سودانايل:
2024-11-22@14:56:01 GMT
هل نحن بحاجة إلى عدسة مكبرة لنعرف المستفيد من إطالة أمد الحرب؟
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
إذا أردنا هزيمة الإسلاميين فعلينا إخراجهم من دواخلنا وتنظيماتنا أولاً.
*محمد سليمان عبدالرحيم
* “ إنهم يفوقون سوء الظن العريض، وكلما أسأت الظن بالإخوان المسلمين تجد نفسك أنك كنت تحسن الظن بهم!"
الشهيد الأستاذ محمود محمد طه
* "لقد جاءت دولة الإنقاذ، الدولة الدينية الأصولية، كخلاصة مركزة لا تشوبها شائبة لكل النقائص والتشوهات التي صاحبت مسيرتنا الوطنية منذ الاستقلال.
المفكر الراحل الخاتم عدلان
بتلك العبارة الرشيقة للأستاذ محمود محمد طه، وبتلك الفقرة المبينة للأستاذ الخاتم عدلان، وضع المفكران المعيار الذهبي والثابت لفهم وتقييم الحركة الإسلامية في أي وقت من الأوقات. إن أي فهم للحركة الإسلامية وأي تقييم لممارساتها وقدراتها يقل عن أو لا يتسق مع رؤية الأستاذ محمود محمد طه وتحليل الأستاذ الخاتم عدلان في الاقتباسين أعلاه، هو، في نظري، فهم قاصر وتقييم معيب. بالرغم من هذا، فإن طائفة من المثقفين، المحسوبين تاريخياً على معسكر اليسار والقوى الديمقراطية والليبرالية، لازالت تسعى بكل قوة لتبرئة ساحة الإسلاميين من وزر إشعال هذه الحرب اللعينة، بل وتتهم من يؤكدون مسؤولية الإسلاميين عنها بأنهم مصابون بلوثة العداء للكيزان أو "الكيزانوفوبيا". الغريب هو أن بعض هؤلاء المثقفين كانوا هم أنفسهم ضحايا لممارسات الكيزان، فماهو الذي يدفعهم إلى هذا الموقف المماليء لجلاديهم على حساب الحقيقة، الحقيقة التي تنطق بها أجسادهم وتجاربهم الشخصية حتى وإن سكتت عنها أفواهم وأقلامهم؟! هؤلاء المثقفين يهدفون إلى إقناعنا، كما يمكننا أن نستخلص من كتاباتهم وتصريحاتهم، أن الحركة الإسلامية قد ضربت ضربة قاصمة في ثورة ديسمبر أو، على الأقل، أنه قد تم تقليم أظفارها بحيث لم تعد لديها القدرة على تدبير مؤامرات بهذا الحجم، أو أنها، في كل الأحوال، أصبحت مجرد حركة سياسية وليست بذلك القدر من الشر، وهذه خدعة خبيثة ليس إلا.
لقد نشأت الحركة الإسلامية في السودان في نهاية أربعينات القرن المنصرم بعد ميلاد الحزب الشيوعي السوداني وكرد فعل له. في انتخابات سنة 1965 أحرزت الحركة الإسلامية مقعداً واحداً من مقاعد الخريجين بينما كسب الحزب الشيوعي 11 مقعداً، ومع ذلك في نهاية تلك السنة تمكنت الحركة الإسلامية من حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من الجمعية التأسيسية. وحينما انقلب اليسار على الإسلاميين في مايو 1969، عادوا في 1978 ليشاركوا النميري الحكم، فوضعوا الأساس لدولتهم الدينية وبنوا إمبراطوريتهم المالية. وحينما تم إسقاط النميري في 1985، كانوا هم على رأس المجلس العسكري الانتقالي فعرقلوا تحقيق أهداف الانتفاضة وصمموا الانتخابات ليحرزوا 58 مقعداً في البرلمان، وحينما توحدت القوى الديمقراطية والوطنية ضدهم قاموا بانقلابهم المشؤوم في 1989 لينفردوا بالسلطة طيلة ثلاثين عاماً. هذه الحركة التي تمكنت من الانقلاب على ثلاث ثورات شعبية وأجهاضها وتمرير أجندتها فوق رؤوس الجميع من قبل، هي ذات الحركة التي يطلب منا الآن أن نصدق أنها قد أصبحت حملاً وديعاً بلا أظفار ولا أنياب وأنه لا خطر منها على الإطلاق، وأن تخوفاتنا منها هي مجرد كيزانوفوبيا!
الحركة الإسلامية لم تستطع تحقيق كل تلك (الإنجازات) صدفة أو بالحظ، وإنما بتخطيط محكم تميز بالدهاء وبكثير من الخبث. لقد استفادت الحركة الإسلامية من واقع التخلف المزري والجهل الفاضح والدجل والخرافة الذي يعم بلادنا وعرفت كيف تستثمره لصالحها. ثانياً، انتبهت الحركة الإسلامية إلى هشاشة وضعف الأحزاب السياسية السودانية، وخاصة الحزبين الكبيرين تاريخياً، فعرفت كيف تخترقها وتمرر أجندتها من خلالها. ثالثاً، قامت الحركة الإسلامية بتأهيل كوادرها في مختلف المجالات تأهيلاً عالياً في الوقت الذي حجبت فيه فرص التعليم والتأهيل عن الآخرين، ورابعاً، امتلكت المال والصلات التي تمكنها من شراء الذمم وفتح الأبواب المغلقة. الأهم من هذا كله هو أن الحركة الإسلامية قد استطاعت من خلال كل تلك العوامل أن تخلق البيئة الصالحة (Ecosystem) لنموها وتمددها واستدامتها. هذه البيئة الصالحة، في جانبها البشري، تتكون من طبقة واسعة من ضحايا الجهل والخرافة، وفئة كبيرة من أصحاب المصالح الفاسدة المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمصالح وبوجود الحركة الإسلامية، كما تشمل أيضاً عدداً من المثقفين الذين لا يمكن اعتبارهم إسلاميين بحال من الأحوال. الحركة الإسلامية لا تريد من هؤلاء المثقفين أن ينضموا لها تنظيمياً أو أن يكتبوا مقرظين لها أو مشيدين بها. إنها تدرك أنهم سيكونون أكثر فائدة لها من موقعهم "المستقل والمحايد" هذا، بل والذي يبدو تاريخياً مناهضاً للإسلاميين. الحركة الإسلامية تدرك أنه يمكن لهؤلاء المثقفين من هذا الموقع أن يحققوا لها أهدافاً، مثل تضليل الجماهير وتغبيش وعيها وإلغاء ذاكرتها، أفضل بكثير مما تستطيع هي أن تحققه بنفسها.
لقد تمرست الحركة الإسلامية، في خلال مسيرتها الطويلة، في تحقيق أهدافها عن طريق الآخرين. لقد حلت الحزب الشيوعي في 1965 بواسطة الحزبين الكبيرين، وطبقت الشريعة الإسلامية وأقامت دولتها الدينية بواسطة جعفر النميري، وفصلت الجنوب في سنة 2011 بواسطة الحركة الشعبية لتحرير السودان، هذا على سبيل المثال لا الحصر. الآن، ومنذ أن اندلعت هذه الحرب اللعينة، فإن الجميع يعلمون أنه ما من سبيل لإيقافها إلا بوحدة واسعة للقوى المدنية والشعبية، بل وجميعهم يدعون إلى بناء جبهة مدنية واسعة أو عريضة أو سمها ما شئت. لكن، ها نحن الآن على أبواب الشهر العاشر من الحرب، وما يزال أمر بناء هذه الجبهة وتحقيق الوحدة المطلوبة حلماً بعيد المنال، فمن هو المستفيد النهائي من هذا الوضع؟ من هو الطرف الذي يعمل لدعم وتشجيع الاتجاهات الأنانية والنرجسية التي تجعل من قوانا السياسية والمدنية جزراً منعزلة، ضعيفة الفعالية، محدودة القاعدة، وممنوعة من التواصل مع بعضها البعض، تغذ السير في طريق الانتحار؟ وبعد، هل نحن بحاجة إلى عدسة مكبرة لنعرف من هو المستفيد النهائي من هذا الشقاق ومن إطالة أمد الحرب؟
abuhisham51@outlook.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحرکة الإسلامیة من هذا
إقرأ أيضاً:
هذا ما كشفته كلمة نعيم قاسم اليوم.. دلالات مهمة جداً!
نشر موقع "الجزيرة نت" تقريراً تحت عنوان "خبراء: كلمة الأمين العام لحزب الله رسمت خارطة المعركة والمفاوضات"، وجاء فيه: ألقى الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، اليوم الأربعاء، كلمة شاملة، تناول فيها رؤية الحزب للوضع الراهن في لبنان، ودرات الكلمة حول 3 محاور رئيسية: المعركة، والتفاوض، وما بعد الحرب، وتضمنت رسائل متعددة المستويات، وجهت بشكل خاص إلى إسرائيل، والمفاوضين على الساحتين المحلية والدولية، إضافة إلى الداخل اللبناني.تحدث قاسم عن المعركة في المحور الأول من كلمته، وأشار بوضوح إلى أن "على العدو أن يتوقع الرد على وسط تل أبيب إذا استهدف بيروت"، وأوضح أن المقاتلين مستعدون لخوض معركة طويلة، مع الحفاظ على القدرة على الوصول إلى الخطوط الأمامية، وإجراء التبديلات، وتوفير السلاح، وقال "سنظل في الميدان ونقاتل مهما ارتفعت الكلفة، وسنجعلها عالية باهظة، وسنرد اعتداء العدو ونحن في موقع الدفاع".
وفي المحور الثاني، تناول قاسم مسألة المفاوضات، مشيرا إلى استلامهم المقترح الأميركي بشأن وقف إطلاق النار، والذي قدموا ملاحظاتهم عليه، وأكد أن الحزب قرر عدم الخوض في تفاصيل الاتفاق عبر وسائل الإعلام، كما أوضح أن هناك تطابقا بين ملاحظات لبنان الرسمي وتلك التي قدمها الحزب، وأضاف أن "التفاوض يتم تحت سقفين رئيسيين: الأول هو وقف العدوان بشكل كامل وشامل، والثاني ضمان الحفاظ على السيادة اللبنانية".
وفي المحور الثالث، قدم قاسم رؤية الحزب وخارطة الطريق لمرحلة ما بعد الحرب، موضحا مواقفه من خلال 3 رسائل أساسية:
الرسالة الأولى: أكدت استمرار حزب الله في تبني موقفه السابق قبل الحرب وهو سياسة المقاومة.
الرسالة الثانية: أعادت التأكيد والتذكير على ثلاثية "الجيش، الشعب، المقاومة"، مع الإشارة إلى أن الحزب معني بتسهيل انتخاب رئيس جمهورية ضمن الأطر الدستورية وتحت سقف اتفاق الطائف.
الرسالة الثالثة: التزام الحزب بالمشاركة في إعادة الإعمار.
مواقف حاسمة قال المحلل السياسي قاسم قصير، للجزيرة نت، إن كلمة نعيم قاسم جاءت لتأكيد مواقف حزب الله والمقاومة على الأصعدة العسكرية والسياسية والتفاوضية، موضحا أن "الكلمة حملت رسالة واضحة لكل من الداخل والخارج حول قوة الحزب وقدرته على الصمود، واستعداده لما بعد وقف الحرب، خاصة في ما يتعلق بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، والتمسك باتفاق الطائف، والمضي قدما في جهود إعادة الإعمار".
وأشار قصير إلى أن قاسم شدد على أن "فشل العدو في تحقيق أهدافه يعد انتصارا"، وأكد على قاعدة تكاتف الجيش اللبناني والشعب والمقاومة.
وفي ما يخص المفاوضات، أشار المحلل إلى أن الأمين العام لحزب الله ربط نجاحها برد فعل إسرائيل والجدية التي يظهرها رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو، مشددا على ضرورة التفاوض تحت سقف وقف العدوان بشكل كامل وشامل، وحفظ السيادة اللبنانية.
وأضاف قصير أن قاسم توجه إلى النازحين معبرا عن تقديره لتضحياتهم، وأوضح أن الحزب سيقوم بواجبه قدر الإمكان، داعيا إياهم إلى الصبر، وأكد على أن عملية إعادة الإعمار ستتم بالتعاون مع الدولة فور وقف العدوان.
التفاوض والنار يرى المحلل السياسي توفيق شومان، في حديثه للجزيرة نت، أن خطاب نعيم قاسم يمكن قراءته من 3 زوايا رئيسية، أولها تتعلق بالميدان وتجديد بنك الأهداف بصورة يومية، وهو ما تعكسه عمليات المقاومة المستمرة التي تستهدف مستوطنات جديدة ومواقع عسكرية متنوعة، تشمل الأعمال الأمنية، والتقنية، والاستخبارية، والعسكرية، واللوجستية، وصولا إلى تل أبيب.
يشير شومان إلى أن هذه العمليات تعكس قبول المقاومة بمعادلة "التفاوض تحت النار"، التي يسعى العدو الإسرائيلي إلى فرضها، إلا أن الخطاب يبرز بوضوح استعداد المقاومة لمواجهة هذه المعادلة بكل السبل الممكنة، بهدف إفشال مساعي إسرائيل لتوظيف العدوان لتحقيق مكاسب سياسية في المفاوضات.
أما الزاوية الثانية فترتبط بالمفاوضات الجارية، التي تجري بالتنسيق والتناغم مع الدولة اللبنانية، ويوضح شومان أن خطاب قاسم اتسم بالتحفظ في التعليق على هذه المفاوضات، انتظارا لما ستسفر عنه زيارة آموس هوكشتاين إلى تل أبيب والرد الإسرائيلي المرتقب، وتأكيد قاسم استعداد المقاومة لخوض حرب طويلة إذا اختار العدو الإسرائيلي هذا السيناريو.
وبخصوص الزاوية الثالثة والمتعلقة بالوضع السياسي الداخلي، يشير المحلل إلى أن قاسم أكد التزام حزب الله باتفاق الطائف والعمل تحت سقفه، باعتباره عقدا سياسيا واجتماعياً وطنياً جامعاً، في إشارة واضحة إلى تمسك الحزب بالشراكة الوطنية المتوازنة والمتساوية، ويرى شومان أن هذا الموقف ينفي أي نية لاستثمار الخطاب السياسي داخليا، كما يُشاع في بعض الأوساط اللبنانية.
الميدان والسياسة من جهته، اعتبر الباحث والكاتب السياسي علي مطر، في حديثه للجزيرة نت، أن كلمة الشيخ نعيم قاسم تحمل دلالات مهمة تركز على محورين رئيسيين هما الميدان والمفاوضات، بالإضافة إلى رسائل مرتبطة بإدارة المشهد السياسي في لبنان بعد الحرب.
ففي الجانب الميداني، يوضح مطر أن الشيخ قاسم قدم شرحاً مفصلاً لنمط عمل المقاومة، مشيرا إلى اعتمادها أسلوب الدفاع المتحرك عوضا عن الدفاعات الثابتة التقليدية، كما بيّن قاسم أن المقاومة نجحت خلال شهرين في إحباط محاولات العدو الإسرائيلي لتحقيق أي تقدم ميداني، مستشهدا باستمرار إطلاق الصواريخ والتصدي لمحاولات التوغل في مناطق مثل الخيام، وشمع، وأطراف بنت جبيل.
ووفقاً لمطر، تحمل هذه الرسالة تأكيدا على أن "العدو الإسرائيلي لم يتمكن من تحقيق أهدافه الإستراتيجية في القضاء على البنية العسكرية لحزب الله، التي ما زالت فاعلة ومستمرة في المواجهة".
وعلى صعيد المفاوضات، يشير الباحث مطر إلى أن الشيخ قاسم أكد حرص المقاومة على الوصول إلى اتفاق ينهي العدوان ويحفظ سيادة لبنان، بشرط عدم المساس بالتضحيات اللبنانية أو إخضاعها لشروط إسرائيلية، وأضاف أن القوة العسكرية على الأرض تُعتبر ورقة أساسية لتحسين شروط التفاوض لصالح المقاومة.
وفي سياق آخر، يلفت الباحث إلى أن قاسم حرص على الإشارة بشكل غير مباشر إلى قضايا حساسة، مثل طرح إسرائيل مفهوم "الدفاع عن النفس"، وهو ما يراه مطر تدخلا خطيرا في الشأن اللبناني، وانتهاكا للسيادة اللبنانية وللقانون الدولي.
يختم مطر تحليله للكلمة بالإشارة إلى أنّ حزب الله، كما أوضح أمينه العام، يعتزم استئناف حياته السياسية بشكل طبيعي بعد الحرب، مع العمل على تطوير قدراته بما يخدم المصلحة الوطنية وإعادة الإعمار. (الجزيرة نت)