إعلان أديس أبابا: خلافاً للإطاري حل القوات المسلحة والدعم السريع في جيش قومي جديد (1-2)
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
عبد الله علي إبراهيم
لم ينزل إعلان أديس أبابا بين تنسيقية القوى المدنية والديمقراطية المدنية (تقدم) وقوات "الدعم السريع" (في الثاني يناير) أهلاً حتى بين أطراف من التنسيقية، أو من أولئك الذين لا يختلفون معها في أن الأسبقية لوقف الحرب الموصوفة بـ"العبثية". فأخذه نفر منهم بشدة غطت على مزاياه في مقاربة مسألة وقف الحرب والإجراءات التي اتفقوا عليها لتأمين المدنيين وإسعافهم مهما كان الرأي فيها.
وأجاز "الدعم السريع" طلباً من "تقدم" بإطلاق سراح 451 أسيراً ممن يتحفظ عليهم. وبدا من ردود الفعل على الإعلان وكأنها توحي بأنه ربما كان أقصر الطرق دون وقف الحرب. فرأى فيه نقاده من دوائر من داخل "تقدم"، أو قريب منها، شبهة ضلوعها، أي التنسيقية، مع "الدعم السريع" لأنها خلطت فيه خلطاً مريباً بين بيان الإجراءات القيمة لوقف الحرب التي تراضى عندها الطرفان وعهد مستقبلي بتصور لسودان جديد بعدها جاء بمثابة ميثاق بينها و"الدعم السريع". ودفعت هذه الشبهة التجمع الاتحادي، الذي هو من قوى الحرية والتغيير، إلى القول إن "تقدم" تبنت بالإعلان رؤية "الدعم السريع" للحرب وما بعدها، وغيبت القوات المسلحة بالكلية. وهو ما خلص له الحزب الشيوعي بقوله إن الإعلان خرج من إطاره إلى اتفاق سياسي بين تقدم و"الدعم السريع" المتورط مع القوات المسلحة في جرائم الحرب.
كان الأكثر إثارة عن الإعلان السياسي هو جنسه في منظومة التواصل. فجرى الاتفاق بين نقاده على أنه، كجنس في التواصل، مما لا يصح صدوره عن جماعة خرجت لوقف الحرب. فاتفق الدكتور والسياسي المخضرم الواثق كمير مع الحزب الشيوعي الذي خرج على قوى الحرية والتغيير بداية الثورة في 2019، بأنه إعلان "يخلط الأوراق". ومن رأي التجمع الاتحادي أن "تقدم" أخطأت بإصدار إعلان عن اجتماعها بـ"الدعم السريع"، بينما لم يستحق الأمر سوى إصدار بيان بما تم بينهما بصدد وقف الحرب. فالإعلان، في قول التجمع، يكون عادة عن مبادئ مما يقع بين أطراف متحاربة بينما البيان مجرد بلاغ عما جرى بين الأطراف في ما تعلق بإجراءات مقترحة لطرفي الحرب للتنازل عندها. وزاد الاتحادي بأن القضايا السياسة عن دولة ما بعد نهاية الحرب، التي تطرق إليها الإعلان، لا تخص أياً من القوتين العسكريتين المتحاربتين، بل هي اختصاص القوى السياسة المدنية، وهو ما اتفق معهم فيه الحزب الشيوعي بقوله إن الإعلان خرج عن معنى وقف الحرب والإغاثة وتأمين عودة النازحين إلى ميثاق يذكي أن يحكم السودان فيدرالياً. مع أن الطرفين، تقدم و"الدعم السريع"، لا يمثلان الشعب السوداني.
وتطرقت الآراء حول الإعلان إلى ما سماه الدكتور عبدالرحمن الغالي، القيادي بحزب الأمة العضو بـ"تقدم"، "مكاسب" لـ"الدعم السريع" من الإعلان. فرأت بعض الدوائر أنه كان رحيماً بـ"الدعم السريع" بما لا يتناسب وجرمه. فاستنكر التجمع الاتحادي الإعلان لأنه لم يدن تصعيد "الدعم السريع" بإشارة صريحة لتعدياته بلا ضرورة في مثل ود مدني. واتفق الغالي معه بخلو الإعلان عن التزام بوقف إطلاق النار (ورد هذا بعبارة وقف العدائيات بغير شرط في تفاوض مع القوات المسلحة)، أو المطالبة بعد توسيع الحرب، أو أقله الاقتصار على الأهداف العسكرية دون المدنيين، ومؤسسات البني التحتية، وصون المال العام بمنع نهب البنوك. ورأى التجمع الاتحادي في البند الخاص بتكوين إدارات مدنية في مناطق سيطرة "الدعم السريع" كسباً له.
أما مكسبا "الدعم السريع" اللذان لا يدانيهما مكسب في الإعلان فهما تطابق "تقدم" معه في تحميل إسلاميي نظام الإنقاذ، الفلول، وزر بدء الحرب، ورفع حرج "الدمج" في القوات المسلحة عنه في الإصلاح العسكري المنتظر. فديباجة الإعلان قضت بأن الحرب اندلعت لقطع الطريق على ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2019. ولا يحتاج المرء إلى ذكاء كثير ليتعرف على قاطعي طريق الثورة هؤلاء. فبيانات "الدعم السريع" و"تقدم" معاً متفقة على أن الفلول هم الجناة في إشعال الحرب مكراً منهم للقضاء على الثورة واسترداد نظامهم المباد. فبيان "تقدم" في الـ29 من ديسمبر 2023 نسب امتناع القوات المسلحة عن الاستجابة لنداء منظمة "الإيغاد" لاجتماع للتفاوض لإنهاء الحرب إلى الفلول. فهم الذين أشعلوا هذه الحرب ابتداءً، ويدعون إلى استمرارها خوفاً من أن يؤدي الحل التفاوضي السلمي إلى استئناف المسار الديمقراطي، وتحقيق أهداف ثورة ديسمبر المجيدة، والقضاء على أجندتهم ممثلة في عودة نظام الاستبداد والفساد بقيادة حزب المؤتمر الوطني.
ويستغرب المرء لماذا تضمن الإعلان مع ذلك فقرة قضت بتكوين لجنة ذات صدقية للكشف عن الحقائق حول من أشعل الحرب. وبدا أن الإعلان لم يصبر في ديباجته على ما قد تسفر عنه اللجنة التي أوصى بتكوينها لتتقصى الحقائق حول اندلاع الحرب. وهذا مما نقول عنه "الجس بعد الذبح". ولا أعرف، والحال على ما عليه، ما الذي سيغري القوات المسلحة لقبول إعلان تقدم الذي لم يحملها وزر إشعال الحرب فحسب، بل هز من قناتها أيضاً بجعلها تخوض حرباً بالوكالة، لا بالأصالة، عن الفلول.
ونواصل
IbrahimA@missouri.edu
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القوات المسلحة الدعم السریع وقف الحرب
إقرأ أيضاً:
العملية الخاطفة لاستهداف السفينة الأمريكية
الساعة الحادية عشرة مساء الثلاثاء 5 مارس 2024 م
داخل مقر قيادة القوات البحرية الأمريكية بالشرق الأوسط
ينكب القائد الأعلى للبحرية الأمريكية في الشرق الأوسط (قائد الأسطول الخامس) الجنرال جورج ويكوف لمطالعة تقارير استخباراتية عن الزخم الهجومي للقوات المسلحة اليمنية خلال هذين اليومين فالاستهدافات باتت أشد وبتقنيات غير معروفة.
يسمع طرقا على باب الغرفة يخرجه من قراءته
: نعم تفضل
ليلج مساعده الشخصي ذو النظارات الطبية الواسعة والانف المعقوف وبصوته الشاحب المعهود
: سيدي لقد اتصل مكتب القائد الجنرال مايكل إريك كوريلا ” قائد القوات الأمريكية المركزية ويحتاجون بسرعة تحليلا عسكريا لتأثير عمليات القوات المسلحة اليمنية خلال هذين اليومين على الملاحة البحرية للسفن الأمريكية .
تتوسع عينا القائد ويكوف ويخبره بكل غضب وسخط : ما هذا الجنون أخبرهم بمنع مرور أي سفينة أمريكية حتى نتعرف أكثر على التقنيات التي تستخدمها القوات البحرية للجيش اليمني .
الساعة السادسة صباح اليوم الأربعاء 6 مارس 2024 م .
وفيما الشمس تبدأ بالنهوض معلنة بواكير صباح يوم جديد وفي مقر سري لقيادة عمليات الانتصار لفلسطين بالقوات المسلحة اليمنية
يواصل القائد الشاب ومعه مجموعة من قادة مختلف اذرع القوات المسلحة قراءة تقارير استخباراتية على تأثيرات عمليات اليومين الفائتين على سير المعارك لدى العدوين الأمريكي والبريطاني .
وفيما الجميع يتبادلون الآراء والمناقشات رفع القائد الشاب رأسه للجدار الأمامي للمكان حيث تتواجد صورة جماعية كبيرة لشهداء القوات البحرية الذين استشهدوا في الـ31 من سبتمبر 2023م .
الساعة الثانية ظهرا في مقر القوات البحرية الأمريكية بالشرق الأوسط
الجنرال ويكوف يتفاجأ بمسؤول دائرة الاتصالات يخبره بمرور سفينة أمريكية يستشيط غضباً ويصرخ : من سمح لها بالمرور . . ليتم اخباره انه القائد الجنرال مايكل إريك كوريلا قائد القوات الأمريكية المركزية وبعد التواصل به وبصوته الهادئ يخبره ان الجيش اليمني ليس له الإمكانات اللوجستية الهائلة التي تمكنه من تنفيذ عمليات لثلاثة أيام على التوالي .
ويؤكد له بكل حزم : ان قرار مرور سفينة أمريكية هو قرار مهم للغاية لأسباب انتخابية ودعائية .
يقاطعه الجنرال ويكوف : ولكن يا سيدي …
يرد عليه الجنرال بحزم : نفذ التوجيهات يا جنرال وينهي الاتصال . . .
الساعة الثالثة عصر اليوم الثلاثاء 6 مارس 2024 م .
في مقر سري لقيادة عمليات الانتصار لفلسطين بالقوات المسلحة اليمنية .
تصل المعلومات الاستخباراتية بمرور سفينة أمريكية تدعى ( TRUE CONFIDENCE ) الأمريكيةِ في خليجِ عدن .
تحدث القائد الشاب لجميع القادة المتواجدين : نعلم أن العدو الأمريكي يحاول محاولات حثيثة إنجاح مرور أي سفينة أمريكية لتحقيق أي انتصار معنوي عسكري يعيد لقوات العدو الأمريكي شيئا من هيبة وكذلك تحقيق نصر انتخابي لمن يحكمون بيتهم الأبيض .
كما نعلم أن تقاريرهم تؤكد استحالة قيامنا بثلاث عمليات لثلاثة أيام متوالية لهذا ستكون عملية الاستهداف التي سنقوم بها اليوم “ عملية خاطفة “ بإذن الله . . .
“ عمليات الحرب الخاطفة “
– استراتيجية عسكرية من تخطيط الجيش الألماني (فيرماخت) في الحرب العالمية الثانية، غيرت الاشتباكات العسكرية للأبد .
الحرب الخاطفة أو حرب البرق تعتمد الحرب الخاطفة على استخدام عنصر المفاجأة والهجوم بسرعة لمنع العدو من الصمود دفاعيًا. طورت عدة دول المبادئ التي قام عليها مفهوم الحرب الخاطفة خلال العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، لكن الجيش الألماني كان من طبق هذا المفهوم واستخدمه على نطاق واسع خلال الحرب العالمية الثانية خصوصًا خلال عملية بارباروسا التي سعى فيها لاجتياح الاتحاد السوفياتي وأيضا في أيام الغزو الألماني لفرنسا.
الساعة الخامسة عصر يومنا هذا الأربعاء 6 مارس 2024 م
مقر قوات البحرية الأمريكية بالشرق الأوسط .
يواصل الجنرال ويكوف انشغاله بقراءة عدد من التقارير البحرية وهو يحتسي كوباً من الشاي الأخضر المجفف ليتفاجأ بمساعده يدخل الغرفة دونما استئذان مستعار ليتحدث بصوت لاهث ومتسارع : سيدي لقد تم استهداف السفينة TRUE CONFIDENCE بصواريخ غير معروفة وهنالك حريق متصاعد من متنها .
يفغر القائد فمه وهو يستمع ويضغط بيده اليسرى على كوب الشاي بكل غضب لينكسر في يده من هول وفداحة الخبر
الساعة الثامنة مساء يومنا هذا الأربعاء 6 مارس 2024 م .
بيان عسكري للقوات المسلحة اليمنية جاء فيه :
نفذتِ القواتُ البحريةُ في القواتِ المسلحةِ اليمنيةِ عمليةَ استهدافٍ لسفينةِ ( TRUE CONFIDENCE ) الأمريكيةِ في خليجِ عدن، وذلك بعددٍ منَ الصواريخِ البحريةِ المناسبةِ وكانتِ الإصابةُ دقيقةً بفضلِ الله، ما أدى إلى نشوبِ الحريقِ فيها.
انتهى