يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من هبة التبعي

يواجه أبناء اليمن تحديًا جديدًا وملحوظًا يتمثل في انتشار الشحنات الكهربائية في دماغ الأطفال، خصوصًا بعد إندلاع الحرب في البلاد، يعد هذا التحدي الصحي تحديًا إضافيًا يُضاف إلى العديد من التحديات الأخرى التي يعاني منها أطفال اليمن خلال السنوات الأخيرة.

يشير مفهوم زيادة شحنات كهرباء الدماغ إلى اضطراب في إفرازات الكهرباء في الدماغ؛ مما يؤدي إلى عدم انتظام في النشاط الكهربائي المتعلق بالمخ.

وبحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، يعاني حوالي 50% من سكان العالم من هذه الشحنات الكهربائية التي يطلقها بعض خلايا الدماغ.

لكن في اليمن، ساهمت الحرب بشكل واضح في زيادة انتشار هذه المشكلة، خاصة في مدينة تعز ذات الكثافة السكانية العالية، والتي تشهد حصار حوثي منذ ثمانية أعوام، فقد سُجلت 710 حالة زيادة في شحنات كهرباء الدماغ في مستشفى الأمراض النفسية في

المحافظة خلال عام 2023، وسُجلت 600 حالة في هذا العام في جمعية المعاقين في مديرية صالة، وفقًا لمكتب الصحة في تعز (حكومي).

معاناة الأطفال

تعيش الماس، التي تبلغ من العمر ست سنوات، وقمر، البالغة من العمر عامين، مع تحميل شحنات كهربائية زائدة في أدمغتهما.

ومنذ سنوات، تتابع والدتهما، هيفاء الشرعبي، العلاج لهما وتشعر بالإرتباك حيال أسباب هذا المرض الذي جعل ابنتيها يعانيان منه.

تروي هيفاء قصتها لـ”يمن مونيتور” قائلة: “عندما حدثت النوبة الأولى للماس عندما كانت في الثانية من عمرها، اعتقدت أنني فقدت ابنتي فعلاً، لأنني كنت غير ملمة بالمرض والنوبات المروعة التي تعاني منها”. بعد الفحص الطبي وإجراء فحص الدماغ والتشخيص المتعدد، تبين أن الماس وقمر يعانيان من زيادة في تفريغ الشحنات الكهربائية في الدماغ.

تضيف هيفاء: “هناك العديد من العوامل التي تزيد من تأثير المرض على ابنتي، وتزيد من احتمالية حدوث النوبات لديهما، مثل الضغوط النفسية التي يتعرضان لها عندما يصرخ عليهما أحدهما أو يمنعهما من شيء يريدانه، أو حين يتعرضان لانتقادات من معلمتهما في المدرسة.

تتأثر نفسية الماس بشدة في هذه الحالات، حيث تتورم عيناها وتصبح حمراء، وتعاني من الغثيان والصداع الحاد. إلى جانب ذلك، فإنهما يعانيان من فقدان الذاكرة وصعوبة في التركيز”.

“أعراض مفزعة”

تشمل الأعراض الشائعة الشعور بالغثيان والقيء المستمر، والاكتئاب، وفقدان القدرة على التركيز. في حالات أكثر تقدمًا، قد يحدث اضطراب في السمع والرؤية، يمكن أيضًا أن يظهر زيادة في النشاط الحركي وتشنجات في الحنجرة واختلال في درجة حرارة الجسم والتبول اللاإرادي، كما ذكرت صحيفة ” عمون” المتخصصة.

وتزيد النوبات المرعبة التي تصاحب هذا المرض من خوف الآباء والأمهات. تتمثل تلك النوبات في رعشة

وتشنجات مفاجئة في الجسم، واضطراب في النطق، والتأتأة، ودوخة طويلة الأمد. هذه النوبات تسبب قلقًا كبيرًا للعائلات التي تواجه هذا المرض.

“حديثو الولادة”

في سياق متصل، قالت الدكتورة هبة الجبالي، في مقابلة مع موقع “altibbi” الطبي، إن الكهرباء عند الرضع تحدث نتيجة لإصابة الجمجمة بالتشوهات أو الرضوض أو الإصابة، كما يمكن أن تحدث بسبب نزيف الدماغ أو وجود ورم في المخ أو التهاب السحايا.

أجرى علي الحاج دراسة في مدينة تعز في الفترة من 2015 إلى 2019، وخلص الحاج، الذي يعمل نائب منسق البرنامج الوطني للصحة النفسية في مكتب الصحة والسكان في تعز، إلى أن تعسر الولادة في المنازل ضاعف من هذه الظاهرة؛ وذلك بسبب صعوبة وصول النساء الحوامل القادمات للمستشفيات المجهزة ويرجع ذلك لسيطرة ميليشيات الحوثي على بعض المناطق والمعابر الهامة في تعز.

يفيد الحاج في تصريح لـ “يمن موينتور”: “عندما يحدث تعسر في الولادة وينقطع الأكسجين عن الطفل لبضع ثوانٍ، يتسبب ذلك في حدوث الكهرباء أو الشلل في بعض الأحيان”.

وأشار الحاج في دراسته إلى أن انقطاع الأكسجين في المناطق الصحية يحدث بسبب صعوبة وصول الأكسجين إلى المستشفيات بسبب الحصار الذي تعاني منه المدينة منذ سنوات.

بالإضافة إلى سوء التغذية الناجم عن الحرب، وهو عامل آخر يلعب دورًا في انتشار حالات الكهرباء عند الأطفال في اليمن.

وقال الحاج للموقع: “عدم توفر التغذية الجيدة للأم الحامل وعدم متابعتها الجنين خلال فترة الحمل يجعل الطفل عرضة لحدوث الكهرباء، بالإضافة إلى إصابة الأم بفقر الدم أو الالتهابات، وهذا يعتبر سببًا غير مباشر لحدوث الكهرباء عند الطفل”.

“الآثار النفسية”

تعاني لجين محمد، البالغة من العمر 12 عامًا، من زيادة في شحنات الكهرباء في الدماغ منذ سنة واحدة؛ مما يؤثر على صحتها النفسية.

تعيش لجين في صنعاء وتعاني من اكتئاب وحالة نفسية سيئة بسبب عدم مشاركتها في التعليم، وقضاء وقتها كاملا في المنزل

تسبب الشحنات الكهربائية توترًا وقلقًا ونوبات مفاجئة يجعلها تعيش في عزلة وتتجنب التفاعل مع أقرانها.

تؤكد أحلام المتوكل وهي أخصائية نفسية في حديث خاص لـ ” يمن مونيتور”، بأن التأثيرات النفسية للكهرباء الزائدة في الدماغ كثيرة منها الاكتئاب، القلق، التوتر، العصبية، والانفعال الزائد.

“تضيف المتوكل “العلاج والأدوية يساعدان في تخفيف هذه الأعراض التي تنجم عن التغييرات العضوية البسيطة في المخ، التي تؤثر أيضًا على المهارات اللغوية والذاكرة والتفكير”.

وتقول “إن الشحنات الزائدة في الدماغ تسبب للأطفال المتأثرين مشاكل اجتماعية وتحرجهم أمام أقرانهم؛ مما يزيد من التوتر والقلق وقد يؤدي إلى حدوث نوبات مفاجئة.

“مخاطر متفاقمة”

تأتي قصص مأساوية للوفيات والإعاقات الجسدية الدائمة التي يمكن أن تكون الشحنات الكهربائية الزائدة سببًا غير مباشر فيها.

خلال لعب وسيم الهلالي، البالغ من العمر 11 عامًا، مع أصدقائه في قريتهم بمحافظة إب، حدثت نوبة غير متوقعة من الشحنات الكهربائية وسقط أسفل التلة.

نتيجة هذه الواقعة، يعاني وسيم من إعاقة دائمة تشمل شلل في إحدى يديه وصعوبة في حركة قدميه.

تحذر الدكتورة الجبالي، الأخصائية المخبرية في الجامعة الهاشمية، من أن عدم معالجة الشحنات الكهربائية الزائدة في الدماغ يمكن أن يتسبب في تعقيدات متعددة، بما في ذلك صعوبات التعلم والتهاب الرئة نتيجة استنشاق الطعام أو اللعاب أثناء النوبات.

“الشحنات الكهربائية والصرع”

نشر الدكتور أحمد الغيطي على مدونته الطبية الخاصة الفرق بين الشحنات الكهربائية والصرع، حيث يرى أن الشحنات الكهربائية تحدث فيها التشنجات نتيجة لوجود شحنات كهربائية غير طبيعية في الدماغ، ومحدودة الحدوث أي قد تحدث مرة واحدة فقط في العمر.

بينما يرى الغيطي الحاصل على دكتوراة في جراحة المخ والأعصاب في جامعة القاهرة، أن تشنجات الصرع هو نوبات مزمنة تحدث دون اصابات أو أمراض ولكنه اضطرابات في الشحنات الكهربائية للدماغ دون سبب واضح وتحدث بشكل متكرر ومزمن.

“العلاجات الممكنة ”

يوضح الدكتور الشرعبي، الاستشاري في أمراض النفسية والعصبية، أن هناك أنواع مختلفة من الصرع والشحنات الكهربائية، ويتم تحديد العلاج المناسب وفقًا لنوع الحالة.

يشدد الدكتور الشرعبي على أهمية عدم إهمال الأمر والتوجه إلى طبيب مختص ومتابعة الحالة بشكل دوري مع الالتزام بتناول العلاج والجرعات في نفس الوقت المحدد.

ينصح الأطباء المختصون بالمشي حافي القدمين على الرمال وتجنب تناول الأطعمة الحيوانية والألبان، مع زيادة استهلاك الخضروات والفواكه والابتعاد عن العوامل التي تزيد من التوتر الكهربائي في الجسم، خاصة في الأماكن ذات الضغط العالي.

يؤكد الدكتور الشرعبي على أهمية تقليل وقت الأطفال أمام شاشات التلفزيون والحواسيب، وتقليل المكالمات الهاتفية.

 

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: اطفال اليمن الحرب الشحنات الكهربائية اليمن فی الدماغ زیادة فی من العمر

إقرأ أيضاً:

هل لـ "النعناع " دور في مكافحة الزهايمر.. دراسة تكشف التفاصيل

كشفت نتائج دراسة حديثة أن استنشاق الفئران المصابة بمرض ألزهايمر للمنثول المستخلص من النعناع، تحسنت قدراتها المعرفية، حيث بدا وأن هذا المركب الكيميائي يمكن أن يوقف بعض الضرر، الذي يلحق بالدماغ والمرتبط عادةً بالمرض.

وقال موقع "sciencealert" العلمي، إن "الباحثين لاحظوا، على وجه الخصوص، انخفاضًا في بروتين "إنترلوكين -1- بيتا"، الذي يساعد في تنظيم استجابة الجسم الالتهابية، وهي استجابة يمكن أن توفر حماية طبيعية ولكنها تؤدي إلى ضرر عندما لا يتم التحكم فيها بشكل صحيح".

ويقول الفريق البحثي إن دراسته تُظهر إمكانية استخدام روائح معينة كعلاجات لمرض ألزهايمر، إذا تمكنا من معرفة الروائح التي تسبب استجابات معينة في الدماغ والجهاز المناعي، فيمكننا تسخيرها لتحسين الصحة.

وقال عالم المناعة خوان خوسيه لاسارتي، من مركز البحوث الطبية التطبيقية (CIMA) في إسبانيا، عند نشر النتائج: "لقد ركزنا على دور الجهاز الشمي في الجهازين المناعي والمركزي، وأكدنا أن المنثول هو رائحة محفزة للمناعة في النماذج الحيوانية ولكن، بشكلٍ مُدهش، لاحظنا أن التعرض القصير لهذه المادة لمدة 6 أشهر، منع التدهور المعرفي لدى الفئران المصابة بمرض ألزهايمر، والأمر الأكثر إثارة للاهتمام، أنه حسّن أيضًا القدرة المعرفية للفئران الشابة السليمة".

وأثبت الباحثون أن "جرعة التعرض للمنثول لمدة 6 أشهر، كافية لوقف تدهور القدرات المعرفية وقدرات الذاكرة لدى الفئران، بالإضافة إلى ذلك، وعندما قام الباحثون بتخفيض عدد الخلايا التائية التنظيمية، المعروفة بقدرتها على الحفاظ على الجهاز المناعي تحت السيطرة، لوحظت بعض التأثيرات نفسها، ما يفتح مسارًا محتملاً قد تسلكه العلاجات المستقبلية".

وأنشأ العلماء بالفعل العديد من الروابط بين الروائح وأجهزتنا المناعية والعصبية، إذ يصعب فهم هذه العلاقات بشكل كامل، لكننا نعلم أن نظامنا الشمي يمكن أن يؤثر بقوة على الدماغ، حيث قد تؤدي روائح معينة إلى إطلاق استجابات معينة في الدماغ، ما يؤدي إلى تفاعلات كيميائية تؤثر على الذاكرة والعاطفة وأكثر من ذلك.

يذكر أن دراسة سابقة كانت قد ربطت بين تناول الشاي الأخضر وانخفاض عدد آفات المادة البيضاء في أدمغة كبار السن اليابانيين، ما قد يوفر مستوى من الحماية ضد الخرف.

وتعاون باحثون من مؤسسات في جميع أنحاء اليابان، لتحليل بيانات 8766 متطوعًا تزيد أعمارهم عن 65 عامًا، تم جمعها كجزء من دراسة استقصائية أجريت بين 2016 و2018.

 

وتمت مقارنة استهلاك الشاي الأخضر والقهوة المبلغ عنه ذاتيًا، بفحوصات الدماغ بالرنين المغناطيسي، والتي قاست حجم الدماغ الكلي وخصائص 5 مناطق مختلفة من الدماغ.

مقالات مشابهة

  • نقابة الصحفيين تُنظم دورة تدريبية حول إدارة الضغوط النفسية
  • لمحبي السيارات الكهربائية.. سعر ومواصفات MG4 الجديدة
  • لتجنب الإصابة بالخرف.. مكون غذائي يعزز صحة الدماغ
  • تقرير أممي: أكثر من 20 ألف مهاجر أفريقي وصلوا اليمن خلال ديسمبر الماضي
  • هل لـ "النعناع " دور في مكافحة الزهايمر.. دراسة تكشف التفاصيل
  • انطلاق الأسبوع الثقافي الـ36 لأطفال «أهل مصر» في روض الفرج
  • انطلاق فعاليات الأسبوع الثقافي 36 لأطفال "أهل مصر" بروض الفرج
  • أسباب خصم رصيد من عداد الكهرباء الكارت بشكل مفاجئ.. والإجراءات التي يجب اتباعها
  • السياحة المعرفية لأطفال حلايب وشلاتين بجناح المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بمعرض الكتاب
  • أطعمة تساعد في تقليل فرط الحركة لدى الأطفال