وإلى قلوب أنظمة التطبيع. ولم يعد يُرهب بالصواريخ، بل يُرعب بالوعي، لم يعد يخشى الأساطيل ولا إعلام البنتاغون. صنعاء أصبحت تصدر الرد لا البيان، وتُسقط الطائرات لا الشعارات، وتواجه أمريكا من البحر إلى البحر.
الحملة الأمريكية التي بدأت على وقع شعارات “ردع الحوثيين”، تحولت إلى أزمة داخلية في البيت الأبيض. استنزاف مستودعات الذخيرة، قلق في الكونغرس، تقارير استخباراتية محبطة، وضغوط على الحلفاء الخليجيين لمشاركة لا يريدونها، ودعم لم يستطيعوا تحمله. ترامب، في لحظة صراحة عجيبة، اعترف بأن الحوثيين لديهم ما لم يتوقعه أحد. وهذا وحده يكفي ليكتب في مذكراته السياسية الجديدة فصلًا بعنوان: “الحوثي الذي لم نفهمه”.
لم تنجح أمريكا في إيقاف الحصار المفروض على السفن الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية وتأمين حركة الملاحة التابعة لهم ولا في فرض شروطها السياسية، ولا حتى في تلميع صورتها أمام أوروبا. بل على العكس، أوروبا تنأى بنفسها، وتعلن أنها “لا تؤيد الهجمات على اليمن”، وأن الحل ليس عسكريا بل بإيقاف العدوان على غزة وهو ما دفع القوات اليمنية لفرض حصار على حركة الملاحة، وإسرائيل أصبحت تستجدي شركات التأمين لإقناع السفن بعدم الهروب من موانئها، بينما أعلنت وكالات الشحن الإسرائيلية أن الضربات من اليمن عطلت سلاسل التوريد بشكل لم يحدث منذ حرب 1973. وها هو الاقتصاد الإسرائيلي بات ينزف، والسياحة الإسرائيلية تلغي رحلاتها، وشركات الطيران العالمية تحذر من الاقتراب من مطار بن غوريون.
وفي خضم هذا المشهد، يظهر اليمن – الدولة التي كانت تُعامل كـ”طرف هامشي” – كلاعب إقليمي محوري، يصنع صواريخه، ويصوغ قراره، ويفرض شروطه من المحيط إلى الخليج. لقد سقطت نظرية “الحوثي التابع”، وسقطت معها أسطورة “الهيمنة الأمريكية”. ليس لأن واشنطن انسحبت، بل لأنها اصطدمت بقوة الحقيقة.
إن ما يجري اليوم في البحر الأحمر ليس مجرد اشتباك عسكري، بل هو إعادة تشكيل للوعي العربي. وني معادلة جديدة تكتب بالدم والتقنية والتضحيات مفادها “لا مكان لمن يحتمي بالخارج”، ولا نجاة لمن يراهن على الخوف، ولا سيادة إلا لمن يتوكل على الله ويملك سلاحه وصوته وقراره.
ترامب أخيرا قال الحقيقة، لكنه قالها متأخرا . بينما اليمن، قالها منذ البداية… وفعلها.