أدم - يشهد القطاع السياحي في سلطنة عمان نموا سنويا بنسبة تبلغ 7.4٪ على المدى المتوسط في الفترة من 2023-2027 وذلك حسب التقارير الدولية الصادرة عن "بي إم أي" التابعة لوكالة فيتش للأبحاث الاقتصادية، التي تؤكد ارتفاع أعداد السياح القادمين إلى سلطنة عمان خلال العام الماضي بنحو 3.5 مليون سائح بزيادة قدرها 20.

8٪ مقارنة بالعام الماضي، وتشكل المواقع الأثرية مقصدا مهما للسائحين للاطلاع على الحضارة الغنية والتراث الأصيل، ويرى المهتمون بالمواقع الأثرية ورواد الأعمال في ولاية أدم ضرورة الاهتمام بتذليل التحديات التي تعيق عملية الاستثمار في هذه المواقع المهمة، كونها الوجهة الأولى للسياح القادمين للولاية.

قال خلفان بن محمد المحروقي: إن المواقع الأثرية في سلطنة عمان تتركز ثلثها في محافظة الداخلية، وتضم أكثر من 100 حارة كلها حارات قديمة جدا لا يقل عمرها عن 500-600 سنة، بعضها تم ترميمها مثل حارة البلاد وحارة الجامع من قبل الحكومة وهناك حارات قام الأهالي بترميمها مثل حارة العقر وحارة العين في إزكي، وبعض الحارات مهددة بالاندثار.

أضاف: إن من أهم معيقات ترميم الحارات هي التكلفة العالية جدا وعدم وجود دعم حكومي يقدم للمواطنين من أجل هذه الحارات لصعوبة الترميم وكثرة أعداد الحارات وكذلك كون بعضها أملاك خاصة وليست عامة، ويصعب على الأهالي القيام بعملية الترميم، كما إن الشركات المتخصصة محدودة جدا، ومعظم هذه الحارات تنقصها البنية التحتية والأساسية وهي تكلفة تضاف إلى تكلفة الترميم، مشيرا إلى أهمية الترويج لمثل هذه الحارات وقال: إن أحد المهتمين بالموضوع اقترح إيجاد دليل سياحي لهذه الحارات وأماكن تواجدها على مستوى محافظة الداخلية بإصدار خارطة سياحية وكتيب يتكلم عن جميع هذه الحارات في جميع المحافظات.

إعادة الترميم والبناء

وقال المحروقي: إن من أهم المعوقات، إثبات التملك، كون الحارات أملاك خاصة لذلك لا بد من إثبات التملك من أجل إعادة الترميم والبناء، ولذلك يتطلب الترميم وقتا طويلا جدا كون عدد حالات التملك 1000 إثبات تملك في محافظة الداخلية تقريبا، ورغم أن عمليات التملك تم تسريع إجراءاتها إلا إنها ما زالت تأخذ وقتا نوعا ما والإجراءات معقدة جدا.

وأضاف: كذلك المشكلة عند استخراج التصاريح من البلدية ووزارة الإسكان كون معظم هذه البيوت أملاك خاصة، وفي حالة إثبات الملك تستخرج على أنها "سكني" وإذا كان المستثمر يريد أن يحول هذا البيت لمشروع مثل نزل أو مقهى تجاري يصادف مشكلة أخرى أنه لا يمكن عمل مشروع تجاري، ولابد من متابعة الإجراءات في دائرة البلديات على أن يكون المبنى سكنيا تجاريا أو سياحيا وهذا صعب جدا، إضافة إلى ذلك، وبعد الترميم، يواجه المستثمر مشكلة توصيل الكهرباء للموقع وينتظر حتى يتم إيصال الكابلات للموقع لعدم وجود خطوط كهرباء.

وشرح المحروقي صعوبة الاستثمار في حارة الجامع بأدم كمثال، وقال: إما أن يتم استثمار الحارة من قبل شركة كبيرة، أو مستثمر محلي، أو أن يقوم مجموعة من أبناء الولاية باستثمارها، وذلك صعب جدا كون الموقع يتطلب تجهيزه مبلغ لا يقل عن 300 - 400 ألف، وأشار إلى مقترح تم تقديمه لوزارة السياحة وهو تقسيم الحارات إلى أجزاء أو مجمعات، تقوم إحدى الشركات الاستشارية بتحديد أجزائه بين نزل ومقهى ومعرض وتقسيمه بناء على ذلك من أجل العمل عليه، بدلا من عرض الحارة بالكامل مرة واحدة وطرحها للاستثمار لرواد الأعمال أو لأبناء الولاية، وبهذه الطريقة بدلا من عرض الحارة بالكامل لمستثمر واحد يتم إيجاد شراكة حقيقية بين المستثمرين من أبناء الولاية بحيث يأخذ كل مستثمر الجزئية أو الجانب الذي يفضل العمل عليه من الحارة.

تنشيط سياحة الحارات القديمة

وأكد زكريا بن يعقوب الشيباني، أهمية لتعزيز الحياة الاقتصادية والثقافية في هذه المواقع، وقال: يجب الاهتمام بالحفاظ على الحارات التراثية لجعلها جاهزة لاستقبال الزوار وذلك من خلال تطوير البنية التحتية في المنطقة كتحسين الشوارع وتوسيعها ورصفها وتوفير مواقف السيارات وإعادة تأهيل وصيانة المباني التاريخية، وكذلك توفير مرافق وخدمات عامة مثل دورات المياه العامة وأماكن الراحة مثل الاستراحات والمقاهي وإنشاء متاجر تروج للحرف اليدوية والمنتجات التقليدية، وأشار إلى أهمية استخدام هذه المواقع للتشجيع على مشاركة المجتمع المحلي ودعم رواد الأعمال المحليين بإنشاء مشاريع صغيرة في هذه الحارات للترويج للتجارة المحلية وجذب السياح، وإقامة العروض الفنية والمهرجانات التراثية والسياحية.

وشرح الشيباني أبرز التحديات التي تواجه المهتمين بالمواقع الأثرية في ولاية أدم، وقال: إنها تحتوي على مبان قديمة مهددة بالاندثار ومعرضة دائما لخطر السرقة والتخريب، ولذلك يسعى المهتمون للمحافظة عليها من خلال إقامة معسكرات شبابية لتنظيفها ومحاولة صيانتها وترميمها، ولكنهم يواجهون صعوبة بالغة في صيانتها وترميمها بسبب تكاليف الصيانة والترميم باهظة الثمن من ناحية، ولعدم وجود التمويل والدعم الكافي من الجهات المختصة ومن مؤسسات المجتمع المحلي من ناحية أخرى، وقال: إن من التحديات أيضا وجود تشريعات وسياسات من الجهات المعنية بالتراث والسياحة لحماية المواقع الأثرية والتي في كثير من الأحيان تأخذ فترات طويلة للحصول على الموافقات والتصاريح الفنية والموازنات المالية من أجل صيانة وترميم هذه المواقع، الأمر الذي يؤدي غالبًا إلى تأخر صيانتها وبالتالي سرعة تهدمها واندثارها.

ويرى عزان بن سيف المحروقي، ضرورة حصر المواقع التراثية في الولاية مثل الحارات والمساجد الأثرية مع عمل لافتات أو شواخص على الشارع العام وداخل الولاية يمكن أن يسترشد بها السائح، واقترح عمل تطبيق إلكتروني تدرج فيه تلك المواقع مع نبذة مختصرة عن كل موقع أثري، وناشد المهتمين في وزارة التراث والسياحة بتسيير رحلات جماعية لمكاتب السفر والسياحة للاطلاع على معالم ولاية أدم والتعريف بها.

تطوير وصيانة المواقع الأثرية

وأشاد محمد بن عيد الهاشمي، بدور الأهالي في صيانة وتنظيف وفتح الممرات والطرق المؤدية للحصن للزائرين من خلال عدة معسكرات عمل، وإن العمل يجري حاليا على تطوير وصيانة باب الحارة والصباح، وشرح إن الصباح هو المدخل، تبدأ من بعد باب الحارة سكة تتفرع إلى عدة طرق ويوجد بها جلسات تسمى دكانة على طول الممر، والصباح ليس ممرا فقط، يستقبل به الضيوف - حال حلولهم، وإنما تمارس فيه الأنشطة التجارية مثل السعفيات ومنتوجاتها، والجلدية، والصوفيات، التي قد تكون بعضها من عمل نساء القبيلة، تعمل عليه في البيوت ومن ثم تعرضه للبيع في الموقع. مشيرا إلى أهمية حصن الهواشم الواقع بداخل الحارة الطينية المسورة المهجورة منذ عام 1978م، من حيث عناصره المعمارية الجميلة وشكله المستدير الذي يمثل نمط حارات الواحات الذي يتوسط أشجار النخيل الكثيفة، مع وجود مسجد الصبارة الذي يتميز بعمارته ومحرابه الرائع ومدرسة لتعليم القرآن الكريم محاذية للمسجد.

وقال بدر بن عبدالله المحروقي، الرئيس التنفيذي لشركة "مهن" للاستشارات: إن ملتقى الداخلية الاستثماري الأول الذي أقيم مؤخرا بمتحف عمان عبر الزمان، والذي يهدف إلى عرض الفرص الاستثمارية في عدد من القطاعات بمحافظة الداخلية من خلال منصات استثمارية متنوعة، قد تطرق إلى بعض التجارب الناجحة في مجال الاستثمار في المواقع الأثرية، مثل تجربة أحد رواد الأعمال بولاية نزوى، وهو مقهى "أناة"، فكرته وكيف بدأ، وكيف نجح في استقطاب شريحة متنوعة من المستهلكين أهمها زوار مدينة نزوى التاريخية، مشيدا بدور الملتقى في التعريف بالمحافظة واستقطاب عدد من المستثمرين في مختلف القطاعات.

حصن أدم

وقف حصن أدم في مواجهة الظروف والتقلبات المناخية بعد أن تم البدء في عمليات ترميمه في 2016م، ليكون شاهدا على الوجود الإنساني في أدم منذ عهد طويل، ورغم أن الحصن لم يتم افتتاحه بعد إلا أن "الرمة" وجدت طريقها لتسكن في أسقف وزوايا الحصن غير مكترثة بما يخلفه وجودها من خطر على ثبات الحصن الذي يشكل موقعا مهما للمواطنين، خاصة في المناسبات الوطنية والمحافل التقليدية.

وقد تحدث الدكتور ماجد بن ناصر المحروقي، عن حجم المشكلة وأهم المواقع التي ظهرت بها الرمة في الحصن، وقال: إن آفة الرمة من أخطر المشاكل التي تصيب غالبا المباني التي يستخدم فيها الأخشاب؛ ونظرا لأن أسقف الغرف في حصن أدم قد تم تسقيفها بجذوع النخل والدعون، وربما لم يتم معالجتها ضد الرمة أو النمل الأبيض، مما دعا لانتشارها في الجذوع بشكل ملحوظ يؤدي إلى سقوط الأسقف إذا انتشرت ولم يتم معالجتها بصورة عاجلة، وبالتالي يترتب على ذلك نفقات مالية باهظة، مشيرا إلى الأهمية التاريخية للحصن، وقال: إن حصن أدم حصن أثري كان مقرا للحكم، ويرجع تاريخ بنائه إلى فترة حكم أسرة اليعاربة، يضم عدة مرافق لخدمة الوالي كالبرزة و السكن والسجن وغرف الحرس، وإن للحصن بوابة واحدة تقع في الجهة الجنوبية الغربية من الحصن، وبرجان يقع الأول في الجهة الشرقية وهو دائري الشكل ومكون من طابقين، أما الثاني فيقع في الجهة الشمالية وهو دائري الشكل ويتكون من ثلاثة طوابق، مضيفا إنه يمثل معلما حضاريا أصبحت تقام فيه العديد من الأنشطة والفعاليات.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المواقع الأثریة هذه المواقع من خلال من أجل

إقرأ أيضاً:

عضو بـ«النواب»: الحوار الوطني يدعم مؤسسات الدولة في مواجهة تحديات المنطقة

قال النائب عمرو هندي، عضو مجلس النواب، إن الحوار الوطني أصبح منصة حوارية تدعم وتساند القيادة السياسية في قراراتها ومناقشة قضايا الوطن، ولعل أبرزها قضايا الأمن القومي، مشيرا إلى أن تلك المناقشة تعزز من الجبهة الداخلية لمواجهة التحديات الراهنة، في ظل ما تشهده المنطقة بالكامل من صراع وتوتر غير مسبوق، يستوجب من الجميع الوقوف صفا واحدا، لضمان حماية واستقرار الأوضاع الداخلية والخارجية.

زيادة الوعي العام

وأوضح أن الحوار الوطني يسهم في تعزيز التلاحم الاجتماعي وزيادة الوعي العام بالتحديات الراهنة، ويمًكن المجتمع من التعامل معها بشكل أكثر فعالية، وذلك من خلال مناقشة القضايا الإقليمية الحساسة التي تواجه مصر والمنطقة، والتفاعل الإيجابي مع تلك القضايا المتعلقة بالأمن القومى على وجه التحديد في منطقة الشرق الأوسط،، خاصة وأن ما تشهده المنطقة بالكامل على مدار الشهور الاخيرة، يستوجب موقف موحد لحماية المصالح الوطنية والاستقرار الإقليمي.

الحفاظ على أمن واستقرار الأوضاع

وأكد أن الحوار الوطني من مؤسسات الدولة التي تحرص طوال الوقت على دعم القيادة السياسية في قراراتها، للحفاظ على أمن واستقرار الأوضاع وعدم المساس بسيادة الدولة المصرية، وله العديد من التوصيات في مختلف القضايا سواء على الصعيد الداخلي أو الصعيد الدولي، التي تستهدف في المقام الأول الحفاظ على أمن واستقرار الأوضاع، وفي نفس الوقت دعم القرارات المصرية لدعم الأشقاء في المنطقة بالكامل.

وشدد على ضرورة أن يكون للمجتمع الدولي دورا في وقف ما تتعرض له المنطقة من صراعات، وأن تتدخل القوى العظمى لوقف الصراعات المستمرة، دون أن يعرف أحد متى ستنتهي ويدفع ثمنها الشعوب في حالة صمت غريبة، وغير مبررة من المجتمع الدولي، مؤكدا استمرار الحوار الوطني في مناقشة قضايا الأمن القومي، واستعراض دور مصر المحوري في تعزيز السلام والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط.

مقالات مشابهة

  • خط دفاع من الاندثار والفناء.. مهتمون وناشرون: معارض الكتاب تحافظ على ديمومة «الورقي»
  • في يومهم العالمي.. معلمو اليمن يواجهون أزمات معقدة
  • 3 فئات رئيسية.. 4 معايير لتصنيف المواقع الأثرية
  • السود في نيويورك يواجهون حرج دعم إريك آدامز المتهم بالرشوة والفساد
  • أستاذ تمويل واستثمار: العلاقة الوطيدة بين مصر والإمارات حائط صد في مواجهة التحديات
  • ألمانيا تتخوف من أعمال شغب في ذكرى 7 أكتوبر
  • تحديات ضمان الظروف الإنسانية بالسجون في السودان
  • لطفي لبيب: المسرح بيتي الذي أعشقه.. وتوجهت للكتابة الأدبية بعد اعتزال الفن
  • «زراعة القطيف» تبحث تحديات النحالين مع "وفد المدينة المنورة"
  • عضو بـ«النواب»: الحوار الوطني يدعم مؤسسات الدولة في مواجهة تحديات المنطقة