أخبارنا:
2024-11-24@15:28:28 GMT

نُكران الجميل.. من صفات الأنذال

تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT

نُكران الجميل.. من صفات الأنذال

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر: "مَن لم يَشكُرِ القليلَ لم يَشكُرِ الكثيرَ، ومَن لم يَشكُرِ الناسَ لم يَشكُرِ اللهَ، والتحدُّثُ بنِعمةِ اللهِ شُكرٌ، وتَرْكُها كفْرٌ، والجماعةُ رَحمةٌ، والفُرقةُ عذابٌ".

إن جحود المعروف صفة ذميمة كريهة المعنى، تبعد صاحبها عن أخلاق الإسلام الذي دعا أبناءه إلى الوفاء والفضيلة، وأمرهم بتذكر الفضل ونسبته إلى أهله، يقول - تعالى -: {وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} (البقرة: 237).

فمن واجب المسلم أن يعترف بالجميل لصاحبه، وألا يتصف بالجحود؛ لأنه حينئذ يكون من المطففين، والله عز وجل يقول: {ويل للمطففين} (المطففين: 1). قال وهب بن منبّه- رحمه الله تعالى-: (ترك المكافأة من التّطفيف). فإذا كان ترك المكافأة من التطفيف فكيف بالجحود!.

قال إبراهيم بن مهديّ مخاطبا المأمون:

لـئـن جحـدتـك معـروفـا مَنَنتَ به     إنّي لفي اللّؤم أحظى منك بالكرم

تعفو بعدل وتسطو إن سطوت به     فلا عـدمتـك مـن عـاف ومـنتقــم

إن من تعوَّد نكران نعمة الناس وفضلهم عليه وترك شكره لهم، كان من عادته كفر نعمة الله عز وجل وترك الشكر له.

وقد قص علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قصة بعض الجاحدين وما حل بهم من عقوبة الله تعالى، حين قال صلى الله عليه وسلم: " إنّ ثلاثة في بني إسرائيل: أبرص وأقرع وأعمى. فأراد الله أن يبتليهم «أي يمتحنهم».فبعث إليهم مَلَكا. فأتى الأبرصَ فقال: أيّ شيء أحبّ إليك؟ قال: لون حسن وجلد حسن، ويذهب عنّي الّذي قد قذرني النّاس. قال: فمسحه فذهب عنه قذره، وأُعطي لونا حسنا وجلدا حسنا. قال:

فأيّ المال أحبّ إليك؟ قال: الإبل. قال: فأعطي ناقة عشراء. قال: بارك الله لك فيها. قال: فأتى الأقرع فقال: أيّ شيء أحبّ إليك؟ قال: شعر حسن ويذهب عنّي هذا الّذي قذرني النّاس. قال:

فمسحه فذهب عنه وأعطي شعرا حسنا. قال: فأيّ المال أحبّ إليك؟ قال: البقر. فأعطي بقرة حاملا.

فقال: بارك الله لك فيها. قال: فأتى الأعمى فقال: أيّ شيء أحبّ إليك؟ قال: أن يردّ الله إليّ بصري فأبصر به النّاس. قال: فمسحه فردّ الله إليه بصره.

قال: فأيّ المال أحبّ إليك؟. قال: الغنم. فأعطي شاة والدا «أي: وضعت ولده وهو معها». فأنتج هذان، وولّد هذا. قال: فكان لهذا واد من الإبل، ولهذا واد من البقر، ولهذا واد من الغنم. قال: ثمّ إنّه أتى الأبرص في صورته وهيئته. فقال: رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلّا بالله ثمّ بك. أسألك بالّذي أعطاك اللّون الحسن والجلد الحسن والمال بعيرا أتبلّغ عليه في سفري. فقال: الحقوق كثيرة.

فقال له: كأنّي أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك النّاس؟ فقيرا فأعطاك الله؟ فقال: إنّما ورثت هذا المال كابرا عن كابر. فقال: إن كنتَ كاذبا، فصيّرك الله إلى ما كنت. قال: وأتى الأقرع في صورته فقال له مثل ما قال لهذا، وردّ عليه مثل ما ردّ على هذا، فقال: إن كنت كاذبا فصيّرك الله إلى ما كنت.

قال: وأتى الأعمى في صورته وهيئته، فقال: رجل مسكين وابن سبيل، انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلّا بالله ثمّ بك. أسألك، بالّذي ردّ عليك بصرك شاة أتبلّغ بها في سفري، فقال: قد كنت أعمى فردّ الله إليّ بصري، فخذ ما شئت، ودع ما شئت، فوالله لا أجهدك اليوم شيئا أخذته لله.فقال: أمسك مالك، فإنّما ابتليتم، فقد رضي عنك وسخط على صاحبيك" متفق عليه.

قال الشّنقيطيّ- رحمه الله تعالى- في معنى قوله تعالى: {أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} (النحل: 71): (هذا إنكار من الله عليهم جحودهم بنعمته؛ لأنّ الكافر يستعمل نعم الله في معصية الله فيستعين بكلّ ما أنعم الله به عليه على معصيته؛ فإنّه يرزقهم ويعافيهم، وهم يعبدون غيره، وجحود النّعمة كفرانها).

الجحود صفة الكافرين السابقين:

الله تبارك وتعالى هو الخالق الرازق المدبر ولي النعم: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعۡمَةࣲ فَمِنَ ٱللَّهِ} (النحل: 53).

وقد ذكر الله في كتابه قصص الجاحدين، ومنها قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ. وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ} (لقمان: 31- 32).

وقال تعالى: {وَتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ.وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ} (هود: 59- 60).

وأخبر الله تعالى عن فرعون وقومه عندما جاءهم نبي الله موسى عليه السلام بالآيات الواضحات البينات أنهم: { وجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} (النمل: 14).

الجحود سبب زوال النعم:

قال االله تبارك وتعالى: {وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكُمۡ لئن شَكَرۡتُمۡ لَأَزِیدَنَّكُمۡۖ وَلَئن كَفَرۡتُمۡ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِیدࣱ} (إبراهيم: 7). قال ابن كثير في تفسيرها: (لئن شكرتم لأزيدنكم أي لئن شكرتم نعمتي عليكم لأزيدنكم منها، ولئن كفرتم أي كفرتم النعم وسترتموها وجحدتموها إن عذابي لشديد، وذلك بسلبها عنهم وعقابه إياهم على كفرها).

وقال سعيد بن جبير- رحمه الله تعالى- عند تفسير قوله تعالى: {إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ..} (القلم: 17). كان أصحابها من قرية يقال لها ضروان على ستّة أميال من صنعاء، وكان أبوهم قد خلف لهم هذه الجنّة، وكانوا من أهل الكتاب، وقد كان أبوهم يسير فيها سيرة حسنة، فإنّ ما يستغلّ منها يردّ فيها ما تحتاج إليه، ويدّخر لعياله قوت سنتهم، ويتصدّق بالفاضل. فلمّا مات وورثه بنوه قالوا: لقد كان أبونا أحمق؛ إذ كان يصرف من هذه شيئا للفقراء، ولو أنّا منعناهم لتوفّر ذلك علينا، فلمّا عزموا على ذلك عوقبوا بنقيض قصدهم فأذهب الله ما بأيديهم بالكلّيّة رأس المال والرّبح والصّدقة فلم يبق لهم شيء).

وقال عقب ذلك ابن كثير- رحمه الله تعالى-: (هكذا عذاب من خالف أمر الله، وبخل بما آتاه الله وأنعم به عليه، ومنع حقّ المسكين والفقير وذوي الحاجات وبدّل نعمة الله كفرا).

أخيرا إذا كان الجحود صفة اللئيم الظالم، فإنه لا ينبغي أن يمتنع أهل المعروف عن بذله؛ لأنهم يرجون ما عند الله تعالى من الأجر والثواب، قال ابن المبارك رحمه الله تعالى:

يد المعروف غنم حيث كانت     تحمّلها شكور أو كفـور

ففي شكر الشّكور لها جـزاء     وعند الله ما كفر الكفور

عن اسلام.ويب

 

 

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: رحمه الله تعالى الله علیه

إقرأ أيضاً:

الاستغفار في الإسلام: مفتاح للمغفرة وزيادة الرزق

الاستغفار في الإسلام، الاستغفار هو عبادة عظيمة في الإسلام، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالتوبة والتقوى. 

هو وسيلة للتطهر من الذنوب والسيئات، ورجوع إلى الله سبحانه وتعالى بصدق.

 ورغم أن الإنسان قد يخطئ ويقصر في حق الله، فإن الاستغفار يفتح له باب التوبة ويمنحه فرصة جديدة لتصحيح مساره. 

يقول الله تعالى في كتابه الكريم: "وَسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ"، مما يدل على أن الاستغفار هو الطريق إلى المغفرة والرحمة.

 فضل الاستغفار في الإسلام

1. غفران الذنوب:

الاستغفار هو من أعظم الأسباب التي تمنح الإنسان المغفرة من الله سبحانه وتعالى، وتُذهب عنه ذنوبه مهما كانت كثرتها.

 قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من استغفر الله غفر له" (صحيح مسلم).

الاستغفار في الإسلام: مفتاح للمغفرة وزيادة الرزق

2. زيادة الرزق:

الاستغفار هو سبب لجلب الرزق وزيادة النعم، يقول الله تعالى في سورة نوح: "فَقُلتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مُّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا" (نوح: 10-12).

 

3. رفع البلاء:

الاستغفار يُزيل البلاء ويُخفف المصائب، ويُعتبر من الوسائل التي ترفع غضب الله وتدفع الأذى عن العبد.

 

4. تنقية القلوب من السيئات:

الاستغفار هو وسيلة لتطهير القلب من الذنوب، وتحريره من الشوائب التي قد تؤثر في علاقة المسلم بربه.

كيفية الاستغفار الصحيحة

1. الإخلاص والصدق:

الاستغفار يجب أن يكون نابعًا من القلب، مع إقرار بالذنب والعزم على عدم العودة إليه.

 

2. الإكثار من الاستغفار:

الاستغفار ليس محددًا بوقت معين، بل ينبغي على المسلم أن يكثر من قول "أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه".

 

3. الاعتراف بالذنب:

الاعتراف بالخطأ والتوبة الصادقة هي الأساس في الاستغفار.

 

عاجل - دعاء المطر والبرد منافع الاستغفار

1. الطمأنينة النفسية:

الاستغفار يمنح العبد راحة نفسية، ويساهم في تهدئة قلبه.

 

2. تحقيق الراحة الروحية:

بإزالة المعاصي من القلب، يحقق الاستغفار الراحة الروحية، ويقوي العلاقة بالله.

 

3. دفع الفتن والشرور:

الاستغفار هو حماية للعبد من الوقوع في المعاصي، ويبعد عنه الشرور.

 

الاستغفار في أوقات مختلفة

1. عند القيام من النوم:

"اللهم اغفر لي ذنوبي كلها دقها وجلها، أولها وآخرها، علانيتها وسرها."

 

2. عند نزول المطر:

كما في الأحاديث النبوية التي ورد فيها الدعاء أثناء المطر، حيث الاستغفار في تلك اللحظات يعد فرصة عظيمة للتوبة.

 

3. قبل الصلاة:

استغفار العبد قبل الصلاة يجعل قلبه أكثر تقوى ويزيد من خشوعه.

دعاء المطر: أوقات مباركة لطلب الخير والاستجابة

الاستغفار هو نعمة عظيمة من نعم الله تعالى، فهو يمنح الإنسان فرصة لتطهير نفسه من الذنوب والعودة إلى الله سبحانه وتعالى.

كما أن الاستغفار لا يقتصر على مجرد كلمات، بل يجب أن يكون نابعًا من القلب بصدق وإخلاص.

 فلنحرص على الإكثار من الاستغفار في كل وقت، لنجني ثماره الطيبة من مغفرة، ورزق، وراحة نفسية، ونجاة من البلاء.

 

مقالات مشابهة

  • عبادة تُنير وجهك في الدنيا ويوم القيامة.. انتهز الفرصة
  • الاستغفار في الإسلام: مفتاح للمغفرة وزيادة الرزق
  • شروط نقل الأعضاء والحكم الشرعي فيها
  • هل تجوز قراءة القرآن في سرادقات العزاء بأجر؟ .. دار الإفتاء تجيب
  • «اللهم لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك».. دعاء الفجر للمريض لطلب الشفاء
  • حكم من يكذب في سرد الحلم أو الرؤية.. هل مصيره النار؟
  • بيان فضل العفو والتجاوز عن المعسر رغبة في الثواب
  • محمد الفاتح عابدين في ذمة الله
  • من هو الصحابي الذي جبر الله خاطره من فوق سبع سماوات؟.. تعرف عليه
  • دعاء عظيم ليوم الجمعة.. كن موقنا بالإجابة