لجريدة عمان:
2025-02-07@03:41:42 GMT

حُرّاس القانون الدولي: التطبيق يفضح التنظير

تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT

قدر من الله أن ننتمي دولا وأفرادا لمنطقة جغرافية لا تهدأ ولا تنتهي تحدياتها، فلم يعد اختيارا (كما قد يظن بعض المتوهمين) اختيار العيش بعيدا عن السياسة؛ إذ تتدخل السياسة في كل شيء، «كل شيء» هذه ليست مجازية يراد بها المبالغة، وإنما توصيف دقيق لتأثيرات السياسة على عدد المواليد وعلى الصحة والتعليم والوظيفة والعلاقات وحتى الوفيات حين يثبت بأن الصراعات السياسية الاقتصادية بدأت بالمساس بأعداد البشر وآليات مختلفة لتقليص هذا العدد إما باختلاق الكوارث أو بتصنيع الأمراض والمتاجرة بالدواء، أو بتصنيع الحروب في آلية معروفة وقديمة بيد الأقوى.

ولأننا نعيش في «الشرق الأوسط» الذي تأثر ويتأثر بالسياسة حتى في هذا المصطلح الاستعماري الموضوع والذي بتنا نكرره معززين فكرة التقسيم والطبقية ومركزية الأقوى، نعيش في هذا الشرق معاصرين بعض نكباته التاريخية وتحدياته المرحلية التي نعبر إليها من إرث طويل عتيق من استهداف المستعمرين مهما تلونت أعلامهم، وتقنعت جيوشهم، وتبدلت أزياؤهم، نعرفها ونحن المستنزفين طاقات بشرية وموارد طبيعية ورؤى جبارة لمستقبل أفضل وأجمل لهذا الشرق المنهوب.

ضمن ما نعيش من تحديات اليوم المحيطة بالشرق الذي يسكننا نعايش عدوا داخليا لا خلاف حوله، هو إسرائيل المزروعة لأسباب شتى في قلب الشرق، إضافة إلى أعداء آخرين لم تعد وجوههم خافية ولا أقنعتهم محكمة؛ إذ يكشف الوقت عن كل ذلك في يقين جماعي أسهم التقدم الرقمي في إدراكه وانتشاره، ومن المؤسف المحزن أن يتكشف ذلك اليقين مع حقائق أخرى تُقلِّص نوافذ الأمل والرجاء لدى شباب الشرق الطامحين إلى الأفضل، حين يدركون بأن الحقَّ مُوكَّلٌ للأقوى مهما عظمت جريرته أو قبحت أعذاره، وأن العدل -مطلب الضعفاء والفقراء- ناصروه قلة مهما تجلّت آياتُه أو جَمُل منطقُه.

يعيش شباب اليوم صدمة انتصار المادة على القيم بشكل عالمي بالغ القسوة، خصوصا أن مساحة الفقر تتسع في كل دول العالم، وقصص المعاناة اليومية تجمع أصحابها بعدما تقلصت أسوار البعد كاللغة أو الوسيلة، يتبدى في هذا العالم الرقمي المفتوح كل شيء بصورته غير المعدلة بـ«فلاتر التجميل» فلا يمكن لأي «فلتر رقمي» تجميل القتل أو تزيين الإبادة الجماعية لشعب مناضل مقهور، ومن اعتقد واهمًا بأنه ينجو بعيدا عن كل ذلك فليتأكد بأنه الهدف القادم، هكذا يعلمنا التاريخ الذي لا نُحسن قراءته، وهو ذاته التاريخ الذي جعل دولة كجنوب أفريقيا تنهض بمهمة إنسانية قانونية في استعدادها لأشهر كاملة مستحضرة معاناتها التاريخية في معايشة إبادة جماعية معاصرة تحت بصر وسمع العالم، قراءة التاريخ التي جعلتها تستشعر دون مراء خطة الاحتلال للإبادة والتهجير هي التي حملتها لتكون حاملة لواء نصرة المظلوم الذي لا يملك ثمن محركات القوى العالمية، ولا يركن إلا لعدالة قضيته، التاريخ الذي يكتبه الأقوياء كتب في بعض أوراقه كذلك أن ليس كل ضعيف مهزوم، وليس كل مظلوم ضعيف.

ومع فريق من المحامين المؤمنين بقضية إنسانية قيمية ينشغل العالم أجمع بصوت جنوب أفريقيا الذي رجّع أصداء أصوات شهداء غزة ومهجري فلسطين، ضد فريق آخر من القامات القانونية الحقوقية العالمية المستأجرة لصالح الخصم (إسرائيل) الذين أعدّوا ما استطاعوا من أدوات التجميل، وأساليب التضليل للتعمية على الجريمة الدولية التي ارتكبت منتهكة حرية شعب كامل، وكرامة البشر وأرواحهم وسط تصفيق القوى العظمى ومساندتها، وبعد كل ما مرت به هذه المرحلة من ازدواج المعايير وسقوط المفاهيم لن يكون صادما للعالم أجمع أن يكون البروفيسور البريطاني مالكولم شو ممثلا لإسرائيل أمام محكمة العدل الدولية حيث تقدمت جنوب أفريقيا بالتماس تتهم فيه إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية، إذا ما عرفنا أن قائد فريق دفاع إسرائيل في محكمة العدل الدولية، الذي تندَّر العالم على ضياع أوراقه أثناء الترافع، وتعليقه «هنالك شخص ما خلط أوراقي؟» هو ذاته الأكاديمي والخبير الدولي في التأسيس للقانون الدولي ومكافحة جرائم الإرهاب والإبادة، ومؤسس أول مركز من مراكز حقوق الإنسان في جامعة إسكس البريطانية منذ عام 1983م، كتابه المطبوع عدة طبعات هو الكتاب الأكاديمي الذي يدرّس في القانون الدولي! فهل بعد كل ذلك إلا التأكيد على يقين المعايير المزدوجة، وتسيد المال على القيم لغة للعصر؟!

ويعلق بعض الكسالى وبعض الشامتين أن ليس لحكم محكمة العدل الدولية أي صفة إلزامية، متناسين ما يمكن أن يتحقق من مجرد إثبات الحالة، وإرهاق الخصم في كل مرة قد تتقدم بها أي دولة لسحب إسرائيل لجلسات محكمة العدل الدولية، وما يمكن خسارته مستقبلا كذلك في حال تجاهل هذه الدعوى من سقوط مصداقية محكمة العدل الدولية ومؤسسيها وممثليها في أي قضايا مستقبلية قد تعرض عليها، إضافة إلى الأثر المعنوي الثقافي غير المسبوق الذي سيضع جنوب أفريقيا حتما في الجانب الإنساني المنتصر لقضية عادلة ليست قضيته إلا في المشاركة الإنسانية والقناعة الفكرية الحقيقية بعيدا عن الرياء والتلون.

إلى أين تسير بنا هذه الحروب المحدقة؟ لا نعلم ولا يمكن تخيل أن يحترق الجار ونحن بأمان وسلام، لكننا نعلم يقينا أن المكاسب المادية لا يُعوّل عليها ولا رهان على ديمومتها إن غابت القيم وضعف الإيمان بالوحدة سبيلا للتكامل وسببا للقوة.

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

يمكن للتكنولوجيا تغيير العالم.. إن عَمِلَتْ لصالح الأطفال

في منظمة اليونيسيف في الولايات المتحدة، نحن نعتقد أن المكونات البسيطة نسبياً للتعاون والمعلومات يمكن أن تؤدي إلى حلول أفضل للجميع في العصر الذكي.

إن تعميق التعاون بين الشركات والحكومة والمجتمع المدني من شأنه أن يُبشر بنهج أكثر إنصافاً، وسوف تصل فوائد هذا النوع من التعاون إلى مجموعة أوسع من الناس، وتخلق ثورة صناعية رابعة أكثر قوة واستدامة.

وسائل التعاون التكنولوجي
وفيما يلي عدد من الطرق التي تتعامل بها «اليونيسيف» مع جوانب هذا التعاون.

* التطوير التكنولوجي المسؤول. تلعب الشركات دوراً أساسياً في الابتكار المسؤول. وعدد منها يحتضن هذا الدور بنجاح بالفعل. على سبيل المثال، شاركت «اليونيسيف» في تأسيس مشروع الابتكار المسؤول عن التكنولوجيا للأطفال (RITEC) مع مجموعة «ليغو» (LEGO)، وبدعم من مؤسسة «ليغو».

 ويهدف هذا المشروع إلى جعل حقوق الطفل ورفاهته اعتباراً أساسياً في تصميم وتطوير التكنولوجيا الرقمية.

ويتم تنفيذ المشروع بالشراكة مع الجامعات والمنظمات التي تُركز على الطفل، مثل مركز «جوان غانز كوني»، وجامعة شيفيلد، ومركز «التميز» التابع لمجلس البحوث الأسترالي للطفل الرقمي.

تضمين آراء الأطفال في القرارات
نحن بحاجة إلى تضمين آراء الأطفال في القرارات التي تؤثر عليهم بشكل مباشر؛ إذ يواجه الأطفال بشكل غير متناسب الفرص والمخاطر الناجمة عن التقنيات الناشئة.

فكر في الأمر: تحتاج الشركات التي تلبي احتياجات الأطفال والأسر إلى مراعاة مستخدميها. نحن نعلم أن المستهلكين ينتبهون إلى أهمية السلامة والشمول بالنسبة لهم، ويعتقد 78 في المائة من المستهلكين و86 في المائة من المراهقين أن التجارب الرقمية لها تأثير إيجابي على حياتهم، لكن 64 في المائة قالوا إنهم سيفكرون في تغيير مقدمي التكنولوجيا إذا انتهك أي حادث حياتهم الخاصة.

هناك عدد من الطرق التي يمكن للقادة من خلالها النظر في جوانب العدالة خلال تنفيذ أعمالهم ببناء وتبني الذكاء الاصطناعي وغيره من التقنيات الرائدة: سياسات عالمية واضحة، والوصول إلى أسواق جديدة، وحوافز مالية وأخرى مثبطة، وحتمية السياسات الأخلاقية.

* «اليونيسيف»: تعميق التعاون بين الشركات والحكومات والمجتمع المدني لتأسيس نهج أكثر إنصافاً*
تصورات «اليونيسيف».

 

تصميم الألعاب للأطفال
وبوصفها جزءاً من مشروع «RITEC»، توجد مجموعة أدوات مجانية لصناعة الألعاب لتقديم المشورة لهم حول كيفية تصميم تجارب اللعب الرقمية، مع وضع رفاهية الأطفال في الاعتبار. وتعتمد مجموعة الأدوات على البحث مع الأطفال في 18 دولة، والتعاون مع مصممين من 35 شركة ألعاب عبر الإنترنت بأحجام مختلفة، ومن 15 دولة.

مهارات وظيفية للشباب
* المهارات ذات الصلة بالوظيفة. كثير من شباب اليوم غير قادر على مواكبة المهارات، ما يعيق التقدم الاجتماعي والاقتصادي.

ويشمل برنامج «Passport to Earning»، وهو برنامج عالمي طوّرته منظمة «Generation Unlimited» التابعة لليونيسيف، الدعم من الشركاء من مختلف القطاعات والأعضاء المؤسسين، بما في ذلك شركات الاستشارات، مثل «Accenture» و«PwC»، وأيضاً المنظمات الحكومية والخيرية بما في ذلك وزارة الخارجية الهولندية ومؤسسة «الغرير» (التي تدعم الشباب العربي والإماراتي).

ويعمل البرنامج على تدريب مجتمع «مايكروسوفت» (Microsoft’s Community Training)، وهي منصة تعليمية قائمة على السحابة، حتى يتمكن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً من الوصول إلى المحتوى المحلي لمجتمعاتهم. وستُركز المرحلة التالية جزئياً على دمج منهج مهارات الذكاء الاصطناعي في عروض البرنامج، للمساعدة في ضمان حصول الشباب على المهارات المناسبة للنجاح في اقتصاد مدعوم بالذكاء الاصطناعي.

ويبدو الأمر بسيطاً لكنه ثوري؛ لأنه يعني أن الشباب -حتى أولئك الذين ليسوا في المدرسة، أو في أي نوع من برامج تدريب المهارات، أو لا يمكنهم دائماً الوصول إلى الإنترنت- لا يزال بإمكانهم اكتساب مهارات مجانية وذات صلة، من شأنها أن تضعهم في وظائف ذات جودة.

وبحلول عام 2027، يهدف «Passport to Earning» إلى تدريب وإصدار شهادات لـ8 ملايين شاب في مجال الذكاء الاصطناعي والمهارات الرقمية.

ويتمتع الذكاء الاصطناعي بالقدرة على الإسهام بمبلغ 15.7 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030، وأن يكون محركاً لإيجاد حلول جديدة ومبتكرة للقضايا التي منعت الأطفال لفترة طويلة من الوصول العادل إلى الموارد.

مبادرات أخرى: التعليم والخصوصية
في مجال التعليم، نعمل مع شركاء خيريين وماليين لعقد اجتماع لخبراء الإعاقة والذكاء الاصطناعي لتسريع تطوير الكتب المدرسية الرقمية التي يُمكن الوصول إليها، وسد الحواجز أمام التعلُّم، من خلال تضمين لغة الإشارة والسرد والتفاعل والترجمة للأشخاص ذوي الإعاقة.

كما نعمل نحن وشركاؤنا بجد للتأكد من أن فوائد التكنولوجيا لا تأتي على حساب حقوق الإنسان، مثل الخصوصية والمساواة؛ لذا فإن تبادل أفضل الممارسات حول كيفية تمكين الأطفال وحمايتهم أمر بالغ الأهمية لمنع الضرر اليوم، الذي من شأنه أن يُخلّف آثاراً سلبية مدى الحياة.

ولا تقع على عاتق الشركات مسؤولية ضمان احترام سياساتها ومنتجاتها لحقوق الأطفال فحسب، بل توجد أيضاً فرصة لمزيد من التعاون المبتكر بين القطاعين الخاص والعام. ومع تنقل العالم عبر التقنيات سريعة التطور، أشجع الشركات على التعاون مع القطاع العام والمجتمع المدني لضمان المساواة والإنصاف. وفي الوقت نفسه، فتح الباب أمام الفرص التي تُعزز الابتكار والتعاون، وتُعزز الميزة التنافسية من خلال تنمية القوى العاملة العالمية، وتحسين حياة الأطفال ومستقبلهم.

نائبة الرئيس التنفيذي والمسؤولة الرئيسية عن الأعمال الخيرية في «اليونيسيف» بالولايات المتحدة الأميركية.
 

مقالات مشابهة

  • العدل الدولية تسمح بمشاركة “التعاون الإسلامي” في دراسة التزامات الاحتلال في الأرض الفلسطينية
  • وزير العدل: عقوبات قاسية ضد المتلاعبين بالأسعار خلال شهر رمضان
  • بعد الإضراب.. البرلمان يستعد لـ”معركة المسطرة الجنائية”
  • يمكن للتكنولوجيا تغيير العالم.. إن عَمِلَتْ لصالح الأطفال
  • «البيت الأبيض»: قطاع غزة أصبح مكانا لا يمكن أن يعيش فيه بشر
  • تعرّف على الرئيس الذي ساهم بقطع علاقات 20 دولة أفريقية مع إسرائيل
  • في رحيل الجنرال الذي أغتالته “إسرائيل” 100 مرة!!
  • العقوبات 20 عاماً في السجن.. مشروع قانون أمريكي يجرّم تحميل «التطبيق الصيني»
  • نائب وزير العدل وحقوق الإنسان يلتقي البروفيسور الاسترالي تيم اندرسون
  • نائب وزير العدل يلتقي البروفيسور الأسترالي تيم ان