هل تتّعظ دول التطبيع من الدرس المصري؟
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
نفت مصر الاتهامات التي وجهها محامي الكيان الصهيوني خلال جلسة المرافعات بمحكمة العدل الدولية، بأنها المسؤولة عن عدم إدخال المساعدات إلى غزة عبر رفح. واعتبرت أن الاحتلال لجأ إلى إلقاء الاتهامات عليها في محاولة للهروب من إدانتها المرجحة من جانب المحكمة.
وقال ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، أن كل المسؤولين الإسرائيليين، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الطاقة، أكدوا عشرات المرات في تصريحات علنية منذ بدء العدوان على غزة، أنهم لن يسمحوا بدخول المساعدات لقطاع غزة وخاصة الوقود، لأن هذا جزء من الحرب التي تشنّها دولتهم على القطاع.
وأضاف: “بعد كل هذه التصريحات التي لم تكن تعتبر هذا المنع والحصار جرائم حرب وإبادة جماعية بموجب القانون الدولي، وعندما وجدت دولة الاحتلال نفسها أمام محكمة العدل الدولية متهمة بأدلة موثّقة بهذه الجرائم، لجأت إلى إلقاء الاتهامات على مصر في محاولة للهروب من إدانتها المرجحة من جانب المحكمة”.
وشدد في هذا السياق، على أن سيادة مصر تمتد فقط على الجانب المصري من معبر رفح، بينما يخضع الجانب الآخر منه في غزة لسلطة الاحتلال الفعلية، مما تجلى فعليا في آلية دخول المساعدات من الجانب المصري إلى معبر كرم أبو سالم الذي يربط القطاع بالأراضي الإسرائيلية، حيث يتم تفتيشها من جانب الجيش الإسرائيلي قبل السماح لها بدخول أراضي القطاع.
ولفت إلى أن مصر أعلنت عشرات المرات في تصريحات رسمية، بدءا من رئيس البلاد ووزارة الخارجية وكل الجهات المعنية، بأن معبر رفح من الجانب المصري مفتوح بلا انقطاع، مطالبين الجانب الإسرائيلي بعدم منع تدفق المساعدات الإنسانية للقطاع والتوقف عن تعمد تعطيل أو تأخير دخول المساعدات بحجة تفتيشها.
وتابع أن العديد من كبار مسؤولي العالم وفي مقدمتهم الأمين العام للأمم المتحدة، زاروا معبر رفح من الجانب المصري، ولم يتمكن واحد منهم العبور إلى قطاع غزة، نظرا لمنع الجيش الإسرائيلي لهم، أو تخوفهم على حياتهم بسبب القصف الإسرائيلي المستمر على القطاع.
وأكد رشوان أنه في ظل التعمد الإسرائيلي المستمر لتعطيل دخول المساعدات في معبر كرم أبو سالم، لجأت مصر إلى تكليف الشاحنات المصرية بسائقيها المصريين بالدخول، بعد التفتيش، مباشرة إلى أراضي القطاع لتوزيع المساعدات على سكانه، بدلا من نقلها إلى شاحنات فلسطينية للقيام بهذا.
وختم رشوان بيانه قائلا: إذا ما كانت السلطات الإسرائيلية ترغب حقيقة في دخول المواد الغذائية والطبية والوقود للقطاع، فإن لها مع القطاع 6 معابر من أراضيها، عليها بفتحها فورا للتجارة وليس لدخول المساعدات، خاصة أن هذه التجارة كانت قد بلغت مع قطاع غزة عام 2022 أكثر من 4.7 مليار دولار لصالح القطاع التجاري والصناعي الإسرائيلي.
وكان المحامي في فريق الدفاع عن إسرائيل أمام المحكمة، كريستوفر ستاكر، قال إن الوصول إلى قطاع غزة من خلال مصر تسيطر عليه مصر، وأضاف أن إسرائيل ليس عليها أي التزام بموجب القانون الدولي بالسماح بالوصول إلى غزة عبر أراضيها.
ومن بين الاتهامات التي وجهها المحامي في فريق الدفاع عن الكيان، والرد المصري الذي نفى بشكل قطعي أي مسؤولية للقاهرة في إدارة الجانب الفلسطيني من معبر رفح، تصبح الكرة في الملعب المصري لإقامة الحجة على الصهاينة، فمن جهة إظهار كذب وزيف الرواية الصهيونية في قضية إدارة المعابر بين مصر وفلسطين المحتلة، ومن جهة أخرى أمام مصر فرصة ذهبية لتقديم أدلة جديدة أمام المحكمة الجنائية التي دخلت مرحلة المداولات والتي تؤكد مسؤولية الكيان في منع وصول المساعدات والمواعد الإغاثية للنازحين في غزة، وهو ما يشكل دليلا على ارتكاب الاحتلال إبادة جماعية في غزة، وذلك من خلال إرسال المساعدات إلى سكان غزة دون المرور عبر الجانب الإسرائيلي.
لكن الاستنتاج الأهم الذي يجب الوقوف عنده، هو التصرف الصهيوني مع أحد الدول المطبّعة معه، ففي أول امتحان أمام محكمة العدل الدولية، لم تتوان في إلقاء المسؤولية على أقدم دولة مطبّعة معها والتي تقيم معها علاقات سياسية وشركات اقتصادية متنوعة. ففي سبيل أن تنجو بنفسها من قبضة المحكمة الدولية، حاولت إلباس التهمة لحليفتها مصر وأي تهمة، تهمة الإبادة.
الموقف الصهيوني من المفروض أن تتلقفه كل الدول المطبّعة مع الكيان أو تلك التي تنوي الدخول في تحالفات مع الكيان، فلا محالة بأنها ستجد نفسها يوما في مكان مصر، وستلفّق لها تهما وربما تتآمر ضدها وضد وحدتها وسلامتها واستقرارها.
الخبر الجزائرية
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: دخول المساعدات الجانب المصری معبر رفح
إقرأ أيضاً:
استشهاد لبنانيين في القصف الإسرائيلي على الجنوب
أكدت وزارة الصحة اللبنانية، اليوم الجمعة، على استشهاد شخصين إثر تعرضه للإصابة في غارة إسرائيلية في جنوب لبنان.
اقرأ أيضاً: الرئيس الإيراني يُهنئ جوزيف عون بـ"رسالة إلى إسرائيل"
ويأتي العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان على الرغم من وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ بين حزب الله وقوات الاحتلال منذ ما يزيد عن الشهر.
وأكد بيان الوزارة الذي نشرته وسائل إعلام محلية على غارة الاحتلال الإسرئيلية على بلدة طير دبا تسببت في استشهاد شخصين وإصابة شخصين آخرين.
وأكدت مصادر لبنانية على أن المُسيَرة المُعادية استهدفت سيارة في بلدة طير دبا التي تبعد 20 كيلو متراً عن الحدود.
وأكد جيس الاحتلال على أن القصف استهدف شاحنة لحزب الله تقل أسلحة في جنوب لبنان.
وكانت الهدنة ووقف إطلاق النار قد دخل حيز التنفيذ في نهاية نوفمبر الماضي، لينهي حرباً استمرت ما يزيد عن العام.
وكان الرئيس اللبناني المُنتخب حديثاً جوزيف عون قد أكد على تصميم لبنان على انسحاب إسرائيل من كافة التراب الوطني.
وستُجيب الفترة المُقبلة عن السؤال بشأن مصير وقف إطلاق النار، وكيف ستتصرف الدولة اللبنانية مع الخروقات الإسرائيلية المُستمرة.
النزاع في جنوب لبنان يشير إلى سلسلة من الصراعات التي شهدتها المنطقة منذ منتصف القرن العشرين، وكان لها تأثير عميق على لبنان والمنطقة بأكملها. بدأ التوتر في هذه المنطقة مع تأسيس دولة الاحتلال عام 1948، حيث أصبحت جنوب لبنان نقطة لجوء للفلسطينيين الفارين من النزاع. مع مرور الوقت، تصاعدت التوترات بسبب نشاط الفصائل الفلسطينية المسلحة، ما أدى إلى اشتباكات مع إسرائيل، خاصة بعد تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية.
في عام 1978، اجتاحت إسرائيل جنوب لبنان لأول مرة في عملية أُطلق عليها "عملية الليطاني"، بهدف إبعاد المقاتلين الفلسطينيين عن حدودها. تكرر الاجتياح عام 1982، عندما دخلت إسرائيل إلى بيروت في محاولة للقضاء على منظمة التحرير. خلف هذا الاجتياح دمارًا كبيرًا وأدى إلى الاحتلال الإسرائيلي لجزء كبير من جنوب لبنان حتى عام 2000.
تزامنًا مع ذلك، نشأ حزب الله كقوة مقاومة مسلحة، وبدأ بتنفيذ عمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي. استمر النزاع في شكل مواجهات متقطعة، وأبرزها حرب عام 2006 التي تسببت في خسائر بشرية ومادية كبيرة.
اليوم، لا يزال جنوب لبنان نقطة حساسة، حيث يبقى النزاع بين حزب الله وإسرائيل مصدر توتر مستمر، في ظل الجهود الدولية للحفاظ على الهدوء عبر قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل).
وفي سياق متصل، أكدت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن مأساة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة تتفاقم على نحو غير مسبوق في ظل انهيار القطاع الصحي بسبب القصف الإسرائيلي على جميع أرجاء القطاع.
وأشارت الصحيفة في مقال افتتاحي إلى أنه لا يجب التعامل مع تلك المأساة، التي تزداد حدتها يوما بعد يوم، على أنها أمر واقع لن يتغير بل يجب العمل على التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وأوضحت أن العام الجديد لم يحمل لسكان قطاع غزة أي بارقة أمل في تحسن أوضاعهم المعيشية في ظل إعلان الأمم المتحدة انهيار قطاع الخدمات الصحية في غزة بشكل شبه كامل جراء القصف الإسرائيلي للمرافق الطبية، مشيرة إلى تصريحات أحد موظفي وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) منذ عدة أيام والتي حذر فيها أن الهيكل الاجتماعي في القطاع سوف ينهار إذا أقدمت إسرائيل على تنفيذ تهديدها بإيقاف جميع أشكال التعاون مع الوكالة نهاية الشهر الجاري.
ولفتت الصحيفة إلى أن القصف الإسرائيلي ما زال يحصد المزيد من الأرواح بين سكان القطاع بعد أن كثفت القوات الإسرائيلية هجماتها على أجزاء عديدة من القطاع متضمنة أجزاء أعلنتها إسرائيل "مناطق آمنة".
وأشارت "الجارديان" إلى البيانات الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية أول أمس الاثنين التي توضح أن ضحايا القصف الإسرائيلي منذ بداية الصراع بين الطرفين قبل 15 شهرا وصلوا إلى 45,854 قتيلا.
وتابعت الصحيفة أن مأساة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة على الرغم من قسوتها ، إلا أنها باتت معتادة لدى المجتمع الدولي والذي بدأ اهتمامه بتلك المعاناة يتراجع، موضحة أن ما يقرب من 1.9 مليون فلسطيني نزحوا عن ديارهم عدة مرات بسبب القصف الإسرائيلي الذي لا هوادة فيه.
ولفتت إلى أن معاناة سكان قطاع غزة لم تقتصر فقط على الحرمان من الطعام والماء والمسكن بل وصلت إلى حد الترويع وإصابة سكان القطاع بالصدمات النفسية.
وأضافت أن هناك تقارير تشير إلى أن إسرائيل تعتزم تخفيض حجم المساعدات الإنسانية التي تصل إلى سكان القطاع بعد تولي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب مهام منصبه في العشرين من الشهر الجاري، موضحة أن كمية المساعدات الإنسانية التي تصل إلى سكان القطاع في الوقت الحالي غير كافية.
وأشارت الصحيفة إلى بيانات الأمم المتحدة التي توضح أن حجم المساعدات الإنسانية التي وصلت سكان القطاع خلال شهر ديسمبر الماضي بلغ حوالي 2,205 شاحنة ، مقارنة بما يقرب من 15 ألف شاحنة شهريا قبل نشوب الصراع الحالي ، على الرغم أن احتياجات سكان القطاع آنذاك كانت أقل بكثير من الوقت الحالي.
ولفتت إلى بيانات منظمة "أوكسفام" الدولية التي تشير إلى أن عدد شاحنات الإغاثة التي وصلت شمال غزة لم يتجاوز 12 شاحنة في الفترة من أكتوبر حتي نهاية ديسمبر الماضي، مشيرة في الوقت نفسه إلى إعلان إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن - على الرغم من ذلك عن تقديم مساعدات عسكرية لإسرائيل تصل قيمتها إلى 8 مليارات دولار.
وفي الختام، توضح الصحيفة أنه في ظل هذه الأوضاع المأساوية لسكان غزة بدأت الآمال في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار تتراجع، مشيرة إلى أنه حتى في حال التوصل لمثل هذا الاتفاق فليس من المرجح أن يستمر طويلا.