مرضى غزيون تحوّلت أسرّتهم بمستشفيات الضفة لمأوى لهم منذ 100 يوم من الحرب
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
جنين- داخل غرفة صغيرة في قسم الولادة بمستشفى ابن سينا التخصصي في مدينة جنين شمال الضفة الغربية، تعيش هدى أبو يونس مع توائمها الثلاثة منذ أكثر من 4 أشهر، وترافقها في سرير الغرفة والدة زوجها التي كانت مرافقة لها حين حُوّلت من قطاع غزة إلى جنين للولادة منتصف سبتمبر/أيلول الماضي.
بدأت قصة هدى مع تأخرها في الإنجاب مدة 13 عاما، وبعد محاولات متكررة لزراعة الأجنة، نجحت المحاولة الأخيرة بحمل 3 توائم، وتقرر على أساس ذلك أن تكون ولادتها في الضفة الغربية، بسبب ضعف النظام الصحي في قطاع غزة، وبعد التنسيق حُوّلت إلى مستشفى ابن سينا التخصصي في مدينة جنين.
تقول هدى "كان حملي صعبا. خصوصا بعد محاولات كثيرة للزراعة، وتعرضي لخطر الإجهاض لأن بنية جسمي لم تتحمل الوزن الثقيل في الحمل. ولأن مستشفيات غزة كانت تعاني من ضعف عام مع استمرار الحصار المفروض منذ سنوات طويلة على القطاع، حولوني إلى جنين وهنا وضعت توائمي في الشهر السابع، كانوا بحاجة لدخول الحضانة لمدة شهرين".
هدى أبو يونس مع أطفالها في غرفتها في مستشفى ابن سينا بجنين الذي علقت بداخله منذ بداية الحرب على غزة (الجزيرة) فرحة منقوصةوخلال مدة علاج مواليد هدى في الحضانة كانت الحرب على غزة قد بدأت وأصبح من المستحيل عودتها مع أطفالها ووالدة زوجها إلى بيتها في خان يونس. تقول إن المستشفى تحول إلى بيتها، وكل أحلامها التي بنتها في مخيلتها طوال شهور حملها بأن تعود إلى غزة مع أطفال طال انتظارهم، وأن يتم استقبالهم في غرفة خاصة، ومع احتفال كبير، كل ذلك تبخر وأصبح همها الوحيد أن يبقى زوجها في غزة على قيد الحياة لرؤية أطفاله.
"زوجي كان يحلم أن يرى أطفاله، بعد 13 عاما من دون أولاد، كان ينتظر عودتنا بفارغ الصبر، وكنا قد جهزنا كل شيء لموعد عودتنا معهم إلى المنزل. قُصف المنزل وهُجرت العائلة ومُنعنا نحن من العودة، لا أمل في عودتنا حتى الآن ولا يوجد أي طريقة. أصبح عمر أطفالي 4 أشهر ونحن نعيش في غرفة في المستشفى". تقول أبو يونس.
وفي القسم ذاته من المستشفى تعيش أفنان أبو عيسى وأطفالها الثلاثة وقريبتها منذ أكثر من 6 أشهر بدون أي أمل في حل قريب لحالتهم، التي تشبه إلى حد كبير قصة هدى أبو يونس.
جدة أطفال أفنان أبو عيسى وأحفادها في غرفة مستشفى ابن سينا حيث يعيشون منذ 6 أشهر (الجزيرة)كان موعد ولادة أفنان في مستشفى ابن سينا أواخر يوليو/تموز الماضي، وقبل بداية الحرب على غزة بـ3 أشهر، حيث أدخل أطفالها الثلاثة إلى الحضانة وتقرر موعد خروجهم من المستشفى بعد استقرار حالتهم فجر الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الماضي؛ أي مع اليوم الأول للحرب.
"تم تحويلي إلى جنين لإدخال توائمي حضانة متطورة والتي لا يتوفر مثلها في مستشفيات القطاع، وبعد استقرار حالتهم الصحية، سمحوا لنا بالمغادرة لكن على الجانب الآخر توقف التنسيق لوصولنا إلى معبر إيرز العسكري بسبب بدء العدوان على غزة". تقول أبو عيسى.
وتضيف "رزقني الله بولدين وبنت بعد 7 سنوات من الحرمان، كانت فرحتي لا توصف، وكان زوجي وأهلي في انتظار خروجهم من الحضانة سالمين لنتمكن من العودة إلى المنزل، لكن اليوم يتم أطفالي 6 أشهر وزوجي لا يعلم عنهم شيئا، حتى لا يعرف كيف هي أشكالهم".
تحول المستشفى لمنزل
وتصف قريبة أبو عيسى السيدة صباح 60 عاما حياتهم بالصعبة جدا، فهم يقيمون في المستشفى منذ 6 أشهر ولا يغادرونه أبدا، ولا يوجد تواصل مع عائلتهم بغزة، فحتى الاتصالات الشحيحة إن توفرت تكون مكالمة صوتية قصيرة ومن دون فيديو بسبب انقطاع الكهرباء والإنترنت في غزة.
"والدهم لم ير صورهم منذ بداية الحرب، نحن نتحدث عن قرابة الأربعة أشهر، كيف يتحمل أب انتظر 7 سنوات ليكون عنده أطفال ألا يرى صور أطفاله 4 أشهر، وألا يراقب نموهم، وتطورهم الحركي والحسي، نحن نعيش طوال الوقت على أعصابنا، لا يوجد اتصال لنطمئن عليهم، ولا يوجد طريقة لنرجع إلى غزة، أنا أدعو الله ليل نهار أن تتوقف الحرب ويلتئم شملنا"، تقول السيدة صباح.
وتضيف "نحن سكان مخيم البريج، منازلنا كلها تدمرت، ورحلت عائلاتها وتفرقت. بعضهم رحل إلى الجنوب وبعضهم بقي في البريج ونحن هنا، في جنين، تقطعت بنا السبل كثيرا، هذا عدا عن العيش في المستشفى لهذه المدة الطويلة".
ومع مرور 100 يوم على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تزداد أوضاع المرضى الغزيين الموجودين في مستشفيات الضفة الغربية سوءا، بعد وقف التنسيق مع الارتباط الفلسطيني لتسهيل عودتهم إلى أهلهم في غزة، واضطرارهم للبقاء في المشافي لحين وقف الحرب. ويضم مستشفى ابن سينا في جنين قرابة 15 عائلة من مناطق مختلفة من القطاع، يعيشون في غرف في الأقسام المختلفة للمستشفى.
وتختلف معاناة كل أسرة منهم باختلاف سبب وجودها في جنين لكنهم يشتركون في تفاصيل يومية كثيرة أهمها بعدهم عن أهلهم وحرمانهم من التواصل معهم، وعدم مقدرتهم على ترك المستشفى لصعوبة توفر مأوى آخر.
طفل ميساء صافي الذي ولد في جنين خلال علاج شقيقته في مستشفى ابن سينا ولا يسمح له بالعودة إلى غزة (الجزيرة) غزة المصغّرةتقول ميساء صافي 30 عاما "أنا أم لـ3 أطفال تركتهم في غزة وأتيت مع طفلتي أرجوان التي تعاني من نزيف في المعدة لإجراء عملية جراحية لها، وكنت حاملا في الشهر الثامن. وخلال وجودي هنا تدهور وضعي الصحي وأصبت بتسمم الحمل، واضطر الأطباء لإجراء عملية قيصرية لي قبل أن تنتهي شهور حملي ووضعت طفلي معمر، واليوم أنا مع طفلين هنا في جنين يعانون من أمراض معقدة وبقية أولادي في غزة".
وكانت صافي قد قدمت مع طفلتها المصابة بنقص الأكسجين منذ الولادة وتعالج بشكل دوري في مستشفى ابن سينا لإجراء عمليات في المعدة لوقف نزيف متكرر فيها. لكنها علقت في المستشفى مع طفلتها أرجوان ومولودها الجديد معمر.
تبكي صافي وهي تتحدث عن أطفالها الثلاثة الذين تركتهم مع والدهم في غزة، وتقول إن من أصعب الأمور على أي أم أن تبتعد عن أطفالها طوال هذه الأشهر، خصوصا أنهم بحاجتها في أدق تفاصيل حياتهم.
وتضيف "في آخر مكالمة بيني وبينهم منذ حوالي أسبوع، قالت لي ابنتي التي تبلغ من العمر 5 أعوام "ماما ليش تركتينا ورحتي؟ أنت رح ترجعي أكيد؟"، كان سؤالها قاسيا جدا على قلبي، اشتقت لهم، وطوال الوقت أخاف أن يصلني أي خبر عن تعرضهم للقصف أو فقدانهم، نحن نعيش أياما صعبة، بعدنا عنهم قاس جدا والحرب تطول مع الأسف".
وترى العائلات الغزية التي تقيم بشكل إجباري في مستشفى ابن سينا التخصصي في جنين أن ما يخفف عن كل واحد منهم شوقه لأهله وخوفه عليهم هو وجودهم مع بعضهم، ومساندتهم لبعضهم البعض، في حين يقولون إن ما تمر به جنين من اقتحامات ليلية وتدمير للمباني والطرقات، وقصف بالطائرات المسيّرة، يشعرهم أنها غزة المصغرة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی مستشفى ابن سینا فی المستشفى أبو عیسى فی جنین لا یوجد على غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يعلن مقتل جندي وإصابة 5 آخرين في جنين
سرايا - أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل جندي وإصابة 5 جروح أحدهم خطيرة في جنين، فيما اغتالت قوة إسرائيلية خاصة شابا فلسطينيا، مساء اليوم الخميس، في مدينة نابلس، في حين يواصل جيش الاحتلال تهجير الفلسطينيين من مخيم طولكرم.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن قاسم عكليك (42 عاما) استُشهد برصاص الاحتلال في نابلس.
واقتحمت قوات إسرائيلية بمركبات مدينة نابلس وأطلقت النار على فلسطيني كان يسير برفقة عائلته في حي الروضة شرق المدينة. وقال شهود إن الفلسطيني أصيب في رأسه قبل احتجازه.
من جهتها، ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن الشهيد العكليك، أمضى 18 عاما في سجون الاحتلال وتحرّر قبل سنوات قليلة، ورُزق بطفلين عن طريق النطف المهربة خلال تواجده في الأسر.
وتأتي العملية في نابلس بالتزامن مع عدوان متصاعد شمال الضفة الغربية بدأه جيش الاحتلال الإسرائيلي بمدينة جنين في 21 يناير/كانون الثاني الجاري، قبل أن يوسعه اعتبارا منذ الاثنين الماضي ليشمل محافظة طولكرم.
عدوان متواصل في هذه الأثناء، دفعت قوات الاحتلال، مساء اليوم، بمزيد من التعزيزات العسكرية من آليات وجرافات إلى طولكرم، تزامنا مع استمرار العدوان على المدينة ومخيمها، وما رافقه من تدمير البنية التحتية والممتلكات العامة والخاصة، وتهجير المواطنين.
وقالت مصادر فلسطينية إن المخيم يشهد انتشارا كبيرا للقناصة فوق المباني العالية داخل المخيم ومحيطه، بعد الاستيلاء عليها وإجبار سكانها على مغادرتها، وسط إطلاق الأعيرة النارية بشكل عشوائي وتفجير عدد من المنازل، وتجريف مداخل أخرى وإغلاقها بالأتربة، واحتجاز سكانها داخلها في ظروف صعبة.
وتواصل قوات الاحتلال إجبار سكان المخيم على مغادرة منازلهم والخروج نحو المدينة، وتحديدا من حارات العكاشة والغانم والنادي والمطار، ما فاقم معاناتهم واحتياجاتهم الإنسانية، خاصة كبار السن والنساء والأطفال.
الاحتلال قتل عشرات الفلسطينيين بجنين منذ بدء العملية العسكرية بينهم الطفلة ليلى الخطيب 30 شهرا (رويترز) وقال رئيس اللجنة الشعبية لخدمات مخيم طولكرم فيصل سلامة لـ"وفا": إن ظروف المخيم ما زالت صعبة للغاية في ظل التعزيزات العسكرية الإسرائيلية التي تصل إليه، وما يرافقها من تجريف متواصل للبنية التحتية وممتلكات المواطنين.
وأشار إلى "خروج آلاف الفلسطينيين، تم إجبارهم بتهديد السلاح على مغادرة المخيم، وأصبحوا مشتتين في كافة ضواحي المدينة".
كما حذر سلامة من النقص الحاد في الحليب وفوط الأطفال والطعام ومياه الشرب ودواء الأمراض المزمنة لكبار السن داخل المخيم، مضيفا أن هناك مناشدات عاجلة من مواطنين ما زالوا في منازلهم، يعانون من قطع خطوط المياه والكهرباء ما يشكّل خطورة على ذوي الأمراض المزمنة ممن يعيشون على أسطوانات الأكسجين.
تشييع جثامين 10 شهداء في غضون ذلك، شيّع آلاف الفلسطينيين ببلدة طمون جنوب شرق مدينة طوباس (شمال)، جثامين 10 فلسطينيين استشهدوا بقصف إسرائيلي استهدفهم مساء الأربعاء.
وانطلق موكب تشييع الجثامين العشرة من أمام "مستشفى طوباس التركي الحكومي" إلى منازل عائلاتهم في البلدة، قبل مواراتهم الثرى.
ورفع المشيّعون الأعلام الفلسطينية ورددوا هتافات منددة بالانتهاكات الإسرائيلية، فيما أطلق مسلحون النار في الهواء تعبيرا عن الغضب وللمطالبة بالثأر، بحسب شهود عيان.
وكانت وزارة الصحة الفلسطينية أفادت أمس الأربعاء "باستشهاد 10 فلسطينيين جراء قصف شنه الاحتلال على بلدة طمون".
الفلسطينيون يشيعون 10 شهداء قتلهم الاحتلال في طمون قرب طوباس (رويترز) المقاومة تتصدى من جهتها، أعلنت (سرايا القدس الضفة الغربية)، اليوم الخميس، أن مقاتليها يخوضون معارك عنيفة ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة محاور شمالي الضفة الغربية.
وفي جنين، قالت السرايا إنها أوقعت اليوم قوة إسرائيلية بين قتيل وجريح في تفجير منزل مفخخ بمخيم جنين شمالي الضفة الغربية.
وقالت "السرايا" -في بيان عبر تطبيق تليغرام- إنها فجرت المنزل المفخخ بعد أن استدرجت قوة من لواء غولاني إليه في إطار ما سمتها عملية هندسية معقدة.
كما أعلنت عن تفجير عبوة ناسفة في جيب عسكري بمحيط "محور الحصان"، في مخيم جنين.
أما في طولكرم، فذكرت "السرايا" أن مقاتليها يخوضون معارك مع قوات الاحتلال داخل أزقة المخيم، مشيرة إلى أنهم "يمطرون قوات العدو والآليات العسكرية بزخات كثيفة من الرصاص المباشر محققين إصابات مؤكدة".
وبدأ العدوان الإسرائيلي على جنين في اليوم الثالث من تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بغزة، بعد إبادة جماعية إسرائيلية استمرت أكثر من 15 شهرا.
وبين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و19 يناير/كانون الثاني 2025، ارتكبت إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية بغزة خلفت نحو 159 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود. وبموازاة الإبادة بغزة، وسّع الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أسفر عن استشهاد 892 فلسطينيا، وإصابة نحو 6 آلاف و700، واعتقال 14 ألفا و300 آخرين، وفق معطيات رسمية فلسطينية.
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
طباعة المشاهدات: 732
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 30-01-2025 10:56 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...