الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:

لا تُخفي دولة الاحتلال الإسرائيليّ مساعيها الحثيثة للحدّ من النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، ولذا، بحسب المصادر في تل أبيب، فإنّها تزيد من رصدها لحجم الانخراط الإيرانيّ في القارّة الأفريقيّة، ورغم أنّ الهدف المعلن للإيرانيين هو تحسين وضعهم الاقتصادي، فإنّ الهدف الاستراتيجيّ للجمهوريّة الإسلاميّة هو تقوية محور الدول التي تُعارِض الولايات المتحدة والغرب، الأمر الذي يضع تحدّيًا جديدًا أمام كيان الاحتلال الذي يفتقر حتى الآن لسياسةٍ خارجيةٍ نشطة تواجه المدّ الإيرانيّ المتزايد.

وفي هذا السياق أكّد مئير بن شبات رئيس مجلس الأمن القوميّ الإسرائيليّ السابق، أكّد أنّه “بعد تجديد علاقاتها مع السعودية والإمارات، وتوطيد الشراكة الاستراتيجيّة التي أقامتها مع روسيا، ترصد المحافل السياسية والأمنية الإسرائيلية اتجاهًا إيرانيًا نحو وجهتها السياسية التالية، وهي القارّة الأفريقيّة، حيث بدأ رئيسها إبراهيم رئيسي رحلته الدبلوماسية، وهي أول زيارة لرئيس إيراني للقارة منذ أكثر من عقد، ويتوقع أنْ يلتقي بزعماء كينيا وأوغندا وزيمبابوي، لأنّ هدفه المعلن هو تحقيق تعميق التعاون الاقتصادي بين بلاده وأفريقيا، التي يراها (قارة الفرص)”.

وأضاف في مقال نشره بصحيفة (إسرائيل اليوم)، أنّه “بعيدًا عن الجوانب الاقتصادية، تعتبر الأوساط الإسرائيلية أنّ الزيارة تهدف لاستمرار الزخم السياسي لإيران في الآونة الأخيرة بتعزيز موقعها ونفوذها في القارة الأفريقية، وتوسيع معسكر الدول المعارضة للولايات المتحدة، خاصّةً بعد لقاء وزيريْ الخارجية الإيرانيّ والسودانيّ بعد انقطاع دام سبع سنوات، حيث ناقشا الطريق لتجديد علاقاتهما، مع أن السودان كانت في السابق شريكًا في جهود إيران لتزويد حماس بالسلاح في قطاع غزة، ونفذت إسرائيل عدة هجمات على أراضيها، ورغم انضمام السودان في 2020 لاتفاقيات التطبيع، فإن التوقيع تأخّر لأسبابٍ مختلفةٍ“، طبقًا لأقواله.

بن شبات، الذي شعل سابقًا في منصبٍ رفيعٍ جدًا في جهاز الأمن العام (الشاباك)، شدّدّ في تحليله على أنّ “المحافل الإسرائيلية رصدت خطوة أخرى مهمة من جانب إيران بشأن قارة أفريقيا، تمّ تسجيلها قبل أسبوعين، وهذه المرّة باتجاه مصر جارة السودان، فقد اتفقتا على تجديد خط الطيران المباشر بينهما المتوقف منذ أكثر من أربعين عامًا، وهذه الخطوة لا تعكس فقط حاجتهما الاقتصادية، بل رغبة بفتح صفحة جديدة في العلاقات التي اتسمت بالعداء والتوترات الكثيرة، صحيح أنّ إسرائيل لا تعرف أبدًا أين ستتطور جهات الاتصال، لكن مصر وافقت على منح تأشيرة دخول للسياح من عدة دول بينها إيران“، كما قال.

عُلاوةً على ما ذُكِر أعلاه، لفت بن شبات إلى أنّ “المتابعة الإسرائيلية الحثيثة للسلوك الإيراني في القارة الأفريقية وصل إلى حدّ تقوية علاقاتها الحميمة مع دول مهمة في القارة مثل جنوب أفريقيا والجزائر، وهذه الأخيرة واحدة من الدول القليلة في الوطن العربيّ التي تتعاون مع إيران، وقد تصدّرت عناوين الصحف مؤخرًا بسبب التدهور المتزايد لعلاقاتها مع المغرب بعد اتفاقات التطبيع، بالتزامن مع التحركات الإسرائيلية للاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية“.

وأوضح المسؤول الأمنيّ الإسرائيليّ السابِق أنّ “التقييم الإسرائيليّ لمدّ النفوذ الإيراني باتجاه القارة الأفريقية هو تحييد تأثير العقوبات المفروضة عليها، وفتح خيارات جديدة لتحسين وضعها الاقتصادي، وفي الوقت ذاته تهدف لخدمة غرض استراتيجي أوسع، وهو التأثير على تصميم النظام العالمي الجديد، وخلق نظام متعدد الأطراف من شأنه أنْ يوازن ويضعف ثقل الولايات المتحدة والغرب، الأمر الذي يفرض مزيدًا من التحديات الأمنية والاستراتيجية أمام إسرائيل، التي لديها انطباع بأنّ إدارة بايدن ليست منتبهةً لهذه التطورات الإيرانية، بل مشغولة بالشؤون الداخلية، والمنافسة مع الصين، والحرب في أوكرانيا وروسيا، ولا ينبغي أنْ نتوقع أنّ التحركات الإيرانيّة في أفريقيا ستدفعها للعمل“.

وفي ظلّ تزايد النفوذ الإيرانيّ في أفريقيا، أوصى بن شبات صُنّاع القرار في تل أبيب باتخاذ جملة خطوات استباقية أو ْموازية للجهود الإيرانية، أولها تعزيز القبضة الإسرائيليّة الحالية على الدول الأفريقية قدر المستطاع، خاصة في الدول التي تمّ تحديدها كهدفٍ لجهود إيران، وثانيها استكمال اتفاقات التطبيع مع السودان رغم أوضاعها الداخلية، وثالثها تحذير مصر صراحة، وعلى المستويات المناسبة، من تبعات التقارب مع إيران، ورابعها الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، مُختتمًا بالقول إنّ “كلّ ذلك سوف يساهم في تقوية العلاقات، ويضعف جهود إيران ضدّها، دون أنْ تضمن كلّ هذه الخطوات كبح جماح النفوذ الإيراني فيّ القارّة الأفريقيّة“، على حدّ تعبيره.

وذكرت رويترز أنّ إيران زادت علاقاتها الدبلوماسية مع الدول النامية بعد انسحاب الرئيس الأمريكيّ السابق ترامب من خطة العمل الشاملة المشتركة والمزيد من العقوبات. وفي حزيران (يونيو)، سافر رئيسي إلى ثلاث دول في أمريكا اللاتينية لتعزيز التعاون مع الحلفاء الذين فرضت عليهم الولايات المتحدة عقوبات أيضًا. وكان آخر رئيس إيراني زار القارة الأفريقية هو محمود أحمدي نجاد في عام 2013. وفي نظرة مختلفة للقضية بعد أنباء زيارة الرئيس الإيراني إلى كينيا، كتبت وكالة فرانس برس: “برزت إفريقيا كساحة دبلوماسية في الأشهر الأخيرة، وتحاول روسيا والغرب أيضًا كسب الدعم الأفريقي في الحرب بين موسكو وكييف”. وكان للحرب الأوكرانية تأثير مدمر على القارة الأفريقية ودفعت أسعار المواد الغذائية إلى الارتفاع، وأكدت وسائل الإعلام الفرنسية أنّ القوى الغربية، إلى جانب الصين والهند، سعت إلى تعميق علاقاتها التجارية مع القارة.

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: القارة الأفریقیة ة الأفریقی

إقرأ أيضاً:

إيران ترفض اتهامات الكيان الصهيوني بشكل قاطع

أكد ممثل إيران لدى الأمم المتحدة، في رسالة إلى مجلس الأمن، ردًا على اتهامات رئيس الكيان الصهيوني ضد إيران، أن هذه الاتهامات التي لا أساس لها تعد جزءًا من محاولة متعمدة لإخفاء الأنشطة التخريبية للكيان الإسرائيلي ضد دول المنطقة.

 

وصرح أمير سعيد إيرواني، سفير وممثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى الأمم المتحدة، في رسالته إلى مجلس الأمن، بأن هذه الادعاءات التي لا تستند إلى أي أدلة هي جزء من جهد متواصل ومتعمد لإخفاء الانتهاكات الصارخة للقوانين الدولية والأنشطة التخريبية التي ينفذها الكيان الإسرائيلي ضد دول المنطقة.

وجاءت هذه المراسلة ردًا على الاتهامات التحريضية التي لا أساس لها ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي أطلقها رئيس الكيان الإسرائيلي في 27 يناير 2025، خلال مراسم إحياء ذكرى الهولوكوست في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وأكدت إيران بشكل صريح وقاطع رفضها لهذه الادعاءات التي لا تهدف إلا إلى صرف انتباه المجتمع الدولي عن الجرائم الفظيعة التي يرتكبها هذا الكيان العنصري ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وشددت الرسالة على أن هذه الاتهامات تمثل جزءًا من محاولة متعمدة ومستمرة لإخفاء الانتهاكات الصارخة للقوانين الدولية والأنشطة التخريبية التي يقوم بها الكيان الإسرائيلي ضد دول المنطقة.

 

وأضافت أن إسرائيل، وليس إيران، هي التهديد الرئيسي والدائم للسلام والأمن الإقليمي والدولي. فبالإضافة إلى جرائم الإبادة الجماعية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يرتكبها هذا الكيان ضد الفلسطينيين، فإنه يواصل اعتداءاته المتكررة على سيادة وسلامة أراضي لبنان وسوريا، في انتهاك واضح لميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

وأكدت إيران أن هذه الممارسات غير القانونية تمثل انتهاكًا جسيمًا للقوانين الدولية، وتؤدي إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار الإقليمي التي تشهد وضعًا هشًا بالفعل.

وحثت الجمهورية الإسلامية الإيرانية المجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن، على محاسبة هذا النظام العنصري على جرائمه، واتخاذ إجراءات حازمة لضمان احترام القانون الدولي والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • جمهورية ساو تومي وبرينسيب تؤكد على “موقفها الثابت” لدعم سيادة المغرب على كافة ترابه بما في ذلك الصحراء المغربية
  • بريطانيا تمهد الطريق نحو دعم مغربية الصحراء
  • وقفات احتجاجية في جنيف تطالب بتعويض الشعوب الأفريقية عن سنوات الاستعمار الغربي
  • أستاذ بكلية الدراسات الأفريقية: دول القارة السمراء تسعى للتعاون مع مصر لخبرتها في جميع المجالات
  • رئيس مجلس الشورى الإيراني: القضية الفلسطينية أصبحت قضية عالمية بفضل دماء الشهداء وإخلاص الأمة
  • فرنسا.. نزع وسم “صنع بالمغرب” من منتجات الخضر والفواكه التي مصدرها الصحراء الغربية
  • الرئيس السيسي يؤكد أهمية دور المؤسسات القضائية في حفظ الاستقرار بإفريقيا
  • مرشد الثورة في إيران: غزة أركعت الكيان الصهيوني المدجج بالسلاح والمدعوم أمريكا
  • إيران ترفض اتهامات الكيان الصهيوني بشكل قاطع
  • قرعة كأس الأمم الأفريقية: السودان في المجموعة الخامسة بجانب الجزائر، بوركينا فاسو، غينيا الاستوائية