ذكر تقرير نشرته مجلة "نيولاينز" الأميركية أن أكثر من 109 صحفيين لقوا مصرعهم في الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة، موضحا أن معدل الوفيات غير المسبوق أجبر الصحفيين على فصل حزنهم عن تقاريرهم.

وأوضح التقرير -لكاتبه ريان الأمين- أن هذا الوضع امتد إلى جنوب لبنان والضفة الغربية المحتلة، حيث أصبح التهديد بالقتل روتينا يوميا، وقالت مقدمة البرامج الحوارية ومراسلة تلفزيون فلسطين رانيا حمد الله إن "أي مراسل فلسطيني يتحدث عن إسرائيل هو شهيد بالفعل".

وأكد تقرير نيولاينز أن الإعلام الغربي تردد في إلقاء اللوم على إسرائيل في استهداف الإعلاميين، مما زاد الوضع سوءا.

وعندما يتعلق الأمر بتغطية الحرب في قطاع غزة، فإن الصحفيين الذين يقومون بهذه المهمة غالبا ما يصبحون هم القصة، ويضطرون لتحمل ثقل التغطية رغم كل التحديات.

وذلك ما عاشه جاد شحرور، مسؤول الاتصال في مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية "سكايز"، وهو مراقب مستقل لحقوق الصحافة في الشرق الأوسط، ويوثّق انتهاكات حرية الصحافة.

ضغوط هائلة

فقد علم أن صديقه المقرب عصام عبد الله، الذي كان يعمل مصورا لصالح وكالة رويترز، قُتل في هجوم إسرائيلي عندما كان في بث على الهواء مباشرة في قرية علما الشعب بجنوبي لبنان، فاضطر لاستخدام "قتيل" بدل "شهيد" خلال وصفه مقتل صديقه المقرب، مما أثار انتقادات ضده.

وبحسب شحرور، فإن إسرائيل تحاول بشكل إستراتيجي إسكات منتقديها الإعلاميين الأكثر شعبية، كما لو كانت تخوض حرب الروايات باستخدام القوة المميتة.

ونقلت المجلة الأميركية عن شحرور قوله إن الرد على هذه الهجمات كشف أيضا عن استقطاب في تقارير الحرب بين وسائل الإعلام الغربية التي لا تكاد تبرز هذه الأحداث، عكس وسائل الإعلام العربية. وقد لطخت السلبية الاحترام الذي كان يكنه شحرور شخصيا لبعض المؤسسات الغربية.

وتابعت المجلة أن الوضع في الضفة الغربية أكثر وضوحا، وضربت المثال على ذلك بحالة الإعلامية رانيا حمد الله التي أوقفت برنامجها بشكل كامل منذ بدء الحرب، وتركز على عملها مع نقابة الصحفيين الفلسطينيين، وتقود لجنتها التي تركز على حقوق الصحافة في القدس.

وزادت أنه منذ بداية الحرب على قطاع غزة، دمرت إسرائيل 66 مؤسسة إعلامية وصحفية فلسطينية بشكل كلي أو جزئي، مما أدى إلى تقطّع السبل بالمراسلين في الميدان.

ظروف عمل قاسية

ونقلت نيولاينز عن رانيا قولها إنه رغم الصعوبات، فإن معظم أعضاء النقابة البالغ عددهم 1200 عضو استمروا في العمل في غزة، علما أن استمرار إسرائيل في منع الصحفيين الأجانب من الوصول إلى القطاع لم يؤدِ إلا إلى زيادة الضغط على المراسلين الفلسطينيين الذين يعملون في ظروف قاسية للغاية.

فمن يبقي حيا من الصحفيين يتحملون عبء فقدان أفراد من عائلاتهم، بل إن بعضا منهم فقدوا عائلاتهم بأكملها في الغارات الإسرائيلية.

وتحرص رانيا وأفراد النقابة على التواصل مع المؤسسات المهنية الدولية، حيث يقدمون صورا ومقاطع فيديو ووثائق مكتوبة إلى الاتحاد الدولي للصحفيين، ومؤسسات تعنى بحقوق الإعلاميين، سعيا لإثبات أن الجيش الإسرائيلي كان يستهدف الصحفيين.

كما قدموا مذكرة حيادية في المحكمة الفدرالية الأميركية تسلط الضوء على الهجمات غير المسبوقة على الصحفيين الفلسطينيين.

وتذكر المجلة أنه في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، زار مدير الاتحاد الدولي للصحفيين رام الله لجمع شهادات الصحفيين الفلسطينيين الذين أصيبوا في الضفة الغربية. وتعتبر هذه العملية شاقة ومليئة بالعقبات البيروقراطية، لكن شكليات ما تصفه رانيا بـ"المناصرة الدبلوماسية" تحجب الحاجة الملحة للمساعدات المادية اللازمة على الأرض.

وتساءلت "كيف يمكنك أن تطلب من المراسل العودة إلى الميدان إذا لم يتمكن من العثور على خبز لإطعام أطفاله؟"، وأضافت "صحيح أن وظيفة النقابة لا ينبغي أن تقدم هذا النوع من الدعم المادي أو الغذائي للصحفيين في الميدان، لكن هذا ضروري في الوقت الحالي، نظرا لأنك قد لا تجد علبة تونة واحدة في غزة كلها".

وبحسب نيولاينز، تصر رانيا على التأكيد على أن المنظمات الدولية -مثل الصليب الأحمر- قد تخلّت عن غزة، وأنها بفعلها ذلك أصبحت متواطئة في القصف، وقالت عبر سلسلة من الرسائل الصوتية عبر الواتساب "لقد حاول مراسلونا في غزة التحدث عن هذا الأمر، لكن لم يستمع أحد".

وأكد تقرير المجلة الأميركية أن استشهاد الإعلامي بقناة الجزيرة سامر أبو دقة حظي بتغطية واسعة النطاق.

وكانت وكالة رويترز من بين وسائل الإعلام التي نقلت الخبر، واختتمت مقالها عن الاستشهاد باقتباس من المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي "ليس لدينا حتى الآن أي مؤشرات على أن إسرائيل تستهدف الصحفيين الذين يغطون هذه الحرب عمدا".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

“هآرتس”: صور الحشود التي تعبر نِتساريم تُحطّم وهم النصر المطلق‎

الثورة نت

أشار المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس الإسرائيلية” عاموس هرئيل إلى أن صور الحشود الفلسطينية التي تعبر سيرًا على الأقدام من ممر “نِتساريم” في طريقها إلى ما تبقى من بيوتها في شمال غزة، تعكس بأرجحية عالية أيضًا نهاية الحرب بين “إسرائيل” وحماس، مؤكدًا أن الصور التي تم التقاطها، يوم أمس الاثنين، تحطم أيضًا الأوهام حول النصر المطلق التي نشرها رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ومؤيدوه على مدى أشهر طويلة، وأكمل بالقول: “معظم فترة الحرب، رفض نتنياهو مناقشة الترتيبات لما بعد الحرب في قطاع غزة، ولم يوافق على فتح باب لمشاركة السلطة الفلسطينية في غزة، واستمر في دفع سيناريو خيالي لهزيمة حماس بشكل تام. والآن، من يمكن الاعتقاد أنه اضطر للتسوية على أقل من ذلك بكثير”.

ورأى هرئيل أن رئيس حكومة العدو، هذا الأسبوع، قد حقق ما أراده، إذ إن حماس وضعت عوائق في طريق تنفيذ الدفعات التالية من المرحلة الأولى في صفقة الأسرى، لكن نتنياهو تمكن من التغلب عليها، على حد تعبيره، موضحًا أنه: “حتى منتصف الليل يوم الأحد، تأخر نتنياهو في الموافقة على عبور مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال القطاع، بعد أن تراجعت حماس عن وعدها بالإفراج عن الأسيرة أربيل يهود من “نير عوز””، ولكن بعد ذلك أعلنت حماس نيتها الإفراج عن الأسيرة، وفق زعمه، فعلّق هرئيل: “حماس وعدت، والوسطاء تعهدوا، أن يهود ستعود بعد غد مع الجندية الأخيرة آغام برغر ومع أسير “إسرائيلي” آخر، والدفعة التالية، التي تشمل ثلاثة أسرى “مدنيين” (من المستوطنين)، ستتم في يوم السبت القادم”. لذلك، قاد تعنّت نتنياهو – ومنعه عودة النازحين الفلسطينيين – على تسريع الإفراج عن ثلاثة أسرى “إسرائيليين” في أسبوع، على حد ادعاء الكاتب.

تابع هرئيل: “لكن في الصورة الكبيرة، قدمت حماس تنازلًا تكتيكيًّا لإكمال خطوة استراتيجية، أي عودة السكان إلى شمال القطاع”، مردفًا: “أنه بعد عودتهم إلى البلدات المدمرة، سيكون من الصعب على “إسرائيل” استئناف الحرب وإجلاء المواطنين مرة أخرى من المناطق التي عادت إليها حتى إذا انهار الاتفاق بعد ستة أسابيع من المرحلة الأولى”، مضيفًا: “على الرغم من نشر مقاولين أميركيين من البنتاغون في ممر “نِتساريم” للتأكد من عدم تهريب الأسلحة في السيارات، لا يوجد مراقبة للحشود التي تتحرك سيرًا على الأقدام، من المحتمل أن تتمكن حماس من تهريب الكثير من الأسلحة بهذه الطريقة، وفق زعمه، كما أن الجناح العسكري للحركة، الذي لم يتراجع تمامًا عن شمال القطاع، سيكون قادرًا على تجديد تدريجي لكوادره العملياتية”.

وادعى هرئيل أن حماس تلقت ضربة عسكرية كبيرة في الحرب، على الأرجح هي الأشد، ومع ذلك، لا يرى أن هناك حسمًا، مشيرًا إلى أن هذا هو مصدر الوعود التي يطلقها “وزير المالية الإسرائيلي” بتسلئيل سموتريتش، المتمسك بمقعده رغم معارضته لصفقة الأسرى، بشأن العودة السريعة للحرب التي ستحل المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد، ويعتقد هرئيل أن: “الحقيقة بعيدة عن ذلك، استئناف الحرب لا يعتمد تقريبًا على نتنياهو، وبالتأكيد ليس على شركائه من “اليمين المتطرف”، القرار النهائي على الأرجح في يد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن المتوقع أن يستضيف الأخير نتنياهو قريبًا في واشنطن للاجتماع، وهذه المرة لا يمكن وصفه إلا بالمصيري”.

وأردف هرئيل ، وفقا لموقع العهد الاخباري: “ترامب يحب الضبابية والغموض، حتى يقرر، لذلك من الصعب جدًّا التنبؤ بسلوكه”، لافتًا إلى أنه وفقًا للإشارات التي تركها ترامب في الأسابيع الأخيرة، فإن اهتمامه الرئيسي ليس في استئناف الحرب بل في إنهائها، وأكمل قائلًا: “حاليًا، يبدو أن هذا هو الاتجاه الذي سيضغط فيه على نتنياهو لإتمام صفقة الأسرى، وصفقة ضخمة أميركية – سعودية – “إسرائيلية” وربما أيضًا للاعتراف، على الأقل شفهيًّا، برؤية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية”.

وقال هرئيل إن “نتنياهو، الذي أصرّ طوال السنوات أنه قادر على إدارة “الدولة” (الكيان) وأيضًا الوقوف أمام محكمة جنائية، جُرّ أمس مرة أخرى للإدلاء بشهادته في المحكمة المركزية، رغم أنه يبدو بوضوح أنه لم يتعاف بعد من العملية التي أجراها في بداية الشهر، واستغل الفرصة لنفي الشائعات التي تفيد بأنه يعاني من مرض عضال، لكنه لم يشرح بشكل علني حالته الصحية”، مشددًا على أن نتنياهو الآن، من خلال معاناته الشخصية والطبية والجنائية والسياسية، قد يُطلب منه مواجهة أكبر ضغط مارسه رئيس أميركي على رئيس وزراء “إسرائيلي”.

مقالات مشابهة

  • تعرّف على المنظمة التي تلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين بجميع أنحاء العالم
  • الرئيس اللبناني يشدد على ضرورة إعادة الأسرى اللبنانيين الذين اعتقلتهم إسرائيل خلال الحرب
  • الصحفيين والإعلاميين: خلال لقاء محافظ الدقهلية كلنا خلف الرئيس في جميع القرارات السياسية التي تحافظ على الأمن القومي
  • تعرّف على الأسرى الفلسطينيين الذين ستفرج عنهم إسرائيل في الدفعة الثالثة
  • “هآرتس”: الحشود التي تعبر نِتساريم حطّمت وهم النصر المطلق‎
  • “هآرتس”: صور الحشود التي تعبر نِتساريم تُحطّم وهم النصر المطلق‎
  • إسرائيل: حماس سلمت قائمة الأسرى الذين ستفرج عنهم غداً
  • كاتس: إسرائيل أعلنت الحرب على مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية
  • فرنسا.. نزع وسم “صنع بالمغرب” من منتجات الخضر والفواكه التي مصدرها الصحراء الغربية
  • نقيب الصحفيين: تصريحات ترامب عن التهجير تهدف لإشعال الحرب مجددًا