الاستقطاب السياسي بالسودان يهدد بإطالة أمد الحرب
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
الخرطوم- تصاعدت حالة الاستقطاب والانقسام بين الفرقاء السودانيين، حيث اصطفت قوى مدنية وسياسية إلى جانب قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، بينما وقفت تكتلات سياسية خلف المؤسسة العسكرية التي يقودها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ويرى مراقبون أن هذا الانقسام سيعقد المشهد السوداني، ويطيل أمد الحرب، ويهدد أي عملية سياسية، ويعيد إنتاج الأزمة في البلاد.
ووقع رئيس الوزراء السابق الذي يتزعم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" عبد الله حمدوك و"حميدتي" على إعلان في أديس أبابا في 2 يناير/كانون الثاني الجاري، اعتبره مراقبون تدشين تحالف سياسي، خصوصا أن قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي التي ارتبطت مع الدعم السريع باتفاق إطاري قبل الحرب كانت فاعلة في "إعلان أديس أبابا".
وكان نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار اعتبر -خلال حديث لتلفزيون السودان الرسمي- أن تحالف "تقدم" هو الجناح السياسي لقوات الدعم السريع.
وفي المقابل بدأ مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان الجزائري رمضان لعمامرة مهمته الجديدة في بورتسودان المقر المؤقت للحكومة السودانية أمس السبت بلقاء مع تكتلات سياسية مساندة للجيش.
وضمت الكتل قوى الحرية والتغيير-الكتلة الديمقراطية، وقوى التراضي الوطني، وتنسيقية القوى الوطنية، والجبهة الوطنية السودانية، والجبهة الثورية، وقوى الحراك الوطني.
وأكدت الكتل السياسية عقب لقائها مع لعمامرة تمسكها بالمقاومة الشعبية المسلحة ووقوفها مع الجيش ورفضها وساطة الهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد" وطالبت بتصنيف قوات الدعم السريع "جماعة إرهابية".
وحملت تلك الكتل في بيان مشترك رئيس البعثة الأممية في السودان السابق فولكر بيرتس وقوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي مسؤولية اندلاع الحرب ودعت إلى حوار سوداني-سوداني لحل الأزمة.
حاضنة سياسية
وفي رسالة مفتوحة إلى حمدوك يقول الأكاديمي والمفكر السياسي الواثق كمير إن "الإعلان السياسي بين "تقدم" و"حميدتي" يزيد حدة الاستقطابات السياسية والعسكرية، ويدفع القوى السياسية والمجتمعية المناهضة لـ"تقدم" إلى التحالف مع الجيش، مما يرسخ لوجودها كحزب سياسي".
واعتبر كمير "إعلان أديس أبابا" تدشينَ حاضنة سياسية جديدة تهزم فكرة المشاركة الواسعة من القوى الوطنية التي يدعو لها حمدوك عبر جمع الفرقاء، واتهم ضمنا قوى الحرية والتغيير باستغلال الإعلان لخدمة هدفها في البحث عن السلطة بالرجوع إلى محطة ما قبل حرب 15 أبريل/نيسان الماضي.
كما وجه الأمين العام لحزب الأمة القومي السابق عبد الرحمن الغالي انتقادات إلى توافق "حميدتي" وحمدوك، ودعا إلى إضافة كتل فاعلة في العملية السياسية وعدم استثناء حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقا، لأنه إذا كان متهما بإشعال الحرب، فإن جهود وقف الحرب تتطلب الحوار معه.
ويرى الغالي في قراءة عبر حائطه في "فيسبوك" أنه ليس هناك من سبيل لحل الأزمة إلا بحوار سوداني-سوداني لا يستثني أحدا، ولا يهيمن عليه أحد، وإذا تعذر ذلك لرفض الأحزاب لبعضها أو "فيتو" من بعضها، فإن الحل سيكون بيد الشعب.
امتداد الجسورمن جانبه يرى القيادي في حزب التحالف السوداني وعضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير ماهر أبو الجوخ، أنهم لم يصطفوا إلى أي طرف، وأن هذا التوصيف ينطبق على مجموعات سياسية تناصر الجيش قبل الحرب، وهي إما منخرطة في الحرب عسكريا أو بشكل سياسي، وباتت جزءا من الحرب بغض النظر عن حجمها ودورها ومستقبلها.
وفي حديث للجزيرة نت يقول أبو الجوخ إن تحالف "تقدم" ضد الحرب، ولا يساند طرفا، ويمد جسور التواصل مع الطرفين لوقف الحرب، ووجد استجابة من طرف واحد "الدعم السريع" وتمنع الطرف الآخر الذي لا يرغب في قوى سياسية وأي معادلة من أطرافها قوى الحرية والتغيير.
ويوضح أن الوضع الحالي لا يقود إلى دور سياسي للعسكريين أو شراكة مدنية عسكرية كما حدث في الوثيقة الدستورية في العام 2019، ويعتقد أن أحد أسباب الحرب غير المعلنة هو شرعنة وتكريس وحضور الجيش في السياسة، ولكن نتيجة الحرب ستؤدي إلى غير ذلك.
من جانبه يرى الباحث السياسي عبد الرحيم حسن أن حالة الانقسام بين الفرقاء في المرحلة الحالية تشبه ما كان قبل الحرب، حيث وقفت قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي مع الدعم السريع بعد توقيع اتفاق إطاري، وطالب الجيش تحديد فترة قصيرة لدمج قوات "حميدتي" في المؤسسة العسكرية، وساندته قوى سياسية أخرى أقصاها الاتفاق من العملية السياسية.
ويقول الباحث للجزيرة نت إن "تحالف "تقدم" سيعيد إنتاج الأزمة إذا اعتبر نفسه الممثل الحصري للقوى المدنية، وسعى لاحتكار العملية السياسية متكئا على بندقية الدعم السريع. ويرى أن ذلك سيؤدي إلى إقصاء قوى أخرى ستلجأ إلى الجيش في مواجهة خصومها.
ويعتقد حسن أن القوى السياسية لم تأخذ العبرة والدروس من الحرب، ولم تغير نهجها وخطابها السياسي، وتعلي أجندتها الحزبية على الوطنية، ولم تقدم تنازلات إلى بعضها من أجل التوصل إلى قواسم مشتركة تقود البلاد إلى مرحلة جديدة، بينما يواجه الوطن تحديات تهدد وحدته ونسيجه الاجتماعي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قوى الحریة والتغییر المجلس المرکزی الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
إدارة بايدن تدرس إعلان ما يجري في السودان إبادة جماعية وفرض عقوبات على حميدتي وميليشيا الدعم السريع
قالت صحيفة بوليتيكو الاميركية، ان إدارة بايدن تقوم بجهود في اللحظة الأخيرة لمعالجة الحرب الأهلية المدمرة في السودان، والتي أصبحت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية المستمرة في العالم.
ويدرس المسؤولون في الإدارة خطط لإعلان الفظائع في السودان إبادة جماعية وفرض سلسلة من العقوبات الجديدة على ميليشيا سودانية تسعى للسيطرة في الحرب، وفقًا لأربعة مسؤولين حاليين وسابقين مطلعين على الأمر تحدثوا لصحيفة بوليتيكو الاميركية.
تشمل هذه العقوبات استهداف قائد ما يسمى بميليشيا قوات الدعم السريع، محمد حمدان “حميدتي” دقلو، ومؤسسات أخرى تابعة لهذه القوات.
وقد اتهمت الولايات المتحدة كلًا من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بارتكاب جرائم حرب، ووجهت اتهامات لقوات الدعم السريع بتنفيذ تطهير عرقي.
ويدفع مسؤولون وخبراء آخرون من خارج الإدارة فريق بايدن لتعيين مسؤول رفيع من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية للإشراف على استمرار تدفق المساعدات الأميركية والدولية إلى البلاد التي دمرتها الحرب، في ظل استعداد واشنطن لتغيير السلطة بين إدارتَي جو بايدن ودونالد ترامب، وقد مُنح هؤلاء المسؤولون السرية لمناقشة المداولات الداخلية بحرية.
وتأتي هذه الجهود مع توجه وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى نيويورك يوم الخميس لعقد اجتماع رفيع المستوى للأمم المتحدة حول السودان ودفعت الولايات المتحدة قبيل الاجتماع، إلى إنشاء ممرات إنسانية جديدة إلى المناطق الأكثر تضررًا في السودان، بما في ذلك الخرطوم، عاصمة البلاد.
وتشكل هذه الإجراءات مجتمعة محاولة أخيرة من فريق بايدن لدفع تقدم في إنهاء الحرب الأهلية السودانية بعد جولات عدة من محادثات السلام الفاشلة وضغوط متزايدة من المشرعين الأميركيين والجماعات الإنسانية لفعل المزيد خلال الشهر الأخير للإدارة في السلطة.
ورغم أن الصراع في السودان يحصل على جزء بسيط من الاهتمام العام أو تمويل الإغاثة الإنسانية مقارنة بالحروب في الشرق الأوسط أو أوكرانيا، إلا أنه دفع الملايين إلى حافة المجاعة، كما أصبح برميل بارود جيوسياسي، حيث تتنافس قوى أجنبية، بما في ذلك السعودية وإيران ومصر والإمارات وروسيا، على النفوذ بين الأطراف المتحاربة، مما يطيل أمد الحرب ويزيد من حدتها.
وواجهت إدارة بايدن انتقادات حادة من مشرعين مثل السيناتور جيم ريش (جمهوري من ولاية أيداهو)، الرئيس القادم للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، لعدم اتخاذها خطوات كافية لمحاسبة الجهات المحركة للحرب الأهلية السودانية.
كما انتقدت منظمات حقوق الإنسان إدارة بايدن لعدم محاسبتها علنًا للإمارات العربية المتحدة على دورها في النزاع، وقد اتُهمت الإمارات، وهي شريك رئيسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، على نطاق واسع بتمويل وتسليح قوات الدعم السريع التي تنفذ حملة من القتل الجماعي والاغتصاب في أنحاء السودان.
وقال السيناتور بن كاردين (ديمقراطي من ولاية ماريلاند)، الرئيس المنتهية ولايته للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، لصحيفة بوليتيكو “الولايات المتحدة بحاجة إلى فعل المزيد، وعلى الإمارات أن تتوقف عن تأجيج الصراع هناك”.
وقال كاميرون هادسون، الخبير في العلاقات الأميركية-الأفريقية بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن أي خطوات أخيرة تتخذها إدارة بايدن بشأن السودان قد “تعفي ترامب من اتخاذ تلك القرارات” وتمنح المشرعين الذين يركزون على النزاع فرصة “لاستخدام هذا كوقود لمواصلة الضغط على ترامب لمواصلة قيادة الولايات المتحدة بشأن السودان”.
وأضاف: “أي زخم يمكن أن يأتي من هذا يعد أمرًا جيدًا إذا تمكن من الانتقال إلى الإدارة القادمة”.
ويُنظر إلى إعلان الإبادة الجماعية أو الفظائع المتجددة كأداة سياسية مهمة لجذب انتباه المجتمع الدولي إلى الأزمة.
وذكر مسؤولان أن وزارة الخارجية ما زالت تناقش إعلان الإبادة الجماعية، والذي يتطلب مراجعات قانونية وتقنية داخلية مكثفة، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان بلينكن سيؤيد مثل هذا الإجراء.
وقد حذر خبراء الأمم المتحدة بالفعل من أن الصراع في السودان يشبه بشكل متزايد الإبادة الجماعية.
ورفضت وزارة الخارجية التعليق بشكل محدد على الأمر، قائلة إنها لا تناقش علنًا العقوبات أو القرارات الجديدة مسبقًا، وأضافت أنها تدفع من أجل وقف فوري للقتال وفتح ممرات إنسانية في السودان للوصول إلى أكثر المدنيين ضعفًا. كما رفض مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض التعليق.
صحيفة السوداني
إنضم لقناة النيلين على واتساب