ما الذي تحقق عسكريا بعد 100 يوم من حرب غزة؟.. الدويري يجيب
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد 100 يوم من الحرب على قطاع غزة لم يحقق أيا من أهدافه العسكرية، كما لم يبلغ الحد الأدنى منها، مشيرا إلى أن الجانبين لا يزالان لديهما القدرة على استمرار القتال.
وفي تحليل للجزيرة، أوضح الدويري أن نتائج المعارك تقاس بمدى تحقيق أهدافها العسكرية المعلنة، وما أعلنه جيش الاحتلال أنه يهدف من حربه على القطاع، القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وتدمير قدراتها القتالية واستعادة الرهائن، وهو ما لم يحققه بعد.
وأضاف في هذا السياق، حركة حماس لا تزال مستمرة تنظيما، وقدراتها العسكرية لا تزال قائمة، وبعد 100 يوم من العدوان والدمار لم يستطع جيش الاحتلال إنقاذ أيا من محتجزيه إلا من خلال التفاوض، بينما قتل بعضهم سواء بالقصف أو الاستهداف المباشر.
وأشار إلى أن إسرائيل التي بدأت التوغل البري في السابع والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أي بعد 20 يوما من بدء الحرب، حشدت في البداية 3 فرق للتعامل مع القطاع الشمالي، وبدأت بجهدين رئيسين، وآخرين ثانويين.
وأضاف بأن البداية كانت بهجوم تجاه شارع الرشيد وعززته بهجومين مساندين، أولهما: تجاه بيت لاهيا، والثاني: تجاه بيت حانون، بينما كان الجهد الرئيس الثاني بالدخول من وادي غزة الذي يفصل بين الشمال والجنوب.
المرحلة الأولىوفي تلك المرحلة الأولى التي سبقت الهدنة الإنسانية، استطاع جيش الاحتلال -حسب الدويري- أن يدخل من شارع غزة ويصل إلى شارع الرشيد وانعطف تجاه مناطق الشيخ عجلين وتل الهوى والرمال، وانتهى به الأمر بالوصول إلى منطقة مجمع المستشفيات، وبلوغ مستشفى الشفاء
وأوضح أن أبرز ما طبع معركة الشمال قبل الهدنة أن خسائر الاحتلال فيها كانت كبيرة، وأنها جرت في مناطق سكنية، بينما كانت معارك الجنوب بعد الهدنة أكثر كثافة وزخما وأوسع نطاقا، حيث دفع الاحتلال بقوات جديدة، لكنه اصطدم كذلك بواقع قتالي جديد.
وحول أبرز الأسلحة التي استخدمتها قوات الاحتلال والمقاومة في الحرب، أشار الدويري إلى دبابة ميركافا بجيليها الثالث والرابع، وما يمتلكانه من إمكانات وقدرات فائقة، لكن جيش الاحتلال فوجئ بقدرة قوى المقاومة على استهدافها وتدمير العشرات منها.
كذلك فوجئ الاحتلال بقدرة المقاومة على تدمير ناقلات الجند النمر المدرعة والمعروفة بتحصينها، واعتمادها نظام معطف الريح، وكان آخر تلك العمليات ما تم أمس السبت في منطقة خان يونس، حيث أظهر أحد مقاطع كتائب القسام -الجناح المسلح لحركة حماس-، تدمير إحدى تلك الناقلات.
بينما أشار الدويري إلى أن من أبرز الأسلحة التي استخدمتها كتائب القسام قذائف الياسين 105 و"تاندوم"، المأخوذان بالهندسة العكسية من السلاح الروسي المعروف "آر بي جي"، والمتميزتان بالحشوة الترادفية، الأولى منها تخترق الصفائح، والثانية تصيب الهدف.
وحول مدى إمكانية الجانبين الاستمرار في القتال، يرى الخبير العسكري أن جيش الاحتلال لديه القدرة على الاستمرار بسبب استمرار الدعم الغربي، بينما يؤكد أداء المقاومة الميداني أنه لا تزال تملك القدرة على الاستمرار وإدارة المعركة بنجاعة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: جیش الاحتلال
إقرأ أيضاً:
لماذا يُصر الاحتلال على نزع سلاح المقاومة؟.. هل هو تمهيد لمشاريعه التوسعية؟
يطرح الاحتلال الإسرائيلي نزع سلاح الفصائل الفلسطينية في غزة باعتباره شرطا لاستئناف المفاوضات الرامية إلى إنهاء العدوان الوحشي المتواصل على القطاع، ما يثير تساؤلات جدية حول جدوى هذا الطرح، خاصة في ظل التاريخ الطويل من الاعتداءات الإسرائيلية وعدم التزامها بالاتفاقات المبرمة داخل فلسطين وخارجها.
وتطرح وقائع السنوات الماضية، إضافة إلى تصريحات مسؤولين إسرائيليين، صورة أوسع لمشروع لا يقتصر على "أمن" الاحتلال، بل يمتد إلى سوريا ولبنان ودول أخرى بينها السعودية، ويغذي الطروح التي تؤكد أن نزع السلاح الفلسطيني لن يكون نهاية الصراع، بل ربما مدخلا لمرحلة جديدة من الهيمنة الإسرائيلية في المنطقة.
ما المهم في الأمر؟
الحديث عن نزع سلاح المقاومة الفلسطينية ليس جديدا في الخطاب الإسرائيلي، لكنه عاد مؤخرا إلى الواجهة عقب خرق الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
وفي حين ترفض المقاومة بشكل مطلق مناقشة نزع السلاح، يسعى الاحتلال الإسرائيلي الذي يشن عدوانا وحشيا على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر عام 2023، إلى ربط نزع السلاح بالمفاوضات الرامية لوقف الحرب.
وكان الوسطاء نقلوا مقترحا يتضمن نصا صريحا لأول مرة يتحدث عن نزع سلاح المقاومة، كشرط لإنهاء حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة.
غير أن هذا المطلب لا يأتي ضمن رؤية متكاملة لتسوية سياسية عادلة، وإنما يندرج ضمن نهج عسكري تقليدي يسعى لتصفية أدوات المقاومة دون معالجة جذور الصراع، وعلى رأسها الاحتلال والاستيطان والحصار وانتهاك حقوق الشعب الفلسطيني.
ما وراء غزة؟.. خريطة أطماع تتسع
منذ سنوات، لم تكن الاعتداءات الإسرائيلية محصورة في الأراضي الفلسطينية. ففي سوريا، نفذت إسرائيل مئات الغارات الجوية على مدى أكثر من عقد، طالت مطارات عسكرية ومدنية ومراكز بحوث ومواقع في العمق السوري.
ورغم أن تذرع الاحتلال بالنفوذ الإيراني في هجماته على سوريا قبل سقوط نظام الأسد، لكن مراقبين رأوا أن هذه الهجمات تمثل سياسة إسرائيلية ممنهجة لضرب أي بنية عسكرية عربية قد تشكل لاحقا تهديدا لمصالحها، وهو ما انعكس في مئات الغارات العنيفة على سوريا بعد سقوط النظام.
وفي لبنان، تستمر دولة الاحتلال الإسرائيلي في خروقاتها لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في نهاية تشرين الثاني /نوفمبر الماضي، حيث نفذ ما يزيد على ألف خرق، ما أسفر عن سقوط مئات الشهداء والمصابين في صفوف المدنيين.
وكان من المفترض أن تستكمل قوات الاحتلال انسحابها الكامل من جنوب لبنان بحلول فجر 26 كانون الثاني/ يناير الماضي، وفقا لاتفاق وقف إطلاق النار، لكنها طلبت تمديد المهلة حتى 18 شباط/ فبراير الماضي.
ورغم مضي فترة تمديد المهلة، فإن حكومة الاحتلال واصلت المماطلة بالإبقاء على وجودها في 5 تلال داخل الأراضي اللبنانية على طول الخط الأزرق، دون أن تعلن حتى الساعة عن موعد رسمي للانسحاب منها.
ولا تقتصر التهديدات الإسرائيلية على الدول المجاورة، فقد برزت الأطماع الإسرائيلية في ما هو أبعد من ذلك في تصريحات أطلقها مسؤولون إسرائيليون بينهم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
في شباط /فبراير الماضي، قال نتنياهو الذي لا يفتأ يعيد التأكيد على رفضه لحل الدولتين، "لا مانع لدي بإقامة الدولة الفلسطينية في السعودية، لديهم مناطق شاسعة"، وهو ما أثار استنكارا سعوديا شديدا.
وجاءت تصريحات نتنياهو عقب مباحثات ثنائية جرت في البيت الأبيض مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أثار موجة من الانتقادات عقب ترويجه لمشروع تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر والأردن، وهو طرح جاء في أعقاب تصريحات تحدث فيها ترامب أن "مساحة إسرائيل تبدو صغيرة على الخريطة، ولطالما فكرت كيف يمكن توسيعها".
من التصريحات إلى "العقيدة السياسية"
تعكس هذه التصريحات وجود تيار سياسي داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي لا يرى حلا في إطار الدولتين، بل يسعى لإعادة رسم خرائط النفوذ على أسس أمنية ودينية وتاريخية تحت شعار "تغيير وجه الشرق الأوسط"، وهي عبارة رددها نتنياهو في أكثر من مناسبة بعد السابع من أكتوبر.
وكان وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش، شدد في تصريحات سابقة على أن حدود دولة الاحتلال الإسرائيلي يجب أن تمتد حتى العاصمة السورية دمشق.
كما دعا المتطرف سموتريتش إلى حل السلطة الفلسطينية وضم جميع الأراضي في الضفة الغربية المحتلة، مؤكدا أن "أرض إسرائيل الكبرى يجب أن تمتد الآن من البحر إلى الأردن".
وتتجلى رؤية الاحتلال الإسرائيلي الهادفة إلى بسط الهيمنة في مساعيها الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية من خلال تعزيز الاستيطان ودعم عنف المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، بالإضافة إلى عدم انسحابها الكامل من جنوب لبنان وقضمها أراضي سورية جديدة خلال الأشهر الماضية، معلنة انهيار اتفاقية فض الاشتباك الموقعة مع دمشق في 1974.
هل ينهي نزع السلاح المأساة؟
في الضفة الغربية المحتلة، لم تتوقف دولة الاحتلال الإسرائيلي عن تنفيذ عمليات اقتحام واعتقال يومية، وتوسيع المستوطنات، ومصادرة الأراضي، وهو ما تصاعد بشكل كبير بعد السابع من أكتوبر.
وفي القدس المحتلة، تتواصل محاولات تهويد الأحياء القديمة، ومنع الفلسطينيين من الصلاة بحرية في المسجد الأقصى المبارك.
ويشدد الباحث في الشأن الإسرائيلي، صلاح العواودة، على أن "المشكلة تكمن في الاحتلال نفسه، وليس في سلاح المقاومة"، مشيرا إلى أن الضفة الغربية تمثل مثالا صارخا على ذلك.
وأوضح العواودة في حديثه لـ"عربي21"، أن "الضفة لا يوجد فيها سلاح بعدما قضوا على كل الفصائل والأجنحة العسكرية، وأنشأوا قوات أمن خالية تماما من الخلفية النضالية والمناضلين السابقين، ما حولها إلى أجهزة أمنية مهنية خاضعة للاحتلال ومنسجمة معه بشكل كامل".
وأضاف أن "النتيجة مع ذلك كانت استيطانا وتهجيرا وتضييقا على الفلسطينيين، بل وحصارا حتى على السلطة الفلسطينية نفسها"، لافتا إلى أن "موضوع السلاح لا يمكن الدخول فيه بأي حال من الأحوال".
وأشار إلى أن "نزع السلاح سيدخلنا في موضوع تعريفات الاحتلال”، متسائلا: "ماذا يقصد الاحتلال بنزع السلاح؟ إذا دخلنا في هذا الباب لا نخرج، كما حدث في اتفاقيات أوسلو والتخلي عن العنف".
وبحسب الباحث، فإن الاحتلال الإسرائيلي "يأخذ عنوانا مثل نزع السلاح، ويبدأ بوضع تفسيرات مختلفة حسب شهوات من يصل إلى السلطة"، موضحا أن "إدخال الأمر في هذا النفق هو تدمير للقضية الفلسطينية، والرفض هو الأمر الطبيعي".