تحوّلات الرأي العام العربي بعد 7 أكتوبر
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
تحوّلات الرأي العام العربي بعد 7 أكتوبر
عودة الزخم الشعبي والوجداني والرمزي والسياسي لقضية الفلسطينية، والتأكيد من الجميع (نحو 92% من العينة).
ذهبت خطاباتٌ عربية عديدة إلى استبدال البعد السياسي الحقوقي للفلسطينيين بمصطلحات من قبيل "تحسين حياة الفلسطينيين".
أكّد ثلثا الشارع العربي التضامن مع شعب فلسطين وحماس وهي نسبة كبيرة جداً لقوى إسلامية سياسية مقارنة برصيد الأنظمة العربية لدى الرأي العام العربي!
انهيار كبير لصورة أميركا بالشارع العربي، وتحميليها مسؤولية دعم مجازر إسرائيل في غزّة، مما يقفز بها في منظور الشارع إلى العدو رقم 1، قبل إسرائيل التي تصبح العدو رقم 2.
انتهت نظرية الإدارة الأميركية وحكومات عربية حول عدم مركزية قضية فلسطين وإمكانية التطبيع وإقامة علاقات إقليمية بين إسرائيل والدول العربية دون قيام دولة فلسطينية.
تتمتع حركة حماس بأغلبية مريحة وكبيرة في الشارع العربي، إذ تعتبر الأغلبية المطلقة الكبيرة أنّ عملية طوفان الأقصى مشروعة بنسبة 67%، بينما رآها آخرون مشروعة وشابتها أخطاء 19%.
* * *
يزخر الاستطلاع الذي أشهره أخيراً المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالمؤشرات والدلالات السياسية المهمة. ووصلت عينة الاستطلاع إلى ثمانية آلاف مستجيب، وشمل 16 دولة عربية؛ دول الخليج (باستثناء الإمارات والبحرين)، واليمن، والمشرق العربي (الأردن، العراق، لبنان، الضفة الغربية)، باستثناء سورية، ودول شمال أفريقيا (مصر، السودان، ليبيا، الجزائر، تونس، المغرب، موريتانيا).
أبرز النتائج والدلالات التي يمكن الخروج بها من الاستطلاع، وترتبط بتحوّلات مهمّة ونوعية في اتجاهات الشارع العربي:
المسألة الأولى، عودة الزخم الشعبي والوجداني والرمزي والسياسي لقضية الفلسطينية، والتأكيد من الجميع (بما يصل إلى 92% من العينة)، وهو التحوّل المهم في موقف الشارع في دول مثل السعودية والمغرب ومصر، إذ تظهر الأرقام تغيّرات مهمة عن السنوات السابقة، ولم يُخف 97% من المستجيبين أنّهم يشعرون بضغط نفسي نتيجة الحرب على غزّة.
تتمثل أهمية هذه الدلالة في انتهاء النظرية التي روّجتها الإدارة الأميركية وحكومات عديدة من عدم مركزية القضية الفلسطينية، وإمكانية التطبيع وإقامة العلاقات الإقليمية بين إسرائيل والدول العربية، من دون اشتراط قيام دولة فلسطينية.
بل ذهبت خطاباتٌ عربية عديدة إلى استبدال البعد السياسي الحقوقي للفلسطينيين بمصطلحات من قبيل "تحسين حياة الفلسطينيين"، والاهتمام تماشياً مع مقاربة إدارة الرئيس جوزيف بايدين قبل الحرب بالتركيز على الجوانب الاقتصادية واليومية (المَيكرو) على حساب الملفّات الرئيسية، وقد سقطت هذه المقاربة، حتى أميركياً.
ويتأكّد انهيارها مع الاستطلاع الحالي الذي يعيد التأكيد على المركزية الكبيرة والجوهرية للقضية الفلسطينية في مواقف الرأي العام العربي واتجاهاته.
تتمثل المسألة الثانية بالانهيار الكبير في صورة أمريكا لدى الشارع العربي، ومن الواضح أنّ هنالك تحميلاً لها مسؤولية دعم المجازر الإسرائيلية في غزّة، وهو ما يقفز بها في منظور الشارع إلى العدو رقم 1، حتى قبل إسرائيل التي تصبح العدو رقم 2.
وسينعكس هذا التحوّل الكبير بالضرورة على مستويات متعدّدة، في مقدّمتها الأمني، ويردّ الاعتبار لمقاربة القاعدة التي تحمّل الإدارة الأميركية مسؤولية الكوارث في العالم العربي، وينسجم مع مقاربة إيران التقليدية.
ولعلّ الخطأ الفادح الذي ارتكبته الإدارة الأميركية بتبنّي السردية الإسرائيلية لدعشنة حركة حماس (وهو ما رفضه بشكل قاطع وبنسبة كبيرة جداً الشارع العربي في الاستطلاع الحالي)، ما يجعلها في حالة صدام وعداء مع النسبة الكبيرة من الشارع العربي (محور الممانعة، الإسلام السياسي السنّي، الجهاديون)، ما ينسف كل الجهود الأميركية التي بذلت بعد "11 سبتمبر" (2001) تحت عنوان "كسب القلوب والعقول"، وتأسّست برامج الديبلوماسية العامة عليها!
المسألة الثالثة هي الموقف من إيران وتركيا، وهنالك تغيّرات ملحوظة، مقارنة باستطلاعات عديدة شهدناها، بخاصة منذ الربيع العربي 2011، إذ يبدو الموقف التركي في تراجع مستمرّ في منظور الشارع العربي، وانتقل من موقفٍ يحظى بإعجاب شديد من الجماهير العربية، ويتمتع خلاله الرئيس رجب طيب أردوغان بشعبية كبيرة، إلى موقف جدلي بامتياز، ويصفه أكثر من النصف بالسلبي.
في المقابل، يتحوّل الاتجاه الشعبي نحو الموقف الإيراني من اتجاه سلبي كبير (بعد الربيع العربي، إذ وصلت نسبة من يعتقدون أن إيران أحد مصادر التهديد للمنطقة، بعد الربيع العربي إلى أغلبية كبيرة، بوصفها العدو الثاني بعد إسرائيل) إلى أن تراه نصف العيّنة إيجابياً، بينما لم تعد الغالبية العظمى من الرأي العام العربي ترى إيران من مصادر التهديد الإقليمي.
الدلالة الأخيرة أنّ هنالك أغلبية مريحة وكبيرة تتمتع بها حركة حماس في الشارع العربي، إذ تعتبر الأغلبية المطلقة الكبيرة أنّ عملية طوفان الأقصى مشروعة بنسبة 67%، بينما رآها آخرون مشروعة وشابتها أخطاء 19%، كما أكّد ما يقارب ثلثي الشارع العربي أنّهم يتضامنون مع الشعب الفلسطيني و"حماس"، وهي نسبة كبيرة جداً لقوى إسلامية سياسية، مقارنة بالرصيد الذي تمتلكه الأنظمة العربية في ميزان الرأي العام العربي!
*د. محمد أبورمان باحث في الفكر الإسلامي والإصلاح السياسي، وزير أردني سابق.
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: فلسطين حماس تحولات إيران تركيا أميركا إسرائيل 7 أكتوبر الرأي العام العربي طوفان الأقصى الأنظمة العربية الرأی العام العربی الإدارة الأمیرکیة الشارع العربی العدو رقم
إقرأ أيضاً:
إسرائيل التي تحترف إشعال الحرائق عاجزة عن إطفاء حرائقها
يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي إسماعيل المسلماني أن استعانة إسرائيل بدول أوروبية لإطفاء الحريق الضخم الذي اندلع غربي القدس دليل على فشلها في التعامل مع هذه الأزمات.
وتقف إسرائيل عاجزة عن التعامل مع الحريق الثاني الآخذ في الاتساع، والذي تتحدث وسائل إعلام محلية عن أنه ربما يكون بفعل فاعل وليس بسبب الأحوال الجوية.
وعلى الرغم من محاولة 120 فريق إطفاء الحريق من البر والجو فإنهم لم يتمكنوا من السيطرة عليه، مما دفع تل أبيب إلى طلب الدعم من دول أوروبية.
وأكد المسلماني -في مقابلة مع الجزيرة- أن هذا الحريق يعكس فشل إسرائيل في التعامل مع هذا الحوادث الكبرى رغم ما تمتلكه من تكنولوجيا متطورة، وقال إن استعانتها بدول أوروبية دليل على عدم امتلاكها البنية التحتية اللازمة للتعامل مع هذه الأزمات.
مشاهد من الحرائق المندلعة في أحراش غرب القدس المحتلة. pic.twitter.com/VEXoG6M48i
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) April 30, 2025
وهذه هي المرة الأولى التي تضطر فيها إسرائيل إلى إخلاء هذا العدد من السكان في منطقة غربي القدس، فضلا عن إغلاق كافة الطوارئ بالمنطقة، وهو ما يؤكد عجزها عن التعامل مع الحريق، برأي المسلماني.
إعلانويضع هذا الفشل الحكومة في مواجهة انتقادات كثيرة بالنظر إلى زعمها المستمر امتلاك الخبرة اللازمة للتعامل مع هذه الأزمات، وهو ما أثبت الواقع كذبه، وفق المسلماني.
ولا يمكن للحكومة القول إنه الفشل الأول لها في التعامل مع هذه الحرائق، لأنها فشلت في التعامل مع حريق مماثل الأسبوع الماضي، كما فشلت في التعامل مع الحرائق التي كانت تندلع في مئات الدونمات خلال المعارك بينها وبين حزب الله اللبناني، كما يقول المسلماني.
وهذا هو الحريق الثاني الذي تتعرض له غربي القدس خلال هذا الأسبوع، وقد أعلنت الحكومة حالة الطوارئ وألغت كافة احتفالات يوم الاستقلال، والتي كانت مقررة مساء اليوم الأربعاء.
واندلع الحريق في منطقتي القدس وتل أبيب، وقال قائد فريق الإطفاء إنه الأكبر في تاريخ إسرائيل، وإنه ربما ينتشر إلى جبال القدس الغربية، ومن المحتمل أن تبدأ الحكومة إخلاء مدينة إلعاد من السكان.
ووفقا للقناة الـ12 الإسرائيلية، فقد تم إجلاء سكان 8 بلدات غربي القدس بسبب هذه الحرائق المدفوعة بالسرعة الكبيرة للرياح، وصدرت أوامر بإخلاء مزيد من البلدات.
وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن اعتقال 3 شبان فلسطينيين من القدس بسبب الاشتباه في تورطهم بإشعال الحريق كما قال مراسل الجزيرة في القدس إلياس كرام، في حين نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصدر أمني أن هناك شبهة عمل إرهابي في هذا الحريق.
امتداد الحرائق إلى مستوطنة "بيتاح تكفا" شرقي "تل أبيب" وسط فلسطين المحتلة. pic.twitter.com/jfhn90HFPG
— القسطل الإخباري (@AlQastalps) April 30, 2025
غموض بشأن الأسبابولا يزال الغموض مسيطرا على الأسباب الحقيقية لهذا الحريق، لكن دخول جهاز الشاباك على خط التحقيقات يشي بوجود شبهة جنائية فيه رغم غياب التأكيد الرسمي حتى الآن، كما يقول كرام.
ويدير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأزمة بنفسه، في حين يتساءل الإعلام الإسرائيلي عن كيفية عجز إسرائيل عن التعامل مع هذه الأحداث رغم ما تمتلكه من إمكانيات.
إعلانوتمتلك إسرائيل 24 طائرة لإطفاء الحرائق إضافة إلى 3 طائرات تابعة للشرطة، كما يقول كرام الذي أشار إلى أن تل أبيب تمتلك مئات الطائرات لإشعال الحرائق في قطاع غزة وسوريا ولبنان، لكنها لا تمتلك ما يكفي لإطفاء حرائقها.
وحتى هذه اللحظة تمنع الرياح القوية الطائرات من التدخل لإطفاء النيران، ومن المقرر أن تصل غدا الخميس 3 طائرات من كرواتيا وإيطاليا للتعامل مع الحريق.
وقالت قناة "كان" الرسمية إنه تم إخلاء أكثر من مستوطنات وإجلاء 10 آلاف شخص من منازلهم بسبب هذه الحرائق، في حين طالب قائد فرق الإطفاء في القدس بعدم الاقتراب من شارعي 1 و3 ومنطقة القدس، مؤكدا أن السيطرة على الحريق لا تزال بعيدة.