أزمة نقدية وتهديد بالإضراب.. موظفو التربية يضعون أول امتحانات العام الجديد أمام الحكومة اليمنية
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
وضع موظفو قطاع التربية والتعليم (جنوبي اليمن)، أول الامتحانات المالية للعام الجديد 2024 على طاولة الحكومة، ملوحين بعصا الإضراب التي بمقدورها انتزاع حقوقهم حال الاستمرار بتجاهل حقوقهم، وتأخير دفع مرتباتهم التي لم تعد تساوي 20 بالمئة مقارنة بفترة ما قبل الانقلاب المليشاوي للحوثيين في 21 سبتمبر 2014م، وفشل الحكومة المدوي في تحرير كامل البلاد واستعادة النظام وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.
هدد العشرات من المعلمين في عدن (جنوبي اليمن)، بالإضراب عن التدريس، وإصابة العملية التعليمية بشلل تام، بسبب تأخر الحكومة في صرف مرتباتهم لشهر ديسمبر 2023م.
وبدأت ملامح التهديد والوعيد تلوح في أفق تربية عدن، ما ينبئ عن امتداد رقعتها لتشمل بقية القطاعات التربوية في المناطق المحررة، وحتّى القطاعات الأخرى وفي مقدمتها منسوبو الداخلية، باعتبار هذين القطاعين أكثر القطاعات إطلاقاً للمناشدات المتكررة وعرضة للتعسفات.
وقال المعلمون، في تصريحاتهم، اليوم الأحد، إن اتخاذ قرار الإضراب يأتي ضمن خطوات التصعيد المكفولة قانوناً، في ظل حرمانهم من حقوقهم المشروعة، وأبسطها المرتبات الشهرية.
وأوضحوا، أن "قرار التوقف عن أداء العمل جاء بسبب تأخر صرف رواتبنا لشهر ديسمبر 2023 أكثر من المعتاد، والذي بسببه لم نعد قادرين على توفير قيمة المواصلات للحضور إلى المدارس لتأدية مهامنا".
المعلمون طالبوا الحكومة بسرعة صرف مرتبات شهر ديسمبر الماضي، والالتزام بتسليم الراتب نهاية كل شهر دون أي تأخير.
وأشاروا إلى أن عرقلة صرف المرتبات يعفي المعلمين من التزاماتهم تجاه العملية التعليمية، ما يؤثر سلباً على التحصيل العلمي للطلبة، وهو الأمر الذي لا يتمنونه لولا أن الإجراءات الحكومية غير المسؤولة هي من تجبرهم على ذلك.
توقف التعليم
وأعربت مصادر تربوية عن مخاوفها من توقف العملية التعليمية في عدن وتوسع الدائرة لتشمل بقية المحافظات، حيث سبق وتفاقمت الأوضاع على ذات المطالب، كانت تنتهي بتصعيد نقابة المعلمين والدعوة إلى إضراب شامل.
ودعت المصادر، خلال حديثها لوكالة خبر، وزارتي التربية والتعليم والمالية، إلى وضع حلول عاجلة لمعلمي عدن، تفادياً لتفاقم الأزمة وارتفاع حدّة التصعيد.
في حين أفادت مصادر حكومية وكالة خبر، بأن الحكومة تعاني من عجز في السيولة النقدية، إثر توقف تصدير المشتقات النفطية، جراء التهديد الحوثي لموانئ التصدير في شبوة وحضرموت.
وكانت طائرات مسيّرة تابعة لمليشيا الحوثي استهدفت في أكتوبر 2022م، بعدة ضربات ميناء الضبة لتصدير النفط بمحافظة حضرموت، وميناء "قنا" في مديرية رضوم بمحافظة شبوة في نوفمبر 2022م، ما تسبب بايقاف التصدير كلياً.
وطالبت المليشيا الحوثية، بدفع مرتبات الموظفين الحكوميين المتواجدين في مناطق سيطرتها مقابل السماح للحكومة باستئناف التصدير، وهي المطالب التي لم يُحسم أمرها حتى اللحظة، جراء ارتفاع سقف مطالب المليشيا في وقت لا تزال تسيطر على كامل إيرادات موانئ الحديدة، بحسب تصريحات حكومية.
أزمة نقدية
وتشكّلت أزمة نقدية لدى الحكومة اليمنية جراء إيقاف التصدير، وعدم توحيد الأوعية الإيرادية الأخرى، علاوة على الفساد المتغول في مصفوفتها، حتى إنها باتت تشكل خطراً على المنح السعودية والإماراتية التي تقدم للبنك المركزي اليمني بعدن.
وأصبحت شكاوى عدم انتظام دفع المرتبات الحكومية بصورة منتظمة، في صدارة المشهد الاقتصادي لدى موظفي كامل القطاعات الحكومية، حد تنفيذ الوقفات الاحتجاجية أمام مقار الوزارات المعنية، وقصر معاشيق الرئاسي بمدينة عدن.
وحتى في ظل انتظام المرتبات، لم يعد الأمر مجديا بالنسبة للموظفين بعد أن فقدت الرواتب خمسة أضعاف قيمتها، مقارنة بفترة ما قبل الحرب، وباتت غير قادرة على توفير أبسط الاحتياجات، بحسب مصادر اقتصادية.
ورجحت المصادر، انفجار موجة غضب شعبية واسعة لن يكون موظفو القطاعات والمؤسسات الحكومية إلا جزءاً منها.
ومنذ اندلعت الحرب في البلاد، إثر انقلاب مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانياً في 21 سبتمبر 2014م، شهد الاقتصاد المحلي انهياراً قياسياً، وارتفعت أسعار المواد الغذائية والاحتياجات الأساسية بنسبة تزيد عن ألف بالمئة.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
إقرأ أيضاً:
تحدّيات المرحلة المقبلة أمام الحكومة
كتب زياد عبد الصمد في "النهار": تواجه الحكومة اللبنانية الجديدة مجموعة معقدة من التحديات التي تتطلب استجابات سريعة وحلولاً جذرية. فعقب النزاع الأخير والتوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، تبرز الحاجة إلى تثبيت الاستقرار الأمني من خلال توحيد السلاح تحت سلطة الدولة وضمان سيادتها على كامل أراضيها. وفي الوقت ذاته، تستمر الأزمة الاقتصادية في التفاقم، ما يستدعي إطلاق مسار إصلاحي شامل يشمل إعادة هيكلة القطاع المصرفي، واستعادة ثقة المجتمع الدولي والجهات المانحة، وإرساء أسس الحوكمة الرشيدة. إلى جانب ذلك، تُلقي التحديات الاجتماعية بثقلها على المشهد العام، حيث بلغت معدلات الفقر والبطالة مستويات غير مسبوقة، ما يتطلب تبنّي سياسات تنموية شاملة تضمن العدالة الاجتماعية وتحسين مستوى معيشة المواطنين. وفي سياق الإصلاحات الضرورية، يبقى تحديث قانون الانتخابات أمراً محورياً لضمان نزاهة العملية الديموقراطية وتعزيز ثقة اللبنانيين بمؤسسات الدولة. لبنان اليوم عند مفترق طرق، ومسار الحكومة الجديدة سيحدد ملامح المرحلة المقبلة، بين ترسيخ الاستقرار والانطلاق نحو التعافي، أو الاستمرار في دوامة الأزمات المتلاحقة. يُشكّل تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بمندرجاته كافة، خاصة توحيد السلاح تحت سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، أولوية قصوى. ويشمل ذلك السيطرة على جميع المعابر الحدودية البرية والبحرية والجوية، لمنع أي انتهاكات أمنية أو استخدام هذه المعابر في عمليات غير شرعية. وفي هذا السياق، برز موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال جلسة الثقة، حيث بدا متملصاً من الاتفاق عندما أشار النائب فراس حمدان إلى دوره في المفاوضات، إذ قال بري إنه لم يوقع على الاتفاق، غير أن الجميع يدرك دوره المحوري في التوصّل إليه عبر المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل بوساطة أميركية قادها المبعوث عاموس هوكشتين. وعلى الرغم من محاولات بعض الأطراف، لا سيما قيادات "حزب الله"، تفسير الاتفاقية وفق مصالحهم الخاصة، فإن نصوصها واضحة وتُلزم الدولة اللبنانية بتنفيذها التزاماً بالقرارات الدولية. كما أن تطبيق الاتفاقية يُسقط الذرائع التي تستغلها إسرائيل للبقاء في لبنان ومواصلة انتهاكاتها، بما في ذلك عمليات الاغتيال والغارات الجوية والتحليق المستمر للطائرات المسيّرة في الأجواء اللبنانية.وترتبط مسألة إعادة الإعمار بمدى التزام لبنان بالاتفاقية، وبالتالي ضمان استقرارها والتأكد من أن الحرب لن تتكرر، ما يجعل الحدود اللبنانية آمنة. فمن المعروف أن حجم الدمار هائل، ولا يقتصر على تدمير البيوت، بل يشمل البنية التحتية والخدمات العامة التي استهدفها العدو بطريقة إجرامية تفوق الوصف. وفي مواجهة التحديات الكبرى التي سيبدأ هذا العهد بمواجهتها عندما يبدأ العمل الفعلي لتحقيق أجندته الإنقاذية في مجالي السيادة والإصلاح، من الهام ألا يبتعد عن الحاضنة الشعبية الداعمة التي من المرجح أن تشكل الدعامة والحصانة في مواجهة المنظومة التي طالب ناس 17 تشرين بمحاسبتها. لذا، فإن نجاح الحكومة في تحقيق الإصلاحات المطلوبة مرهون بقدرتها على مواجهة هذه العوائق، وبإرادة شعبية تدعم التغيير، وتطالب بالشفافية والمساءلة، وتسهم في استعادة ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي، بما يمهّد الطريق نحو مرحلة جديدة من الاستقرار والازدهار وبناء دولة القانون والمؤسسات.