شرعت شركات إعادة التأمين العالمية في إدراج أحكام جديدة لإلغاء استحقاق مبالغ التأمين ضمن سياسات الحماية من صراع واسع النطاق في الشرق الأوسط، وهي خطوة تهدد بزيادة التكاليف والمخاطر بالنسبة للشركات العاملة في إسرائيل والمنطقة، حسبما ذكرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية اليوم.

مخاوف متزايدة

وبحسب الصحيفة، يعكس الانسحاب من شركات إعادة التأمين -التي تتقاسم المخاطر مع شركات التأمين الأولية وتلعب دورًا رئيسيًّا في الاقتصاد العالمي- المخاوف المتزايدة في القطاع المالي بشأن منحى حرب إسرائيل على قطاع غزة التي بدأتها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وتم إدراج شروط الإلغاء في بعض العقود المبرمة مع شركات التأمين كجزء من إعادة التفاوض على السياسات بنهاية السنة الماضية ومطلع السنة الجارية، حسبما نقلت الصحيفة عن 4 مصادر، لم تسمهم، في حين قال اثنان منهم إن مثل هذه البنود جديدة تمامًا ولم يتم إدراجها من قبل.

وإذا تم تفعيل هذه البنود، فإنه يعني أن شركة التأمين لن تكون لديها تغطية إعادة تأمين لأي أشياء أو أصول مؤمّن عليها حديثًا، مثل المباني التجارية المتضررة من هجوم صاروخي، ومن المرجح أن يتم تمرير المخاطر المتزايدة إلى العميل في شكل أقساط أعلى أو تغطية مخفضة، وفق الصحيفة.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول تنفيذي في إحدى شركات إعادة التأمين الكبرى، قوله إن خطر خروج الأمور عن السيطرة مرتفع للغاية، إذ تواجه الصناعة مشكلة في هذه المنطقة بالمستقبل المنظور.

أسعار أعلى

وبحسب الصحيفة، فإن لدى قطاع التأمين العالمي انكشافا على إسرائيل بنحو 10 مليارات دولار، من خلال سياسات العنف السياسي، وفق تقديرات الصناعة.

واستغرب أحد وسطاء إعادة التأمين في حديثه مع الصحيفة أن تقبل شركات تأمين شروط الإلغاء، التي رجّحوا أن تزيد من عدم اليقين وأن تثير مزيدا من المخاوف بشأن التصعيد.

ونقلت الصحيفة عن المصادر قولها إن شركات إعادة التأمين طالبت أيضًا بأسعار أعلى بكثير، ودفعت شركات التأمين الأولية إلى وضع حد أقصى لمبلغ التغطية التي تقدمها للعملاء في إسرائيل والدول المجاورة، مثل لبنان والأردن، مضيفين أن بعض شركات إعادة التأمين طالبت باستبعاد هذه الدول من إبرام العقود، لكن نجاحها كان محدودًا.

وكانت شركات إعادة التأمين تتطلع إلى "زيادة الأسعار وتقليل التغطية بطريقة مجدية" لإسرائيل والمنطقة على نطاق أوسع، وفق ما نقلت الصحيفة عن تقرير لشركة "إيه أون"، إحدى أكبر شركات وساطة التأمين في العالم، ما انعكس على السوق من خلال ارتفاع الأسعار بشكل كبير للمجموعات الدولية والمحلية التي تسعى إلى حماية البنية التحتية والممتلكات.

استبعاد أصول إسرائيل

واختارت بعض الشركات تجديد وثائق التأمين مع استبعاد تغطية الأصول الإسرائيلية، واعتمدت بدلاً من ذلك على صندوق تعويضات الدولة، حسبما نقلت الصحيفة عن مصدرين في السوق.

ويبلغ رأسمال شركات إعادة التأمين العالمية نحو 600 مليار دولار، وقد بدأت بالفعل في رفع الأسعار بعد سنوات من الخسائر الناجمة عن التضخم، وسلسلة من الكوارث الطبيعية والحرب في أوكرانيا، ما ساعد في رفع أسعار التغطية للشركات في كل مكان.

وتأتي التحركات الأخيرة في أعقاب إجراءات مماثلة بعد الحرب في أوكرانيا، حيث استجابت شركات إعادة التأمين بشكل أكثر شدة من خلال وقف إبرام عقود في بلدان بكاملها، ونقلت الصحيفة البريطانية عن مصدر مطلع قوله إن ثمة "إحباطا" بين شركات التأمين بشأن أحكام الإلغاء الأخيرة.

هجمات البحر الأحمر

وشهد سوق التأمين البحري ارتفاعًا حادًا في تكلفة السفر عبر البحر الأحمر وقناة السويس نتيجة لموجة الهجمات التي شنتها جماعة الحوثي، وفق الصحيفة، وكان على مالكي السفن إخطار المؤمّن قبل التحرك عبر جزء معين من البحر الأحمر، ودفع قسط إضافي.

ونقلت عن مشاركين في السوق قولهم إن هذه الرسوم الإضافية قفزت بمقدار 10 إلى 15 مرة في الأشهر الأخيرة، ما أسهم في قرارات بعض العملاء لإعادة توجيه سفنهم حول أفريقيا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: شرکات التأمین الصحیفة عن التأمین ا

إقرأ أيضاً:

الحرب والتعديل والوزاري الكيزان غيّروا القشرة.. واللب باقي زي ما هو!

من شعار الشريعة إلى شيفرة السوق
لم تعد التيارات الإسلامية السياسية في السودان بحاجة إلى رفع الشعارات الأيديولوجية القديمة (مثل "الحاكمية لله" أو "دستور إسلامي")؛ فقد استبدلتها بـ"برمجيات تحديثية" تعزف على وتر التقنية، الكفاءة، والدبلوماسية.
لكن خلف هذه الواجهة، يجري إعادة بناء سلطوي هادئ ومدروس يستغل لحظة الإنهاك الشعبي والفوضى السياسية.
أولًا: "التكنوقراطية المغشوشة" كقناع جديد للهيمنة
مع صدور قرار رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان بتعيين السفير دفع الله الحاج أحمد وزيرًا لشؤون مجلس الوزراء ومكلّفًا بمهام رئيس الوزراء، تنكشف معالم استراتيجية الإسلاميين الجدد
اختيار وجوه بيروقراطية ناعمة تنتمي للنظام السابق، لكن بخطاب تقني محايد، بلا عمامة ولا شعارات.
هذه الشخصيات، وإن بدت إدارية مستقلة، فهي في الواقع جزء من بنية النظام العميق، تُجيد لغة العصر-
"نحن لا نُعارض الثورة، بل نُحسّن أداءها".
وهكذا، يتحوّل "الحياد الإداري" إلى واجهة سياسية ناعمة للعودة السلطوية.
ثانيًا: "الدبلوماسية الروبوتية" وإعادة تعريف الذاكرة
حين يصبح السفير السابق للإنقاذ رئيسًا للوزراء، تكون الرسالة واضحة:
جرائم الماضي تُعاد تسويقها كـ"خبرات دولية"،
وخطاب "نحن ضد الإرهاب" يُستبدل بـ:

"نحن نتحدث الفرنسية، وارتدينا بدلات دبلوماسية في الفاتيكان , ولكن لا فرق بين أخ مسلم يلبس الجلباب واخر غير ملتحي برباطة عنق من باريس أو روما أو اشهر بويتات الازياء
إنها محاولة واعية لـإعادة تدوير الذاكرة الوطنية بلغة اليونسكو لا بلغة النيابة العامة.

ثالثًا: "الاستعمار الداخلي" إعادة احتلال الدولة من داخلها
الإسلاميون لا يسعون إلى انقلاب ظاهر، بل إلى تغلغل بطيء ومؤسسي-

المجال آلية الهيمنة
الخدمة المدنية شبكة موظفين "غير حزبيين" يُعطلون أي تغيير حقيقي.
النقابات واجهات تمويل وضغط ناعم باسم المهنية.
القطاع المصرفي أدوات لتبييض الأموال وإعادة ضخها سياسيًا.
هذه الشبكات تشكّل "البيئة الحاضنة" للعودة الإسلامية، دون الحاجة إلى صدام مباشر.

رابعًا "الإسلام الميتافيرسي": الواقع البديل كأداة هيمنة
استفاد الإسلاميون من أدوات العصر لصناعة واقع رمزي موازٍ، من خلال:

خطاب ديني مرن على وسائل التواصل: يُركز على الوسطية والمواطنة لا على الشريعة.

أنشطة خيرية موسمية تستدعي "نوستالجيا الإنقاذ".

إنتاج درامي وإعلامي يعيد تقديم رموز قديمة بوجوه شابة، كمنقذين لا كقادة ماضٍ.

النتيجة: مسح تدريجي للذاكرة الثورية، واستبدالها بأحلام استقرار مزيّفة.

خامسًا "الديمقراطية العكسية": إنتاج معارضة موالية
تكتيك محكم: صناعة معارضة داخلية مأمونة، تنشغل بقضايا ثانوية:

إيهام الجمهور بوجود مساحة للنقد.

توجيه الاحتجاج الشعبي نحو ملفات رمادية (مثل المناهج، الغلاء)، بدلًا من مساءلة السلطة الحقيقية.

وبهذا، تتحول المعارضة إلى صمام أمان للنظام بدلًا من تهديده.

سادسًا "الاستثمار في الفوضى": صناعة الأزمة لبيع الحل
الإسلاميون اليوم لا يحكمون من خلال الإنجاز، بل من خلال هندسة الفشل:

يضخّمون التهديدات (الانفصال، التمدد المسلح، التدخلات الأجنبية).

يُديرون الأزمات الاقتصادية بطريقة مدروسة لتبرير تدخلهم لاحقًا كمُنقذين.

يُفاوضون على قروض بغطاء إنساني، لكنها تُضخ في شبكات نفوذهم.

النتيجة شرعنة حضورهم بوصفهم "الخيار الأقل سوءًا".

لماذا ينجح الإسلاميون رغم فشلهم؟
الإسلاميون في نسختهم 2.0 لا يطرحون أيديولوجيا، بل يبيعون وهم الاستقرار، مستفيدين من:

الشعب المنهك: الذي يبحث عن أي "حل واقعي"، لا عن "حلم ثوري مؤجل".

الجيش: الذي يحتاج شريكًا يحمل عنه الفشل أمام الرأي العام.

المجتمع الدولي -في ظني كل العالم الان يفضل المجرّب المألوف على المجهول المحتمل.

*سؤال تحريمي في زمن التجميل السياسي:
متى يدرك السودانيون أن "التحديث الإسلامي" ليس إلا إعادة تسويق لمنتج قديم، مع تغليف جديد وإعلانات ناعمة؟
الجواب لا يُنتظر من الشارع، بل من وعيٍ قادر على التمييز بين ما من يغيّرون الأقنعة… ومن يغيّرون النظام والفرق كبير

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • الحرب والتعديل والوزاري الكيزان غيّروا القشرة.. واللب باقي زي ما هو!
  • من أين نبدأ؟ الحرب والخسائر وإعادة الإعمار في السودان
  • إسرائيل التي تحترف إشعال الحرائق عاجزة عن إطفاء حرائقها
  • كيف علق سوريون على أحداث أشرفية صحنايا؟
  • فيديو لزعيم دروز إسرائيل يتحدث عن تغيير قريب في سوريا
  • هيئة الإشراف على التأمين تعلن أبرز إجراءات إعادة هيكلة قطاع ‏التأمين ‏الصحي في سوريا ‏
  • 50 عاما على نهاية حرب فيتنام التي غيّرت أميركا والعالم
  • وزارة المالية: إعادة تفعيل التأمين الصحي وفك تجميد حسابات المؤسسة ‏العامة السورية للتأمين
  • هذه أبرز وظائف المستقبل التي تنبأ بها الذكاء الاصطناعي
  • لتفادي تداعيات الحرب التجارية.. شركات صينية تنقل نشاطها إلى أمريكا