جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-30@18:52:54 GMT

أبواق عربية أخطر من الصهيونية!

تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT

أبواق عربية أخطر من الصهيونية!

 

د. مجدي العفيفي

(1)

تؤكد الميديا عبر وسائلها المشغولة بالحرب العالمية على فلسطين: الصهيونية الأمريكية البريطانية الفرنسية الألمانية الإيطالية.. أن الانهزاميين العرب هم الألعن على الأمة.. وأن المنبطحين العرب هم الأخطر.. وأن الذين أجلسوهم على كراسي الإعلام خاصة الصحافة في المنطقة ويحركونهم مثل قطع الشطرنج، تجاوزوا كل حدود الوقاحة.

. إنهم ينتشرون في «إعلام الخيل والبغال والحمير» الذي يبث في عضد الأمة، سخافات أصحابه الذين تمولهم الماسونية العالمية، وحكومة العالم الخفية.. إنهم «خُدّام التاج البريطاني» و«خدم البيت الأمريكي الأسود» ولاعقو أحذية الصهيونية القذرة، ولا يكفون عن ثرثرتهم الساذجة..!

(2)

في هذا السياق، شاهدت على شاشات التليفزيون الصهيوني لقاءً مع كائن بشري عربي متصهين حتى النخاع وحتى الثمالة، وللأسف العنيف هو رئيس تحرير موقع إلكتروني كُنا نحترمه وكُنا أيضاً «نألفه» وله فضل الريادة العربية في الصحافة الإلكترونية، لكن صاحبهم هذا المتصهين والمتنطع، استطاع في لمح البصر أن يحولَّه إلى بوق صهيوني رخيص، وأداة تمهد بسذاجة و"عبط" إلى ما يسمى- عارًا سياسيًا وخزيًا عربيًا- بالتطبيع مع النفايات البشرية الصهيونية المرتقب في المنطقة.. لكن هيهات!

حين تقول أيها المتصهين عبر شاشة التلفزيون الصهيوني: «إذا انتهت الحرب بدون التخلص من حماس، فهي هزيمة للعالم الحر، حماس يجب أن تنتهي لكي تعيش غزة ودول المنطقة بالأمان والاستقرار»! اعلم يا هذا أنكم لن تعيشوا في أمان، لأنكم مصدر من مصادر الدنس والتوتر والوحشية وانعدام الأخلاق، وهذا العالم الذي تتحدث عنه إنما هو عالمكم، عالم العبيد والشواذ فكريًا وإنسانيا وأخلاقيا.

العالم الحقيقي ليس عالم البيت الأسود الأمريكي وعصابته، ومن يدور في دائرتها الجهنمية البغيضة مثل بريطانيا الذليلة، وفرنسا الذيل، وألمانيا المنافقة، وغيرها من المقاطعات الأوروبية والمتنطعين العرب أمثالك والمتصهينين السابقين والحاليين والقادمين.. العالم المتحضر أكبر من هذه الكائنات البشرية.. العالم المتحضر ليس فيه مثل هذه الدول التي جذورها في الهواء، وتعيش عالة على دول وشعوب العالم امتصت خيراتها وخبراءها ومواردها..

(3)

ثرثرتك يا هذا لا تساوي جناح بعوضة، فأنت بوق صهيوني مدلس ومدنس... حسك العربي والإسلامي ميت لا يهمنا في شيء، فأنتم أموات في هيئة كائنات بشرية حيَّة ليس إلا..! لكن حين تهذي وتذكر في هذيانك اسم غزة، فهنا أقول لك تبت يدك ولسانك، أنت تسيء إلى أسيادك الأبطال الفلسطينيين، وكل شخص في أرض فلسطين هو بطل، رغم أنف الأنظمة المتواطئة، والتي تعرت وتعرى إعلامها وبانت سواءتهم وصاروا رموزا للخزي والعار أمثالكم.

أنت وأمثالك، سيلقون بكم في أقرب بالوعة صرف بعد أن يعاملوكم على أنك «ورق كلينكس» واسأل السابقين. أنت واهم يا ....وموهوم.

إن ظفر كل مقاوم فلسطيني بألف ألف شخص من أمثالكم.. هل تتصور أن حركة حماس التحريرية، شلة من شللكم الشاذة؟ إنها مؤسسات وجناح عسكري وحكومة وكل أبناء فلسطين هم حماس وكل فصائل المقاومة.. أنتم لا تفقهون معنى المقاومة ولن ..

(4)

وأسفاه على الذين لا تزال تجندهم القوى الغربية، من ساسة وإعلاميين وكتاب ومثقفين، أو مدعي السياسة والإعلام والكتابة والثقافة، سواء أكانوا يعلمون أم لا يعلمون دلالات استراتيجية إلهاء الشعوب، وسواء أيدركون أم لا يدركون خفايا تقنية اغتصاب عقولهم، وقد آلت الأمور بهم إلى تبني المثل الأمريكي البغيض: «إذا تعرضت للاغتصاب، ولم تستطع المقاومة، فعليك إلا أن تسترخي وتستمتع» (!!).

هم في غيهم يعمهون، ويستكثرون على حملة مشاعل التنوير في المنطقة، أن يكشفوا الزيف بمصدريته، وينزعوا أقنعة التضليل بمرجعيته، ولا يبالون أنهم عندما لا يدفعون ثمن البضاعة فإنهم البضاعة نفسها، لكنهم لا يشعرون أو يشعرون.

(5)

أنت يا هذا «الداعية الصهيوني» ممن يحتاجون بين الحين والحين، إلى من يوقظ فيهم الشعور بالذات، في عصر يعز فيه العثور على الذات، والتقابل معها، إلا أننا لا نعدم الأمل في النور الذي يضيء الطريق، وإن توارى خلف الأستار، بعضا من الوقت، ويفتح النوافذ التي غُـلقت، ويفتح المنافذ التي جثمت عليها وحجبتها خفافيش الظلام، ويجعل من الأمس الأصيل، قوة لاحتواء اليوم، والتحريض على اقتحام الغد، دون انتظاره حتى يجيء، وقد لا يجيء!

لا .. لهؤلاء الذي يسخّرونهم لبث دعاواهم، وبعد حين يسْخرون منهم، فالخفافيش فقط هي التي تظهر في الظلام، وعلينا أن نفيق، فالحريق مدمر، لن يبقي ولن يذر..! التربص الغربي بالشرق الأوسط، لا يزال حادا ومسعورا، ويبدو أنه سيظل مستعرا، شواهد كثيرة وبغيضة نراها بجلاء، كلما انطفأت نار اشتعل جحيم، كلما هدأت بقعة استعرت أخرى، الأيادي التي كانت خفية من قبل، وهي تحرك قطع الشطرنج على مسرح الأحداث، أعلنت عن نفسها.

(6)

متى يفيق التائهون في شرقنا العربي، بحثا عن زعامات رخيصة، في زمن تعز فيه الزعامات، أو بالأحرى في زمن لا يحتاج زعامات فردية، ولا يجوز، ولا ينبغي ولا يستطيعون.. فإن للزعامة أصولًا، لا يعلمها ولا يدركها محدثو النعمة السلطوية. إن صح التعبير، هؤلاء الذين يغمضون أعينهم ويتعامون، ويتجاهلون، وينساقون وراء بريق المال، ويسكرون بشهوة الحكم وسوط السلطة، وهم لا يبصرون.

إن شهوة السلطة، أيضا، تعمي القلوب التي في الصدور، وتمنح الفرص الذهبية للغرب الدموي أن يجوس في ديار الشرق، ويعيث فيها فسادا وإفسادا، تحت أقنعة التحضر والحضارة، والتنوير والمدنية الحديثة، وتحت أوهام حماية العروش وكراسي الحكم.. و.. و.. غيرها من الأقنعة، التي حين تسَّاقط تبدو وجوه أصحابها مثيرة للغثيان السياسي والحضاري والثقافي، وبكل أنواعه ونوعياته، فهل من مدكر؟

(7)

ولا تزال نار الشرق الأوسط مستعرة، ومهما كانت وحشية النيران فلن يتحول الشرق الأوسط إلى (الشر... الأوسط) هيهات هيهات، لا سيما ما تفعله الصهيونية بكل ضآلتها السياسية وعملائها في المنطقة.

وأذكِّرك يا هذا المنبطح، بكلمة للسياسي الأمريكي روبرت ف. كينيدي جونيور: «إسرائيل هي معقل لنا... الأمر أشبه بوجود حاملة طائرات في الشرق الأوسط. هذا هو أقدم حليف لنا. إذا اختفت إسرائيل، ستسيطر روسيا والصين ودول البريكس+ على 90% من نفط العالم، وستكون هذه كارثة على الأمن القومي الأمريكي».

إن كيد الصهيوني ضعيف.. وضعيف جدا.. وسيظلون.. لكن مهما كانت ماكيناتهم الإعلامية، فضجيجها بلا طحن.. ولا تغرنكم الغواية الصهيونية والماسونية..

(8)

الذي جذوره في الهواء لا ينمو.. ولن ينمو أبدًا.. فلا نمو بدون جذور.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

منير أديب يكتب: مخطط محكم.. خريطة الشرق الأوسط الجديد ودور التنظيمات الإسلاموية في رسمها

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق  أحداث 7 أكتوبر الحلقة الثانية لمشروع الشرق الأوسط الجديد.. الولايات المتحدة تحقق أهدافها فى المنطقة من خلال الحركات المتطرفة بدلًا من الأذرع الإيرانية

لا أحد يستطيع أن يُنكر أن ثمة خريطة جديدة يتم رسمها للشرق الأوسط؛ خاصة أنه تعرض لزلزال كبير من خلال سقوط أنظمة وقيام أخرى، كانت بدايته في عام ٢٠١١، وربما قبل ذلك، بعد احتلال العراق، وصولا إلى أحداث ٧ أكتوبر عام ٢٠٢٣، الذي شهد هجوم حركة المقاومة الإسلامية «حماس» على إسرائيل؛ فمنذ ذلك الهجوم وبدأت ملامح هذا الشرق تتحدد، حتى أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي أن ثمة شرق أوسط جديد في المنطقة العربية.

السهم الذي أطلقته حركة حماس، فرع الإخوان المسلمين في فلسطين، هو البداية الحقيقية لهذا الشرق وشرارة الإعلان عنه؛ فتحت وقع المواجهة التي قامت بها حماس، قُتل إسماعيل هنية وحسن نصر الله وصالح العاروري وآخرون، حتى أن هذه الضربات طالت يحيى السنوار، الذي اتخذ قرار المواجهة مع إسرائيل، وهو ما يتناغم مع ما أرادته إسرائيل فيما بعد.

فقد نجحت إسرائيل في كسر إرادة حزب الله وإعادة احتلال الجنوب اللبناني بعد أن دمرته، وربما تراجعت قوة إيران كثيرًا، وما بين هذا وذاك تم إسقاط نظام بشار الأسد في سوريا، وهنا تم إطلاق الصافرة للتنظيمات الإسلاموية الراديكالية وتحديدًا هيئة تحرير الشام الموجودة في محافظة إدلب، ومنها خرجت للسيطرة على حمص وحماة حتى وصلت إلى دمشق دون أي مقاومة تذكر، وباتت هي القوة الحاكمة في سوريا.

فقد نجحت إسرائيل في إضعاف إيران ومحورها بالكامل في العراق ولبنان واليمن، بينما سقط المحور في سوريا، سقط نظام بشار الأسد وأزيل من الخارطة بعد خمسين عامًا من الحكم، وهنا تم إعطاء الضوء الأخضر لهيئة تحرير الشام والجماعات المنضوية تحت لوائها، فالأخيرة لم يكن لديها مشكلة في أن تكون جزءا من المشروع الإسرائيلي طالما حقق ذلك هدفها، وهنا تبدو العلاقة غير المباشرة والمصلحة المشتركة بين المشروعين.

وهنا يمكن أن نربط بين أحداث ٧ أكتوبر التي وصفها البعض بأنها كانت مفتعلة أو سهلت إسرائيل لها من أجل تحقيق هدف أكبر في مشروعيها السياسي والأمني في المنطقة العربية، وما نجحت في تحقيقه بالفعل بعد أكثر من عام من الصراع، حيث أسقطت أنظمة سياسية في المنطقة من خلال التنظيمات الإسلاموية الراديكالية وهنا نتحدث عن الحالة السورية على وجه الخصوص، ليس هذا فحسب بل استبدلت بعض هذه الأنظمة بهذه التنظيمات، وما زالت تُحاول في تحقيق أهدافها بنفس هذه الطريقة.

ملامح التغيير في الشرق الأوسط والتنظيمات الراديكالية

التغيير الذي شهده الشرق الأوسط مؤخرًا كانت إيران الشيعية والتنظيمات الإسلاموية الراديكالية السنية في القلب منه أيضًا؛ ولكن واشنطن استبدلت التنظيمات السنية بأذرع إيران الشيعية، وهنا يمكن أن نفهم طبيعة الأنظمة والتنظيمات المؤدلجة وخصوصية توظيفها في الصراع الدولي.

الشرق الأوسط الجديد ألمحت إليه وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق، كونداليزا رايس، أثناء الحرب الإسرائيلية على لبنان يوليو عام ٢٠٠٦، وكانت إيران وهيئة تحرير الشام طرفًا فيه، وربما شرعت تل أبيب هذا المشروع على خلفية هجمات حماس على إسرائيل، وهنا يبدو التوظيف للجماعات الإسلاموية المتطرفة بحسن أو بسوء نية، ولكن يبقى في النهاية أنهما أداة حقيقية لرسم الشرق الأوسط.

أعلنت هيئة تحرير الشام في ٨ ديسمبر عام ٢٠٢٤ سقوط العاصمة السورية دمشق، ومن ثم أدارت الهيئة التي ينضوي تحت جناحها ٥ تنظيمات إسلاموية أنها من تُدير المشهدين السياسي والأمني الحاليان في سوريا؛ فنتاج الزلزال هو صعود التنظيمات الإسلاموية سلم السلطة في المنطقة العربية، وهذا لم يكن عفويًا وإنما كان مخططًا له.

وهنا تبدو خطورة المشروع وتلاقي الأهداف بين تل أبيب وواشنطن من جانب وبين التنظيمات الإسلاموية السنية من جانب آخر، فما كان لهذه التنظيمات أن تصل للسلطة في سوريا إلا بموافقة أمريكية وتخطيط إسرائيلي؛ فأرادت كلا الدولتين أن تحتل هذه التنظيمات الأماكن التي سبق واعتلتها إيران بمحورها.

التنظيمات الإسلاموية فشلت في تجربتها في منطقة الشرق الأوسط بعد العام ٢٠١١، نفس هذه التنظيمات تحاول أن تعيد هذه التجربة وأن تطل على المشهد السياسي في المنطقة العربية ولكن من خلال الشرفة الأمريكية وبرعاية إسرائيل، التي تبدو الراعي الرسمي لهذه التنظيمات، التي ما زالت تتنفس الصعداء بعد أن سيطرت على المشهدين السياسي والأمني في سوريا.

رهان واشنطن وتل أبيب

الولايات المتحدة الأمريكية لها تاريخ طويل في استخدام الجماعات المتطرفة سواء القاعدة أو داعش أو حتى الإخوان المسلمين، التي ترفض وضعهم على قوائم الإرهاب، رغم أنها تعلم أنهم الحاضنة الفكرية لكل التنظيمات المتطرفة، وهو ما يؤكد أن واشنطن لا رغبة لديها لمواجهة هذه التنظيمات، بل تعتبرها ضمن قوى التمرد التي تستخدمها أمريكا للضغط على أنظمة الشرق الأوسط أو لرسم سياستها فيه.

وبالتالي لا توجد لدى واشنطن أي حساسية في التعامل مع التنظيمات الإسلاموية الراديكالية، بل تستثمر في هذا الملف، واتجاهها لمواجهة هذه التنظيمات ليس الهدف منه القضاء عليه ولكن الحد من قدراته فقط، فهذه التنظيمات لها أهمية في رسم سياسات واشنطن.

فعلت واشنطن ذلك في العام ١٩٧٩ كمثال وتحديدًا في الحرب الأفغانية، حيث دعمت المقاتلين العرب أو المجاهدين العرب، هؤلاء هم من شكلوا فيما بعد تنظيم القاعدة أو قاعدة الجهاد، وظل دعم واشنطن لهم حتى نجحوا في اختراق أمن الولايات المتحدة الأمريكية ونفذوا هجمات ١١ سبتمبر عام ٢٠٠١، وهنا اضطرت أمريكا لمواجهة التنظيم.

حتى هذه المواجهة التي أعقبت هذا الهجوم لم تكن على المستوى، باستراتيجية واشنطن لمواجهة الإرهاب والقاعدة وداعش بعد العام ٢٠٠١ ما زالت محل نظر وعلى أفضل تقدير يمكن وصفها بالاستراتيجية الفاشلة، ورغم ذلك دعمت واشنطن التنظيمات المتطرفة في دول أخرى، وربما تساهلت كثيرًا في مواجهة داعش، الابن الشرعي للقاعدة بما يُشكك في استراتيجية أمريكا.

وهنا أرادت واشنطن وتل أبيب استخدام التنظيمات الإسلاموية في منطقة الشرق الأوسط بهدف إعادة رسم خرائطه؛ فواجهت بعض هذه التنظيمات بتنظيمات أخرى، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أرادت أن تُحقق أهدافها وترسم حدود أمنها، وكان البطل في هذه القصة التنظيمات الإسلاموية الراديكالية، التي لم يكن لديها مانع من القيام بهذا الدور.

التنظيمات الإسلامية تُراهن على خريطة إسرائيل التي تُعيد رسمها، كما تُراهن الأخرى في تنفيذ هذه الخريطة على التنظيمات المتطرفة ذات الخلفية السنية، وهذا قد يُفكك المشهد ويزيل الالتباس عن السيطرة السريعة والدعم المتواصل للتنظيمات الإسلامية في سوريا.

وهذا يبدو واضحًا من لغة خطاب أحمد الشرع الملقب بأبو محمد الجولاني، والذي يتغزل من خلاله في أمن إسرائيل، ومطالبته للولايات المتحدة الأمريكية أكثر من مرة أن تكون وسيطًا مع تل أبيب، فضلًا عن التصريحات الأخرى التي يتحدث فيها قيادات الهيئة بأنهم باتوا منكفئين على بناء دولتهم ولا يسعون لزعزعة استقرار أي بلد حدودي!

واشنطن لن تفك ارتباطها بالتنظيمات الإسلاموية؛ فهي ساعدها الأيمن في المواجهة مع بعض الأنظمة العربية وغير العربية، كما أنه بديل يستخدم العنف، وبالتالي قادر على تحقيق أهدافه وأهدافها وبسرعة وبطريقة تبدو آمنة، وهو ما تُدركه هذه التنظيمات وتستخدمه في معركتها مع خصومها.

الأنظمة الوطنية ومواجهة التنظيمات الراديكالية

هناك صراع بين مشروعين في المنطقة، مشروع وطني هدفه الإبقاء على تماسك الدول والحفاظ على مكوناتها، ومشروع آخر مرتبط بمواجهة التنظيمات المتطرفة، التي تسعى لتفكيك هذه الأنظمة وبناء مشروعها القائم على الإرهاب والتطرف.

المجتمع الدولي غير معني بمشروع الحفاظ على الدول، بل يسعى لاستخدام التنظيمات الإسلاموية من أجل تفكيك وتقسيم المنطقة العربية، وهنا تبدو أهميته في تحقيق هذا الغرض، خاصة أن هذه التنظيمات مسلحة وتستخدم العنف، وبالتالي قادرة على تحقيق أهدافها سريعًا، وهنا تبدو شكل العلاقة وقوتها وربما يُفسر ذلك استمراريتها.

هناك رغبة أمريكية في تفكيك المنطقة العربية من أجل تحقيق أمن إسرائيل، وتستخدم التنظيمات الإسلاموية الراديكالية التي تدعي أنها تُحارب إسرائيل في هذه المهمة، وهناك مشروع وطني هدفه تماسك الدول وبقاءها قوية؛ وهنا تقع هذه الدول بين سندان الرغبة الإسرائيلية والإرادة الأمريكية وحلف التنظيمات الإسلاموية التي ترغب في الصعود بأي صورة.

دول المنطقة العربية تقف أمام المشروع الأمريكي وأمام رغبة إسرائيل في تفكيك بعض الدول معتقدة أن ذلك سوف يُحقق أمنها، كما أن دول المنطقة تواجه أدوات كلا الدولتين في المنطقة ممثلة في التنظيمات الإسلاموية الراديكالية التي لم تبدي أي ممانعة من التماهي مع هذا المشروع؛ ويبدو هذا واضحًا بصورة كبيرة مع الحالة السورية.

صحيح واشنطن تُحاول أن تضغط من أجل تنفيذ مشروعها وتُعطي مساحة أكبر للتنظيمات الإسلاموية وتُطالب دول المنطقة العربية أن تُعلن تأيدها ودعمها لهذه التنظيمات، تارة بهدف الحفاظ على أمنها هي! وتارة أخرى بادعاء أن هؤلاء يحملون رياح التغيير التي لا بد منها، والحقيقة أن هؤلاء يحملون الشرور والسموم للمنطقة العربية بأكملها، لأنهم جزء من مشروع التقسيم والتفتيت.

في النهاية لابد أن ينتصر المشروع العربي على المشروع الأمريكي أو على مشروع تمكين التنظيمات الإسلاموية الراديكالية في المنطقة العربية؛ لأنه مشروع تخريبي لكل المنطقة، وقائم على أيديولوجيا سامة مستقاة من أفكار هذه التنظيمات ومن رغبة أمريكية هدفها الأساسي تحقيق مصالحها ومصالح إسرائيل ولكن على حساب المشروع الوطني العربي.

آلية مواجهة المشاريع الاستعمارية وخرائط التفتيت

لا بد بداية من الانتباه إلى خطورة المشروع الأمريكي ودور التنظيمات الإسلاموية الراديكالية في هذا المشروع، وبالتالي مواجهة كل هذه المشاريع مجتمعة من خلال عدة نقاط أهمها وأبرزها:

الاتفاق على مواجهة التنظيمات الإسلاموية الراديكالية التي تمثل خطرا على أمن المنطقة العربية، والوقوف أمام محاولات دعم هذه التنظيمات أو استخدامها سواء من قبل المجتمع الدولي أو من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.

وضع رؤية عامة للمواجهة تكون مبنية على الاتفاق على الأهداف والنتائج معًا، بمعنى يكون هناك مشروع عربي موحد، أو الحفاظ على هذا المشروع أمام مشاريع التغريب والاحتلال والتفكيك.

وضع رؤى استشرافية للخطط التي يتم وضعها لتمكين التنظيمات المتطرفة، كما لا بُد من قراءة هذه التنظيمات قراءة دقيقة تنتهي بمواجهتها وفق ما وصلت إليه من تحولات حقيقية.

لا يمكن النجاح في مواجهة خطط إعادة رسم الشرق الأوسط أو بمعنى أحرى العبث بأمن هذا الشرق دون مواجهة التنظيمات الإسلاموية أو وضع خطة لذلك، وألا يكون ذلك مرتبطًا باستخدام هذه التنظيمات برسم حدود الشرق الأوسط الجديد، وإنما يكون مبعثه خطورة هذه التنظيمات في أمن المنطقة العربية.

مواجهة التنظيمات الإسلاموية الراديكالية لا بُد أن تكون شاملة لكل التنظيمات المتطرفة سواء المحلية أو الإقليمية أو عابرة الحدود والقارات وألا يتم التفريق بين كل هذه التنظيمات، لخطورة مشروعها، ولأنها جميعًا قائمة على هدم الدول، وكل منها قائم على خدمة غيرها في تحقيق الهدف، حتى ولو كانت بينها جميعًا خصومة معلنة.

لا بُد من احتضان الأهداف العربية لمواجهة كل المشاريع القائمة على التفتيت والتجزئة التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية من خلال التصالح مع التنظيمات الإسلاموية الراديكالية، وأن تتحمل القاهرة وأبوظبي والرياض، دورها في مواجهة هذه المشاريع والحفاظ على وحدة المشروع العربي.

أخذ هذه التوصيات بعين الاعتبار من خلال احتضانها من قبل جامعة الدول العربية، التي تضم في عضويتها كل الدول العربية، على اعتبار أن هدف المشروع هو تفكيك المنطقة العربية وتجزئتها وإعادة رسم حدودها من جديد، وبالتالي لا بُد أن يكون لها دور في المواجهة.

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء: العالم يقدر مواقف مصر في قضايا الشرق الأوسط
  • «مقبرة السفن».. أين توجد أخطر الممرات المائية في العالم؟
  • بوتين يرسم ملامح الشرق الأوسط الجديد
  • النائب عصام هلال: تهجير الفلسطينيين سيهدد استقرار المنطقة والشرق الأوسط
  • النائب «عصام هلال»: تهجير الفلسطينين سيهدد استقرار المنطقة والشرق الأوسط
  • الثورة الرأسمالية التي تحتاجها إفريقيا
  • الهبوط فيها يثير خوف المسافرين.. هذه أخطر مطارات العالم
  • هل تنجح خطة ترامب في تحقيق السلام بالشرق الأوسط؟
  • منير أديب يكتب: مخطط محكم.. خريطة الشرق الأوسط الجديد ودور التنظيمات الإسلاموية في رسمها
  • الاتحاد الأوروبي: نلتزم بحل الدولتين كإطار لتحقيق سلام مستدام في الشرق الأوسط