(1) أيَّتها الجُثَّة، يا جدِّي، يا أُمِّي، يا رفيقي المُجَنْدَل: تريَّثوا قليلاً، فالمهرجان كبير. (2) في هذا الشِّتاء يجتمع الرجال والنِّساء، وبقيَّة الفصول، والحسرات. (3) نحن صرعى، وجرحى، وغائبون، ومُغَيَّبون. أما الشُّهداء فلن يكونوا أكثر شجاعة وبأساً في المقتلة الوشيكة. (4) يغمض عينيه، ويتساقط الليل على دوَّاستي دراجة هوائيَّة قادمة مباشرة من فيلم "لصوص الدراجات الهوائية" لفيتوريو دي سيكا في آخر طرقات القرية، ثم يمضي الصَّبيُّ إلى "البحائص" )جمع "بحيصة"، وهي، في دارجة أهل الباطنة، عين الماء العذب في البطحاء أو الوادي الجاف(، ويعود بنظرة لا يزال عمرها حوالي خمسين سنة.
(5) لم يعد الموت يأتي إلا بِنِصفِ هيبته فقط (والطُّيور لا تزال تذهب إلى هناك بجلالٍ كبير). (6) أمَّهاتهم ذَهَبْنَ إلى القابِلَة بعد كل ذلك القتل الذي في غزَّة. (7) لا تقتل نفسك في أنصاف الحقائق، بل انتحِر في كامل الحدوس والوساوس. (8) تتطلب قراءة كل كتاب إزاحة الغبار أولاً. (9) يستطيع هذا النَّسر أن يكون ضحيَّة أخرى. (10) أمِنَ المعقول حقَّاً اننا سوف نموت جميعاً (من سوف يتذكرنا، إذن، ومن سيقرأ الكتب)؟ (11) لم يعد اللطف قاتلاً، وصار الهواء مالحاً (أما التَّضحيات فهي مجرُّد جدار). (12) في الكتابة، الفواصل تُغنِي ولا تفيد. (13) لم تمتلئ المقبرة (لغاية الآن)، ولم نعد نذهب إلى هناك (لغاية الآن). (14) يُمَنُّون النَّفس بالسُّور في رابعة العريش. (15) مجز الصُّغرى أصبحت خارج الميزان الصَّغير، وخارج نجوم بنات نعش (وعلى الجميع أن يأسفوا لأنه لم تعد هناك سماء حتَّى في مجز الصُّغرى). (16) ينتظر السَّجان من السَّجين أن يرتكب الجريمة. (17) أراكِ في الهيولى، على السِّفح، قبل زراعة المحاصيل وتبرعم المصائر. (18) الجسد يضيع في الليل، والليل يتأوه في الأنامل. (19) لم يعد أحد يمرُّ من هنا (حتَّى الطريق). (20) أيها الليل: أين معطفك؟ (21) دحرَجهم الليل في البراميل والنَّمائم. (22) يموت في التَّشبيه. (23) يترعرع السَّفاح في كل قماط، وكلِّ كتاب، وفي الحليب. (24) لا تمنحوه المخمل. دعوه يعطب في طلب الشَّمس. (25) يغزونا الرَّمل (وعلينا الاقتناع أنه الصَّباح). (26) لقد هوى النَّجم (ولم تعد هناك حاجة للمزيد من الحديث عن السَّماء). (27) جاء القَمَر، ذَهَبَ القمر (لكن ليس على وزن جاء الليل، ذَهَب الليل). (28) يا الله! سيَّارة الإسعاف دهست حمامة في طريقها وهي تحمل الجرحى إلى غرفة الطوارئ. (29) أُدركُ الوقت بالتَّنامي، والقواقع، والخسران. (30) لا أحبُّكِ خارج الخطر. (31) في مثل هذا اليوم، قبل حوالي أربعين سنة، راحت الأيام. (32) يموتون كما تفعل الأقاويل. (33) ابتدأ الشِّعر في الأقمار الخرساء (ولا أحد يستطيع إكمال هذه الجملة). (34) الشَّرق أبعد من زرقاء اليمامة (الأشجار لم تعد تتحرَّك). (35) يحاولون رشوتك بالمعايير. (36) الفاجعة التي تحيق بالجميع لن يتذكَّرها إلا شخصٌ واحد يمكن القول، في ما بعد، إنه الوحيد الذي نزلت به الفاجعة. (37) يكمن نصف بؤس الرأسماليَّة في منتصف ابتسامة البائع الترحيبيَّة، ويقبع نصفها الآخر في لمعة حذائه. (38) تتوقف كل قطارات العالم حين تموت قرويَّة في طريقها إلى الحقل. (39) أُحْصِيكم (من باب التَّورُّع فحسب). (40) لن يمرَّ الماء على هذه الصَّرخة. (41) تمضين كأن الطَّريق من عُرْي. (42) وَسَنٌ يسقط على الدَّمعة. (43) هذا الدَّرب يفيض بذاكرته (لذا ينبغي سلوك دربٍ آخر لا ذاكرة له حتى الآن). (44) لا يستطيعكم الألم، لا يستحقون الموت. (45) ينبغي أن يولد شخص واحد فقط في كل يوم (وينبغي أن يموت شخص واحد فقط في كل يوم). (46) ذاكرة الأموات متدفِّقة، أما ذاكرة الأحياء فتتلعثم. وفقط حين يسكت الأحياء، تصمت القبور. (47) لم تعد السَّخافة مما يؤسف له من طباع ومواهب، بل ما يُخشى من صناعات. (48) في البدء كان الصِّراع، أمَّا الكلمة فقد جاءت بعد ذلك، بعد أن اخترعنا المواثيق، وقوانين الدَّعارة في المعابد، واستعباد الإنسان لأخيه الإنسان بقوانين يعتبرها العقل "عادلة". (49) يسعفني المدى على السّفرجل؛ يأخذني السَّفرجل إلى مياهٍ صغيرة بين عينيك أو نهديك (لكني، للأسف الشديد، لم أعد شاعراً مبتدئاً). (50) أبحث عنكِ في الفانوس، وفي سائر كلام النَّاس. (51) أشحذني بالجراح والسُّفن، ولا أهتم كثيراً بما يقوله تَعُّوب الكحَّالي عن تواضع درايتي أمام الزُّرقة (أتشرف، بالمناسبة، بنشر صورة نادرة له هنا بصحبة طبله الأثير، بعد أن ظلَّ بعض الأصدقاء يؤكدون طوال السِّنين الفائتة إنه محض شخصيَّة من محض اختراعي فحسب. وفي ذلك صحَّة كبيرة أيضاً). (52) أهواكِ في المرايا (والليل أعمى). (53) ينتظرُ الكسالى الموت كما ينتظر المُنَظِّرون الثَّورة. (54) عادت القافلة من الشَّام (يا للضَّجر! علينا أن نفعل هذا مرَّة أخرى كي تحدث النبوءة بصورة أفضل في المرة القادمة)! (55) نفتقدهم كثيراً (أولئك الذين قتلناهم). (56) الزَّمن يهرش فروة رأس الزمن، والمهرِّج يذهب إلى حدائق الأطفال وبيوت العَجَزَة والمُسِنِّين. (57) أحبُّك في الصَّلاة (وأغادر حثيثاً قبل أن أُطرد). (58) حصل الأمر على النَّحو التَّالي: الهيولى، ثم الرَّعشة، ثم الطِّين، ثم موت الإنسان، ثم انبثاق اللغة، ثم ولادة المبدع، ثم انمحاق الشَّكل، ثم ... (59) الكتابة عن الماضي إخفاق وتعويض. أما الكتابة عن الحاضر والمستقبل فهي مأساة الزَّبد. (60) الكارثة هي أن السَّيد المسيح عليه السَّلام سعى إلى الآخرين كي "ينقذهم". وفي هذا فإنه ترك/ تخلَّى عن نفسه ("لقد كان المسيح آخر المسيحيين"، نيتشه). (61) ها قد جاء التَّنهُّد وانهمر طَعم القهوة مرة أخرى. أستودعكِ الله في أزمنة الرُّمان والخوف.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية:
لم تعد
إقرأ أيضاً:
الأرصاد: أجواء باردة خلال الليل والصباح الباكر في هذه المحافظات
الوحدة نيوز/ توقع المركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر أجواء باردة وباردة نسبياً في عدد من المحافظات خلال الـ 24 ساعة القادمة.
وذكر المركز في نشرته الجوية، أنه يتوقع أجواء باردة خلال الليل والصباح الباكر في محافظات صعدة، عمران، صنعاء، ذمار والبيضاء وتتراوح درجات الحرارة الصغرى بين 4 ـ 7 درجات مئوية.
وقد تكون الأجواء باردة نسبياً في مرتفعات محافظات إب، الضالع، لحج وأبين، وتتراوح درجات الحرارة الصغرى بين 08 إلى 12 درجة مئوية.
وحسب المركز فإن أدنى درجات الحرارة المسجلة في بعض محطات الرصد الجوي صباح اليوم بلغت 7.1 في صنعاء، 7.4 في ذمار، 8.2 في عمران.
ونبه المركز المواطنين في المناطق الجبلية خاصةً الأطفال وكبار السن والعاملين أثناء ساعات الليل والصباح الباكر من الأجواء الباردة.